الذين يصلي عليهم الله –عزوجل-

الشيخ د صالح بن مقبل العصيمي

2025-11-07 - 1447/05/16 2025-11-18 - 1447/05/27
عناصر الخطبة
1/من أعظم النعم مرضاة الله 2/أعمال صالحة يصلي الله على أصحابها 3/معنى صلاة الله على عباده

اقتباس

اعْلَمُوا أَنَّ الْجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ؛ فَمَنْ طَلَبَ مِنَ اللهِ -تَعَالَى- الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، فَقَدْ طَلَبَ مِنْهُ الثَّنَاءَ عَلَى رَسُولِهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، فَجَزَاهُ اللهُ مِنْ جِنْسِ عَمَلِهِ بِأَنْ يُثْنِيَ عَلَيْهِ وَيَزِيدَ تَشْرِيفَهُ وَتَكْرِيمَهُ، فَيُضَاعِفَ اللهُ الْجَزَاءَ...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمَرَ بِالْإِحْسَانِ إِلَى الْيَتَامَى، وَوَعَدَ عَلَى ذَلِكَ الثَّوَابَ الْعَظِيمَ وَالْفَضْلَ الْجَزِيلَ، وَتَوَعَّدَ مَن ظَلَمَهُمْ أَوْ قَهَرَهُمْ بِالْعَذَابِ الْأَلِيمِ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

 

أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى، واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى، وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

عِبَادَ اللهِ: إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ أَنْ يَعْمَلَ العَبْدُ الأَعْمَالَ الَّتِي تُرْضِي اللهَ، فَكَيْفَ بِالأَعْمَالِ الَّتِي لَا تَنَالُ رِضَاهُ فَقَطْ، بَلْ فِيهَا مَزِيدٌ عَلَى الرِّضَا، وَهُوَ صَلَاةُ اللهِ عَلَيْهِ؟!.

 

وَمِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُصَلِّي عَلَيْهِمْ رَبُّ العِزَّةِ وَالجَلَالِ:

أَوَّلًا: الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ، قَالُوا: "إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ"، فَمَهْمَا كَانَتْ هَذِهِ الْمُصِيبَةُ، خَاصَّةً أَوْ عَامَّةً، صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً، يَقُولُونَهَا عِنْدَ الِابْتِلَاءِ وَالْكَرْبِ، لِقَوْلِهِ -تَعَالَى-: (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)[البقرة: 156- 157].

 

ثانيًا: وَمِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُصَلِّي عَلَيْهِمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَحَّرُونَ: لِقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ"(أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنْدٍ صَحِيحٍ).

 

ثالثًا: وَمِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُصَلِّي عَلَيْهِمُ اللَّهُ، الَّذِينَ يُصَلُّونَ فِي مَيَامِنِ الصُّفُوفِ: لِقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى مَيَامِنِ الصُّفُوفِ"(أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنْدٍ صَحِيحٍ).

رابعًا: وَمِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُصَلِّي عَلَيْهِمُ اللَّهُ، الَّذِينَ يُصَلُّونَ فِي الصُّفُوفِ الأُولَى: لِقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ، أَوِ الصُّفُوفِ الْأُولَى"(أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ بِسَنْدٍ صَحِيحٍ)، ولِقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَعَلَى الثَّانِي؟ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ"، قَالُوا: وَعَلَى الثَّانِي؟ قَالَ: "وَعَلَى الثَّانِي"(أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بِسَنْدٍ لَا بَأْسَ بِهِ).

 

خامسًا: وَمِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُصَلِّي عَلَيْهِمُ اللَّهُ، الَّذِينَ يُسِدُّونَ الْفَرَجَ فِي الصُّفُوفِ: لِقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الَّذِينَ يَصِلُونَ الصُّفُوفَ، وَمَنْ سَدَّ فُرْجَةً رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً"(أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهَ بِسَنْدٍ صَحِيحٍ).

 

سادسًا: وَمِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُصَلِّي عَلَيْهِمُ اللَّهُ الَّذِينَ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ الْخَيْرَ: لِقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِينَ، حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا، وَحَتَّى الْحُوتَ، لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ"(أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِسَنْدٍ صَحِيحٍ).

 

سابعًا: وَمِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُصَلِّي عَلَيْهِمُ اللهُ الَّذِينَ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: لِقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "أَمَا يُرْضِيكَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْكَ أَحَدٌ إِلَّا صَلَّيْتُ عَلَيْهِ عَشْرًا، وَلَا يُسَلِّمُ عَلَيْكَ أَحَدٌ إِلَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ عَشْرًا؟"(أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ)، وَلِقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً؛ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

 

وَرَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- جَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ، وَالسُّرُورُ يُرَى فِي وَجْهِهِ، فَقَال له أصحابه -رضي الله عنهم أجمعين-: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا لَنَرَى السُّرُورَ فِي وَجْهِكَ؟ فَقَالَ: "إِنَّهُ أَتَانِي مَلَكٌ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَمَا يُرْضِيكَ أَنَّ رَبَّكَ -عَزَّ وَجَلَّ- يَقُولُ: إِنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْكَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِكَ إِلَّا صَلَّيْتُ عَلَيْهِ عَشْرًا؟"(أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ)، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "أَتَانِي جِبْرِيلُ بِبِشَارَةٍ مِنْ رَبِّي، وَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكَ أُبَشِّرُكَ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِكَ يُصَلِّي عَلَيْكَ صَلَاةً، إِلَّا صَلَّى اللَّهُ وَمَلَائِكَتُهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا"(رَوَاهُ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ تَوَاتَرَ لَفْظُهُ)، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "مَن صَلَّى عَلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- وَاحِدَةً؛ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَمَلَائِكَتُهُ سَبْعِينَ صَلَاةً، فَلْيَقُلْ عَبْدٌ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لِيُكْثِرْ"(أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، بِسَنْدٍ حَسَنٍ)، وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً؛ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ، وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ، وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ"(أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ).

 

ثامنًا: وَمِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُصَلِّي عَلَيْهِمُ اللَّهُ الَّذِينَ يُسَلِّمُونَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-:

لِقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "وَلَا يُسَلِّمُ عَلَيْكَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِكَ؛ إِلَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ عَشْرًا"(أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بِسَنْدٍ صَحِيحٍ)، وَلِقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "أَمَا يُرْضِيكَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْكَ أَحَدٌ إِلَّا صَلَّيْتُ عَلَيْهِ عَشْرًا، وَلَا يُسَلِّمُ عَلَيْكَ أَحَدٌ إِلَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ عَشْرًا؟"(أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ بِسَنْدٍ صَحِيحٍ)، وَلِقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي وَبَشَّرَنِي، فَقَالَ إنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- يَقُولُ لَكَ: مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ، وَمَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَسَجَدْتُ لِلَّهِ -تَعَالَى- شَاكِرًا"(أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بِسَنْدٍ صَحِيحٍ).

 

وَسَلَامُ وَصَلَاةُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- تَعْظِيمٌ لَهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، وَالدُّعَاءُ لَهُ بِأَنْ يُصَلِّيَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَبِأَنْ يَرْفَعَ ذِكْرَهُ وَيُقَرِّبَهُ، وَيَبْعَثَهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي لَا يَكُونُ إِلَّا لِرَجُلٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-.

 

فَعَلَيْنَا -عِبَادَ اللَّهِ- أَنْ نُكْثِرَ مِنَ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، وَخَاصَّةً فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ؛ لِقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا"(أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ، وَهُوَ حَدِيثٌ لَا يَقِلُّ عَنِ الْحَسَنِ).

 

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الخُطْبَةُ الثانية:

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ -عِبَادَ اللَّهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

 

عِبَادَ اللهِ: اعْلَمُوا أَنَّ الْجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ؛ فَمَنْ طَلَبَ مِنَ اللهِ -تَعَالَى- الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، فَقَدْ طَلَبَ مِنْهُ الثَّنَاءَ عَلَى رَسُولِهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، فَجَزَاهُ اللهُ مِنْ جِنْسِ عَمَلِهِ بِأَنْ يُثْنِيَ عَلَيْهِ وَيَزِيدَ تَشْرِيفَهُ وَتَكْرِيمَهُ، فَيُضَاعِفَ اللهُ الْجَزَاءَ لِلْمُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- عَشْرَ مَرَّاتٍ.

 

وَالصَّلَاةُ مِنَ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِمْ فِي الْمَلَإِ الْأَعْلَى، وَرَحْمَتُهُ إِيَّاهُمْ، بِأَنَّهُ يَرْحَمُهُمْ رَحْمَةً بَعْدَ رَحْمَةٍ حَتَّى تَبْلُغَ رَحْمَتُهُ ذَلِكَ الْعَدَدَ، وَإِقْبَالُهُ عَلَيْهِمْ بِعَطْفِهِ، وَإِخْرَاجُهُمْ مِنْ ظُلْمَةٍ إِلَى رِفْعَةٍ وَنُورٍ، لِقَوْلِهِ -سُبْحَانَهُ-: (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)[الأحزاب: 43]، وَفِي الْحَدِيثِ الْقُدُسِيِّ قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: "أَنَا عِندَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُ"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

 

فَتَكُونُ بِذَلِكَ صَلَاةُ المُسْلِمِ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أَفْضَلَ مِنْ دُعَائِهِ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ اللهَ -سُبْحَانَهُ- هُوَ الَّذِي سَيُصَلِّي عَلَى عَبْدِهِ وَيَرْحَمُهُ.

 

اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتَيْهِمَا لِلْبَرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ احْفَظْهُمْ بِحِفْظِكَ وَأَحِطْهُم بِعِنَايَتِكَ، وَاجْعَلْهُم هُدَاةً مُهْتَدِينَ، غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ، وَأَصْلِحْ بِهِمَا الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ، وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، اللَّهُمَّ انْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا، وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا، اللَّهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ المُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَأَكْلَأْنَا بِرِعَايَتِكَ، وَاحْطِنَا بِعِنَايَتِكَ، اللَّهُمَّ يَسِّرْنَا لِلْيُسْرَى، وَجَنِّبْنَا الْعُسْرَى، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنَّا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَامْدُدْ عَلَيْنَا سِتْرَكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَأَصْلِحْ لَنَا النِّيَّةَ وَالذُّرِّيَّةَ وَالْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ، (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)[الفرقان: 74]، اللَّهُمَّ احْفَظِ الأَبْنَاءَ وَالْبَنَاتَ، وَاجْعَلْهُمْ قُرَّةَ أَعْيُنٍ لِآبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ، وَاحْفَظْهُمْ بِحِفْظِكَ وَأَحِطْهُمْ بِعِنَايَتِكَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا وَإِيَّاهُمْ مِنْ مُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمُؤَدِّي الزَّكَاةِ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

 

هَذَا، فَصَلُّوا -رَحِمَكُمُ اللَّهُ- عَلَى مَن أُمِرْتُمْ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، تَسْلِيمًا كَثِيرًا؛ (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56]، (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الصافات: 180 - 182]، أَلَا وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكُمْ، يَرْحَمْكُمُ اللَّهُ.

المرفقات

الذين يصلي عليهم الله –عزوجل-.doc

الذين يصلي عليهم الله –عزوجل-.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات