عناصر الخطبة
1/كثرة نعم الله تعالى 2/أقسام نعم الله تعالى 3/وجوب شكر الله تعالى على نعمه 4/ثمرات الشكر وفوائده 5/ أداء مناسك الحج بيسر وسهولة 6/تنظيم الحج وخدمة حجاج بيت الله الحرام.اقتباس
فمن ثمرات الشكر: زيادة النعمة والبركةِ فيها.. وأما إذا لم نشكرِ الله على نعمه فإن هذه النعم تزول ولا تبقى، وربما صارت استدراجاً من الله لنا، وهذا من أخطر ما يكون أن يُستدرَج الله العبد بالنعم، وهو مقيمٌ على معاصيه حتى يأخذه أخذ عزيزٍ مقتدر.
الخُطْبَة الأُولَى:
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: عباد الله: إنَّ نِعمَ الله علينا عظيمةٌ كثيرة؛ قال -تعالى-: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)[النحل: 18].
ونِعمُ الله على عباده على قسمين: القسمُ الأول: نِعمٌ دينية، وأعظمها نعمة التوحيد والإسلام والسنة، ومن ذلك نعمةُ التوفيق للمحافظة على الصلاة والزكاة والصيام والحج، ونعمةُ التوفيق لترك المحرمات والابتعاد عنها، ونعمةُ تطبيق السنن والمحافظة عليها، ونعمة الإقبال على الخير ومحبته والميل له؛ كلُّ هذه -عبادَ الله- من النعمة الدينية العظيمة.
وأما القسم الثاني: فنعمٌ دنيوية وهي كثيرة جدًّا كنعمة الصحة ونعمة الطعام والشراب واللباس والأمن ونعمة الزوجة والولد.
وأعظمٌ القسمين هو القسم الأول وهي النعمة الدينية؛ لأنَّ الله لا يعطيها إلا مَن يُحِبّ.
والواجب علينا -عباد الله- شكر الله -سبحانه وتعالى- على هذه النعم، والشكر بالقلب بأن يعترف العبد بقلبه بأن النعمة من الله -سبحانه-، فلا يُعجَب بقدراته وعقله فالفضل كله لله.
ويكون الشكر باللسان بأن يثني على الله ويحمده -سبحانه وتعالى-.
ويكون بالجوارح بأن يستعملها في طاعة الله، ويستعمل هذه النعم فيما يُرضي الله، فلا يستعمل ماله في الحرام ولا يستعمل صحته في الحرام. وتأمل حال قدوتنا -عليه الصلاة والسلام- لمّا أكرمهُ الله بنعمة دينية عظيمةٍ وهي مغفرة الذنوب ماذا فعل؟ ففي صحيح مسلم عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إِذَا صَلَّى قَامَ حَتَّى تَفَطَّرَ رِجْلَاهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَتَصْنَعُ هَذَا، وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا».
وهذا الشكرُ -عبادَ الله- ثمراته عظيمةٌ:
فمن ثمرات الشكر: زيادة النعمة والبركةِ فيها؛ قال -تعالى-: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)[إبراهيم: 7]، وأما إذا لم نشكرِ الله على نعمه فإن هذه النعم تزول ولا تبقى، وربما صارت استدراجاً من الله لنا، وهذا من أخطر ما يكون أن يُستدرَج الله العبد بالنعم، وهو مقيمٌ على معاصيه حتى يأخذه أخذ عزيزٍ مقتدر.
ومن ثمرات الشكر -عبادَ الله- حصولُ رضى الله -سبحانه وتعالى- للشاكرين ففي الحديث يقول -عليه الصلاة والسلام-: «إِنَّ اللهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا».
ومن ثمرات الشكر: حصول الثناء من الله -سبحانه وتعالى-، والاتصاف بصفات عباد الله الصالحين وهم القِلة والصفوة؛ قال -تعالى- مادحاً نبيه نوح -عليه السلام-: (إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً)[الإسراء: 3]، وقال -تعالى-: (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)[سبأ: 13].
فاشكروا الله على نعمه الكثيرة، واحذروا من الكفر بها؛ فو الله ما كفَر أناسٌ بنعمة الله إلا زالت؛ قال –تعالى-: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)[الرعد: 11].
ولما ذكر الله قصةَ قومِ سبأ عندما لم يقوموا بشكر الله على نعمه، وكيف عاقبهم على ذلك قال في آخر قصتهم: (ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ)[سبأ: 17]؛ يعني: وهل نجازي بزوال النعم وحلول النِقم إلا الكفور بنعمنا؟!
أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجعلنا من الشاكرين لنعمه.
اللهم أعنا على ذِكْرك وشكرك وحسن عبادتك.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: عبادَ الله: إنَّ مِن نِعَم الله علينا ما يسَّره الله -سبحانه وتعالى- لحجاج بيت الله الحرام من أداء مناسك الحج بيسر وسهولة فالمؤمن يفرح بمثل ذلك؛ قال -تعالى-: (قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)[يونس: 58].
وهذه النعمةٌ العظيمةٌ فضلٌ من الله -سبحانه وتعالى-؛ قال -تعالى-: (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ)[النحل: 53].
فهو الذي وفَّق ولاة الأمر -حفظهم الله- وقوَّاهم وأعانهم على أداء هذا الواجبِ العظيم وهو خدمة حجاجِ بيت الله الحرام وتسخير الجهود لإنجاح أداء الحج بيسر وسهولة.
فهذه الدولة –السعودية، وفَّقها الله لكل خير- هي الأحق بتنظيم الحج وخدمة حجاج بيت الله الحرام لأمور كثيرة؛ منها خاصية المكان، فهم أهل المكان، وأهل المكان أعرف به، وبما يصلح لمن يأتيه، وهذا الخاصية لا توجد في الدول الأخرى.
وهذه الدولة تملك القوة المادية لتقوم بخدمة حجاج بيت الله الحرام؛ فالحج يحتاج إلى نفقاتٍ كثيرة لا أقول ملايين، بل مليارات؛ فكيف تستطيع دولة غارقة في ديونها ومشاكلها الاقتصادية أن تقوم بخدمة حجاج بيت الله الحرام.
ومن الأمور المهمة التي تُؤهّل هذه الدولة لتنظيم الحج وخدمة حجاج بيت الله الحرام أنها دولة سُنية فعقيدتها عقيدة أهل السنة والجماعة فهي ليست دولة رافضية أو دولة صوفية أو غير ذلك من العقائد الفاسدة، ومن أعظمِ ما يحتاج إليه الحجاج تعليمهم أمور دينهم خاصةً ما يتعلق بالعقيدة وأحكام المناسك فالحاجة ماسةٌ جداً.
ولنا أن نتخيل لو كانت الدولةُ القائمةُ على الحج دولةً رافضية أو صوفية، ماذا ستنشر بين الحجاج؟ ستنشر العقائد الفاسدة عن طريق دعاة الضلال والكتب والرسائل الضارة، فنحمد الله على أن القائمين على الحج هم أهلُ سُنةٍ وليس بدعة، والواجب أن نسأل الله لهم الإعانة والسداد.
عباد الله: من الأمور المهمة التي رأيناها في الحج: أهمية التنظيم والتزام الناس بذلك؛ فالفوضى لا يحصل بها إلا المشقة على حجاج بيت الله، وتأملوا حال النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يهتم بتنظيم الحج، ومن أمثلة ذلك لما أفاض من عرفة إلى مزدلفة، ومعه العدد الكبير كان يشير إلى الناس بيده ويقول: "السكينة السكينة"، يعني الزموا السكينة.
أسأل الله -سبحانه- أن يُوفّق ولاة أمرنا لكل خير، وأن يجعلهم من دعاة الخير وأنصاره، وأن يرزقهم البطانة الصالحة التي تعينهم على الخير وأن يبعد عنهم بطانة السوء.
وأسأل الله -سبحانه- أن يجزي كل مَن شارك في خدمة الحجاج من رجال الأمن، ومن رجال الصحة، ومن رجال الدعوة إلى الله، ومن كل القطاعات المشاركة خير الجزاء؛ فأجرهم عظيم إذا احتسبوا ذلك عند الله -سبحانه وتعالى-.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم