عناصر الخطبة
1/من فضائل الوضوء 2/من شروط الوضوء 3/مسائل في الوضوء يقع الخطأ فيها 4/طريقة الوضوء الكاملة 5/من سنن الوضوء ومكروهاتهاقتباس
وبعض الناس يتوضأ وعلى يديه أو قدميه البوية مثلاً أو غراء يمنع وصول الماء، فلا يصح الوضوء وصلاته غير صحيحة، وبعض النساء تجد أنها تتوضأ وقد وضعت المناكير على أظفارها، فلا يصح وضوءها، لا بد من إزالة هذا المانع الذي يمنع وصول الماء، ثم تتوضأ...
الخُطْبَةُ الأُولَى:
إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أما بعد:
عباد الله: إن من العباداتِ التي يحبها الله -سبحانه وتعالى- عبادةَ الوضوء؛ قال -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)[البقرة: 222].
والمحافظةُ عليه دليلٌ على كمالِ إيمان العبد، فقد أخرج ابنُ حبانَ في صحيحه من حديث ثوبانَ -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يحافظُ على الوضوء إلا مؤمن"، يعني كامل الإيمان، فكلما كان إيمان العبد قوياً تجد أنه يحب دائماً أن يكون على طهارة، حتى لو كان لا يريد الصلاة.
والوضوءُ -عبادَ الله- سببٌ لتكفيرِ الخطايا، ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ -أَوِ الْمُؤْمِنُ- فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ الْمَاءِ -أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ-، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ -أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ-، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلَاهُ مَعَ الْمَاءِ -أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ-؛ حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ".
ومن فضائل الوضوء: أن أصحابه الذين يحافظون عليه يأتون يوم القيامة بيض الوجوه والأيدي والأقدام، فقد جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن أمتي يأتون يوم القيامةِ غراً مُحجلين؛ من أثر الوضوء"، والغرة: هي البياض الذي يكون في وجه الفرس، والتحجيلُ: هو البياض الذي يكون في قوائم الفرس يديه وقدميه، فأمةُ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- يأتون على هذه الصفةِ يوم القيامة.
ومما يدل على أهمية الوضوء: أنه يُعتبر شرطاً من شروطِ الصلاةِ، فلا تصح إلا به، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يقبلُ اللهُ صلاةِ أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ"، فلو صلى المسلم بدون وضوء لا تصح صلاته ولو كان ناسياً، فإنه يذهب ويتوضأ ويعيد الوضوء.
وهذا الوضوءُ له شروطٌ وفروضٌ ومستحبات، فمن شروطه المهمة: أن يكون الماءُ طهوراً، يعني ليس نجساً، فلو كان عندك خزان سقط فيه حيوان ومات وتغير طعم الماء بالنجاسة أو لونه أو رائحته، فلا يجوز الوضوء من هذا الماء؛ لأنه ماءٌ نجس، ولو توضأ منه فلا يصح الوضوء، والصلاةُ باطلة.
ومن الشروط المهمة ويقع فيها خلل: إزالة الموانع التي تمنع وصولَ الماء إلى أعضاء الطهارة، فالماء لا بد أن يصل إلى جميع أعضاء الطهارة: الوجه، واليدين إلى المرفقين، والرجلين إلى الكعبين، وأما بالنسبةِ للرأس فيُعمم كاملاً بالمسح، وفي صحيح مسلم: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً وفي قدمه مثلُ موضع الظفر لم يصبه الماء؛ قال له: "ارجع فأحسن وضوءك".
وبعض الناس يتوضأ وعلى يديه أو قدميه البوية مثلاً أو غراء يمنع وصول الماء، فلا يصح الوضوء وصلاته غير صحيحة، وبعض النساء تجد أنها تتوضأ وقد وضعت المناكير على أظفارها، فلا يصح وضوءها، لا بد من إزالة هذا المانع الذي يمنع وصول الماء، ثم تتوضأ.
وليس من شروط الوضوء الاستنجاء إلا لمن خرج منه بول أو غائط، وهذه مسألة يقع فيها خطأ عند كثيرٍ من الناس، يعتقدُ بعضهم أنه لابد كلما أراد أن يتوضأ أنه يجب عليه أن يستنجي، فمثلاً تجده ينام أو يخرج منه ريح، فإذا أراد أن يتوضأ يذهب يستنجي، وهذا خطأ؛ لأن الريح لا يستنجى منها الإنسان وكذلك النوم، الاستنجاء فقط من الخارج من السبيلين البول والغائط.
والمسلم إذا أراد أن يتوضأ:
أولاً: يسمى يقول: "بسم الله"، وهذه سنة وليس أمراً واجباً، فلو تركها فإن الوضوء صحيح.
ثانياً: يغسلُ كفيه ثلاث مرات، وهذا سنةٌ عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ثالثاً: يتمضمض ويستنشق، والمضمضمة: تحريك الماء في الفم، وبعض الناسِ يدخل الماء في فمه ولا يحركه، وهذا خطأ، وأما الاستنشاق: فجذب الماء بالأنف، فلو دخل الماء شيئاً يسيراً يكفي، ولكن السنة المبالغةٌ في ذلك، إلا إذا كان صائماً، ويمضمض ويستنشق ثلاث مراتٍ، ولو اكتفى بمرة واحدة صح الوضوء، ويستنثر بيده اليسرى.
ويستحب له السواك عند المضمضمة، ففي حديث أبي هريرة، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء".
رابعاً: يغسل وجهه، ولا بد من الغسل ولا يكفي المسح، يغسل وجهه كاملاً، ومن ذلك لحيته يغسل ظاهرها ويستحب تخليلها.
خامساً: يغسل يديه إلى المرفقين، فالكف تغسل ولو كان قد غسلها في بداية الوضوء، يغسل اليد كاملة إلى المرفق، وبعض الناس يتساهل فيترك المرفق وهذا خطأ.
سادساً: يمسح رأسه ويعمم المسح، وصفة مسح الرأس: يبدأ بمقدمة رأسه ويمسح إلى مؤخرةِ الرأس، ثم يرجعُ مرة أخرى فيمسحُ من مؤخرة الرأس إلى مقدمته، هذا الأفضل، ويكون المسح ببلل يسير، ويعمم جميع الرأس، ولو مسح رأسه ولم يرجع صح المسح، ولا يمسح الرقبةَ من الخلف؛ فهذا لم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ويمسح الأذنين، يدخل إصبعه السبابة في فتحة الأذن، ويمسح بالإبهام ظاهر الأذن مرة واحدةٌ، والصحيح أنه لا يأخذ ماءُ جديداً لأذنيه، بل بنفسِ الماء الذي مسح به رأسه يمسح به أذنيه.
سابعاً: يغسل القدمين إلى الكعبين، ويستحب له دلكُ أعضاء الوضوء أثناء غسلها، فإذا كان الماء لا يصل إلا بالدلك يجب الدلك، كذلك تخليل الأصابع.
اللهم اجعلنا من التوابين واجعلنا من المتطهرين، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، أما بعد:
عبادَ الله: إذا فرغ المسلمٌ من الوضوء فهناك سنتان يحرص عليها:
الأولى: سنةٌ قوليه: وهي الدعاء بعد الوضوء، ولا يثبت شيء من الأدعية أثناء الوضوء، وإنما ورد الدعاء بعد الوضوء، ففي حديث عمر -رضي الله عنه- قال: قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغُ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء".
السنة الثانية: صلاة ركعتين والتي تسمى سنة الوضوء، وفي الحديث الصحيح: " مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، لَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ فِيهِمَا بِشَيْءٍ -يعني يصليها بخشوع-؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".
وعلى المسلم أن يحذر من الإسراف في استخدام الوضوء، فهذا منهيٌ، والله -سبحانه وتعالى- يقول: (وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)[الأنعام: 141].
اللهم اجعلنا من التوابين واجعلنا من المتطهرين، يا رب العالمين.
التعليقات