عناصر الخطبة
1/أهمية العلم بأسماء الله وصفاته 2/أشرف العلوم وأجلها 3/الثقة بالله والاعتماد عليه 4/معنى المستعان 5/الاستعانة بالله تعالى.اقتباس
الله الْمُسْتَعَانُ الذي يُطلب منه العون؛ فالله غنيٌّ عن الظهير والمُعين؛ وكل إعانةٍ وعونٍ؛ فمنه وحده؛ والمستعان وصفٌ يدل على صفةِ القوة لله -تعالى- في تحصيل المطلوب ودفع المكروه، وأن يُطلب من الله العون والقوة؛ على فعل الطاعات؛ وترك المحرمات، وجلب المنافع ودفع المضرات...
الخطبةُ الأولَى:
إنَّ الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله مِن شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلّ له، ومَن يُضْلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
إنَّ أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هديُ محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].
أما بعد: أيها المسلمون: العلم بأسماء الله وصفاته أشرف العلوم وأجلها على الإطلاق؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "كلما زاد الإنسان معرفة بأسماء الله وصفاته وآياته كان إيمانه به أكمل".
ومن هذه الصفات الجليلة "المستعان"، وهو الثقة بالله والاعتماد عليه؛ فالعبد محتاج إلى ما فيه خير له في دينه ودنياه، كفعل المأمورات وترك المحرمات والصبر في الحوادث والملمات؛ قال يعقوب -عليه السلام- عند فقد ابنه يوسف -عليه السلام-: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ)[يوسف: 18].
فالله -عز وجل- يُوصَفُ بأنَّه المُستعانُ، الذي يَستعِينُ به عِبادُه فيُعينُهم، وهذا ثابتٌ بالكِتابِ والسُّنَّةِ؛ قال تَعالَى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)[الفاتحة: 5]؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "تأملت أنفع الدعاء فإذا هو: سؤال العون على مرضاته، ثم رأيته في الفاتحة في: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)".
ومعنى المستعان: المطلوب منه العون، وفي حديث معاذِ بنِ جبلٍ -رضي الله عنه- مرفوعًا: "اللهمَّ أَعنِّي على ذِكرِكَ، وشُكرِكَ، وحُسْنِ عِبادَتِكَ"(رواه النسائي)، وفي حديث ابنِ عبَّاسٍ -رضي الله عنهما- مرفوعًا: "إذا سألتَ فاسألِ اللهَ، وإذا استعنتَ فاستعِنْ باللهِ"(رواه الترمذي).
فخص طلب الاستعانة به وحده -سبحانه-، فلا يُطلَب العون من غيره -عز وجل- لا ملك مقرب ولا نبي مرسل، ولا ميت ولا غائب، وأما طلب العون من الحي القادر؛ فلا بأس في ذلك.
ومعنى صفة الله الْمُسْتَعَانُ؛ أي الذي يُطلب منه العون؛ فالله غنيٌّ عن الظهير والمُعين؛ وكل إعانةٍ وعونٍ؛ فمنه وحده؛ والمستعان وصفٌ يدل على صفةِ القوة لله -تعالى- في تحصيل المطلوب ودفع المكروه، وأن يُطلب من الله العون والقوة؛ على فعل الطاعات؛ وترك المحرمات، وجلب المنافع ودفع المضرات؛ فالقوة له وحده -سبحانه-: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا)[الإسراء: 111]؛ فلا مشارك له في الملك؛ ولا في الخَلق ولا في الأمر.
وفقنا الله وإياكم لفعل الطاعات.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم...
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده؛ أما بعد:
أيها المؤمنون: وضح ابن القيم -رحمه الله- أن الاستعانة تجمع أصلين: الثقة بالله، والاعتماد عليه؛ فإنَّ العبد قد يثق بالواحد من الناس، ولا يعتمد عليه في أموره -مع ثقته به- لاستغنائه عنه.
والصنف الثاني: قد يعتمد عليه -مع عدم ثقته به- لحاجته إليه، ولعدم مَن يقوم مقامه، فيحتاج إلى اعتماده عليه، مع أنه غير واثقٍ به.
فعلِّق قلبك -عبد الله- بمولاك والتجئ إليه، مع تحرّي أوقات الإجابة؛ كالثلث الأخير من الليل وبين الأذان والإقامة، وآخر ساعة بعد العصر من يوم الجمعة.
وأعظم ما يدعو به المسلم ربه كما قال ابن رجب -رحمه الله-: "الفوز بالجنة والنجاة من النار"، واطلب منه كل ما ترجوه في أمور دينك ودنياك؛ فهو القادر وحده وهو -سبحانه- نعم المولى ونعم النصير.
أعاننا الله وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته.
وصلوا وسلموا على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم