17 مسألة يحتاجها الناس

الشيخ محمد بن مبارك الشرافي

2025-11-24 - 1447/06/03
عناصر الخطبة
1/الحث على تعلم العلم 2/أحكام مهمة تتعلق بالمسح على الخفين 3/حكم المسح على الشراب والجبيرة والعمامة والخمار.

اقتباس

إِذَا كَانَ عَلَى عُضْوِ الْوُضُوءِ لُفَافَةٌ أَوْ جَبِيرَةٌ أَوْ لَصْقَةٌ ضَرُورِيَّةٌ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ عَلَيْهَا، وَلا يُشْتَرَطُ لَهَا مَا يُشْتَرَطُ لِلشُّرَّابِ؛ لِأَنَّهُ ضَرَورَةٌ، وَلَكِنْ عِنْدَ الْمَسْحِ يَجِبُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهَا مِنْ جَمِيعِ الْجَوَانِبِ؛ لِأَنَّ مَسْحَهَا بَدَلُ غَسْلِهَا، فَلا يَكْتَفِي بِمَسْحِ أَعْلَاهَا...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمينَ، الرحمنِ الرَّحيمِ، الْحَمْدُ للهِ الذِي شَرَعَ لنَا دِينًا قَوِيمًا, وَهَدَانَا بِفَضْلِهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا، وَرَبَّانَا بِأَحْسَنِ الأَخْلاقِ وَأَمَرَنَا بِأَقْوَمِ الأَعْمَالِ، فَلِلَّه الْحَمْدُ أَوَّلًا وَآخِرًا وَظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَأَشْهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ، الذِي كَانَ فِي غَايَةِ الكَمَالِ الْبَشَرِيِّ فِي جَمِيعِ شُؤُونِهِ، حتَّى قَالَ لَهُ رَبُّهُ -سُبْحَانَهُ-: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)[القلم: 4]، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَصْحَابِهِ، وَمَن اهْتَدَى بِهَدْيِهِ إلى يَوْمِ الدِّين.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-، وَتَعَلَّمُوا دِينَكُمْ وَطَبِّقُوا شَرْعَ رَبِّكُمْ، فَبِهِ نَجَاتُكُمْ وَصَلاحَكُمْ، قَالَ اللهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا)[طه: 114]، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ"(رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيّ).

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مَعَنَا فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ سَبْعَةَ عَشَرَ حُكْمًا مُهِمًّا، يَحْتَاجُهَا النَّاسُ تَتَعَلَّقُ بِالْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ، وَهِيَ فِي أَحْكَامِ الْمَسْحِ عَلَى الشَّرَّاب أَوِ الْجَبِيرَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا، فَاسْتَمِعُوا لَهَا وَطَبِّقُوهَا.

 

أَوَّلًا: صِفَةُ الْوُضُوءِ بَيَّنَهَا اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)[المائدة: 6]، وَهِيَ بِاخْتِصَارٍ: أَنْ تَنْوِيَ بِقَلْبِكَ، ثُمَّ تَقُولُ: بِسْمِ اللهِ، ثُمَّ تَغْسِلُ كَفَّيْكَ، ثُمَّ تَتَمَضْمَضُ وَتَسْتَنْشِقُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ، بِغَرْفَةِ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ تَغْسِلُ جَمِيعَ وَجْهِكَ وَتُخَلِّلُ لِحْيَتَكَ، ثُمَّ تَغْسِلُ يَدَكَ الْيُمْنَى مِنْ أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ إِلَى الْمِرْفَقِ حَتَّى تُشْرَعَ فِي الْعَضُدِ، ثُمَّ الْيُسْرَى كَذَلِكَ، ثُمَّ تَمْسَحُ رَأْسَكَ كُلَّهُ مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ تَغْسِلُ قَدَمَكَ الْيُمْنَى إِلَى أَنْ تُشْرَعَ فِي السَّاقِ، وَتُخَلِّلَ أَصَابِعَ قَدَمَيْكَ، ثُمَّ تَغْسِلُ الْقَدَمَ الْيُسْرَى كَذَلِكَ، ثُمَّ تَقُولُ: "أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ".

 

ثَانِيًا: الْمَسْحُ عَلَى الشَّرَّابِ جَائِزٌ، وَهُوَ مِنْ تَيْسِيرِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَبَدَلَ أَنْ تَغْسِلَ قَدَمَيْكَ عِنْدَ الْوُضُوءِ تَمْسَحُ الشَّرَّابَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "أَنَّهُ رَخَّصَ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً، إِذَا تَطَهَّرَ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا"(أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِي).

