الأمة الواحدة

مركز حصين للدراسات والبحوث

2025-09-19 - 1447/03/27 2025-10-06 - 1447/04/14
عناصر الخطبة
1/أمَّتكم أمةٌ واحدة 2/ مظاهر وأسباب الوَحدة 3/ ثمرة الوَحدة 4/ مساوئ الفُرقة.

اقتباس

إنَّ وَحدةَ المسلمينَ وكونَهم أُمّةً واحدةٍ ليسَ ترفًا أو أمرًا اختياريًّا، بل هوَ واجبٌ ربّانيٌّ، وواقعٌ شرعيٌّ يجبُ أنْ يكونَ؛ فلقد أمرَنا اللهُ بالاعتصامِ والاجتماعِ.. أمرٌ للأمّةِ جميعًا، أنْ يعتصِموا بحبلِ اللهِ، وهوَ دينُهُ وكتابُهُ، كأنَّهُم أُمّةٌ سقطت في هاويةِ الضَّعفِ والذُّلِّ فإذا...

الخطبة الأولى:

 

الحمدُ للهِ الذي يُعِزُّ المؤمنينَ بقُوَّتِهِ، ويُذِلُّ الكافرينَ بعزَّتِهِ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأشهدُ أنَّ محمّدًا عبدُ اللهِ ورسولُهُ، صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.

 

أمّا بعدُ: فاتَّقوا اللهَ -عبادَ اللهِ- حقَّ التَّقوى، وراقبوهُ في السِّرِّ والنَّجوى؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَان:102].

 

عبدَ الله: هلِ اشتكَتْ عينُكَ يومًا فاشتكى كلُّكَ لأجلِ عينِكَ؟

يقولُ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "الْمُسْلِمُونَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ، إِنِ اشْتَكَى عَيْنُهُ، اشْتَكَى كُلُّهُ، وَإِنِ اشْتَكَى رَأْسُهُ، اشْتَكَى كُلُّهُ"(رواه مسلم).

 

المسلمون جميعًا في جنَباتِ الأرضِ، على اختلافِ شعوبِهِم ولُغاتِهِم وألوانِهِم كالرَّجلِ الواحدِ؛ لأنَّهُمُ الأُمّةُ الواحدةُ.

 

هذهِ الأُمّةُ المسلمةُ أُمةٌ واحدةٌ، تَضِرِبُ جذورَها في أعماقِ التاريخِ الإنسانيِّ منذُ آدمَ عليهِ السَّلامُ، ومَن جاءَ بعدَهُ من أهلِ الإيمانِ، إلى أنْ يرثَ اللهُ الأرضَ ومَن عليها.

ألمْ تسمعوا ما قالَ اللهُ -تعالى- في سورةِ الأنبياء؛ فقد ذكرَ اللهُ فيها خمسةَ عشرَ نبيًّا من نوحٍ إلى عيسى -عليهمُ السلامُ-، ثم قال بعدَها: (إِنَّمَا أَنتُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً أَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)[الأنبياء:92]؛ مِلّةٌ واحدةٌ، ودينٌ واحدٌ، اجتمعَ عليهِ الأنبياءُ وأتباعُهُم إلى خاتمِهِم محمّدٍ -صلى الله عليه وسلم- ومَن آمنَ بهِ وبما جاءَ بهِ، جميعُهُم أُمَّةٌ واحدةٌ، وجسدٌ واحدٌ.

 

عبادَ اللهِ: إنَّ أُمَّتَنا الإسلاميّةَ مَكَرَ بها أعداؤُها، واجتمعَ عليها مَن بأقطارِ الأرضِ، ونبحَ عليها المسعورونَ يستبيحونَ أرضَها وسماءَها، يُبيدونَ الأخضرَ واليابسَ، يقتُلونَ مَن شاؤوا، ويَقصفونَ مَن شاؤوا، ويسرِقونَ خَيْراتِ مَن شاؤوا، لا وزنَ عندَهم لأحدٍ، ولا قيمةَ عندَهم لميثاقٍ.

 

إنَّ الكلابَ المسعورةَ لا يوقفُها إلَّا وَثْبَةُ لَيْثٍ هَصورٍ يُخْرسُ نباحَها، ويَقطعُ أنفاسَها، ولا يمكنُ أنْ يُصبِحَ المسلمونَ ليثًا هَصورًا وهُم جسدٌ مجدَّعُ الأطرافِ، لا يمكنُهم ذلكَ إلَّا إذا اجتمعوا أُمَّةً واحدةً وجسدًا واحدًا مِليارَا مسلمٍ، وستّونَ دولةً غالبيّتُها مسلمونَ، مواردُ وطاقاتٌ غيرُ محدودةٍ، إلَّا أنَّهُم في أعينِ أعدائِهم كريشةٍ في مهبِّ الريحِ.

 

إنَّ وَحدةَ المسلمينَ وكونَهم أُمّةً واحدةٍ ليسَ ترفًا أو أمرًا اختياريًّا، بل هوَ واجبٌ ربّانيٌّ، وواقعٌ شرعيٌّ يجبُ أنْ يكونَ.

 

لقد أمرَنا اللهُ بالاعتصامِ والاجتماعِ؛ فقال: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)[آلِ عِمْرَان:103].

 

أمرٌ للأمّةِ جميعًا، أنْ يعتصِموا بحبلِ اللهِ، وهوَ دينُهُ وكتابُهُ، كأنَّهُم أُمّةٌ سقطت في هاويةِ الضَّعفِ والذُّلِّ فإذا بحبلٍ يرفعُهُم جميعًا من سفولِ المهانةِ إلى عزِّ الكرامةِ، هوَ حبلُ اجتماعِهِم على دينِ اللهِ الحقِّ.

 

ماذا كانَ العربُ قبلَ الإسلامِ إلَّا قبائلَ متناحرةً، يقتُلُ القويُّ منها الضَّعيفَ، تقومُ بينهمُ الحروبُ على ناقةٍ أربعينَ سنةً، وتظلُّ الحربُ بينَ الأوسِ والخزرجِ مئةً وعشرينَ سنةً، في عصبيّةٍ جاهليّةٍ مقيتةٍ.

 

جاءَ الإسلامُ فجمعَهُم جميعًا تحتَ رايتِهِ إخوةً متآلفينَ، آخى بينهمُ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-، آخى بينَ المهاجرينَ والأنصارِ، وبينَ الأوسِ والخزرجِ؛ فكانَ عمرُ القرشيُّ يجلسُ بجوارِ بلالٍ الحبشيِّ وصهيبٍ الروميِّ وسلمانَ الفارسيِّ، جميعُهُم أبناءُ دينٍ واحدٍ، لَبِنةٌ في أُمّةٍ واحدةٍ، لا فَرقَ بينَ عربيٍّ وعَجميٍّ وأبيضَ وأسودَ، عُنوانُ مودّتِهِم قولُ اللهِ: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)[الحجرات:10].

 

وصفَهُمُ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بالجَسَدِ الواحدِ فقال: "تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، كَمَثَلِ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى"(رواه البخاري ومسلم).

 

ولكنْ كيفَ تكونُ الأُمّةُ واحدةً، وقد اختلفتْ أجناسُهُم وقبائلُهُم وشعوبُهُم وعاداتُهُم ولهَجاتُهُم؟

 

إنَّ الأُمّةَ الواحدةَ إنَّما يجمعُها أوَّلُ ما يجمعُها العقيدةُ الصَّحيحةُ، والأُمّةُ المسلمةُ عقيدتُها هيَ الحقُّ، فإنَّها تعبُدُ إلهًا واحدًا، هوَ اللهُ الحقُّ لا إلهَ إلَّا هوَ، لهُ الكمالُ كلُّهُ، الأَحَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، ليسَ كمثلِهِ شيءٌ، وهوَ السَّميعُ البصيرُ، وتؤمِنُ بجميعِ الأنبياءِ وخاتَمِهِم محمّدٍ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-.

 

قال النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَيْسَ فَضْلُ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى. أَبَلَّغْتُ؟!"(رواه أحمد).

 

تجمعُهُمُ الشريعةُ الرَّبّانيّةُ، مصدرُها الوحيُ المعصومُ، القرآنُ والسُّنّةُ النبويّةُ المطهَّرةُ؛ يقول النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "كِتَابُ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، هُوَ حَبْلُ اللَّهِ، مَنْ اتَّبَعَهُ كَانَ عَلَى الْهُدَى، وَمَنْ تَرَكَهُ كَانَ عَلَى ضَلَالَةٍ"(رواه مسلم).

 

هذا الذي جمعَ الأُمّةَ بعدَ فُرقةٍ وضَيعةٍ، لذا وقفَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُذَكِّرُ الأنصارَ بذلكَ قائلًا: "يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي، وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمُ اللَّهُ بِي، وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ بِي"(رواه البخاري ومسلم).

 

إنَّ مِن أعظمِ أسبابِ الفُرقةِ والاختلافِ نبذَ هذا الدِّينِ العظيمِ، والاختلافَ فيهِ بالبدعِ والمُحدَثاتِ واتِّباعِ الهوى.

 

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه-، قَالَ: خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَطًّا ثُمَّ قَالَ: "هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ"ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: "هَذِهِ سُبُلٌ، عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ"ثُمَّ قَرَأَ: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ)"(رواه أحمد).

 

تلكَ الشريعةُ التي فيها كلُّ ما يدعو إلى الوَحدةِ والاجتماعِ، وينهى عنِ الفُرقةِ والاختلافِ.

المسلمونَ في جنَباتِ الأرضِ يُصلّونَ جميعًا إلى قبلةٍ واحدةٍ، يقِفونَ صفوفًا متراصّةً، بهيئةٍ واحدةٍ، خلفَ إمامٍ واحدٍ، حتى إنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قالَ: "لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ"(رواه البخاري ومسلم)، ورغَّبَ وأمرَ الرِّجالَ بالصَّلاةِ في جماعةٍ، فقال: "صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً"(رواه البخاري ومسلم).

 

وفي شهرِ رمضانَ يصومُ المسلمونَ جميعًا، ثمَّ يأتي العيدُ فيفرحونَ جميعًا، لذا قال النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالْفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَالْأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ"(رواه الترمذي).

 

ثمَّ يأتي الحجُّ، حيثُ يأتي المسلمونَ من كلِّ فَجٍّ عميقٍ، يقصِدونَ البيتَ الحرامَ، ثمَّ يؤدّونَ المناسَكَ في وقتٍ واحدٍ، على هيئةٍ واحدةٍ، يُرغِمونَ الشيطانَ وأولياءَهُ، وقد تواترتِ الأحاديثُ عن رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- تدعو إلى لزومِ الجماعةِ، التي فيها الرَّحمةُ والبرَكةُ والنَّصرُ والقوّةُ.

 

قال النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "الْجَمَاعَةَ رَحْمَةٌ، وَالْفُرْقَةَ عَذَابٌ"(رواه ابن أبي عاصم)، وقال النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "يَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ"(رواه الترمذي).

 

بل جعلَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- الاجتماعَ على الطَّعامِ سببًا للبركةِ والخيرِ، فقد سألهُ الصَّحابةُ يومًا قائلينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَأْكُلُ وَلَا نَشْبَعُ، قَالَ: "فَلَعَلَّكُمْ تَفْتَرِقُونَ؟ "قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: "فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ"(رواه أبو داود).

 

إخوةَ الإسلام: ما الذي يحولُ بينَ المسلمينَ وبينَ أن تكونَ كلمتُهم واحدةً، أن يدفعَ بعضُهم عن بعضٍ، ويواسيَ بعضُهم بعضًا؟

 

إنَّ أممًا يُكفِّرُ بعضُهم بعضًا كانت بينهم الحروبُ الضَّروسُ حتى استباحوا أعراضَهم ودماءَهم، تناسَوا خلافاتِهم وعقدوا اتِّحادًا تجاريًّا وعسكريًّا وسياسيًّا، أليسَ المسلمونَ أحقَّ بذلك؟

ألم يقلِ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ"(رواه أبو داود).

 

باركَ اللهُ لي ولكُم في القرآنِ العظيمِ، ونَفَعَني وإيّاكُم بما فيهِ من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ، وأَستغفرُ اللهَ لي ولكُم فاستغفِروهُ، إنَّه هو الغَفورُ الرّحيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أمّا بعد:

 

عباد الله: لقد نهى اللهُ عن الافتراقِ والاختلافِ والتَّنازُعِ، فإنَّه ما قَدَر عدوُّنا علينا إلا حينَ مزَّقَنا بحدودٍ مصطنعةٍ، وقوميّاتٍ جاهليةٍ، وفتنٍ طائفيةٍ، وفِرَقٍ حِزبيّةٍ، طِبقًا لقاعدةِ المجرمينَ "فَرِّقْ تَسُدْ"، تمامًا كما فعل فرعونُ حيثُ جعلَ أهلَ مصرَ شِيَعًا، ليسهُلَ عليه سَوقُ القطيعِ.

 

ألم يقل الله -تعالى-: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)[الأنفال:46].

 

إنَّ الذئابَ الضَّارية إنّـما تنقَضُّ على الشَّاةِ القاصية، يقولُ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ؛ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ"(رواه النسائي).

 

ويقول -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ تَخْتَلِفُوا، فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا"(رواه البخاري).

 

تأبى الرِّماح إذا اجتمعن تكسُّرًا *** وإذا افترقْن تكسّرت آحادًا

 

إنَّ الكُفَّارَ وأولياءَهم المنافقينَ يُثيرونَ في الأُمَّةِ العداواتِ والبغضاءَ، ويؤجِّجونَ نيرانَ العصبيَّةِ الجاهليَّةِ ليُفرِّقوا المسلمينَ، كما فعلَ المنافقونَ الأُوَلُ لما بَنَوا مسجدَ الضِّرارِ؛ ففضحَ اللهُ فِعلَهم، وأنزلَ فيهم: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ)[التوبة:107].

 

ألا ما أحوجنا اليومَ أن نعتصم جميعًا -أفرادًا ودُوَلًا- باللهِ وكتابِه، وأن نتحاكم جميعًا إلى شريعتِه، نَصبُغُ بها حياتَنا، يشدُّ بعضُنا بعضًا، فتكونَ همومُنا وأفراحُنا وأحزانُنا واحدةً، جسدٌ واحدٌ، وأمَّةٌ واحدةٌ، فاللهُ مولانا ونِعمَ النَّصيرُ.

 

اللهمَّ انصُرِ الإسلامَ وأعزَّ المسلمينَ، وأهلِكِ الكفَرةَ المجرمين، اللهمَّ وأنزلِ السَّكينةَ في قلوبِ المجاهدينَ في سبيلِكَ، ونجِّ عبادَكَ المستضعَفينَ، وارفعْ رايةَ الدِّينِ، بقُوَّتِكَ يا قويُّ يا متينُ.

 

اللّهُمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلِحْ أئمَّتَنا ووُلاةَ أمورِنا، واجعل وِلايتَنا فيمن خافَكَ واتّقاكَ واتّبعَ رِضاك.

 

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ، وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ؛ حَيْثُ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ؛ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56].

 

 

المرفقات

الأمة الواحدة.doc

الأمة الواحدة.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات