عناصر الخطبة
1/فضائل إطعام الطعام 2/مطعم الطعام من خيرة الناس 3/أجر إطعام الطعام مضاعف 4/إجابة الدعوة 5/قبول الهدية وإن كانت قليلة.اقتباس
إطعام الطعام باب من أبواب الخير حثّ عليه الإسلام... فلْيحرص المسلم على الإطعام؛ لما فيها من الألفة والمحبة؛ فالداعي للطعام نبيل الأخلاق، سخي النفس؛ وعلى المدعو أن يجيب الدعوة فهي واجبة، وحق من حقوق المسلمين فيما بينهم...
الخطبةُ الأولَى:
إنَّ الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله مِن شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلّ له، ومَن يُضْلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
إنَّ أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هديُ محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71]؛ أما بعد:
أيها المسلمون: إطعام الطعام من أعظم القربات، وأفضل الطاعات التي حثّ عليها الإسلام، به قوام الأبدان، والقوة على أداء العبادة، وجلب المحبة ولَمّ الشمل، والتآلف والتعارف، وهو من خير خصال الإسلام لما فيه من وصلة القريب وإكرام الضيف، ودفع الحاجة عن الفقير.
وإطعام الطعام موجب لدخول الجنة، والبعد من النار؛ قال -تعالى-: (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ)[البلد: 11- 16].
وإطعامُ الطعام يكون مقصده ابتغاءَ وجهِ الله -تعالى-؛ فقد سُئل النبي -صلى الله عليه وسلم-: أي الإسلام خير؟ فقال: "تطعم الطعام"(رواه البخاري)؛ يريد أيّ خصال الإسلام خير، أو أراد أي الأفعال في الإسلام أكثر أجرًا.
ومطعم الطعام من خيرة الناس؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "خِيَارُكُمْ مَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ وَرَدَّ السَّلامَ"(رواه أحمد)، والجمع بين الإطعام والسلام؛ لاجتماعهما في استلزام المحبة والألفة وبين القول والفعل، وهما أكمل الإحسان؛ قال -صلى الله عليه وآله وسلم-: "يا أيها الناس، أفشُوا السلام وأطعموا الطعام، وصِلوا الأرحام، وصَلُّوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام"(رواه ابن ماجه).
وفي المسند عن عمرو بن عبسة، أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- ما الإسلام؟ قال: "لين الكلام وإطعام الطعام"، ومراده: الإسلام التام الكامل، وهذه الدرجة في الإسلام لها فضل مزية، ورغَّب النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك؛ فقال: "أطعموا الطعام وأطيبوا الكلام"(رواه الطبراني وصححه الألباني).
أيها الإخوة: وأحب الناس إلى الله مَن أطعم الطعام؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أحب الناس إلى الله -تعالى- أنفعُهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله -عز وجل- سرور تُدخله على مسلم، أو تَكشف عنه كُربة، أو تَقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا"(أخرجه الطبراني)، وفي رواية البيهقي؛ "أو تطعمه خبزًا".
وأجر إطعام الطعام مُضاعَف؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "حتى إِنَّ التَّمْرَةَ أَوِ اللُّقْمَةَ لَتَكُونَ أَعْظَمَ مِنْ أُحُدٍ"(رواه الترمذي).
وفقنا الله وإياكم لفعل الطاعات
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم...
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده؛ أما بعد:
معشر المسلمين: إطعام الطعام باب من أبواب الخير حثّ عليه الإسلام، يشمل الضيف سواء كان غنيًا أو فقيرًا دون تفريق، وعلى الداعي أن يزن الإطعام بميزان لا تكلفة فيه ولا إسراف؛ فالقليل يبارك الله فيه؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفى الأربعة، وطعام الأربعة يكفى الثمانية"(رواه مسلم).
قال النووي -رحمه الله-: "فيه الحثّ على المواساة في الطعام، وأنه وإن كان قليلاً حصلت منه الكفاية المقصودة، ووقعت فيه بركة تعمّ الحاضرين عليه" والله أعلم. وقال العيني -رحمه الله-: "اجتماع الجماعة على الطعام مقتض لحصول البركة فيه". وعليه فكلما زاد الجمع زادت البركة.
فلْيحرص المسلم على الإطعام؛ لما فيها من الألفة والمحبة؛ فالداعي للطعام نبيل الأخلاق، سخي النفس؛ وعلى المدعو أن يجيب الدعوة فهي واجبة، وحق من حقوق المسلمين فيما بينهم؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "حق المسلم على المسلم خمس"، وذكر منها: "إجابة الدعوة".
وعلى الضيف أن يجيب الدعوة مهما كان مُقدّم فيها؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لو دُعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت، ولو أُهدي إليَّ ذراع أو كراع لقبلت"(رواه البخاري)؛ قال الإمام العيني -رحمه الله-: "وفي هذا الحديث دليل على حُسن خُلقه وتواضعه وجبره لقلوب الناس".
وعلى الإنسان قبول الهدية وإن كانت قليلة، وإجابة مَن يدعو الرجل إلى منزله ولو أعلم أن الذي يدعوه إليه قليل؛ قال المهلب: "لا باعث على الدعوة إلى الطعام إلا صدق المحبة وسرور الداعي بأكل المدعو من طعامه، والتحبب إليه بالمواكلة وتوكيد الذمام معه بها؛ فلذلك حض النبي -عليه الصلاة والسلام- على الإجابة ولو كان المدعو إليه نزرًا".
جعلنا الله وإياكم ممن أكرم وأكرم في الدارين.
وصلوا وسلموا على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم