علاقة الملائكة بالمؤمنين

الشيخ د محمود بن أحمد الدوسري

2025-05-02 - 1446/11/04 2025-05-19 - 1446/11/21
التصنيفات: الإيمان
عناصر الخطبة
1/الإيمان بالملائكة أحد أركان الإيمان 2/علاقة الملائكة بالناس منذ بدء خلقهم 3/من مظاهر علاقة الملائكة بالمؤمنين

اقتباس

ويَدْعُونَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُمْ: قَالَ -تَعَالَى-: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ)...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

      

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَالْإِيمَانُ بِالْمَلَائِكَةِ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِيمَانِ، وَعَلَاقَتُهُمْ بِالْإِنْسَانِ عَلَاقَةٌ وَثِيقَةٌ؛ فَهُمْ يَقُومُونَ عَلَيْهِ عِنْدَ خَلْقِهِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَيُكَلَّفُونَ بِحِفْظِهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ إِلَى الْحَيَاةِ، وَيَأْتُونَهُ بِالْوَحْيِ مِنَ اللَّهِ -تَعَالَى-، وَيُرَاقِبُونَ أَعْمَالَهُ وَتَصَرُّفَاتِهِ، وَيَنْزِعُونَ رُوحَهُ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُ، وَهَذَا يُوحِي بِأَهَمِّيَّةِ الْإِنْسَانِ وَقِيمَتِهِ، فَكَيْفَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الَّذِينَ تُحِبُّهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَتُوَالِيهِمْ، وَتُدَافِعُ عَنْهُمْ، وَتَدْعُو لَهُمْ، وَتَشْهَدُ مَجَالِسَهُمْ، وَتُغِيثُهُمْ، وَتُبَشِّرُهُمْ، وَتُقَاتِلُ مَعَهُمْ، وَتَشْهَدُ جَنَائِزَهُمْ.

 

وَحَدِيثُنَا عَنْ عَلَاقَةِ الْمَلَائِكَةِ بِالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَمِنْ ذَلِكَ:

يَحِبُّونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبَّهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاء: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي أَهْلِ الأَرْضِ"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

 

ويُؤَيِّدُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ: عَنْ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَعَا لَهُ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

 

ويَدْعُونَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُمْ: قَالَ -تَعَالَى-: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ)[غَافِرٍ: 7]، وَقَالَ -تَعَالَى-: (وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ)[الشُّورَى: 5]، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الْمَلائِكَةُ يُصَلُّونَ عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ، يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ، مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

 

ويُؤَمِّنُونَ عَلَى دُعَاءِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ: وَبِذَلِكَ يَكُونُ الدُّعَاءُ أَقْرَبَ إِلَى الْإِجَابَةِ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ؛ إِلَّا قَالَ الْمَلَكُ: وَلَكَ بِمِثْلٍ"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ)، وَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ؛ فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

 

ويَشْهَدُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ، وَيُحِفُّونَ أَهْلَهَا بِأَجْنِحَتِهِمْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ لِلَّهِ مَلائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ، فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

 

ويَكْتُبُونَ أَعْمَالَهُمْ وَأَقْوَالَهُمُ الطَّيِّبَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَقَفَتِ الْمَلائِكَةُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ يَكْتُبُونَ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ طَوَوْا صُحُفَهُمْ، وَيَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ)، وَعَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ: "سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ"؛ قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: "مَنِ الْمُتَكَلِّمُ؟"؛ قَالَ: أَنَا؛ قَالَ: "رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ)، فَهَؤُلَاءِ الْكَتَبَةُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ غَيْرِ الْمَلَكَيْنِ اللَّذَيْنِ يُسَجِّلَانِ صَالِحَ أَعْمَالِهِ وَطَالِحَهَا؛ لِكَوْنِهِمْ بِضْعَةً وَثَلَاثِينَ مَلَكًا.

 

ويَرْفَعُونَ أَعْمَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ، وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ -وَهْوَ أَعْلَمُ بِهِمْ-: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ).

 

ويَتَنَزَّلُونَ عِنْدَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ: فَقَدْ كَانَتِ الْمَلائِكَةُ تَسْتَمِعُ لِأُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، وهُوَ يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فلما أَصْبَحَ؛ قَالَ له النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "تِلْكَ الْمَلائِكَةُ دَنَتْ لِصَوْتِكَ، وَلَوْ قَرَأْتَ لأَصْبَحَتْ يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْهَا، لَا تَتَوَارَى مِنْهُمْ"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

 

ويُبَلِّغُونَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أُمَّتِهِ السَّلَامَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ لِلَّهِ مَلائِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الأَرْضِ، يُبَلِّغُونِي مِنْ أُمَّتِي السَّلامَ"(صَحِيحٌ، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ).

 

ويُؤْنِسُونَهُمْ فِي الرُّؤْيَا الْمَنَامِيَّةِ: عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "رَأَيْتُكِ فِي الْمَنَامِ، يَجِيءُ بِكِ الْمَلَكُ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ -أَيْ: قِطْعَةٍ مِنْ جَيِّدِ الْحَرِيرِ- فَقَالَ لِي: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَكَشَفْتُ عَنْ وَجْهِكِ الثَّوْبَ؛ فَإِذَا أَنْتِ هِيَ، فَقُلْتُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

 

ويُقَاتِلُونَ مَعَهُمْ، وَيُثَبِّتُونَهُمْ فِي الْحُرُوبِ: فَقَدْ أَمَدَّ اللَّهُ -تَعَالَى- الْمُؤْمِنِينَ بِأَعْدَادٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فِي مَعْرَكَةِ بَدْرٍ: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ)[الْأَنْفَالِ: 9]، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ - يَوْمَ بَدْرٍ: "هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ، عَلَيْهِ أَدَاةُ الْحَرْبِ"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ)، وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ -تَعَالَى- الْحِكْمَةَ وَالْغَايَةَ مِنْ هَذَا الْإِمْدَادِ: (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ)[آلِ عِمْرَانَ: 126].

 

ويَحْمُونَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَمَّا أَتَى أَبُو جَهْلٍ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يُصَلِّي؛ زَعَمَ لَيَطَأُ عَلَى رَقَبَتِهِ، فَمَا فَجَأَهُمْ مِنْهُ إِلَّا وَهُوَ يَنْكُصُ عَلَى عَقِبَيْهِ، وَيَتَّقِي بِيَدَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا لَكَ؟! فَقَالَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِنْ نَارٍ، وَهَوْلًا وَأَجْنِحَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَوْ دَنَا مِنِّي؛ لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

 

 

الخطبة الثانية:

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ...

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَمِنْ عَلَاقَةِ الْمَلَائِكَةِ بِالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ:

يُغِيثُونَ صَالِحِيهِمْ: عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-؛ أَنَّ جِبْرِيلَ لَمَّا رَكَضَ -أَيْ: ضَرَبَ- زَمْزَمَ بِعَقِبِهِ، جَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تَجْمَعُ الْبَطْحَاءَ -أَيِ: التُّرَابَ اللَّيِّنَ وَدُقَاقَ الْحَصَى-، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "رَحِمَ اللَّهُ هَاجَرَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، لَوْ تَرَكَتْهَا لَكَانَتْ مَاءً مَعِينًا"(صَحِيحٌ، رَوَاهُ أَحْمَدُ)، أَيْ: جَارِيًا سَائِلًا.

 

ويُظِلُّونَ الشَّهِيدَ بِالْأَجْنِحَةِ: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: جِيءَ بِأَبِي إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ -أي: شُوِّهَ- وَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَذَهَبْتُ أَكْشِفُ عَنْ وَجْهِهِ، فَنَهَانِي قَوْمِي، فَسَمِعَ صَوْتَ صَائِحَةٍ، فَقَالَ: "لِمَ تَبْكِي؟ أَوْ لَا تَبْكِي، مَا زَالَتِ الْمَلائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

 

ويَحْمُونَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ مِنَ الدَّجَّالِ: فَفِي قِصَّةِ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ: أَنَّ الدَّجَّالَ قَالَ: "إِنِّي أَنَا الْمَسِيحُ ‌الدَّجَّالُ، وَإِنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الْخُرُوجِ، فَأَخْرُجَ فَأَسِيرَ فِي الأَرْضِ، فَلَا أَدَعُ قَرْيَةً إِلَّا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ؛ فَهُمَا مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا، كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً، أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمَا؛ اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا، يَصُدُّنِي عَنْهَا، وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلائِكَةً يَحْرُسُونَهَا"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

 

ويَصْحَبُونَ الْأَنْبِيَاءَ وَالصَّالِحِينَ: لَمَّا ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الدَّجَّالَ؛ قَالَ: "فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ، وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

 

ويَبْسُطُونَ أَجْنِحَتَهُمْ تَأْيِيدًا لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ: عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا، حِينَ قَالَ: "طُوبَى لِلشَّامِ، طُوبَى لِلشَّامِ"، قُلْتُ: مَا بَالُ الشَّامِ؟ قَالَ: "الْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَجْنِحَتِهَا عَلَى الشَّامِ"(صَحِيحٌ، رَوَاهُ أَحْمَدُ).

 

ويُوَافِقُونَ الْمُصَلِّينَ فِي التَّأْمِينِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ فَأَمِّنُوا، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلائِكَةِ؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ)، وَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا قَالَ أَحَدُكُمْ: آمِينَ، وَقَالَتِ الْمَلائِكَةُ فِي السَّمَاءِ: آمِينَ، فَوَافَقَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

 

ويُبَشِّرُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ: فَقَدْ بَشَّرَتِ الْمَلَائِكَةُ زَكَرِيَّا بِيَحْيَى -عَلَيْهِمُ السَّلَامُ-: (فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى)[آلِ عِمْرَانَ: 39]، وَقَدْ أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ؛ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلامَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لَا صَخَبَ فِيهِ، وَلَا نَصَبَ"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ)، وَلَمَّا زَارَ رَجُلٌ أَخًا لَهُ -أَحَبَّهُ فِي اللَّهِ- فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى؛ أَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى طَرِيقِهِ مَلَكًا، فَقَالَ لَهُ: "إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ، بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ؛ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

 

ويَشْهَدُونَ جِنَازَةَ الصَّالِحِينَ وَالصَّالِحَاتِ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: "هَذَا الَّذِي تَحَرَّكَ لَهُ الْعَرْشُ، وَفُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَشَهِدَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلائِكَةِ"(صَحِيحٌ، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ).

المرفقات

علاقة الملائكة بالمؤمنين.doc

علاقة الملائكة بالمؤمنين.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات