عناصر الخطبة
1/التحذير من الظلم وعاقبة الظالمين 2/عظات وعبر من مصير الظالمين 3/مواساة كل مظلوم 4/عظمة الدين الإسلامي في محاربة الظلم 5/بيان بعض صور الظلم 6/نصائح ووصايا لتجنب الظلماقتباس
إنَّ مِنَ الظلمِ إساءةَ الظنِّ بالمسلمينَ حيث لا ريبة ولا شبهة؛ فالمسلم مسؤول عن سلامة قلبه؛ فهو يحسن الظن بإخوانه المؤمنين، ولا يسمح لوساوس الشيطان أن تتسرَّب إلى قلبِه وعقلِه، كما لا يجوز له أن يُشكِّك بهم متأثرًا بالدعايات المُغرِضة والمشبوهة؛ فلا يُظَنُّ في المسلمين إلا خيرًا...
الخطبة الأولى:
إنَّ الحمدَ للهِ، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا؛ مَنْ يهدِه اللهُ فهو المهتدِ، ومَنْ يُضلِل فلن تجدَ له وليًّا مرشدًا.
الحمد لله على نعمة الإسلام؛ دينِ الرحمةِ والعدالةِ والحقِّ والصدقِ.
الحمد لله أَنْ أرسَلَ إلينا خيرَ الأنام محمدًا -صلى الله عليه وسلم- حَكَمًا عدلًا، القائل: "الظلمُ ظلماتٌ يومَ القيامةِ".
لا تَظلِمَنَّ إذا ما كنتَ مُقتَدِرًا *** فالظلمُ مَرتَعُهُ يُفضِي إلى الندمِ
تنامُ عيناكَ والمظلومُ منتبهٌ *** يدعو عليكَ وعينُ اللهِ لم تَنَمِ
وأشهدُ أَنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له؛ له الملكُ، وله الحمدُ، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدًا رسولُ اللهِ؛ إمامُ المتقينَ، وقدوةُ العلماءِ العاملينَ، وأسوةُ الدعاةِ الصادقينَ إلى يومِ الدينِ.
اللهمَّ صلِّ على سيدنا محمد، عددَ خلقِكَ، ورضا نفسك، وزنة عرشك، ومداد كلماتك، اللهمَّ وصلِّ عليه في الأولينَ، وصلِّ عليه في الآخِرينَ، وصلِّ عليه في الملأ الأعلى إلى يوم الدين.
رفَع الإلهُ على المآذنِ ذِكرَهُ *** فأثارَ حُبًّا في القلوبِ عظيمَا
أمَر الإلهُ المؤمنينَ بقولِه: *** صلُّوا عليه وسلِّمُوا تسليمَا
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النِّسَاءِ: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 70-71].
أما بعدُ: فيقول الله -سبحانه وتعالى- في مُحكَمِ كتابِه العزيزِ: (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ)[هُودٍ: 113].
عبادَ اللهِ: لقد خلَق اللهُ -سبحانه وتعالى- الكونَ، وأراد أن يَسُودَه العدلُ، وأَنْ يستقيمَ الميزانُ الذي يحكم الناسَ، وبِناءً على ذلك؛ فقد حرَّم اللهُ الظلمَ، وشدَّد في النهي عنه، بل حرَّمَه على ذاتِه العليةِ؛ فعنِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فيما روى عن الله -تبارك وتعالى- أنَّه قال: "يا عبادي، إنِّي حرمتُ الظلمَ على نفسي، وجعلتُه بينَكم مُحرَّمًا؛ فلا تَظالَمُوا".
أيها المسلمون: لقد توعَّد اللهُ -سبحانه وتعالى- الظالمينَ بالعذاب في الدنيا، وفي الآخرةِ بالعذابِ الشديدِ، وقد كانت سُنَّةً إلهيَّةً في هلاك الأمم السابقة؛ كقوم عاد، وثمود، وفرعون؛ فهذه الأمم كانت -بالإضافة إلى كفرها ووثنيتها- أممًا ظالمةً؛ يتسلَّط كبراؤهم على ضُعفائهم، فيأكلون أموالَهم، ويقتلون الأبرياءَ منهم بغيرِ وجهِ حقٍّ، قال -تعالى-: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ)[الْقَصَصِ: 4]، وقال أيضًا: (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ)[الْقَصَصِ: 40].
وقد قدَّر اللهُ -سبحانه وتعالى- أن تبقى آثارُ هذه الأممِ شاهدةً عليهم؛ لتكونَ عبرةً لغيرهم من الأمم، فكانت حجارة حضارتهم القاسية بقسوة قلوبهم؛ تُذكِّر مَنْ كان له قلبٌ حيٌّ نابض بالإيمان: كيف يكون مصيرُ الظالمينَ المتجبرينَ؟
يقول -سبحانه وتعالى- عن فرعون: (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ)[يُونُسَ: 92].
عبادَ اللهِ: إنَّ الله -تعالى- قد تكفَّل بإجابة دعوة المظلوم نصرةً له في الدنيا وفي الآخرة؛ حيث إن الله -تعالى- لا يرضى بالظلم، ولو تأخرَتْ إجابةُ الدعوةِ في الدنيا فإن هذا من الإمهال؛ يقول رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يُملِي للظالم، فإذا أخذَه لم يُفلِتْهُ"، ثُمَّ قَرَأَ قوله -تعالى-: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ)[هُودٍ: 102].
أمَّا في الآخرة -حيث العدل المطلق- فلا بد مِنْ أخذِ كلِّ صاحبِ حقٍّ لحقِّه، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "ثلاثةٌ لا تُرَدُّ دعوتُهم: الصائمُ حتى يُفطِرَ، والإمامُ العادلُ، ودعوةُ المظلومِ؛ يرفعُها اللهُ فوقَ الغمامِ، ويفتحُ لها أبوابَ السماءِ، ويقول الربُّ: وعِزَّتِي لَأنصُرَنَّكِ ولو بعد حين"، وفي وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ بن جبل قال له: "واتقِ دعوةَ المظلومِ؛ فإنَّه ليس بينَه وبينَ اللهِ حجابٌ"، ويقول أبو الدرداء: "إياكَ ودمعةَ اليتيم، ودعوةَ المظلوم؛ فإنَّها تَسرِي بالليل والناسُ نيامٌ".
أيها المسلمون: إن الواجب على الأمة الإسلاميَّة في كل زمان ومكان رفعُ الظلم عن المظلومين، ولا يجوز ترك المظلومين وحدهم دون إعانة؛ بل إن المطلوب منعُ الظالمِ من ظلمه ما أمكَن ذلك؛ فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "انصُرْ أخاكَ ظالِمًا أو مظلومًا". فقال رجل: يا رسولَ اللهِ، أنصُرُه إذا كان مظلومًا، أفرأيتَ إذا كان ظالِمًا كيف أنصُرُه؟ قال: "تَحجُزُهُ -أو تمنُعُه- من الظلم؛ فإن ذلك نصرُه".
وحتى يُرفَع الظلمُ عن الناس فيما يتعلَّق بالخصومات فيما بينَهم؛ شُرِعَتْ أحكامُ القضاء في الإسلام لفضِّ هذه الخصومات، وتميَّز الجهازُ القضائيُّ عبرَ تاريخِه العريقِ بالنزاهة والشفافية، ورَفْضِ التدخُّلِ من أي جهة كانت؛ بل إن الخلفاء والأمراء خضعوا لأحكام القضاء، وجلسوا في مجلس القضاء كما يجلس عامَّةُ الناس؛ فسَادُوا الأممَ بعَدْلِهم وتواضُعِهم.
عبادَ اللهِ: وفي نفس الوقت، فإنَّ المسلم لا يجوز أن يُعِين الظالمَ على ظلمه، بل إن السكوت على الظلم -بحدِّ ذاتِه- والخذلان إعانة للظالم، قال -صلى الله عليه وسلم-: "المسلمُ أخو المسلمِ لا يَظلِمُه ولا يَخذُلُه"، ولْيَعْلَمْ مَنْ يُعِين الظالمينَ أنَّه سيبوء بإثمهم، وأنَّه لن يُعذَر بأي عذر كان؛ لأنَّ إيذاء المسلمين لا يُبَرَّر تحتَ أيِّ ظرف من الظروف، وهو طريق الندامة؛ لأن الظالم سوف يتبرَّأ من أعوانِه وأتباعِه يومَ القيامة، يقول -تعالى-: (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 166-167].
أيها المسلمون: إن للظلم صورًا عديدةً في واقع الحياة؛ فمنها الشرك بالله -سبحانه وتعالى-، وتبنِّي أفكار تُخالِف العقيدةَ الإسلاميَّةَ والأحكامَ الشرعيَّةَ والفكرَ الصحيحَ، وعندما نزَل قولُه -تعالى-: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)[الْأَنْعَامِ: 82]؛ شقَّ ذلك على أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وقالوا: أيُّنا لم يظلِمْ نفسَه؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: "ليس كما تظنُّون؛ إنما هو كما قال لقمانُ لِابْنِهِ: (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)[لُقْمَانَ: 13]".
عبادَ اللهِ: إن من الظلم تحكيم غير الشريعة الإسلاميَّة في واقع الناس، واختيار قوانين وضعية تخالف وتتعارض مع الأحكام الشرعية، وتتصادم مع النصوص القطعية، يقول -تعالى-: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)[الْمَائِدَةِ: 45].
ومِنَ الظلمِ أيضًا رفضُ حكمِ اللهِ -سبحانه وتعالى-؛ لأنَّ المسلمَ مُطالَبٌ بأن يحتكم لشريعة الإسلام، وأن ترضى نفسُه بأحكامها؛ وهذا من علامات الإيمان؛ (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[النِّسَاءِ: 65].
أيها المسلمون: إنَّ مِنْ صُوَرِ الظلمِ بعضَ الممارَسات على مستوى العمل الإداريّ في المؤسسات؛ فتكون هناك تعليمات وأنظمة لا تُراعَى بها مصالح الناس، فتُوقِعُهم في الحرج والضيق؛ كما أنَّ المِزاجيَّةَ والانتقائيَّةَ في التطبيق تُمثِّل ظلمًا واضحًا على الموظفين والعمَّال.
ومن الظلم أيضًا: ما يتعرَّض له بعض العمَّال من أكل لحقوقهم، وتنكُّر لها، وعدم إعطائهم أجورهم من قِبَل بعض أصحاب العمل من المقاولينَ وغيرهم، مستغلينَ حاجتَهم وضَعْفَهم؛ فعن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "قال الله -تعالى-: ثلاثةٌ أنا خصمُهم يومَ القيامةِ: رجلٌ أعطى بي ثُمَّ غدَر" -أي عاهد باسم الله ثم لم يلتزم بما عاهد- "ورجلٌ باع حرًّا فأكَل ثمنَه" -واسمعوا يا أصحاب الأعمال-: "ورجلٌ استأجَر أجيرًا فاستوفَى منه ولم يُعطِهِ أجرَه".
أيها المسلمون: إنَّ مِنَ الظلمِ إساءةَ الظنِّ بالمسلمينَ حيث لا ريبة ولا شبهة؛ فالمسلم مسؤول عن سلامة قلبه؛ فهو يحسن الظن بإخوانه المؤمنين، ولا يسمح لوساوس الشيطان أن تتسرَّب إلى قلبِه وعقلِه، كما لا يجوز له أن يُشكِّك بهم متأثرًا بالدعايات المُغرِضة والمشبوهة؛ فلا يُظَنُّ في المسلمين إلا خيرًا؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ)[الْحُجُرَاتِ: 12].
نفعني الله وإيَّاكم بالقرآن العظيم، وبما فيه من الآيات والذكر الحكيم؛ واستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ الأمينِ، وعلى آلِه وأصحابِه أجمعينَ، ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ.
وبعدُ: فإنَّ من مظاهر الظلم: الظلم الاجتماعي؛ الذي يتمثَّل بظلم أبناء المسلمين بعضهم لبعض، خاصَّة على مستوى أبناء العائلة الواحدة، بل والأسرة الواحدة؛ فمن صُوَر الظلم ما تتعرَّض له بعض الزوجات من الأذى البدنيّ واللفظي والنفسيّ من قِبَل أزواجهنَّ؛ مخالفينَ بذلك هديَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- حيث قال مُوجِّهًا لأمته: "خيرُكم خيرُكم لأهله، وأنا خيركم لأهلي".
بل إنَّ اللافتَ للنظر خلالَ الفترة السابقة الازدياد في حالات الطلاق؛ وعندما نبحث في الأسباب نجدها أسبابًا تافهةً، ويقف وراءَ كثيرٍ منها أهلُ الزوجينِ الذين يُفتَرَضُ فيهم أن يكونوا صمامَ الأمان لبقاء الأُسَر واستقرارها؛ ولكنَّهم للأسف يكون موقفُهم التحريض على الطلاق، والتسبب في كسر قلوب أبنائهم وبناتهم ظلمًا وعدوانًا دون النظر إلى مصالحهم.
ومن الظلم أن تُعالَج الخلافات الزوجية خارجَ الإطار الشرعيّ والاجتماعيّ؛ باللجوء إلى محاكمِ غيرِ المسلمينَ، أو الجمعيات النِّسْويَّة التي تصبُّ زيتَ خُبثِها على نار الخلافات العائلية؛ فتزيد من تعقيدها بدلًا مِنْ حَلِّها.
أيها المسلمون: إنَّ من الظلم أن يُميِّز الأبُ بينَ أبنائِه وبناتِه، وخاصةً في العطاء والقيام ببعض التصرفات الماليَّة لحرمانِ بناتِه أو بعضِ أبنائِه من الميراثِ؛ وما يُسبِّب ذلك من الحقد والبغضاء بينَ أبناء الأسرة الواحدة، فما أن يُتوفى الأبُ حتى تظهَرَ الخلافاتُ، بل وأحيانًا الاعتداءاتُ بينَ أبناء البيت الواحد، وما يُرافِق ذلك من عقوق لفظيّ؛ فالواجب أن يتجنَّب الأبُ ما يكون سببًا في ذلك، ورَحِمَ اللهُ والدًا أعانَ ولدَه على بِرِّهِ.
ومن الظلم: ما شَهِدَتْهُ مدينةُ القدس من اعتداءات متبادَلة بين أبناء العائلات بحُجَّةِ الثأرِ، من حرقٍ لمنازلِ الآمنينَ وممتلكاتِهم، وتشريدٍ للناس من بيوتهم، ونشرٍ لحالة الذعر والخوف التي لم تُميِّزْ بينَ صغيرٍ وكبيرٍ.
فاللهمَّ اهدنا وجنِّبْنا الظلمَ ما ظهَر منه وما بطن، اللهمَّ وقد طال ليل الظالمين فأذن بالفرج والفجر القريب.
اللهمَّ وارحم المستضعَفينَ والمظلومينَ في كل مكان، وارفع البلاءَ عنهم يا ربَّ العالمينَ.
اللهمَّ اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.
اللهمَّ حبِّبْ إلينا الإيمانَ وزيِّنْه في قلوبنا، وكَرِّهْ إلينا الكفرَ والفسوق والعصيان، اللهمَّ وتقبَّلْ منا أعمالَنا، وارزقنا الإخلاصَ في القول والعمل.
اللهمَّ اجبر كسرنا، وارحم ضَعفَنا، واكشف غُمَّتَنا، ونفِّسْ كُربَتَنا. اللهمَّ واحفظ لنا المسجد الأقصى المبارَك من كل سوء، واجعله عامرًا بالإسلام والمسلمين.
اللهمَّ اقسم لنا من طاعتِكَ ما تُبلِّغُنا به جنتَكَ، ومن خشيتك ما تَحُولُ به بيننا وبين معصيتكَ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومَتِّعْنا اللهمَّ بأسماعِنا وأبصارِنا أبدًا ما أحييتَنا واجعله الوارث منا.
اللهمَّ وارحمنا فإنك بنا راحم، ولا تعذبنا فإنك علينا قادر، والطف بنا فيما جرت به المقاديرُ.
عبادَ اللهِ: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النَّحْلِ: 90].
اذكروا اللهَ العظيمَ يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأَقِمِ الصلاةَ يرحمكَ اللهُ.
التعليقات