عناصر الخطبة
1/حقيقة التوكل وأهميته 2/ ثمار التوكل ومنافعه 4/ من أخبار وقصص المتوكلين.

اقتباس

وَالتَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ؛ عِبَادَةُ الصَّادِقِينَ، وَسَبِيلُ الْمُخْلِصِينَ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالتَّوَكُّلِ فِي مَوَاضِعَ عَدِيدَةٍ مِنْ كِتَابِهِ، وَجَاءَ ذِكْرُهُ فِي أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ آيَةً، وَهَذَا يُؤَكِّدُ عَلَى أَهَمِّيَّتِهِ.. وَالْمُتَأَمِّلُ فِي سِيَرِ الْأَنْبِيَاءِ الصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِهِ يَقِفُ عَلَى...

الخطبة الأولى:

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النِّسَاءِ: ١]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأَحْزَابِ: ٧٠-٧١]؛ أَمَّا بَعْدُ:

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: التَّوَكُّلُ صِدْقُ اعْتِمَادِ الْقَلْبِ عَلَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي جَلْبِ الْمَصَالِحِ، وَدَفْعِ الْمَضَارِّ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَأَنْ يَكِلَ الْعَبْدُ أُمُورَهُ كُلَّهَا إِلَى اللَّهِ، وَأَنْ يُحَقِّقَ إِيمَانَهُ بِأَنَّهُ لَا يُعْطِي وَلَا يَمْنَعُ، وَلَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ، إِلَّا هُوَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.

 

قَالَ -تَعَالَى-: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[الأنعام: ١٧].

 

وَالتَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ؛ عِبَادَةُ الصَّادِقِينَ، وَسَبِيلُ الْمُخْلِصِينَ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالتَّوَكُّلِ فِي مَوَاضِعَ عَدِيدَةٍ مِنْ كِتَابِهِ، وَجَاءَ ذِكْرُهُ فِي أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ آيَةً، وَهَذَا يُؤَكِّدُ عَلَى أَهَمِّيَّتِهِ؛ قَالَ -تَعَالَى-: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا)[الفرقان: ٥٨].

 

بَلْ إِنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- جَعَلَ التَّوَكُّلَ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْإِيمَانِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: (وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)[المائدة: ٢٣].

 

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ: وَلِلتَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ ثِمَارٌ عَدِيدَةٌ، مِنْهَا: أَوَّلًا: سِعَةُ الرِّزْقِ؛ قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ؛ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا"(صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).

 

ثَانِيًا: التَّوَكُّلُ عَلَى الرَّحْمَنِ يَقِي مِنَ الشَّيْطَانِ؛ قَالَ -تَعَالَى-: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)[النحل: ٩٩].

 

ثَالِثًا: التَّوَكُّلُ الْحَقُّ طَرِيقٌ إِلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ؛ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: "يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ".

 

رَابِعًا: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ.

 

خَامِسًا: التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ عُنْوَانُ الْإِيمَانِ وَأَمَارَةُ الْإِسْلَامِ.

 

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ يَتَوَكَّلُونَ عَلَى رَبِّهِمْ حَقَّ التَّوَكُّلِ.

 

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الخطبة الثانية

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ، أَمَّا بَعْدُ:

 

عِبَادَ اللَّهِ: وَالْمُتَأَمِّلُ فِي سِيَرِ الْأَنْبِيَاءِ الصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِهِ يَقِفُ عَلَى قِصَصٍ رَائِعَةٍ تَدُلُّ عَلَى أَهَمِّيَّةِ التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ.

 

وَمِنْ ذَلِكَ قِصَّةُ إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- مَعَ زَوْجَتِهِ وَابْنِهِ إِسْمَاعِيلَ، حِينَ تَرَكَهُمَا فِي وَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ، فَقَالَتْ زَوْجَتُهُ: آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَتْ: إِذًا لَا يُضَيِّعُنَا.

 

يَا لَهَا مِنْ كَلِمَةٍ عَظِيمَةٍ، تُنْبِئُ عَنْ إِيمَانٍ عَمِيقٍ، وَتَوَكُّلٍ جَلِيلٍ.

 

وَقَالَ -تَعَالَى- عَنْ هُودٍ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)[هود: ٥٦].

 

وَلَمَّا فَوَّضَتْ أُمُّ مُوسَى أَمْرَهَا إِلَى اللَّهِ، حَفِظَ وَلَدَهَا وَرَدَّهُ إِلَيْهَا، كَمَا قَالَ -تَعَالَى-: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ)[القصص: ٧].

 

فَلْنُحْسِنِ التَّوَكُّلَ عَلَى اللَّهِ، وَلْنَثِقْ بِهِ، وَلْنَبْذُلِ الْأَسْبَابَ، لِنَنَالَ مَحَبَّتَهُ وَحِفْظَهُ وَعِنَايَتَهُ.

 

اللَّهُمَّ بِكَ آمَنَّا، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا، وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.

 

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَاخْذُلْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ.

 

اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَارْزُقْهُمُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ.

 

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَاجْمَعْ عَلَى الْحَقِّ كَلِمَتَهُمْ.

 

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا وَوَالِدِينَا عَذَابَ الْقَبْرِ وَالنَّارِ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ، وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ؛ حَيْثُ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ؛ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: ٥٦].

المرفقات
storage
storage
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life