الحكمة من الابتلاء ووصية بالصبر والثبات

الشيخ خالد أبو جمعة

2025-05-16 - 1446/11/18 2025-05-18 - 1446/11/20
عناصر الخطبة
1/خطورة قلب الحقائق في العصر الذي نعيشه 2/فساد منظمات حقوق الإنسان في هذا الزمان 3/إجابة سؤال: متى نصر الله؟ 4/رسالة مواساة لكل مهموم ومكرب 5/بعض الحكم من الابتلاءات 6/تأملات في تاريخ مدينة القدس المباركة 7/التحذير من مكر وخداع الأعداء 8/رسائل لحجاج بيت الله الحرام

اقتباس

الابتلاء من الله نعمة لا تصيب إلا من يريد الله به الخير، فإذا أصاب أولياءه؛ فإنما يصيبهم لخير وفضل أراده الله لهم، وهذا لحكمة مُغيَّبة عنَّا من اللطيف الخبير؛ ألا فلنتق الله، ولنكن على يقين أن سنة الابتلاء ماضية تُستخرَج بها مكنونات الصدور الغامضة، وتظهر...

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله الذي تقدَّس ذاتًا وصِفاتًا وجمالًا، وعَزَّ عظمةً وعُلوًا وجلالًا، وتعالَى مجدًا ورفعةً وكمالًا، أحمده -سبحانه-؛ برى الخلائق فلا نقص يعروها ولا اعتلالًا، لك الحمد ربنا حمدًا طيبًا مباركًا، لك الحمد مولانا عليك المُعوَّل، لك الحمد أعلى الحمد والشكر والثناء، أعز وأزكى ما يكون وأفضلَ.

 

اللهمَّ إني أحمدك حمد الشاكرين، حمد المجبورين، أحمدك حمد الواثقين بقوتك، المطمئنين في معيتك، حمدَ من توكل عليك فزانت دُنياه وازدانت أيامه.

 

أحمدك حمد من أيقن بدنو البشائر وتحقق الآمال، حمد من لا يعرف إلا أنت، ولا يطلب إلا منك، ولا يرتجي سواك؛ فاللهمَّ لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك العظيم وسلطانك.

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، إلهًا واحدًا أحدًا صمدًا، لم يتخذ صاحبةً ولا ولدًا، ولم يكن له كفوًا أحدًا؛ شهادة تهفو لها القلوب محبة وابتهالًا، وتعنو لها الجباهُ خضوعًا وامتثالًا.

 

وأشهد أن نبينا وحبيبنا وسيدنا محمدًا -صلى الله عليه وسلم-، عبد الله ورسوله خير من عَظَّم الله أقوالًا وأفعالًا، صلى الله عليه وعلى آله الأُولَى ما دام فيهم الفضل هَطَّالًا، وصحبه الذائدين عن الإسلام حُماةً أبطالًا، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ ما تعاقَب النَّيْرانِ وتوالَى، وسَلَّم تسليمًا مباركًا سَلْسَلًا.

 

وبعدُ: فاتقوا الله -عباد الله-، وأطيعوه ولا تعصوه، ومن أراد الأمن والاطمئنان والنصر على عدوه ظاهرًا وباطنًا؛ فلينصر الله -تعالى- بطاعته وفِعل أوامره واجتناب نواهيه، فإن هذا هو شرط التمكين الذي قد أعلنه الله -تعالى- لعباده في كتابه، ووعد من حققه بأن ينصره ويثبته، وأن يجعل التعاسة والضلال من نصيب من عاداه، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ)[محمد: 7-8].

 

أيها المرابطون: نحن في زمن تُقلب فيه الحقائق قلبًا، وتُسمَّى بغير أسمائها، وتُصوَّر بصورة مختلفة لا تعبر عن حقيقتها أبدًا؛ وهي أداةٌ في يد الجلَّادين الظلمة تزييف وتزوير للحقائق والوقائع، أدوات في أيديهم لتبرير الظلم والقهر والمكائد والمؤامرات على أفعالهم، ونتيجةً لهذه الأخلاق السيئة والسُّلوكيَّات الشائنة والتعاطي الجائر مع الوقائع والأحداث، والكيل بأكثر من مكيال؛ ظهرت في العالم اليوم الثنائيات القاسية، تحمل الشيء وتحمل نقيضه، والصورة وعكسها بروح عدوانية لم يعرف لها التاريخ مثيلًا.

 

فقد ساعدت هذه الثنائيات الشائنة الظالمة على تغيير الحقائق، بل طمسها، وأخطرها انتشارًا لغة المساواة بين الجلَّاد والضحية، والظالم والمظلوم، والقاتل والمقتول؛ وغير ذلك من ثنائيات لا تُعد ولا تُحصى، وما خفي أعظم وأجرم.

 

وهو دليل على فساد كثير من مؤسَّسات العالَم اليوم، ومن أشهرها ما اصطُلح عليها زورًا وبهتانًا بـ"حقوق الإنسان"، فالأمر مكشوف مفضوح، وأصبح يدرك عارَه وقُبحَه القاصي والداني والقريب والبعيد؛ حتى أن فَوْحَ رائحته النتنة أزكمت أنوفَ الشرفاء من الناس.

 

فإذا ما قُتِلَ شخصٌ ما، من دِينٍ ما، في مكان ما، تقوم الدنيا ولا تقعد؛ وسائل الإعلام تُحلِّل، والساسة يستنكرون ويشجبون، والمؤسَّسات الدوليَّة تقف على قدم واحدة قلقة مضطربة، بينما في بلادنا هنا في فلسطين، في بَيْت الْمَقدسِ وما يحدث فيها، في المدن والقرى والبلدات والمُخيَّمات من تهجير وهدم للبيوت والبِنيَة التحتيَّة، ومن قتل للأطفال والنساء والشباب والشيوخ، وما يقع على المدارس والمستشفيات ودُور العبادة من خراب ودمار؛ والذي يأتي على المكان بأكمله ولا يستثني بشرًا ولا حجرًا، ولا يرحم طفلًا صغيرًا، ولا يوقِّر شيخًا كبيرًا، ولا يرأف بامرأة ضعيفة على مرأى ومسمع من العالم، ولا يُحرِّك هذا العالم ساكنًا، فلا حول ولا قوة إلا بالله، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

 

إن واقعنا اليوم بكل ما فيه من نكبات وويلات قد سهَّل على صُنَّاع أفلام الرعب والخيال العلميّ مهمتهم؛ إذ سيجدوننا مادة دسمة من غير عناء ولا اصطناع، فكل هذا جاهز، وما عليهم إلا أن يقصوا من مشاهدنا وأحداثنا ويُلصقوا!

 

أيها المرابطون: وهنا يتساءل المؤمنون كما تساءل أسلافهم: متى نصر الله؟ ليأتي الرد من الله -تعالى- مباشرة وباختصار: (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)[البقرة: 214]، ومع أن استبطاء النصر وتعجُّل الفرج نزعة بشريَّة طبيعيَّة إلا أن المؤمن يعالج ذلك بحُسن الظن بالله، وتَلَمُّس الحِكَم البالغة من المِحن، وتأمُّل عظيم الغايات من وراء الابتلاءات؛ لأن الله -تعالى- عليمٌ حكيم، لا يمكن أن يكون في الكون شيءٌ إلا بأمره وتقديره، وهو -تعالى- أحكم وأعلم وأرحم.

 

نعم، وأرحم بالمؤمنين؛ فلا يُقدِّر عليهم إلا ما هو خيرٌ لهم، ولا يجعل الغلبة لعدوهم عليهم، فاقرؤوا -إن شئتم-: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا)[النساء: 141]؛ والأيام دُول، والليالي غير مأمونة، والساعات حُبلى، والوضع قريب، والدنيا تتحول، والأحوال تتقلب.

 

ومن منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن المسجد الأقصى المبارَك؛ نخاطب كلَّ مهموم مكروب مفجوع في هذه الأرض المبارَكة أن يأخذ من قدوتنا وحبيبنا -صلى الله عليه وسلم- كيف كانت سيرته ومسيرته؛ صَبرٌ وتسليمٌ ورضا، إن ما مضى لا يُدفَع بالحزن، بل بالرضا والحمد والصبر والتسليم المطلق لأمر الله، والإيمان بالقدر خيره وشره.

 

فيا أيها المبتلى: تَلَّفت يَمنةً ويَسرةً، فهل ترى إلا مبتلى؟ وهل تشاهد إلا مكروبًا منكوبًا؟ في كل دار نائحة، وعلى كل خدٍّ دمعةٌ، كم من مريض على سريره يتقلب ذات اليمين وذات الشمال يئن من الألم ويصيح من السقم بسبب نقص العلاج والدواء؟ وكم من أسير مرت به السنوات وما عَرف غير زنزانته؟ وكم من أب فقد فلذة كبده في ريعان العمر والشباب؟

 

أيها الموحدون: نحن نعلم يقينًا أن هذه الحياة سجنٌ للمؤمن وجنة للكافر، وهي دار للأحزان والنكبات؛ تُصبح القصور حافلة بأهلها وتمسي خاوية على عروشها! ترى الشمل مجتمعًا والأبدان في عافية والأموال وافرة والأولاد كُثر، ثم ما هي إلا أيام فإذا الفقر والموت والفراق والمرض.

 

أيها المرابطون: الحروب والفتن والقلاقل التي تؤذي الناس وتُضيِّق صدورهم قد تصيب بعضهم بشيء مما يشبه اليأس والقنوط، إلا أنَّها في الحقيقة تُميز الصفوف، وتكشف العدو من الصديق، وتبين الطيب من الخبيث؛ فلا يختلط بعدها حابل بنابل، ولا يلتبس حق بباطل، بل تنزل الأقدار بأحداثٍ عظام، فتُميط اللثام عن وجوه اللئام، ويعرف الناس عدوهم الحقيقيّ.

 

تلك حكمة جليلة ونعمة عظيمة امتن الله -عز وجل- بها على المؤمنين منذ القِدَم، وما زالت تتجدد عليهم كل حين ليكونوا على علم ويقين بهذه الأمور، قال -تعالى-: (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ)[آل عمران: 179].

 

فالآية الكريمة تدل على أنَّ مما يقتضيه عدلُ الله -سبحانه وتعالى- بحُكم الألوهية والربوبية للكون: ألَا يَدَعَ الصفَّ المؤمنَ مختلطًا دون تمييز، يتوارى المنافقون فيه وراء الأحداث وادعاء الإيمان وحب الإسلام، بينما قلوبهم خاوية من بشاشة الإيمان وروح الإسلام؛ لذا لا بد من التجرد والصفاء في صف الأمة المسلمة؛ حتى تتماسك وتتميز في وجه أعدائها، فقد اصطفى الله -عز وجل- أهل فلسطين لهذا البلاء والاختبار بعد أن تخلى عنها أمة المليار والمليار.

 

وهكذا يتكشَّف لنا أن الابتلاء من الله نعمة لا تصيب إلا من يريد الله به الخير، فإذا أصاب أولياءه؛ فإنما يصيبهم لخير وفضل أراده الله لهم، وهذا لحكمة مُغيَّبة عنَّا من اللطيف الخبير؛ ألا فلنتق الله، ولنكن على يقين أن سنة الابتلاء ماضية تُستخرَج بها مكنونات الصدور الغامضة، وتظهر بها حقائق النفوس الخافية، ويُستنبَط بها إيمان المؤمنين، ويظهر بها كُفرَ الكافرين، ونفاق المنافقين.

 

أيها المسلمون: فلنستيقن ولنستبشر ولنعلم أنَّه مهما اشتدت بنا الخطوب وتوالت علينا المِحن وقُتل منا من قُتل وعُذِّب من عُذِب وأُوذِيَ مَن أُوذي، فشأننا في هذه الأرض هو الرباط والصبر؛ فهي أرض الرباط، وهي أرض المحشر والمنشر، قال -تعالى-: (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)[التوبة: 51]، وقال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ )[محمد: 7-8].

 

أقول قولي هذا وأستغفِر اللهَ لي ولكم، فيا فوز المستغفرين، استغفر الله.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ لله ربِّ العالَمِينَ، والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى آل بيته وصحبه أجمعين

 

وبعدُ: إن التاريخ الإسلامي لهذه المدينة المقدَّسة ولفلسطين المبارَكة تاريخ مشرق، نحن أمة ذات عراقة وتاريخ وحضارة، جذورنا ضاربة في هذه المدينة المقدَّسة وفي هذه الأرض المبارَكة؛ كشجرة الزيتون موحَّدة لا شرقية ولا غربية، أصلها ثابت وفرعها ثابت في السماء، ماضيها عِزّ وسيادة، وحاضرها مرتبط بماضيها قدوة وأسوة، تاريخ كان فيه الأنبياء قادة، والمؤمنون والمسلمون سادة.

 

نعم -أيها المرابطون- لقد حظيت مدينة القدس بمكانة مرموقة في التاريخ الإسلامي والإنسانيّ لم تُساوِها في ذلك أي مدينة؛ تميزت بخصوصية نالتها من تفردها بالبُعد الروحي المرتبط بالزمان والمكان، والإسلام دلالةً على قداستها وعظمتها، وبهذه القداسة وهذه المكانة نظر المسلمون إلى القدس وإلى مسجدها الأقصى المبارَك على أنَّه جزءٌ من عقيدتهم، فشَدوا إليه الرحال، وأحرموا منه للحج والعمرة، زاروه لذاته بُغية الصلاة والثواب، وأحاطوه برعايتهم الدينيَّة الكريمة.

 

لذلك سيظل بَيْت الْمَقدسِ بمسجده الأقصى في قلب ووجدان كل مسلم، وستظل علاقتهم به عَلاقة دينيَّة عقائدية حضاريَّة عميقة؛ وهذه الحقائق التاريخيَّة تُثبت أن هُويَّة بَيْت الْمَقدسِ إسلاميَّة، وأن الادعاءات التي تَصدر من هنا وهناك بملكيته محض افتراءات وأباطيل لا أصل لها.

 

أيها المصلون، أيها المرابطون: الجلاد اللئيم يريد أن يُلبِس الماضي قميصًا ضيقًا، جرى تصميمه وتفصيله وحكايته في مصانع الكذب وآلات التزوير؛ فيريد طمس الحقائق وتبديل الواقع إلا أن الواقع بيِّن بأن القميص برهان على كذب صاحبه، هل تخيلتم يومًا ما أن يُكذِّب البرهان صاحبه؟! وهل يكون برهانًا أصلًا إن لم يكن صادقًا مُقنعًا؟!

 

ألَا تذكرون: (وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ)[يوسف: 18]؟، وهنا نجد أن الحقيقة الربانية تُقر بأن الباطل لا يكون حقًّا أبدًا، وأن البراهين هي جنود الله لا تناصر غير الحق، فإن زوروها الأعداء لتقف معهم فضحتهم؛ فسيبقى الباطل باطلًا، وسيبقى وجهه مسودًا مهما حاول تجميل ذاته بما يظنه حُجَجًا كفيلة لقلب الموازين.

 

فالقدس مدينة مُوَحَّدة ومُوَحِّدة منذ الأزل، وهبها الله لنا -عز وجل-، أنارها رسولنا -صلى الله عليه وسلم-، وأمَّا الأنبياء والمرسَلينَ في أقصاها فتحوا أبوابها بمفتاح الإيمان، وزيَّنها بزينة الإسلام والإيمان الفاروق عمر، وعَمَّرها عُمر، وَصَلَّى في المسجد الأقصى المبارَك.

 

حررها الناصر صلاح الدين برجال لا يعرفون إلا التوحيد، ورفع تاج عزها المُظفَّر قطز والظاهر بيبرس بإهلاك غطرسة التتار المتجبرين ومن سار على نهجهم؛ ولا زالت القدس مِداد عز للمسلمين، ومعيار صدق للمؤمنين.

 

أيها المصلون: يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ حَجَّ لله فلم يَرفُثْ ولم يَفْسُقْ رجَع كيوم ولَدَتْهُ أُمُّهُ".

 

أيها المصلون، يا حجاج بيت الله الحرام، يا من نويتم أداء فريضة الحج هذا العام: تذكَّرُوا أن الله -عز وجل- اصطفاكم بدعوته لبيته، ووفقكم لأن تكونوا من القلة التي حظيت بهذا الفضل؛ فاحفظوا أنفسَكم عن ارتكاب المعاصي وأنتم في هذا الموسم المبارَك، تجنَّبوا الرفثَ والفسوقَ والجدالَ، وكُفُّوا ألسنتَكم عن الخوض في أعراض الناس، واستروا بعضكم بعضًا، وحافظوا على علاقتكم وأُخوتكم ووحدتكم.

 

تذكَّرُوا أنكم وَفْدُنَا إلى الرحمن وإلى نبيِّه وإلى بيته وإلى عباده، أنتم سفراؤنا إليهم؛ فأكثروا من الدعاء لنا وللقدس وللمسجد الأقصى المبارَك ولفلسطين أن يرفع الله عَنَّا الظلم، وأن يثبتنا ويؤيدنا، ويوحد صفنا ويجمع كلمتنا.

 

أقرِؤوهم السلام، وانقلوا صورة مشرفة عن أهلكم هنا؛ اشرحوا لهم عن رباط المسلمين في بَيْت الْمَقدسِ وأكناف بَيْت الْمَقدسِ، حُثُّوهم على زيارة المسجد الأقصى المبارَك، ذكِّروهم بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تُشَد الرِّحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى"، نسأل الله -تعالى- أن يحفظكم بحفظه، وأن يكلأكم بعنايته ورعايته، وأن يردكم إلينا سالمينَ غانمينَ.

 

اللهمَّ بك نستغيث ونستجير؛ فقد خذلنا كل مغيث من البشر، فأنت تعلم ما حل بنا فلك الحمد سميعًا بصيرًا لطيفًا قديرًا، اللهمَّ فك الحصار عن المحاصرين، عن الجائعين، عن المُجوَّعين المحرومين.

 

يا الله، إن الظالم جمَع كلَّ قُوَّتِه وطغيانِه ونحن جمعنا لكَ ما استطعنا من الدعاء؛ اللهمَّ عليكَ به وأنتَ تعلمه، اللهمَّ خيِّب أمله، وأزل ظلمه، وأشغله في بدنه، واجعل كيده في ضلال، وأمره في زوال، وقوته إلى اضمحلال، وأمِته بغيظه؛ فإنك أشد بأسًا وأشد تنكيلًا.

 

اللهمَّ أحصِ الظالمين، اللهمَّ أحصِ الظالمين وأعوانهم ومن رَكن إليهم ومن والأهم عددًا، واقتلهم بِددًا وسلِّط عليهم جنودك، ودمرهم بقدرتك وجبروتك، وأَذلَّهم لعبادك المظلومين المستضعَفين في هذه الأرض.

 

اللهمَّ اجعل حظَّ عبادك المظلومين والمستضعفين في الأرض حظًّا وافرًا، ونصيبهم كبيرًا.

 

اللهمَّ احفظ المسجد الأقصى والمرابطين فيه؛ مسرى نبيك -عليه الصلاة والسلام-، وحصِّنه بتحصينك المتين، واجعله في رعايتك وعنايتك وحِرزك وأمانك وضمانك يا ذا الجلال والإكرام.

 

اللهمَّ ارحم المؤمنين والمؤمنات، المسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات.

 

عبادَ اللهِ: إن الله يأمر بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون؛ فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نِعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون، وأَقِمِ الصلاةَ.

 

 

المرفقات

الحكمة من الابتلاء ووصية بالصبر والثبات.doc

الحكمة من الابتلاء ووصية بالصبر والثبات.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات