بقرة بني إسرائيل آداب وأحكام

الشيخ د محمود بن أحمد الدوسري

2025-08-19 - 1447/02/25
عناصر الخطبة
1/موسى يأمر قومه بذح بقرة 2/كثرة جدال بني إسرائيل لموسى 3/من الأحكام والآداب المستفادة من قصة البقرة

اقتباس

لَا يَجُوزُ الْبَحْثُ وَالسُّؤَالُ عَنْ قُيُودٍ فِي الْأُمُورِ الْمُطْلَقَةِ، فِي وَقْتِ نُزُولِ الْوَحْيِ؛ لِأَنَّ مَنْ شَدَّدَ شَدَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ يَتَسَبَّبُ فِي التَّشْدِيدِ عَلَى بَاقِي الْأُمَّةِ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ جُرْمًا عِنْدَ اللَّهِ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ ذَكَّرَ اللَّهُ -تَعَالَى- بَنِي إِسْرَائِيلَ جِنَايَةَ أَسْلَافِهِمْ، وَكَثْرَةَ تَعَنُّتِهِمْ وَجِدَالِهِمْ لِمُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- حِينَ قَالَ لَهُمْ: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً)[البقرة: 67]، فَقَالُوا مُسْتَكْبِرِينَ: (أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا)[البقرة: 67]، أَيْ: أَتَجْعَلُنَا مَوْضِعًا لِلسُّخْرِيَةِ وَالِاسْتِخْفَافِ؟ فَرَدَّ عَلَيْهِمْ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- بِقَوْلِهِ: (أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ)[البقرة: 67]، أَيْ: مِنَ الْمُسْتَهْزِئِينَ.

 

ثُمَّ جَادَلُوا فَقَالُوا: (ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ)[البقرة: 68]، أَيْ: يُوَضِّحُ لَنَا صِفَةَ هَذِهِ الْبَقَرَةِ، فَأَجَابَهُمْ: (إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ)[البقرة: 68]، فَصْفَتُهَا أَلَّا تَكُونَ مُسِنَّةً هَرِمَةً، وَلَا صَغِيرَةً فَتِيَّةً، وَإِنَّمَا هِيَ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَهُمَا، فَسَارِعُوا إِلَى امْتِثَالِ أَمْرِ رَبِّكُمْ.

 

ثُمَّ عَادُوا إِلَى جِدَالِهِمْ: (قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ)[البقرة: 69]، أَيْ: بَقَرَةٌ شَدِيدَةُ الصُّفْرَةِ، تَسُرُّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْهَا.

 

ثُمَّ عَادُوا إِلَى الْجِدَالِ أَيْضًا: (قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ)[البقرة: 70]، أَيْ: يُوَضِّحُ لَنَا صِفَاتٍ أُخْرَى غَيْرَ مَا سَبَقَ؛ لِأَنَّ الْبَقَرَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ كَثِيرٌ، فَاشْتَبَهَ عَلَيْنَا مَاذَا نَخْتَارُ؟ وَإِنَّنَا -إِنْ شَاءَ اللَّهُ- لَمُهْتَدُونَ إِلَى الْبَقَرَةِ الْمَأْمُورِ بِذَبْحِهَا.

 

فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى: (قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا)[البقرة: 71]، فَهِيَ بَقَرَةٌ غَيْرُ مُذَلَّلَةٍ لِلْعَمَلِ فِي حِرَاثَةِ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ، وَغَيْرُ مُعَدَّةٍ لِلسَّقْيِ مِنَ السِّقَايَةِ، وَخَالِيَةٌ مِنَ الْعُيُوبِ جَمِيعِهَا، وَلَيْسَ فِيهَا عَلَامَةٌ مِنْ لَوْنٍ غَيْرِ لَوْنِ جِلْدِهَا، (قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ)[البقرة: 71]، أَيِ: الْآنَ جِئْتَ بِحَقِيقَةِ وَصْفِ الْبَقَرَةِ، فَاضْطُرُّوا إِلَى ذَبْحِهَا بَعْدَ طُولِ الْجِدَالِ وَالْمُرَاوَغَةِ، وَقَدْ قَارَبُوا أَلَّا يَفْعَلُوا ذَلِكَ لِعِنَادِهِمْ، وَهَكَذَا شَدَّدُوا فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ.

 

عِبَادَ اللَّهِ: وَمِنَ الْآدَابِ وَالْأَحْكَامِ، وَالْعِظَاتِ وَالْعِبَرِ فِي شَأْنِ بَقَرَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ:

الْأَصْلُ فِي الْأَمْرِ الْوُجُوبُ، وَأَنَّ التَّرَاخِيَ فِي التَّنْفِيذِ مَعْصِيَةٌ.

 

ومنها: بَعْضُ الْأَوَامِرِ قَدْ لَا يَعْلَمُ الْعِبَادُ الْحِكْمَةَ مِنْهَا، فَعَلَيْهِمُ الِاسْتِسْلَامُ وَالتَّنْفِيذُ.

 

وَمِنَ الْأَحْكَامِ: الِاسْتِهْزَاءُ بِالنَّاسِ جَهْلٌ، وَسَفَهٌ وَحُمْقٌ، وَقِلَّةُ عَقْلٍ؛ لِقَوْلِ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: (أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ).

 

ومنها: صَبْرُ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- عَلَى إِيذَاءِ قَوْمِهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يُقَابِلْ إِيذَاءَهُمْ بِالْإِيذَاءِ؛ وَإِنَّمَا وَعَظَهُمْ وَذَكَّرَهُمْ بِاللَّهِ لَمَّا اسْتَعَاذَ بِهِ.

 

وَمِنَ الْآدَابِ: عَلَى الدَّاعِيَةِ أَنْ يُضِيفَ الْأَوَامِرَ وَالنَّوَاهِيَ إِلَى اللَّهِ -تَعَالَى-، لَا إِلَى نَفْسِهِ؛ لِيُبَيِّنَ الْمَصْدَرَ، وَلِيَكُونَ أَقْرَبَ إِلَى قَبُولِ الْأَمْرِ، وَالِامْتِثَالِ لَهُ، وَاطْمِئْنَانِ النُّفُوسِ لَهُ.

 

ومنها: يَجِبُ حَمْلُ أَوَامِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَحْوَالِهِمْ عَلَى الْجِدِّ، وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى مَنْ يَظُنُّ فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ وَإِطْلَاقَاتِهِ أَنَّهَا مِنَ الْمِزَاحِ، قَالَ -تَعَالَى-: (إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ)[الطَّارِقِ: 13-14].

 

وَمِنَ الْأَحْكَامِ: لَا يَجُوزُ الْمِزَاحُ وَالْهُزْءُ عِنْدَ تَبْلِيغِ أَحْكَامِ اللَّهِ -تَعَالَى-.

 

ومنها: عَلَى الْمَدْعُوِّ وَالْمُسْتَفْتِي أَنْ يَسْتَقْبِلَ أَوَامِرَ اللَّهِ بِالْإِجْلَالِ وَالتَّوْقِيرِ.

 

وَمِنَ الْآدَابِ وَالْأَحْكَامِ: فِي أَمْرِهِمْ بِذَبْحِ الْبَقَرَةِ مُعَالَجَةٌ لِنُفُوسِهِمُ الَّتِي عَظَّمَتِ الْعِجْلَ بِعِبَادَتِهِ.

 

ومنها: مَرْجِعُ النَّاسِ عِنْدَ حُدُوثِ الْإِشْكَالَاتِ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ، وَوَرَثَتِهِمُ الْعُلَمَاءِ.

 

ومنها: التَّنَطُّعُ فِي الدِّينِ وَالتَّشَدُّدُ يُؤَدِّي إِلَى التَّشْدِيدِ عَلَى صَاحِبِهِ فِي الْأَحْكَامِ.

 

وَمِنَ الْآدَابِ وَالْأَحْكَامِ: الطَّبِيعَةُ السَّيِّئَةُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ جَعَلَتْهُمْ يَسْأَلُونَ عَنْ أُمُورٍ لَا وَجْهَ لَهَا؛ فَإِنَّ الْبَقَرَةَ مَعْلُومَةٌ، وَاللَّفْظُ الْمُطْلَقُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى بَيَانٍ؛ لِوُضُوحِ مَعْنَاهُ، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَكْتَفُوا بِمَا طَلَبَهُ اللَّهُ مِنْهُمْ.

 

ومنها: لَا يَجُوزُ الْبَحْثُ وَالسُّؤَالُ عَنْ قُيُودٍ فِي الْأُمُورِ الْمُطْلَقَةِ، فِي وَقْتِ نُزُولِ الْوَحْيِ؛ لِأَنَّ مَنْ شَدَّدَ شَدَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ يَتَسَبَّبُ فِي التَّشْدِيدِ عَلَى بَاقِي الْأُمَّةِ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ جُرْمًا عِنْدَ اللَّهِ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ؛ فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ).

 

وَمِنَ الْآدَابِ: الْبَحْثُ عَنْ قُيُودٍ لِلْأُمُورِ الْمُطْلَقَةِ فِي النُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْوَحْيِ، فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ فَإِنَّ مَا أُطْلِقَ وَأُجْمِلَ فِي مَكَانٍ، يُمْكِنُ أَنْ يُفَصَّلَ فِي مَكَانٍ آخَرَ.

 

ومنها: اسْتِكْبَارُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، حَيْثُ قَالُوا- لِمُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: (ادْعُ لَنَا رَبَّكَ)، فَأَمَرُوهُ أَمْرًا، ثُمَّ أَضَافُوا رُبُوبِيَّةَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- إِلَى مُوسَى، كَأَنَّهُمْ مُتَبَرِّئُونَ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمْ يَقُولُوا: "ادْعُ رَبَّنَا"، أَوِ "ادْعُ اللَّهَ"، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى اسْتِكْبَارِهِمْ كَوْنُهُمْ طَلَبُوا مِنْ مُوسَى أَنْ يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا هَذِهِ الْبَقَرَةُ؟ مَعَ أَنَّ الْبَقَرَةَ مَعْرُوفَةٌ، وَهِيَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ تَشْمَلُ أَيَّ وَاحِدَةٍ.

 

وَمِنَ الْآدَابِ وَالْأَحْكَامِ: تَذْكِيرُ الْمُتَعَنِّتِينَ الْمُتَنَطِّعِينَ بِوُجُوبِ فِعْلِ مَا أُمِرُوا بِهِ، وَإِعَادَةِ تَذْكِيرِهِمْ بِذَلِكَ؛ كَمَا قَالَ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: (فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ).

 

الخطبة الثانية:

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ...

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَمِنَ الْآدَابِ وَالْأَحْكَامِ، وَالْعِظَاتِ وَالْعِبَرِ:

إِذَا أَرَادَ الْمُسْلِمُ أَنْ يَبْحَثَ عَنِ الْأَكْمَلِ فِي ذَبْحِ الْقَرَابِينِ، كَالْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ وَالْعَقِيقَةِ، وَمَا يُخْرِجُهُ لِلزَّكَاةِ، فَإِنَّهُ يَخْتَارُ الْأَوْسَطَ سِنًّا بَيْنَ الْهَرِمَةِ وَالصَّغِيرَةِ.

 

وَمِنَ الْأَحْكَامِ: الْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ، فَلَمَّا زَادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ نَبِيَّهُمْ أَذًى وَتَعَنُّتًا؛ زَادَهُمُ اللَّهُ تَضْيِيقًا وَتَشْدِيدًا.

 

ومنها: السُّؤَالُ عَنِ الْأَمْرِ الْوَاضِحِ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إِلَى سُؤَالٍ، هُوَ عَبَثٌ وَتَنَطُّعٌ.

 

وَمِنَ الْأَحْكَامِ: مِنْ فَوَائِدِ قَوْلِهِمْ: (وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ) أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بِذِكْرِ الْمَشِيئَةِ يُعِينُ عَلَى تَحْقِيقِ الْمَقْصُودِ، وَأَنَّ الْهِدَايَةَ لَا تَحْصُلُ إِلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ.

 

ومنها: فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَرْبَعَةُ اسْتِفْهَامَاتٍ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، فَهَذَا مِثَالٌ وَاحِدٌ لِمُعَانَاةِ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- مَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَمَا لَقِيَهُ مِنْهُمْ مِنْ كَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ، وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَيْهِ.

 

وَمِنَ الْآدَابِ وَالْأَحْكَامِ: الدِّينُ الَّذِي يُكَلِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يُسْرٌ، وَلَكِنَّ عِبَادَهُ هُمُ الَّذِينَ يَتَكَلَّفُونَ، وَيَتَنَطَّعُونَ، وَيَتَشَدَّدُونَ.

 

وَمِنَ الْآدَابِ: فِي هَذِهِ الْآيَاتِ دَرْسٌ لِلدُّعَاةِ إِلَى اللَّهِ وَالْمُعَلِّمِينَ وَالْمُرَبِّينَ، لِلتَّعَرُّفِ عَلَى نَفْسِيَّاتِ الْعُصَاةِ الْمُرَاوِغِينَ، وَطَرَائِقِهِمْ فِي التَّهَرُّبِ مِنَ الْقِيَامِ بِالتَّكَالِيفِ الشَّرْعِيَّةِ.

 

ومنها: عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُنَفِّذَ أَوَامِرَ اللَّهِ عَنْ رِضًا وَطَوَاعِيَةٍ، وَإِقْبَالِ نَفْسٍ، وَأَمَّا الْمُنَافِقُ فَإِنَّهُ إِذَا رَضَخَ فَعَلَى مَضَضٍ وَكُرْهٍ، كَمَا قَالَ -تَعَالَى- فِي الْمُنَافِقِينَ: (وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ)[التَّوْبَةِ: 54].

 

وَمِنَ الْأَحْكَامِ: تَعَنُّتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَجَهْلُهُمْ، وَسُوءُ أَدَبِهِمْ مَعَ نَبِيِّهِمْ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، حَيْثُ قَالُوا لَهُ: (أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا)، وَقَالُوا أَيْضًا: (الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ)، فَكَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: الْآنَ رَضِينَا بِوَصْفِ هَذِهِ الْبَقَرَةِ، فَقَامُوا بِذَبْحِهَا بَعْدَ تَعَنُّتٍ مِنْهُمْ، وَكَأَنَّ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- مَا جَاءَهُمْ بِالْبَيَانِ الشَّافِي إِلَّا الْآنَ!، مَعَ أَنَّهُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- قَدْ جَاءَهُمْ بِالْبَيَانِ الشَّافِي مِنَ الْبِدَايَةِ، وَكُلُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِهْتَارِهِمْ بِأَوَامِرِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-.

 

المرفقات
storage
storage
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life