 

ثَالِثًا: شُرُوطُ الْمَسْحِ عَلَى الشَّرَّابِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ: أَنْ يَكُونَا طَاهِرَيْنِ غَيْرَ مُتَنَجِّسَيْنِ بِبَوْلٍ أَوْ شِبْهِهِ، وَأَنْ يَلْبَسَهُمَا بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ، وَأَنْ يَكُونَ فِي الْحَدَثِ الأَصْغَرِ دُونَ الأَكْبَرِ، وَأَنْ يَكُونَ فِي الْوَقْتِ، وَهُوَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لِلْمُقِيمِ، وَثَلاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا لِلْمُسَافِرِ.

 

رَابِعًا: مَنْ لَبِسَ الشَّرَّابَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ نَاسِيًا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ صَلَّى؛ فَصَلاتُهُ لا تَصِحُّ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَخْلَعَ شُرَّابَهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأَ وَيُعِيدَ صَلاتَهُ.

 

خَامِسًا: كَيْفِيَّةُ الْمَسْحِ عَلَى الشَّرَّابِ: أَنَّكَ تَبُلُّ يَدَيْكَ ثُمَّ تُمِرُّهَا عَلَى قَدَمَيْكَ مِنْ رُؤُوسِ الْأَصَابِعِ إِلَى السَّاقِ، تَبْدَأُ بِمَسْحِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى ثُمَّ الْيُسْرَى، وَالْمَسْحُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلا يَتَكَرَّرُ، وَلا تَمْسَحُ عَلَى بَاطِنِ الشَّرَّابِ أَوْ مِنَ الْجَانِبَيْنِ أَوِ الْعَقِبِ، وَإِنَّمَا تَمْسَحُ الْأَعْلَى فَقَطْ.

 

سَادِسًا: يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الشَّرَّابِ الشَّفَّافِ، أَوِ الذِي فِيهِ شَقٌّ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ، وَظَاهِرُ حَالِ الصَّحَابَةِ -رضي الله عنهمْ-، أَنَّهُمْ يَلْبَسُونَ الْخُفَّيْنِ وَفِيهِمَا شُقُوقٌ، وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الشَّرَّابِ الْقَصِيرِ، الذِي لَا يُغَطِّي الكَعْبَينِ أَوْ يُغَطِّيهِمَا، لَكِنَّهُ مَعَ  المشْيِ أَوِ الحَركَةِ يَنْكَشِفُ بَعْضُ الكَعْبِ، وَقَدْ شَاعَ لُبْسُهُ هَذِهِ الأَيَّامَ، فَانْتَبِهُوا وَنَبْهُوا، ومن حصل منه المسح على هذا الشَّرَّابِ الْقَصِيرِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الصَلَوَاتِ الَّتِي صَلَّاهَا.

 

سَابِعًا: عَرَفْنَا أَنَّ مُدَّةَ الْمَسْحِ لِلْمُقِيمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَلِلْمُسَافِرِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا، وَهَذِهِ الْمُدَّةُ تَبْدَأُ مِنْ أَوَّلِ مَرَّةٍ مَسْحَ، وَلْنَأْخُذْ مِثَالًا -وَأَرْجُو حِفْظَ هَذَا المِثَالِ لِأَنَّنَا سَوْفَ نُحِيلُ إِلَيْهِ-: فَلَوْ أَنَّ شَخْصًا تَوَضَّأَ وَلَبِسَ شُرَّابَهُ السَّاعَةَ الْخَامِسَةَ فَجْرًا، ثُمَّ نَقَضَ وُضُوءَهُ فِي السَّاعَةِ الْعَاشِرَةِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَتَوَضَّأْ إِلَّا السَّاعَةَ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ ظُهْرًا، فَإِنَّ مَسْحَهُ يَسْتَمِرُّ حَتَّى يَوْمَ غَدٍ السَّاعَةَ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ ظُهْرًا.

 

ثَامِنًا: انْتِهَاءُ مُدَّةِ جَوَازِ الْمَسْحِ لا يُبْطِلُ الْوُضُوءَ، لَكِنَّهُ لا يَمْسَحُ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ، فَفِي الْمِثَالِ السَّابِقِ لَوْ أَنَّهُ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ شَرَّابَهُ السَّاعَةَ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ إِلَّا خَمْسَ دَقَائِقَ، فُهَنَا مَسْحُهُ يَصِحُّ لِأَنَّهُ بَقِيَ لَهُ مِنَ الْمُدَّةِ خَمْسُ دَقَائِقَ، فَإِذَا جَاءَتِ السَّاعَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ فَإِنَّ وُضُوءَهُ لا يَنْتَقِضُ، حَتَّى لَوْ يَبْقَى عَلَى طَهَارَتِهِ إِلَى الْعِشَاءِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي، وَأَمَّا بَعْدَ السَّاعَةِ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ فَلَوْ نَقَضَ وُضُوءَهُ فَإِنَّهُ لا يَمْسَحُ عَلَى الشَّرَّابِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ انْتَهَتْ، فَلا بُدَّ أَنْ يَخْلَعَ شَرَّابَهُ وَيَتَوَضَّأَ وُضُوءٍا كَامِلًا.

 

تَاسِعًا: خَلْعُ الشَّرَّابِ لا يُبْطِلُ الْوُضُوءَ لَكِنَّهُ يُوقِفُ الْمَسْحَ، فَمَا دَامَ وَضُوؤُهُ لَمْ يَنْتَقِضْ بِشَيْءٍ مِنَ النَّوَاقِضِ الْمَعْرُوفَةِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي مَا شَاءَ، لَكِنْ إِنِ انْتَقَضَ فَلا بُدَّ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيَغْسِلَ قَدَمَيْهِ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَمِثْلُهُ لَوْ مَسَحَ عَلَى الشَّرَّابِ الْقَصِيرِ الذِي يُغَطِّي الكَعْبَينِ، لَكِنَّهُ مَعَ الحَركَةِ يَنْكَشِفُ بَعْضُ الكَعْبِ، فَهُنَا وُضُوءُهُ صَحِيحٌ، لَكِنْ إِذَا انْكَشَفَ بَعْضُ الكَعْبِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَمْسَحَ، بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَخْلَعَ الشُّرَّابَ وَيَتَوَضْأَ وُضُوءًا كَامِلًا.

 

عَاشِرًا: مَنِ ابْتَدَأَ الْمَسْحَ فِي الْبَلَدِ ثُمَّ سَافَرَ، فَالصَّحِيحُ مِنْ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يُتِمَّ مَسْحَ مُسَافِرٍ، وَلَوِ ابْتَدَأَ الْمَسْحَ فِي السَفَرِ ثُمَّ وَصَلَ بَلَدَهُ فَإِنَّهُ يُتِمُّ مَسْحَ مُقِيمٍ، فَلَوْ كَانَ قَدْ مَضَى عَلَيْهِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ فِي السَّفَرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَخْلَعَ الشُّرَّابَ وَيَتَوَضَّأَ.

 

الْحَادِي عَشَرَ: يَجُوزُ أَنْ يَلْبَسَ أَكْثَرَ مِنْ شَرَّابٍ، وَلَهَا حَالانِ: الأُولَى: أَنْ يَلَبْسَهَمُا مَعًا بَعْدَ الْوُضُوءِ فَحُكْمُهُمَا وَاحِدٌ، لَكِنْ إِنْ خَلَعَ الْأَعْلَى بَعْدَ أَنْ مَسَحَ فَإِنَّ الْمُدَّةَ تَقِفُ، كَمَا سَبَقَ فِيمِنْ خَلَعَ شَرَّابَهُ، الْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَلْبَسَ الشَّرَّابِ الثَّانِي بَعْدَ أَنْ مَسَحَ عَلَى الْأَوَّلِ، فَهُنَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَلْبَسَ الثَّانِي وَهُوَ عَلَى طَهَارَةٍ، ثُمَّ حِسَابُ الْمُدَّةِ يَكُونُ بِنَاءً عَلَى الشَّرَّابِ الْأَوَّلِ.

 

الثَّانِي عَشَرَ: يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْكَنَادِرِ الطَّوِيَلَةِ الَّتِي تُغَطِّي الْكَعْبَيْنِ تَمَامًا؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ مِثْلَ الْخُفِّ، لَكِنْ إِنْ خَلَعَهَا فَإِنَّ الْمُدَّةَ تَقِفُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَا الْكَنَادِرُ الْقَصِيرَةُ التِي يَبْدُو مَعَهَا الْكَعْبَانِ فَإِنَّهَا لا تُمْسَحُ.

 

الثَّالِثَ عَشَرَ: لا تُشْتَرَطَ النِّيَّةُ عِنْدَ لُبْسِ الشَّرَّابِ، بَلْ مَتَى تَوَضَّأَ وَلَبِسَ الشُّرَّابَ مَسَحَ عَلَيْهَا وَلَوْ لَمْ يَنْوِ مُسْبَقًا أَنَّهُ سَوْفَ يَمْسَحُ.

 

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على خَاتَمِ النَّبِيِّيْنَ وَقَائِدِ الغُّرِّ الْمُحَجَّلِينَ، نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ.

 

أَمَّا بَعدُ: فَالْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ عَشْرَةَ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ عَلَى عُضْوِ الْوُضُوءِ لُفَافَةٌ أَوْ جَبِيرَةٌ أَوْ لَصْقَةٌ ضَرُورِيَّةٌ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ عَلَيْهَا، وَلا يُشْتَرَطُ لَهَا مَا يُشْتَرَطُ لِلشُّرَّابِ؛ لِأَنَّهُ ضَرَورَةٌ، وَلَكِنْ عِنْدَ الْمَسْحِ يَجِبُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهَا مِنْ جَمِيعِ الْجَوَانِبِ؛ لِأَنَّ مَسْحَهَا بَدَلُ غَسْلِهَا، فَلا يَكْتَفِي بِمَسْحِ أَعْلَاهَا كَالشُّرَّابِ.

 

الْخَامِسَةَ عَشَرَةَ: لَوْ لَبِسَ الشُّرَّابَ عَلَى طَهَارَةِ تَيَمُّمٍ، ثُمَّ تَمَكَّنَ مِنِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، فَإِنَّهُ لا يَمْسَحُ عَلَى الشُّرَّابِ، بَلْ لا بُدَّ أَنْ يَخْلَعَهُمَا وَيَغْسِلَ قَدَمَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْبَسْهُمَا عَلَى طَهَارَةِ غَسْلٍ.

 

السَّادِسَةَ عَشَرَةَ: لَوْ أَنَّ مُدَّتَهُ انْتَهَتْ لَكِنَّهُ لَمْ يَنْتَبِهْ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى شُرَّابِهِ وَصَلَّى، فَإِنَّ صَلاتَهُ لا تَصِحُّ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَخْلَعَ شَرَّابَهُ وَيَتَوَضَّأَ وَيُعِيدَ الصَّلاةَ.

 

السَّابِعَةَ عَشَرَةَ: الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ جَائِزٌ، وَالمرَادُ: تِلْكَ التِي يَلْبَسُهَا بَعْضُ إِخْوانِنَا مِنْ أَهْلِ السُّودَانِ أَوْ بِلَادِ الأَفْغَانِ، فَعَنْ عَمْرِو بْنِ أُميَّةَ الضَّمْريِّ -رضي الله عنه- قَالَ: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَمْسَحُ عَلَى عِمَامَتِهِ وَخُفَّيْهِ"(رَوَاهُ البُخَارِيُّ).

 

وَيَدْخُلُ فِي حُكْمِ العِمَامَةِ مَا يُلَبَسُ عَلَى الرَّأْسِ أَيَّامَ الشِّتَاءِ مِمَّا يَشُقُّ نَزْعُهُ، مِثْلُ القُبْعِ الذِي يُغَطِّي الرَّأْسَ وَالرَّقَبَةَ، وَمِثْلُهُ فِي جَوَازِ المسْحِ خِمَارُ المرْأَةِ إِذَا كَانَ مَلْفُوفًا عَلَى رَأْسِهَا وَتَحْتَ رَقَبَتِهَا وَمَشْدُودًا بِإِحْكَامٍ، وَأَمَّا هَذِهِ الغَطَاوِي التِي صَارَتْ تَلْبَسُهَا النِّسَاءُ هَذِهِ الأَيَّامَ فَلَا يَجُوزُ المسْحُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَشُقُّ نَزْعُهَا، وَمِثْلُهَا فِي عَدَمِ جَوَازِ المسْحِ الغُتْرَةُ وَالشِّمَاغُ التِي يَلْبَسُهَا النَّاسُ عِنْدَنَا، فَإِنَّهَا لَا تُمْسَحُ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: هَذِهِ بَعْضُ الأَحْكَامِ التِي نَحْتَاجُهَا وَتَتَعَلَّقُ بِصَلَاتِنَا وَطَهَارَتِنَا، فَيَنْبَغِي مَعْرِفَتُهَا وَالعَمَلُ بِهَا وَنَشْرَهَا لِمَنْ يَحْتَاجُهَا.

 

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكُ عِلْمًا نَافِعًا، وَعَمَلًا صَالِحًا، وَرِزْقًا حَلالًا، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ اسْتَمَعَ الْقَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَهُ، اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي دُورِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلاةَ أُمُورِنَا، وَأَصْلِحْ لِوُلاةِ أُمُورِنَا بِطَانَتَهُمْ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَحْوَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ.

 

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وِأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

المرفقات
storage
storage
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life