عناصر الخطبة
1/أهمية شعائر الإسلام 2/أقسام الشعائر وأظهرها 3/وجوب تعظيم شعائر الله تعالى 4/من مقاصد الأعياد في الإسلام 5/تعظيم شعيرة الأضحية 6/مكانة المسجد الأقصى 7/وصايا إلى المرأة المسلمة.اقتباس
وَأَظْهَرُ مَا تَكُونُ شَعَائِرُ الْإِسْلَامِ فِي الْحَجِّ، وَفِي سِيَاقِهِ جَاءَ لَفْظُ الشَّعَائِرِ فِي الْقُرْآنِ، وَذَلِكَ لِمَا فِي الْحَجِّ مِنِ اجْتِمَاعِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ شَتَّى أَقْطَارِ الْأَرْضِ عَلَى إِظْهَارِ الدِّينِ، وَأَدَاءِ الْعِبَادَاتِ وَالْمَنَاسِكِ، مِنَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى، وَالْهَدْيِ وَالنَّحْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ...
الخُطْبَة الأُولَى:
الْحَمْدُ لِلَّهِ أَكْمَلَ لَنَا الدِّينَ، وَأَتَمَّ عَلَيْنَا النِّعْمَةَ، وَرَضِيَ لَنَا الْإِسْلَامَ دِينًا. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ.
اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
اللَّهُ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ، اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا. وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.
أَمَّا بَعْدُ: لِكُلِّ دِينٍ شَعَائِرُهُ الْمُقَدَّسَةُ، وَلِكُلِّ مِلَّةٍ مَعَالِمُهَا الظَّاهِرَةُ، وَيَبْقَى الدِّينُ فِي النَّاسِ مَا بَقِيَتْ شَعَائِرُهُ، وَيَزُولُ مَتَى زَالَتْ مَعَالِمُهُ.
وَلِذَا فَقَدْ حُفَّ دِينُ الْإِسْلَامِ بِشَعَائِرَ وَمَعَالِمَ، أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْنَا تَعْظِيمَهَا وَالْحِفَاظَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ حِفْظًا لِبَيْضَةِ الْإِسْلَامِ، وَتَثْبِيتًا لِأَهْلِهِ؛ قَالَ -سُبْحَانَهُ-: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)[الحج: 32].
وَالشَّعَائِرُ: هِيَ أَعْلَامُ الدِّينِ الظَّاهِرَةُ، فَهُنَاكَ شَعَائِرُ زَمَانِيَّةٌ كَرَمَضَانَ وَالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَشَعَائِرُ مَكَانِيَّةٌ كَالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَعَامَّةِ بُيُوتِ اللَّهِ، وَشَعَائِرُ تَعَبُّدِيَّةٌ كَالْأَذَانِ وَصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ والْعِيدَيْنِ وَحِجَابِ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ.
وَأَظْهَرُ مَا تَكُونُ شَعَائِرُ الْإِسْلَامِ فِي الْحَجِّ، وَفِي سِيَاقِهِ جَاءَ لَفْظُ الشَّعَائِرِ فِي الْقُرْآنِ، وَذَلِكَ لِمَا فِي الْحَجِّ مِنِ اجْتِمَاعِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ شَتَّى أَقْطَارِ الْأَرْضِ عَلَى إِظْهَارِ الدِّينِ، وَأَدَاءِ الْعِبَادَاتِ وَالْمَنَاسِكِ، مِنَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى، وَالْهَدْيِ وَالنَّحْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ: فِي يَوْمٍ سَعِيدٍ مِنْ أَيَّامِ الْعِيدِ زَمَنَ النُّبُوَّةِ، دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ -رضي الله عنه- بَيْتَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَوَجَدَهُ صَاخِبًا يُغَنَّى فِيهِ بِالدُّفُوفِ، فَغَضِبَ الصِّدِّيقُ عَلَى ابْنَتِهِ عَائِشَةَ، وَانْتَهَرَ الْجَارِيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تُغَنِّيَانِ، وَقَالَ: "مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-!". فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ".
فَأَيَّامُ الْعِيدِ يُرَخَّصُ فِيهَا مَا لَا يُرَخَّصُ فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ مِنْ مَقَاصِدِ الْعِيدِ إِظْهَارَ الْفَرْحَةِ، وَإِبْرَازَ السُّرُورِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ تَعْظِيمِ شَعَائِرِ اللَّهِ. فَعَظِّمُوا عِيدَكُمْ، وَأَظْهِرُوا أَفْرَاحَكُمْ، وَوَسِّعُوا عَلَى عِيَالِكُمْ وَمَنْ حَوْلَكُمْ.
وَمِنْ إِظْهَارِ شَعَائِرِ اللَّهِ: عِبَادَةُ ذَبْحِ الْأَضَاحِي، وَمَا يَتْبَعُهَا مِنْ سُنَّةِ الْأَكْلِ مِنْهَا وَالْإِهْدَاءِ وَالصَّدَقَةِ. كُلُّ ذَلِكَ لِتَكُونَ شَعِيرَةً بَارِزَةً، يَظْهَرُ فِيهَا مَعَالِمُ الدِّينِ. وَفِيهَا يَقُولُ اللَّهُ -سُبْحَانَهُ-: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ)[الحج: 36- 37].
فَلَا تَتَهَاوَنُوا فِي إِبْرَازِ تَعْظِيمِ هَذِهِ الشَّعِيرَةِ، فَالسُّنَّةُ فِيهَا الْإِظْهَارُ وَلَيْسَ الْإِخْفَاءَ. كُلُوا مِنْهَا، وَأَهْدُوا مِنْهَا، وَتَصَدَّقُوا مِنْهَا، وَلْيُشَارِكْكُمْ فِي ذَلِكَ أَهْلُوكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ تَرْبِيَةً لَهُمْ عَلَى تَعْظِيمِ شَعَائِرِ اللَّهِ (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)[الحج: 32].
وَمِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ الَّتِي يَنْبَغِي إِظْهَارُهَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ: سُنَّةُ الْجَهْرِ بِالتَّكْبِيرِ، فَفِي ذَلِكَ إِعْلَاءٌ لِذِكْرِ اللَّهِ، وَتَعْظِيمٌ لِشَأْنِهِ. وَفِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَيَّامِ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فَيُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمْ. وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ بِمِنًى فَيَسْمَعُهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ فَيُكَبِّرُونَ، وَيُكَبِّرُ أَهْلُ الْأَسْوَاقِ حَتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تَكْبِيرًا. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُكَبِّرُ بِمِنًى خَلْفَ الصَّلَوَاتِ وَعَلَى فِرَاشِهِ وَفِي فُسْطَاطِهِ وَمَجْلِسِهِ وَمَمْشَاهُ تِلْكَ الْأَيَّامَ جَمِيعًا.
قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: "أَدْرَكْتُ النَّاسَ، وَإِنَّهُمْ لَيُكَبِّرُونَ فِي الْعَشْرِ، حَتَّى كُنْتُ أُشَبِّهُهُ بِالْأَمْوَاجِ مِنْ كَثْرَتِهَا"!
وَيُشْرَعُ التَّكْبِيرُ الْمُطْلَقُ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ، وَالْمُقَيَّدُ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ، حَتَّى غُرُوبِ شَمْسِ الثَّالِثِ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ.
فَلْنُحْيِ هَذِهِ السُّنَّةَ الْجَلِيلَةَ، وَلْنُظْهِرِ التَّكْبِيرَ فِي بُيُوتِنَا، وَشَوَارِعِنَا، وَأَسْوَاقِنَا، وَمَسَاجِدِنَا.
عِبَادَ اللَّهِ: وَمِنْ تَعْظِيمِ شَعَائِرِ اللَّهِ: خِدْمَةُ الْحَرَمَيْنِ، وَالْقِيَامُ بِشُؤُونِهِمَا، وَتَعْظِيمُ حُرُمَاتِهِمَا، وَإِكْرَامُ زُوَّارِهِمَا. وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ -سُبْحَانَهُ- الْخَلِيلَ وَابْنَهُ بِتَطْهِيرِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ خِدْمَةً لِأَهْلِهِ، كَمَا قَالَ -سُبْحَانَهُ-: (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)[البقرة: 125]. فَهَنِيئًا لِمَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ -سُبْحَانَهُ- لِخِدْمَةِ الْحَجِيجِ، وَتَيْسِيرِ شُؤُونِهِمْ، وَالْقِيَامِ عَلَى مَصَالِحِهِمْ. فَلْيُخْلِصِ النِّيَّةَ، وَلْيبْشِرْ بِكَرَمِ الْكَرِيمِ.
وَلَا نَنْسَى فِي هَذَا الْمَقَامِ التَّذْكِيرَ بِثَالِثِ الْمَسْجِدَيْنِ، وَأُولَى الْقِبْلَتَيْنِ، مَسْجِدِنَا الْأَقْصَى، الَّذِي يُرَادُ أَنْ تُطْمَسَ شَعَائِرُهُ، وَتُخْفَى مَعَالِمُهُ، فِي مَكْرٍ كُبَّارٍ، مِنَ الصَّهَايِنَةِ الْمُجْرِمِينَ، الَّذِينَ يُخَطِّطُونَ لِهَدْمِهِ، وَتَهْجِيرِ أَهْلِهِ، وَإِبَادَةِ نَاصِرِيهِ، وَتَصْفِيَةِ قَضِيَّتِهِ. دَنَّسُوا الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى بِاقْتِحَامَاتِهِمْ، وَأَبَادُوا أَهْلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِهِ بِإِجْرَامِهِمْ.
فَيَا مُسْلِمُونَ: أَدْرِكُوا أَقْصَاكُمْ وَأَهْلَهُ، وَانْصُرُوهُمْ بِكُلِّ مَا تَسْتَطِيعُونَ، وَلَا تَحْقِرُوا صَغِيرَ أَعْمَالِكُمُ الْخَالِصَةِ، فَاللَّهُ يُبَارِكُهَا وَيَكْتُبُ بِهَا النَّصْرَ بِإِذْنِهِ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّمَا تُنْصَرُ هَذِهِ الْأُمَّةُ بِضُعَفَائِهَا بِدَعْوَتِهِمْ وَصَلَاتِهِمْ وَإِخْلَاصِهِمْ".
فَاللَّهُمَّ اكْتُبْ لَهُمْ فَرَجًا عَاجِلًا، وَنَصْرًا قَرِيبًا.
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
الخطبة الثانية:
اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
أُخْتِي الْمُسْلِمَةُ، يَا مَنْ رَضِيتِ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَسُولًا:
لَقَدْ أَكْرَمَكِ اللَّهُ بِشَعِيرَةٍ جَلِيلَةٍ، بِهَا تَعْبُدِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَتُظْهِرِينَ الدِّينَ، وَتَخْزِينَ الشَّيَاطِينَ.
إِنَّهَا عِبَادَةُ الْحِجَابِ، شَعِيرَةُ الْإِسْلَامِ، وَفَرِيضَةُ الرَّحْمَنِ، وَالْعِصْمَةُ مِنْ أَذَى الشَّيْطَانِ (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)[الأحزاب: 59].
الْحِجَابُ شُرِعَ حِمَايَةً لِلْمَرْأَةِ مِنَ الْأَذَى، فَحِينَ تَتَحَجَّبُ الْمَرْأَةُ فَإِنَّهَا تُعْرَفُ بِطُهْرِهَا وَعَفَافِهَا وَحِشْمَتِهَا، فَتَقْطَعُ بِذَلِكَ الطَّرِيقَ عَلَى الطَّامِعِينَ، الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِهَا تَحَرُّشًا وَإِيذَاءً، لِيَخْدِشُوا عِفَّتَهَا وَطُهْرَهَا.
مَعَاشِرَ النِّسَاء: إِنَّ حِجَابَ الْمَرْأَةِ لَيْسَ ظُلَامِيَّةً وَلَا رَجْعِيَّةً، بَلْ هُوَ قَبَسٌ مِنْ نُورٍ شَرَعَهُ اللَّهُ فِي سُورَةٍ سَمَّاهَا سُورَةَ النُّورِ، وَهُوَ صُورَةٌ مِنْ صُوَرِ الرُّقِيِّ الْأَخْلَاقِيِّ الَّذِي جَاءَ بِهِ الْإِسْلَامُ لِيَعْلُوَ بِهِ عَلَى انْحِطَاطِ الْجَاهِلِيَّةِ. قَالَ -سُبْحَانَهُ-: (وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)[الأحزاب: 33].
قَالَ السَّعْدِيُّ: "أَيْ: لَا تُكْثِرْنَ الْخُرُوجَ مُتَجَمِّلَاتٍ أَوْ مُتَطَيِّبَاتٍ، كَعَادَةِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى، الَّذِينَ لَا عِلْمَ عِنْدَهُمْ وَلَا دِينَ".
فَالتَّفَسُّخُ هُوَ الْجَهْلُ، وَالْعُرْيُ هُوَ الرَّجْعِيَّةُ، وَالْخَيْرُ كُلُّ الْخَيْرِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا)[الأحزاب: 36].
زَكَّى اللَّهُ قُلُوبَكُنَّ، وَأَنَارَ بِالْهُدَى طَرِيقَكُنَّ، وَزَيَّنَ بِالسِّتْرِ وَالْعَفَافِ حَيَاتَكُنَّ.
عباد الله: قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِي هَذَا الْيَوْمِ عِيدَانِ، فَمَنْ شَهِدَ صَلَاةَ الْعِيدِ أَجْزَأَهُ عَنْ حُضُورِ الْجُمُعَةِ، وَيُصَلِّيهَا ظُهْرًا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَمَنْ لَمْ يُصَلِّ الْعِيدَ وَجَبَ عَلَيْهِ حُضُورُ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ بِإِذْنِ اللَّهِ.
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
التعليقات