الحث على حضور الجمعة

الشيخ سعد بن عبدالرحمن بن قاسم

2025-03-07 - 1446/09/07 2025-04-17 - 1446/10/19
عناصر الخطبة
1/فضائل يوم الجمعة 3/الساعة المباركة يوم الجمعة 3/أهمية الإنصات وسماع الوعظ والتوجيه 4/فضل التبكير لصلاة الجمعة 4/التحذير من إشغال المصلين وتخطي الرقاب 5/وعيد شديد لمن يضيعون صلاة الجمعة.

اقتباس

وإذا كان التأخير عن السعي للجمعة منهيًّا عنه في نظر الشرع، فكيف بمن يتركها عمدًا أو تشاغلاً عنها، مخادعًا نفسه بأعذارٍ تافهة، ويتركها لرحلات ينشئها خاصة في يومها... إن من سعادة المسلم في هذه الدار أن يبادر للخيرات، ويجتنب الآثام والموبقات...

الخطبةُ الأولَى:

 

الحمد لله الحكم العدل، اللطيف الخبير، أحمده -سبحانه- وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الخلق والأمر والتدبير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أكرم رسول وخير بشير، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

 أما بعد: فيا عباد الله: لقد اختص الله -سبحانه- بعض الأيام بمزيد من الشرف والتفضيل، ومن تلك الأيام يوم الجمعة، حتى لقد قال عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة"، وقال أيضًا: "سيد الأيام يوم الجمعة، وأعظمها عند الله -تعالى-، وأعظم عند الله من يوم الفطر ويوم الأضحى، فيه خلق آدم -عليه السلام-، وفيه أدخل الجنة، وفيه أهبطه منها إلى الأرض، وفيه توفي، وفيه تقوم الساعة، وفيه ساعة لا يسأل العبد فيها شيئًا إلا آتاه الله إياه ما لم يسأل حرامًا".

 

أما هذه الساعة المباركة، فقيل: إنها بعد العصر، وقيل: هي ما بين أن يصعد الإمام على المنبر حتى تُقضَى الصلاة، وقيل غير ذلك، مما يستحثّ العبد على استدامة الذكر وسؤال الله من خيري الدنيا والآخرة في كل ساعات هذا اليوم المبارك.

 

 وقد شرع الله التجمع في هذا اليوم لسماع الوعظ والتوجيه في شتى الاتجاهات، فمن حثّ على الفضيلة، ونهي عن الرذيلة، إلى تذكير بالله وأيامه وحسابه، إلى استنهاض الهمم في البذل والاجهاد، إلى غير ذلك مما يكون به صلاح المسلمين.

 

وشرع أيضًا: التبكير إلى الجمعة لقضاء أكبر وقت ممكن في العبادة وللقرب من الإمام، حرصًا على استجماع الفكر، وتدبُّر الذكر، وبذلك يعظم الأجر، صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر بما استطاع من طهر ويمس من طيب بيته، ثم يروح إلى المسجد لا يفرق اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم يُنصت للإمام إذا تكلم؛ إلا غفر له من الجمعة إلى الجمعة الأخرى".

 

كما حظر التشاغل عن الإمام بمس الحصى أو الكلام أو بأي صارف يصرف عن الاستماع للخطبة، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من قال يوم الجمعة لصاحبه أنصت فقد لغا، ومن لغا فليس له في جمعته تلك شيء"، وفي رواية: "ومن مس الحصى فقد لغا".

 

 كما حظر أيضًا إشغال المصلين وإيذاؤهم بتخطي الرقاب؛ لما في ذلك من الاستهانة بحرمة الغير، إلى جانب التأخير عن السعي للجمعة، جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب؛ فقال له: "اجلس فقد آذيت وآنيت"؛ أي: أخرت المجيء إلى الجمعة، وآذيت الناس بتخطيك لرقابهم.

 

وإذا كان التأخير عن السعي للجمعة منهيًّا عنه في نظر الشرع، فكيف بمن يتركها عمدًا أو تشاغلاً عنها، مخادعًا نفسه بأعذارٍ تافهة، ويتركها لرحلات ينشئها خاصة في يومها؛ يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لينتهين أقوام عن تركهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين"، وقال أيضًا: "من ترك ثلاث جمع تهاونًا بها طبع الله على قلبه"، وفي رواية "من ترك ثلاث جمعات من غير عذر، كُتِبَ من المنافقين"، والمراد بالعذر ما رخّص فيه الشرع من مرض، أو سفر مشروع، وغير ذلك مما هو منصوص عليه.

 

 فاتقوا الله عباد الله: واشهدوا الجمع، فهي فريضة فرضها الله عليكم، ولا خير فيمن ترك فريضة الله، وحذارِ من التهاون بها أو التشاغل عنها، وقد سمعتم الوعيد الشديد في ذلك.

 

 أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[سورة الجمعة:9-10]، بارك الله...

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله الغفور الرحيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، خاتم النبيين وأفضل المرسلين، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

 أما بعد: فيا عباد الله: إن من سعادة المسلم في هذه الدار أن يبادر للخيرات، ويجتنب الآثام والموبقات، ففَرْقٌ بين مَن يذهب للمسجد، ومن يذهب للملعب، وخصوصًا في أيام المواسم كالجمعة، فقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من اغتسل يوم الجمعة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنه، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشًا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر".

 

فدل ذلك على فضيلة التبكير إليها، والدنو من الإمام، فبادروا -رحمكم الله- بذلك، وتواصوا به، لعل الله أن يرحمنا ويتوب علينا، فكل منا مقصر، وصلوا على نبينا محمد فقد أمرنا الله بذلك.

 

(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].

 

المرفقات

الحث على حضور الجمعة.doc

الحث على حضور الجمعة.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات