وصايا بالعدل ونبذ الظلم

يوسف بن عبد الوهاب أبو سنينه

2025-09-19 - 1447/03/27 2025-09-21 - 1447/03/29
عناصر الخطبة
1/التحذير من الظلم والميل للظالمين 2/عبر وعظات من تقلبات الدهر 3/الحث على الصبر والاحتساب عند كل بلاء

اقتباس

وأنتَ -أيها المسلمُ- توسَّدِ الموتَ إذا نمتَ، واجعَلْه نُصبَ عينيكَ إذا قمتَ، الزهدُ في الدنيا هو الصبرُ، وارتقابُ الموت، فسبحان الحيِّ الذي لا يموت، ورحمَ الله عبدًا زَهِدَ في الفانِي، وعَمِلَ لِمَا بعدَه، ونظرَ إلى هذه الديار بعينِ الاعتبارِ...

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله الذي حبَّب إلينا الإيمانَ وزيَّنَه في قلوبِنا، وكرَّه إلينا الكفرَ والفسوقَ والعصيانَ، وجعلَنا من أهلِ هذه الأرضِ المُبارَكةِ المُقدَّسةِ، والتي بارَك فيها للعالمينَ، وأسكنَ فيها الأنبياءَ والمرسلينَ والأولياءَ المُخلِصينَ، وحفَّها بالملائكة المُقرَّبينَ، وجعلَها في كفالتِه إلى يوم الدين، وجَعَلَ أهلَها على الحقِّ ظاهرينَ، وبالعدل متمسكينَ ومُعتصمينَ، ونشهد أَنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، منَّ علينا بالإسلام، وهدانا للإيمان، ويسَّرَ لنا سُبُلَ الخيرِ والمحبةِ والوئامِ، وجعلَ أرضَنا المُقدَّسةَ مهوَى أفئِدَة المؤمنينَ في مشارِق الأرضِ ومغاربِها، فيا طوبَى مَنْ تقرَّب فيها بالقُرُباتِ، والأعمالِ الصالحاتِ، والخيراتِ والمبرَّاتِ، ويا فوزَ ويا سعدَ أهلِها في آخِرِ الزمانِ، كيف لا وهُمْ بالقضاءِ رَاضُونَ، وفي الرخاءِ شاكرونَ، وفي البلاءِ صابرونَ؟!

 

ونشهد أن سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، إمامُ الهُدى، وعلَمُ التُّقَى، وسيِّدُ العربِ والعجَمِ، البشيرُ النذيرُ، بَذَلَ نفسَه في محبَّةِ ربِّه وإرشادِ أُمَّتِه.

 

أليس هو الصادق الأمين؟! أليس هو صاحب العدالة الكُبرى؟! ألم يُربِّ أصحابَه على العدل وعدم الظلم ونُصرة الضعيف؟! بلى، لقد كانوا أئمةً يُقتدى بهم، فيهم العلمُ والحِلمُ والحكمُ، اتَّبَعوا رسولَنا -عليه الصلاة والسلام- على منهاجه، فأنفاسُهم محفوظةٌ، وأذكارُهم مشكورةٌ ومشهورةٌ، وآثارُهم متبُوعةٌ، ومواعِظُهم زاجِرةٌ، ومواقِفُهم حازِمةٌ.

 

وارضَ اللهمَّ عن آلِ بيتِ رسولِ اللهِ الطيبينَ، وأصحابِه المُكْرَمِينَ، وارضَ عَنَّا معهم برحمتِك وعفوِك وإحسانِك يا ربَّ العالمينَ. أما بعدُ، فيا عبادَ اللهِ: يقول المولى -تبارك وتعالى-: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى)[النَّحْلِ: 90]، ويقول -جل جلاله-: (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى)[الْأَنْعَامِ: 152]، ويقول: (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)[الْمَائِدَةِ: 8]، فَمَنْ عَدَلَ في حُكمه، وكفَّ عن ظُلمه، نصرَه الحقُّ وأطاعَه الخَلْقُ، وصفَت له النُّعْمَى، وأقبلَت عليه الدنيا، فتهنَّأ بالعيش واستغنَى عن الجيش، ومَلَكَ القلوبَ، وأمِنَ الحروبَ، وصارت طاعتُه فرضًا، وظلَّت رعيتُه جُندًا؛ لأنَّ اللهَ -تعالى- ما خَلَقَ شيئًا أحلى مذاقًا من العدل، ولا أروحَ إلى القلوب من الإنصاف، ولا أمرَّ من الجور، ولا أشنعَ من الظلم، إن الظلمَ والمُعينَ الظلمِ، والمُحبَّ له سواء.

 

وحقِّ اللهِ إنَّ الظلمَ لُؤْمٌ *** وإنَّ الظلمَ مرتَعه وخيمُ

إلى ديَّانِ يومِ الدينِ نمضِي *** وعندَ اللهِ تجتمِعُ الخصومُ

 

فيا أيها المسلمُ: لا تنظُرْ إلى الظلمَةِ؛ فإنَّ النظرَ إليهم ظُلْمٌ، ولا تَسمَعْ كلامَهم، فإنَّ كلامَهم قسوةٌ، ولا تُعامِلْهُمْ؛ فإنَّ معاملتَهم خُسرانٌ وحسرةٌ ووحشةٌ.

 

ولا تَسكُنْ إليهم؛ فإنَّ السكونَ إليهم هلَكَةٌ، يا هذا، أتنظرُ إلى الظالمين وتسمعُ كلامَ الجاهلين، وتُعامِل البطَّالين وتسكُن إلى الهالكين، وتريدُ أن تجِدَ حلاوةَ الطاعة وقلبُك مع غيرِ اللهِ! هيهاتَ هيهاتَ! هذا لا يكونُ أبدًا.

 

عبادَ اللهِ: لقد انتشَرَ الظلمُ اليومَ وظهرَ الفسادُ في البرِّ والبحرِ، فأين أصحابُ العدالة؟ أين القائمون بالقسط من الناس؟! أين أصحابُ المسؤوليَّة؟! والذين سوف يقِفون بين يَدَيِ المولى -تبارك وتعالى-، وسوف يُسألون عن الصغيرة والكبيرة، حتى يقولوا: (مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا)[الْكَهْفِ: 49]؟ أتدرون -أيها المؤمنون- ما الصغيرة؟ هي التبسُّم، والكبيرةُ هي الضَّحِكُ، سيُسألُ الإنسانُ عن هذا كلّه.

 

عبادَ اللهِ: دخلَ الإمامُ العارِفُ بالله يزيدُ الرقاشيُّ على أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، فقال له الأميرُ والخليفةُ: "يا إمام، عِظني"، فقال: "أنتَ أولُ خليفةٍ تموتُ يا أميرَ المؤمنين"، قال: "زِدني"، قال: "لم يبقَ أحدٌ من آبائِك مِنْ لدُن آدمَ إلى أن بلَغَتِ النوبةُ إليكَ، إلَّا وقد ذاقَ الموتَ"، قال: "زِدني"، ليس بينَ الجنةِ وبينَ النارِ منزلٌ، والحقُّ -تبارك وتعالى- يقول: (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ)[الِانْفِطَارِ: 13-14]، وأنتَ أبصَرُ ببرِّكَ وفُجورِكَ"، فبكَى الخليفةُ حتى سقطَ عن سريره.

 

عبادَ اللهِ: إنَّ المُقسِطينَ عندَ اللهِ على منابرَ من نورٍ يومَ القيامةِ عن يمين الرحمن، مَلِكٌ عادلٌ خيرٌ من مطرٍ وابلٍ، ومَنْ كَثُرَ ظلمُه واعتداءُه قَرُبَ هلاكُه وفناؤُه. أتدرون مَنْ خيرُ الحُكَّامِ؟ خيرُ الحُكَّامِ مَنْ كفَى وكفَّ، وعفَا وعفَّ.

 

أيها المسلمُ: لا تثق بالدولة، فإنَّها ظل زائل، ولا تعتمد على النعمة، فإنَّها ضيف راحل، الدنيا لا تصفُو لشارِبٍ، ولا تفِي لصاحِبٍ، وهكذا الدنيا طُبِعت على هذا الشأن؛ مَنْ سرَّه زمانٌ ساءتْه أزمانٌ، وللعاقل في تقلُّبات الأيام عِبَرٌ ما شُوهِدَ منها وما غَبَر، وتيقَّنُوا أنَّ كلَّ محنةٍ إلى زوالٍ، وكلَّ نعمة إلى انتقال.

 

فيا أيها المسلمُ: إياك ثم إياك والوقوعَ في المعاصِي؛ فإنَّ مَنْ تعدَّى حُدودَ الله فهو ظالمٌ، والظالمُ لا يكونُ إمامًا، ومَنْ تَرَكَ المعاصِيَ وصبرَ على ما ابتلاهُ اللهُ، وأيقَنَ بوعدِ اللهِ ووعيدِه، فهو الإمام، وإِنْ قلَّتْ أتباعُه، وقد ورَد في الأثر: أنَّ موسى -عليه السلام- لَمَّا رعَى الغنم لم يضرب واحدةً بعصاه منهنَّ، ولا جوَّعَها، ولا آذَاها، فَلَمَّا عَلِمَ اللهُ -تعالى- قوَّةَ شفقتِه على غنمِه، بعثَه نبيًّا، وجعلَه كليمًا وراعيًا لقومِه، وناجَاه، فمن أعزَّ الخلقَ وأشفقَ عليهم ترقَّى إلى مراتبِ الرجالِ، وأنتَ -أيها المسلمُ- توسَّدِ الموتَ إذا نمتَ، واجعَلْه نُصبَ عينيكَ إذا قمتَ، الزهدُ في الدنيا هو الصبرُ، وارتقابُ الموت، فسبحان الحيِّ الذي لا يموت، ورحمَ الله عبدًا زَهِدَ في الفانِي، وعَمِلَ لِمَا بعدَه ونظرَ إلى هذه الديار بعينِ الاعتبارِ.

 

نسألُه التوفيقَ والقناعَة، وحُسنَ الخاتمَة، ومن سيِّد الخلق الشفاعةَ، كان الله لكم، ولَطُفَ بكم، وسَلَكَ بكم سبيلَ أوليائِه، وبهَّاكم بين خلقِه وأصفِيائِه، ونَزَعَ اللهُ عن قلوبِنا حِجابَ الغفلةِ والغُرورِ، وحمَانَا من مشابَهةِ كل ظلومٍ وكفورٍ، وحبَّب إلينا لقاءَه، ورزقَنا ما رزقَ أولياءَه وأحبَّاءَه، بمنِّه وكرمِه وعفوِه وإحسانِه.

 

وقد ورَدَ عن أنسِ بنِ مالكٍ -رضي الله عنه- قال: "سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: التائِبُ مِنَ الذنبِ كمن لا ذنبَ له، وإذا أحبَّ الله عبدًا لم يضرُّه ذنبٌ"، ثم تلا قولَ الله -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)[الْبَقَرَةِ: 222]، قيل: "يا رسولَ الله، وما علامةُ التوبة؟ قال: الندامةُ".

 

فنسألُ اللهَ -تبارك وتعالى- أن يرحمَنا في أرضنا المُبارَكة، وأن يرحمَ أهلَنا في كل مكان، وفي هذا المكان، وأن يستُرَ لنا العيوبَ، وأن يُبَيِّنَ لنا الدُّروبَ، وأن يُفرِّجَ الكُرُوبَ، وأن يجعلَنا وإيَّاكم من عبادِه الصالحين، توجَّهوا إلى المولَى الكريم، وادعُوا الله وأنتم مُوقِنون بالإجابة، فيا فوزَ المُستغفِرين، استغفِروا الله.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ لله الذي أنعمَ علينا بتوفيقِه، وأرشَدَنا إلى سواءِ طريقِه، وأذاقَنا حلاوةَ التفقُّه في دينِه، وتمامِ تحقيقِه، ونشهد أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، المُنعِمُ بلطائفِ الإنعامِ، وعظيمِه ودقيقِه، ونشهد أنَّ سيِّدَنا ومولانا وسنَدَنا محمدًا -عليه الصلاة والسلام-، الهادي إلى الخيرِ الكاملِ، والجبرِ الشامِلِ، فأصبحَ كلُّ واحدٍ مغمورًا في بحرِ فضلِه وجُودِه، محفوظًا من كيدِ الشيطان وجُنودِه، وعلى آلِه الأطهارِ، وصحابته الأخيار، السالِكينَ مسالِكَ الأبرار، وارضَ عنَّا معَهم برحمتِكَ يا مَنْ علَّمتَ آدمَ الأسماءَ.

 

أما بعدُ، فيا أيها المسلمُ: أصحَبَك اللهُ اللُّطفَ الجميلَ، وكان لكَ صاحبًا في المقامِ والرحيلِ، وهدانا وإياك إلى سواءِ السبيل.

 

إذا ضيَّقَ اللهُ عليكَ في المعيشة، فاعلم أنَّه يريدُ أن يُوالِيكَ، فاثبت ولا تضجر.

 

إياك والسخط، إياك والغضب، وتذكَّرْ -دائمًا-: إذا أحب َّ الله عبدًا ابتَلاه، فإن صبرَ اجتَباه، وإن رضِيَ اصطفاه، من صبرَ على البلاء ورضِيَ بالقضاء، فقد كمُلَ أمرُه، ونحنُ نسألُ الله -عز وجل- أن يجعلَنا وإيَّاكم من أهل الرِّضا، والسيرِ على خُطى المُصطفى في رِضاه، وتحمُّله، وصبرِه.

 

فالصبرُ -يا عباد الله- هو الوقوفُ عند البلاء، وتركُ الشكوى عند هُجوم البلوى؛ فَمَنْ تمَّ بلاؤُه صحَّ ولاؤُه.

 

وقد خاطَبَ المولى -تبارك وتعالى- نبيَّنا -عليه الصلاة والسلام- بقوله: (وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى)[الضُّحَى: 8]، أفترَاه أغنَاه بالمال؟! كَلَّا، وقد شدَّ الحجرَ على بطنِه من شدَّة الجُوع، وأطعمَ الجيشَ كلَّه مِنْ صاعٍ، وخرجَ من مكة على قدمَيه، ليس معه شيءٌ يأكلُه ذو كبدٍ إلا شيءٌ يُواريه إبطُ بلالٍ -رضي الله عنه-.

 

وتذكَّروا -يا عباد الله- أنَّه -صلى الله عليه وسلم- توفيَ وهو يقول: "ما زالت أكلةُ خيبر تعاوِدني، فالآن قد قطَعَت أبهري"، وأمَّا أبو بكر -رضي الله عنه- خليفتُه الأكبر، ماتَ مسمومًا، والفاروقُ مطعونًا، وعُثمان مذبوحًا، وهو يقرأُ قولَ الله -تبارك وتعالى-: (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ)[الْبَقَرَةِ: 137]، وأمَّا عليٌّ فأنتم تعرفون أنَّه ماتَ مقتولًا، فالصبرَ الصبرَ -يا عباد الله-، قال الحقُّ -جل وعلا-: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ)[السَّجْدَةِ: 24]، ونحن نرجُو من الكريم المُتعال صلاحَ الأحوال، وانقِشاعَ الهموم، وصلاحَ العُموم، إنه على كل شيءٍ قدير.

 

اللهمَّ بحُرمةِ سيِّد الأنام، يسِّرْ لنا حُسنَ الخِتامِ، واصرِفْ عَنَّا سُوءَ القضاءِ، وانظُر إلينا بعينِ الرِّضا.

 

اللهمَّ فرِّج كربَنا، وارحَمْ ضعفَنا، واجبُر كسرَنا، وتولَّ أمرَنا، وكُنْ معنا برحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ، ارحم موتانا، واشفِ جرحانا، وداوِ مرضانا، واحفَظ لنا أقصانا، يا ربَّ العالمينَ.

 

اللهمَّ طهِّرْنا بصلواتِكَ الطيباتِ، وزكِّنا بتحيَّاتِكَ المُباركاتِ، وطيِّبْنا للموتِ، وطيِّبه لنا، واجعَلْ فيه راحةَ قلوبِنا بروحِكَ، وحياةَ أرواحِنا بمعرِفتِكَ ومُشاهدتِكَ، فإنَّكَ أنتَ الفتاحُ الكريمُ العليمُ.

 

عبادَ اللهِ: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النَّحْلِ: 90]، فاذكروا اللهَ الجليلَ يذكُركم، واشكُرُوه على نعمِه يزِدُكم، ولَذِكرُ اللهِ أكبرُ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.

 

 

المرفقات

وصايا بالعدل ونبذ الظلم.doc

وصايا بالعدل ونبذ الظلم.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات