عناصر الخطبة
1/أخطر الأمراض أمراض القلوب 2/التحذير من النفاق وخوف السلف منه 3/أقسام النفاق وبيان كل نوع 4/من صفات المنافقين 5/الحث على الإسراع بالتوبة من النفاقاقتباس
اعْلَمُوا أَنَّ النِّفَاقَ نَوْعَانِ: نِفاقُ اعْتِقَادٍ ونِفَاقُ عَمَلٍ، فَأَمَّا نِفَاقُ الاعْتِقَادِ: فَهُوَ إِظْهَارُ الإِسْلَامِ وَإِبْطَانُ الكُفْر، وَهَذَا كُفْرٌ أَكْبَرُ، وَلَوْ عَمِلَ صَاحِبُهُ بالْإِسْلَامِ بِجَوَارِحِهِ؛ لِأَنَّ اللهُ لا يَقْبَلُ مِنَ الْأَعْمَالَ إِلَّا مَا كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى الْإِيمَانِ...
الخُطْبَةُ الأُولَى:
الْحَمْدُ للهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيم، يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ بِرَحْمَتِهِ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم، وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ بِعَدْلِهِ وَحِكْمَتِهِ، أَحْمَدُ رَبِّي وَأَشْكُرُهُ عَلَى نِعَمِهِ التِي لا تُحْصَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إَّلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ الْعَلِيُّ الأَعْلَى، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمُصْطَفَى، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ اتَّبَعَ طَرِيقَهُمُ وَبِهِمُ اقْتَدَى.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ حَقَّ تَقْوَاه؛ فَمَنِ اتِّقَاهُ وَقَاهُ وَتَولَى أُمُورَهُ فِي دُنْيَاهُ وَأُخْرَاه، قَالَ اللهُ -تَعَالَى- (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا)[الطلاق: 2].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ أَعْظَمَ الْأَمْرَاضِ خَطَرًا عَلَى الإِنْسَانِ لَيْسَ الأَمْرَاضَ الْمُعْدَيَةَ أَوِ الأَوْبِئَةَ الفَتَّاكَةَ، وَإِنَّمَا هُوَ مَرَضُ القُلُوبِ وَدَاءُ النُّفُوسِ، إِنَّهُ مَرَضُ النِّفَاقِ، إِنَّهُ مَرَضٌ خَطِيرٌ وَشَرٌّ كَبِيرٌ إِذَا اسْتَوْلَى عَلَى الْقَلْبِ أَمَاتَهُ، وَصَارَ صَاحِبُهُ حَيَّاً كَمَيِّتٍ، وَصَحِيحَ الْبَدَنِ مَرِيضَ الرُّوحِ، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)[البقرة: 10].
إِنَّ النِّفَاقَ قَدْ خَافَه الْمُؤْمِنُونَ وَوَجِلَ مِنْهُ الصَّالِحُونَ، قَالَ الْبُخَارِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي صَحِيحِهِ: وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: "أَدْرَكْتُ ثَلاَثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ"، وَيُذْكَرُ عَنِ الحَسَنِ: "مَا خَافَهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلاَ أَمِنَهُ إِلَّا مُنَافِقٌ"، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ -رَحِمَهُ اللهُ-: "وَمَنْ يَأْمَنُ النِّفَاقَ؟!".
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لِحُذَيْفَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "أَنْشُدُكَ اللهَ هَلْ ذَكَرَنِي رَسُولُ اللهِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ؟"، قَالَ: "لا، وَلا أُزَكِّي بَعْدَكَ أَحَدًا"، وَمَعْنَى قَوْلِ حُذَيْفَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- هذا، أَيْ: أَنَّهُ لا يَفْتَحُ بَابَ الْجَوَابِ لِمَنْ يَسْأَلُهُ عَنْ أَعْيَانِ الْمُنَافِقِينَ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اعْلَمُوا أَنَّ النِّفَاقَ نَوْعَانِ: نِفاقُ اعْتِقَادٍ ونِفَاقُ عَمَلٍ، فَأَمَّا نِفَاقُ الاعْتِقَادِ: فَهُوَ إِظْهَارُ الإِسْلَامِ وَإِبْطَانُ الكُفْر، وَهَذَا كُفْرٌ أَكْبَرُ، وَلَوْ عَمِلَ صَاحِبُهُ بالْإِسْلَامِ بِجَوَارِحِهِ؛ لِأَنَّ اللهُ لا يَقْبَلُ مِنَ الْأَعْمَالَ إِلَّا مَا كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى الْإِيمَانِ، قَالَ -تَعَالَى- (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)[البقرة: 8 - 9]، وَصَاحِبُ النِّفَاقِ الاعْتِقَادِيِّ مُخَلَّدٌ فِي النَّارِ، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ)[الحديد: 13].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَلِلْمُنَافِقِينَ نِفَاقًا اعْتِقَادِيًا صِفَاتٌ يُبْطِنُونُهَا فِي الغَالِبِ، وَلَكِنَّهَا تَظْهَرُ عَلَى فَلَتَاتِ أَلْسَنَتِهِمْ وَلَحْنِ قَوْلِهِمْ، فَمِنْهَا: بُغْضُ الرَّسُولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ)[التوبة: 50]، وَالْعَدُوُّ الْمُبْغِضُ هُوَ الذي يفْرَحُ بِالْمُصِيبَةِ لِمَنَ يُبْغِضُه.
وَمِنْ صِفَاتِهِمْ: كَرَاهَةُ مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ -تَعَالَى-: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ)[محمد: 8 - 9].
وَمِنْها: تَكْذِيبُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يُكَذِّبُونَ)، كما هي قراءة سبعية صحيحة.
وَمِنْ صِفَاتِهم كَذَلِكَ: تَكْذِيبُ أَوْ بُغْضُ بَعْضِ مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)[البقرة: 85]، فَهُمْ يَكْرَهُونَ بَعْضَ مَا جَاءَ بِهِ الْإِسْلَامُ، وَلَا يُحِبَّونَهُ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَمِنْ نِفَاقِ الاعْتِقَادِ: الْفَرَحُ بِضَعْفِ الْإِسْلَامِ، وَالسُّرُورُ بِتَمَرُّدِ النَّاسِ عَلَيْهِ، وَتَمَنِّي الانْفِلَاتِ مِنْ تَعَالِيمِهِ، وَالْكَرَاهَةُ لِظُهُورِ هَدْيِ الرَّسُولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعُلُوِّ دِينِهِ، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ)[التوبة: 48]، فَصَاحِبُ هَذَا النِّفَاقِ الاعْتِقَادِيِّ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ، سَوَاءً اجْتَمَعَتْ فِيهِ هَذِهِ الْأَنْوَاعُ كُلُّهَا أَوْ وَقَعَ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا، إِلَّا أَنْ يَتُوبَ إِلَى اللهِ -تَعَالَى-، قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا)[النساء: 145]، وَإِنَّما كَانُوا فِي أَسْفَلِ دَرَكَاتِ النَّارِ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ مِنْ الْمُنَافِقِ الْمُبْطِنِ لِلْكُفْرِ أَشَدُّ مِنَ الضَّرَرِ بِالْكَافِرِ الْمُجَاهِرِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَأَمَّا النِّفَاقُ الْعَمَلِيُّ: فَهُوَ أَنْ يَعْمَلَ بِخَصْلَةٍ مِنْ خِصَالِ النِّفَاقِ العَمَلِيِّ كَالكَذِبِ وَإِخْلَافِ الوَعْدِ وَخِيَانَةِ الأَمَانَةِ وَالفُجُورِ فِي الخُصُومَةِ، وَلَكِنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يَؤُمْنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَيُحِبُّ الْإِسْلَامَ وَيَعْمَلُ بِأَرْكَانِهِ، فَهَذَا قَدِ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً، وَلَكِنَّهُ لا يُكَفَّرُ بِهَا، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِوٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أربعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقَاً خَالِصَاً، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلةٌ مُنْهِنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ"(مُتَّفّقٌ عَلَيْه)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "آيةُ الْمُنَافِقِ ثَلاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ)، فَهَذِهِ الْخِصَالُ إِذَا فَعَلَهَا الْمُسْلِمُ وَهُوَ عَامِلٌ بِأَرْكَانِ الْإِسْلَامِ مُحِبٌ لَهُ؛ فَمَعْصِيَتُهُ نِفَاقٌ عَمَلِيٌّ وَلَيْسَ بِاعْتِقَادِيٍّ.
وَخِصَالُ النِّفَاقِ الْعَمَلِيِّ أَكْثَرُ مِنَ هَذِهِ الْخِصَالِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النِّفَاقَ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ؛ لِأَنَّ بَقِيَّةَ خِصَالِ النِّفَاقِ الْعَمَلِيِّ تَرْجِعُ إِلَيْهَا إِذْ هِيَ أُصُولُهَا.
أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا)[النساء: 142].
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، وَنَفَعَنَا بِهَدْيِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَقَوْلِهِ الْقَوِيم، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَاِلِمينَ وَلِيِّ الْمُؤْمِنِينَ، أحَمْدُهُ وَأَشْكَرُهُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ وَأَسْتَغْفِرُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ الْقَوِيُّ الْمَتِينُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ بِالْهُدَى وَالْيَقِينِ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أنَّ الذُّنُوبَ مَهْمَا عَظُمَتْ فَإِنَّهَا فِي جَانِبِ رَحْمَةِ اللهِ مَغْفُورَةٌ بِالتَّوْبَةِ إِلَيْهِ تَبَارَكَ وَ-تَعَالَى-.
وَالْمُنَافِقُونَ مَعَ عِظَمِ ذُنُوبِهِمْ وَقُبْحِ أفِعْالِهِمْ قَدْ فَتَحَ اللهُ لَهُمْ بَابَ التَّوْبَةِ، قَالَ -تَعَالَى-: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ)[النساء: 145- 146].
فَيَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُ: إِنْ كُنْتَ قَدِ ابْتُلِيتَ بِشَيْءٍ مِنْ خِصَالِ النِّفَاقِ، فَتُبْ إِلَى اللهِ -تَعَالَى- قَبْلَ الْمَمَاتِ، وَادْعُ اللهَ أَنْ يَحْفَظَكَ مِنَ النِّفَاقِ وَشُعَبِهِ؛ فَإِنَّ اللهَ قَرِيبٌ مُجِيبٌ، فَمِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "اللَّهُمَّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ... وَالفُسُوقِ وَالشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ"(رَوَاهُ الحَاكِمُ وَصَحْحَهُ الأَلْبَانِيُّ).
عِبَادَ اللهِ: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56]، اللَّهُّمَ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، اللَّهُّمَّ وَارْضَ عَنِ خُلَفَاءِهِ الرَّاشِدِينَ، وَعَنْ سَائِرِ أَصْحَابِ نَبِيِّكَ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعِهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
اللَّهُمَّ وَارْضَ عَنَّا مَعَهُمْ بِمَنِّكَ وَكَرَمِكَ وَرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، اللَّهُّمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ، وَانْصُرْ دِينَكَ وَكِتَابَكَ وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ وَعِبَادَكَ الصَّالِحِينَ، اللَّهُمَّ أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ، وَاهْدِهِمْ سُبَلَ السَّلَامِ، اللَّهُمَّ اكْفِ الْمُسْلِمِينَ شَرَّ أَعْدَاءِ الإِسْلَامِ وَأَبْطِلْ مَكْرَهُمْ وَأَفْسِدْ مُخَطَّطَاتِهِمْ إِنَكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير، اللَّهُمَّ أَعِذْنَا مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، وَأَعِذْنَا مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ يَا رَبِّ الْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُ لِهُدَاكَ وَاجْعَلْ عَمَلَهُ فِي رِضَاكَ، اللَّهُمَّ وَانْفَعْ بِهِ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَعِزَّ بِهِ دِينَكَ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ وَلِيَّ عَهْدِهِ وَبِطَانَتَهُ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمِيعَ وُلاةِ الْمُسْلِمِينَ عَمَلَهُمْ خَيْرَاً لِشُعُوبِهِمْ وَأَوْطَانِهِمْ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم