فضل يوم الجمعة وأحكامه

الشيخ محمد بن مبارك الشرافي

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ فضائل يوم الجمعة 2/ آداب وأحكام يوم الجمعة 3/ مخالفات يقع فيها بعض المسلمين يوم الجمعة.
اهداف الخطبة

اقتباس

إِنَّ يَوْمَ الْجُمْعَةِ مُلْتَقَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ يَجْتَمِعُونَ فِيهِ كُلَّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً بِالْمَسَاجِدِ الْكِبَارِ فَهُوَ يَوْمُ عِبَادَةٍ وَطَاعَة .وَلَهُ فَضَائِلُ كَثِيرَةٌ عَلَى سَائِرِ الْأَيَّامِ، يَتَضَمَّنُ صَلَاةَ الجْمُعْةِ الّتِي هِيَ مِنْ آكَدِ فُرُوضِ الْإِسْلَام ِوَمِنْ أَعْظَمِ مَجَامِعِ الْمُسْلِمِينَ, وَهَذَا أَمْرٌ مُشَاهَدٌ, فَإِنَّهُ يَكْثُرُ الْمُصَلُّونَ فِي الْجُمْعَةِ مَا لا يَكُونُ فِي غَيْرِهَا...

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الْحَمْدُ للهِ الذِي جَعَلَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ خَيْرَ الْأَيَّام, أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُهُ إِذْ هَدَى لِهَذَا الْيَوْمِ أُمَّةَ الْإِسْلَام، وَأَضَلَّ عَنْهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، فَلَمْ يُوَفَّقُوا لَهُ عَلَى الدَّوَام، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَام، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، خَيْرُ مُرْسَلٍ وَأَكْمَلُ إِمَام، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَا.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ وَاشْكُرُوهُ عَلَى مَا مَنَّ عَلَيْكُمْ بِهِ مِنْ نِعْمَةِ الْإِسْلَام، وَمَا تَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ بِهِ مِنْ فَضَائِلِ الْأَيَّام، وَإِنَّ خَيْرَ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمْعَةِ، فَفِيهِ فَضَائِلُ وَلَهُ أَحْكَام.

 

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ يَوْمَ الْجُمْعَةِ مُلْتَقَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ يَجْتَمِعُونَ فِيهِ كُلَّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً بِالْمَسَاجِدِ الْكِبَارِ فَهُوَ يَوْمُ عِبَادَةٍ وَطَاعَة .

وَلَهُ فَضَائِلُ كَثِيرَةٌ عَلَى سَائِرِ الْأَيَّامِ، فَمِنْهَا: أَنَّهُ خَيْرُ الْأَيَّامِ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمْعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا فِي يَوْمِ الْجُمْعَةِ" (رواه مُسْلِم).

وَمِنْهَا: أَنَّهُ يَتَضَمَّنُ صَلَاةَ الجْمُعْةِ الّتِي هِيَ مِنْ آكَدِ فُرُوضِ الْإِسْلَام ِوَمِنْ أَعْظَمِ مَجَامِعِ الْمُسْلِمِينَ, وَهَذَا أَمْرٌ مُشَاهَدٌ, فَإِنَّهُ يَكْثُرُ الْمُصَلُّونَ فِي الْجُمْعَةِ مَا لا يَكُونُ فِي غَيْرِهَا.

 

وَمِنْ فَضَائِلِهِ: أَنَّ فِيهِ سَاعَةً يُسْتَجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: "فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي, يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ" وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا" (مُتَّفَقٌ عَلَيْه).

 

وَأَقْرَبُ الْأَقْوَالِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ: أَنَّهَا مِنْ جُلُوسِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ إِلَى انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ ، أَوْ أَنَّهَا بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ.

 

وَمِنْ عَظِيمِ فَضَائِلِهِ: أَنَّ مَنْ بَكَّرَ إِلَى الْجُمْعَةِ مَاشِياً فَلَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ أَجْرُ سَنَّةٍ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا, فعن أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ، وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ وَدَنَا مِنَ الْإِمَامِ، فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ، أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا" (رواه الخْمَسْةَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيّ).

 

وَمِنْهَا: أَنَّ الْوَفَاةَ فِيهِ مِنْ عَلامَاتِ حُسْنِ الْخَاتِمَةِ حَيْثُ يَأْمَنُ الْمُتَوَفَّى فِيهَا مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ إِلاَّ وَقَاهُ اللَّهُ فِتْنَةَ القَبْرِ" (رواه التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيّ).

 

وِمِنْهَا: فَضِيلَةُ صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي جَمَاعَةٍ فِي يَوْمِهَا فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: "إِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَوَاتِ صَلَاةُ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي جَمَاعَةٍ" (رواه أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيّ).

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ لِيَوْمِ الْجُمْعَةِ أَحْكَامًا وَآدَابًا يَنْبَغِي أَنْ يَتَحَلَّى بِهَا كُلُّ مُسْلِمٍ وَيَغْتَنِمَهَا, فَمِنْ تِلْكَ الْأَحْكَامِ وَالآدَابِ:

(أَوَّلَاً) يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ فَجْرِ الْجُمْعَةِ بِسُورَتَيِ السَّجْدَةِ وَالْإِنْسَانِ كَامِلَتَيْنِ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَفْعَلُ، وَلا يَقْتَصِرَ عَلَى بَعْضِهِمَا كَمَا يَفْعَلُ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ..

)ثَانِيَاً) الْإِكْثَارُ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ" (رواه أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).

 

(ثَالِثَاً) الاغْتِسَالُ قَبْلَ الذِّهَابِ لِلصَّلَاةِ, فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ" أَيْ: بَالِغُ, (مُتَّفَقٌ عَلَيْه).

 

)رَابِعَاً) التَّطَيُّبُ وَالتَّسَوُّكُ وَلِبْسُ أَحْسَنِ الثِّيَابِ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو رَضِيَ اللهُ عَنْهُما عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَسَّ مِنْ طِيبِ امْرَأَتِهِ إِنْ كَانَ لَهَا، وَلَبِسَ مِنْ صَالِحِ ثِيَابِهِ، ثُمَّ لَمْ يَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ، وَلَمْ يَلْغُ عِنْدَ الْمَوْعِظَةِ, كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهُمَا" (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ).

 

(خَامِسَاً) التَّبْكِيرُ إِلَى صَلَاةِ الْجُمْعَةِ، وَهَذِهِ سُنَّةٌ كَادَتْ تَمُوتُ، فَرَحِمَ اللهُ مَنْ أَحْيَاهَا, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ مَلَائِكَةٌ يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، فَإِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ طَوَوُا الصُّحُفَ، وَجَاءُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ، وَمَثَلُ الْمُهَجِّرِ كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي الْبَدَنَةَ، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي الْكَبْشَ، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي الدَّجَاجَةَ، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي الْبَيْضَة" (رواه مُسْلِم). وَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِالصَّلاةِ وَالذِّكْرِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ حَتَّى يَخْرُجَ الْإِمَامُ.

)سَادِسَاً) مِنَ الآدَابِ الْوَاجِبَةِ: الْإِنْصَاتُ لِلْخُطْبَةِ وَالاهْتِمَامُ بِمَا يُقَالُ فِيهَا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أَنْصِتْ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ" (مُتَّفَقٌ عَلَيْه).

(سَابِعَاً) يُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ سُورَةِ الْكَهْفِ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "من قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ النُّورُ مَا بَيْنَ الْجُمْعَتَيْنِ" (رواه الْبَيْهَقِيُّ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيّ).

(ثَامِنَاً) أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ الْجُمْعَةِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بِسَلَامَيْنِ, لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-" "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا" (رواه مُسْلِمٌ), وَأَحْيَانَاً يُصَلِّي السُّنَّةَ رَكَعْتَيْنِ.

 

(تَاسِعَاً) إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فُيُصَلِّي رَكَعْتَيْنِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ, لِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا" (رواه مُسْلِم).

 

أَقُولُ قَولِي هَذَا وأَسْتَغْفِرُ الله العَظِيمَ لي ولكُم فاستغْفِرُوهُ إِنَّهُ هوَ الغفورُ الرحيمُ .

 

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

 

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ .

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ وَاحْذَرُوا الْمَعَاصِي, وَخَاصَّةً فِي يَوْمِ الْجُمْعَةِ, فَإِنَّ ذَلِكَ خِلَافَ تَعْظِيمِ هَذَا الْيَوْمِ, فَمِنَ الْأَخْطَاءِ الْعَظِيمَةِ: تَرْكُ بَعْضِ النَّاسِ لِصَلَاةِ الْجُمْعَةِ أَوِ التَّهَاوُنُ بِهَا، فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ, أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ, ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ" (رواه مُسْلِمٌ).

 

وَمِنَ الْأَخْطَاءِ: السَّهَرُ لَيْلَةَ الْجُمْعَةِ إِلَى سَاعَاتٍ مُتَأَخِّرَةٍ, مِمَّا يُؤَدِّي إِلَى النَّوْمِ عَنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَيَكُونَ الْإِنْسَانُ بَادِئًا يَوْمَ الْجُمْعَةِ بِكَبِيرَةٍ مِنَ الْكَبَائِرِ، وَهِيَ النَّوْمِ عَنِ صَلَاةِ الْفَجْرِ.

 

وَمِنَ الْأَخْطَاءِ: التَّهَاوُنُ فِي حُضُورِ خُطْبَةِ الْجُمْعَةِ، فَيَأْتِيَ بَعْضُهُمْ أَثْنَاءَ الْخُطْبَةِ، بَلْ وَيَأْتِيَ بَعْدَ انْقِضَائِهَا.

 

وَمِنْ تَقْصِيرِ بَعْضِ النَّاسِ فِي يَوْمِ الْجُمْعَةِ: تَرْكُ الْغُسْلِ وَالتَّطَيُّبِ وَالتَّسَوُّكِ وَلِبْسِ أَحْسَنِ الثِّيَابِ.
 

وَمِنَ الْمُحَرَّمَاتِ: الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ بَعْدَ آذَانِ الْجُمْعَةِ الثَّانِي, قَالَ اللهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الجمعة: 9].

 

وَمِنَ الْأُمُورِ الْمُحْزِنَةِ: مَا اعَتَادَهُ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ حَلْقِ لِحَاهُمْ كُلَّ جُمْعَةِ ظَنًّاً مِنْهُمْ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ كَمَالِ النَّظَافَةِ, وَمَا عَرَفُوا أَنَّهُمْ خَالَفُوا شَرْعَهُمْ وَعَصَوْا نَبِيَّهُمْ -صلى الله عليه وسلم-.

 

وَمِنَ الْأَخْطَاءِ: جُلُوسُ بَعْضِ النَّاسِ فِي مُؤَخِّرَةِ الْمَسْجِدِ وَتَرْكُ الصُّفُوفِ الْمُتَقَدِّمَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا, وَشَرُّهَا آخِرُهَا, وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا, وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا" (رواه مُسْلِمٌ).

وَمِنَ الْأَخْطَاءِ: تَخَطِّي الرِّقَابِ وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَإِيذَاءُ الْجَالِسِينَ وَالتَّضْيِيقُ عَلَيْهِمْ, فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَخْطُبُ، فَجَعَلَ يَتَخَطَّى النَّاسَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ وَآنَيْتَ" (رواه ابْنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).

وَمِنَ الْأَخْطَاءِ الشَّنِيعَةِ: الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّينَ لِإِرَادَةِ سُرْعُةِ الْخُرُوجِ, وَهَذَا غَلَطٌ وَاضِحٌ ظَاهِرٌ, فَعَنْ أَبِي جُهَيْمِ بْنِ الْحَارِثِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ" (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

 

فَأَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَرْزُقَنِي وَإِيَّاكُمُ الْعِلْمَ النَّافِعَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ, اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنِ اسْتَمَعَ القَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَه, اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ.

 

اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَحْيِنَا مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لَنَا وَتَوَفَّنَا إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لَنَا.

 

اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَكَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الغَضَبِ والرِّضَا, وَنَسْأَلُكَ القَصْدَ فِي الفَقْرِ وَالغِنَا وَنَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ وَقُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ وَنَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ وَنَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَنَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَنَسْأَلُكَ الشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمَانِ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ.

 

وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالْحَمْد للهِ رَبِّ العَالَمِين.

 

 

المرفقات
فضل يوم الجمعة وأحكامه.doc
التعليقات
زائر
13-11-2025

اريدها pdf

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life