أعظم الفتن فتنة المسيح الدجّال

حسين بن حمزة حسين
1446/07/12 - 2025/01/12 15:01PM
إخوة الإيمان: أعظم فتنةٍ وبليّة، أحدُ أشراطِ الساعةِ الكبرى، حذرّ النبي صلى الله عليه وسلم منها أمته، بل وحذّر منها جميع الأنبياء أممهم، فتنةَ المسيحَ الدجال، فتنةٌ يكثر فيها الكفر والردة وخروجُ الناس من دين الله، لا يثبت على دين الله فيها إلا القليل، نسأل الله السلامة، وهي واقعةٌ لا محالة، روى ابن ماجة وصححه الألباني أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال( يا أَيُّها الناسُ ! إنها لم تكن فتنةٌ على وجهِ الأرضِ، منذُ ذَرَأَ اللهُ ذُرِّيَّةَ آدمَ أَعْظَمَ من فتنةِ الدَّجَّالِ، وإنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ لم يَبْعَثْ نبيًّا إلا حَذَّرَ أُمَّتَه الدَّجَّالَ، وأنا آخِرُ الأنبياءِ، وأنتم آخِرُ الأُمَمِ، وهو خارجٌ فيكم لا مَحالةَ، فإن يخرجْ وأنا بين أَظْهُرِكم، فأنا حَجِيجٌ لكلِّ مسلمٍ، وإن يخرجْ من بَعْدِي، فكلٌّ حَجِيجُ نفسِه، واللهُ خَلِيفَتِي على كلِّ مسلمٍ، وإنه يخرجُ من خُلَّةٍ بين الشامِ والعراقِ. فيَعِيثُ يمينًا وشمالًا، يا عبادَ اللهِ! أَيُّها الناسُ! فاثبُتوا فإني سأَصِفُه لكم صفةً لم يَصِفْها إياه قبلي نبيٌّ ، إنه يبدأ فيقول أنا نبي، فلا نبيّ بعدي ، ثم يثني يقولُ : أنا ربُّكم ، ولا تَرَوْنَ ربَّكم حتى تَمُوتُوا ، وإنه أَعْوَرُ ، وإنَّ ربَّكم ليس بأَعْوَرَ ، وإنه مكتوبٌ بين عَيْنَيْهِ : كافرٌ ، يقرؤُه كلُّ مؤمنٍ ، كاتِبٌ أو غيرُ كاتِبٍ .) ، وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يَخرُجُ الدَّجَّالُ في خَفْقةٍ(أي قلّة) مِن الدِّينِ، وإدْبارٍ مِن العِلمِ، فلَه أرْبعونَ لَيلةً يَسيحُها في الأرضِ، اليومُ منها كالسَّنةِ، واليومُ منها كالشَّهرِ، واليومُ منها كالجُمُعةِ، ثُمَّ سائِرُ أيَّامِه كأيَّامِكُم هذه، وله حِمارٌ يَركَبُه عَرضُ ما بَينَ أُذُنَيه أرْبعونَ ذِراعًا، فيقولُ للنَّاسُ: أنا رَبُّكُم، وهو أعْوَرُ، وإنَّ ربَّكُم ليس بِأعْوَرَ، مَكتوبٌ بَينَ عَينَيهِ كافِرٌ -ك ف ر مُهَجَّاةٌ- يَقرَؤُه كلُّ مُؤمِنٍ كاتِبٍ، وغَيرِ كاتِبٍ، يَرِدُ كلَّ ماءٍ ومَنهَلٍ إلَّا المدينةَ ومكَّةَ، حرَّمَهُما اللهُ عليه، وقامَتِ الملائِكةُ بِأبْوابِها، ومعه جِبالٌ مِن خُبزٍ، والنَّاسُ في جَهْدٍ إلَّا مَن تَبِعَه، ومعه نَهرانِ أنا أعْلَمُ بهما منه، نَهرٌ يقولُ: الجَنَّةُ، ونَهرٌ يقولُ: النَّارُ، فمَن أُدخِلَ الذي يُسَمِّيه الجَنَّةَ، فهو النَّارُ، ومَن أُدخِلَ الذي يُسَمِّيه النَّارَ، فهو الجَنَّةُ، قال: ويَبعَثُ اللهُ معه شياطينَ تُكَلِّمُ النَّاسَ، ومعه فِتْنةٌ عَظيمةٌ، يَأمُرُ السماءَ فتُمطِرُ فيما يَرى النَّاسُ، ويَقتُلُ نَفسًا ثُمَّ يُحييها فيما يَرى النَّاسُ، لا يُسَلَّطُ على غَيرِها مِن النَّاسِ، ويقولُ: أيُّها النَّاسُ: هل يَفعَلُ مِثلَ هذا إلَّا الربُّ، قال: فيَفِرُّ المُسلِمون إلى جَبَلِ الدُّخانِ بالشامِ فيَأتيهِم، فيُحاصِرُهم، فيَشتَدُّ حِصارُهم ويُجهِدُهُم جَهْدًا شَديدًا، ثُمَّ يَنزِلُ عيسى ابنُ مَريَمَ فيُنادي مِن السَّحَرِ، فيقولُ: يا أيُّها النَّاسُ، ما يَمنَعُكُم أنْ تَخرُجوا إلى الكَذَّابِ الخَبيثِ؟ فيقولونَ: هذا رَجُلٌ جِنِّيٌّ، فيَنطَلِقون فإذا هُم بعيسى ابنِ مَريَمَ، فتُقامُ الصلاةُ، فيُقالُ له: تَقدَّمْ يا رُوحَ اللهِ، فيقولُ: لِيتقَدَّمْ إمامُكُم فلْيُصَلِّ بِكُم، فإذا صلَّى صلاةَ الصبحِ خَرَجوا إليه، قال: فحينَ يَرى الكَذَّابُ يَنْماثُ كما يَنْماثُ المِلْحُ في الماءِ، فيَمْشي إليه، فيَقتُلُه حتى إنَّ الشَّجَرةَ والحَجَرَ يُنادي: يا رُوحَ اللهِ، هذا يَهوديٌّ، فلا يَترُكُ ممَّن كان يَتبَعُه أحَدًا إلَّا قَتَلَه) رواه أحمد وقال الشيخ المحدّث الأرنؤوط صحيح على شرط مسلم، إخوة الإيمان : يَخرُجُ الدَّجَّالُ الكَذَّابُ في آخِرِ الزَّمانِ، يَدَّعي الأُلوهيَّةَ والربوبيّة، يؤيّده الله تعالى بكثرة الأتباع والخوارق والمعجزات ومن أعظمها السحر امتحاناً للناس وابتلاءً تمهيداً لقيام الساعة، ليميز الله الخبيث من الطيّب، في زمن يضعف فيه دين الناس، ويظهر الباطل، ويفشو الشر، ويقلّ العلم، حيث يَنزِعُ اللهُ العِلْمَ بمَوتِ العُلَماءِ، يخرج الدجّال من جهة المشرق، قال صلى الله عليه وسلم ( يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِن يَهودِ أصبَهانَ سَبعونَ ألفًا عليهم الطَّيالِسةُ) رواه مسلم ، وقال صلى الله عليه وسلم( يخرُجُ ما بينَ الشَّامِ والعِراقِ ، فعاثَ يمينًا وَ شمالًا ، يا عبادَ اللَّهِ فاثبُتوا ، قُلنا : يا رسولَ اللَّهِ فما سرعتُهُ في الأرضِ ؟ قالَ : كالغيثِ استدبرتهُ الرِّيحُ فيأتي القومَ فيدعوهُم فيكذِّبونَهُ ويردُّونَ عليه قولَهُ فينصَرِفُ عنهُم فتتبعُهُ أموالُهم فيصبِحونَ ليسَ بأيديهِم شيءٌ . ثم يأتي القومَ فيدعوهُم فيستجيبونَ له ويصدِّقونَهُ ، فيأمرُ السَّماءَ أن تُمْطِرَ، فتُنبتُ، فتروحُ عليهم سارحتُهُم كأطوَلَ ما كانَت ذرًى، وأمدَّهُ خواصرَ، وأدرَّهُ ضروعًا، ثم يأتي الخَرِبةِ فيقولُ لَها : أَخْرِجِي كنوزَكِ فينصرِفُ منها فتتبعُهُ كنوزُها كيعاسيب النَّحلِ ، ثم يدعو رجلًا شابا ممتلئًا شبابًا فيضربُهُ بالسَّيفِ فيقطعُهُ جَزْلَتينِ ، ثمَّ يدعوهُ فيقبلُ يتَهَلَّلُ وجهُهُ يضحَكُ، فبينما هوَ كذلِكَ إذ هبطَ عيسى بنَ مريمَ بشرقيِّ دمشقَ عندَ المَنارةِ البيضاءِ بينَ مَهْرودتينِ، قال : ويمرُّ واضعًا يدَه على أجنحةِ ملَكَينِ، إذ طَأطأَ رأسَهُ قطَر، وإذا رفَعهُ تحدَّرَ منه جُمانٌ كاللُّؤلؤِ، قال : ولا يحلُّ لِكافرٍ يجدُ ريحَ نَفسِهِ – يعني أحدًا – إلَّا ماتَ ، وريحُ نَفسِهِ مُنْتَهى بصرِهِ ، قال : فيطلُبُهُ حتَّى يدرِكَهُ بباب لدٍّ ، فَيقتلُهُ .)ُ رواه مسلم.  قال ابن كثير رحمه الله في كتاب البداية والنهاية:  يُؤْذَنُ للدجّال في الخروج في آخر الزمان، فيكون بَدْء ظهورهِ من أصفهان، من حارة منها يُقال لها اليهوديّة، وينصره من أهلها سبعون ألف يهودي عليهم الأسلحة والتيجان وهي الطيالسة الخضراء، وكذلك ينصره سبعون ألفًا من التتار، وخلْق من أهل خراسان.(إهـ، وهذا الحي الآن موجود في إيران، يسكنه اليهود، ينتظرون خروج الدجّال، فيسير في الأرض مع أتباعه فلا يترك بلداً إلا ويدخلها إلا مكة والمدينة، قال صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ مِنْ بَلَدٍ إلاَّ سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ إلاَّ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ، ليس له من نِقَابِهَا نَقْبٌ، إلاَّ عليه الْمَلاَئِكَةُ صَافِّينَ يَحْرُسُونَهَا، ثُمَّ تَرْجُفُ الْمَدِينَةُ بِأَهْلِهَا ثَلاَثَ رَجَفَاتٍ فَيُخْرِجُ اللهُ كُلَّ كَافِرٍ وَمُنَافِق) رواه مسلم، ويَبعَثُ اللهُ معه شَياطينَ تُكلِّمُ الناسَ لِتَخدَعَهم وتَفتِنَهم، فيأتي للرجل فيدعوه لعبادته فيرفض، فيقول له لو بعثت لك والديك وأمروك بعبادتي هل تطيعني، فيأمر شياطينه ليتمثّلوا بوالديه ويأمروه بعبادته فيمتثل، نسأل الله السلامة، عباد الله: ولا يزال الدجال بعد خروجه طوال الأربعين يوماً التي أخبر عنها النبي -صلى الله عليه وسلم- يعيث في الأرض فساداً، يُضِلّ به اللهُ الكافرين والمنافقين، وُيثبّت به المؤمنين، وتعم فتنته، فلا ينجو منها إلا القلة من المؤمنين، حتى ينزل مسيح الهدى عيسى ابنُ مريم - عليه السلام - على المنارة الشرقية بدمشق، فيَلْتَف حولهُ عبادُ الله المؤمنين، فيسير بهم قاصداً المسيح الدجال، ويكون الدجّال عند نزول عيسى متوجهاً إلى بيت المقدس، فيَلْحق به عيسى عند باب لدُّ -وهي بلدة قرب بيت المقدس- فإذا رآه الدجّال ذاب كما يذوب المِلح، فيقول له عيسى عليه السلام : إن لي فيك ضربةً لن تفوتني، فيتداركه فيقْتلْه بحرْبته، وينهزم أتباعُه، فيتبعهم المؤمنون، فيقتلونهم، حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي خلفي تعال فاقتله! إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود. جاء ذلك في رواية مسلم. اللهم إنا نعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، ونسألك الثبات بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين يا رب العالمين .أقول قولي هذا وأستغفر الله -تعالى- فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية: إخوة الإيمان : وصف النبي صلى الله عليه وسلّم الدجّال لنحذر منه، وجلّى وصفه لنا،  ومن ذلك أنه رجلٌ شابٌّ من نسل أبوين، من بني آدم كباقي البشر، يأكل ويبول، أعزكم الله، قبّحه اللهُ في خِلْقَتِه دليلاً على عدم ألوهيته وربوبيّته، معيبٌ، أعوَرْ، يستحيل أن يكون إلاهاً، فلو كان إلاهاً لأخرج العيْب عن نفسه، ممسوح العين اليمنى، وعينه اليسْرى ناتئة عليها ظفرة غليظة، تغطى سواد العين، كأنها عنبةٌ طافية، مَكتوبٌ بَينَ عَينَيْه كافر يَقرَؤُها كُلُّ مُؤمِنٍ كاتِبٍ وغَيرِ كاتِبٍ، كبير البطن، عظيم البدن، أحمر قصير، أفْحَجَ - ركبتاه متباعدتان-، جعْد الرأس، أجلى الجبهة أي جبهته بارزة واسعة كبيرة ، عريض النحر، عقيمٌ لا يولد له، فكيف يستسيغ العقل ويرضى القلب تأليه من هذه صفاته، ساحرٌ دجّال كذّاب يدّعي الربوبية ويتبعه أمم من الناس، ولكنها الفتن نسأل الله السلامة . أخوة الإيمان : إن من أعظم ما يعصم الناس من فتنة الدجال، مَعْرِفَةُ أَسْمَاءِ اللهِ وَصِفَاتِهِ، الَّتِي لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ؛ فَيَعْلَمُ أَنَّ الدَّجَّالَ بَشَرٌ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَاللهُ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ، وَأَنَّ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ وَاللهُ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَأَنَّهُ لن يَرَى أَحَدٌ رَبَّهٌ حَتَّى يَمُوتَ، وَالدَّجَّالُ يَرَاهُ النَّاسُ عِنْدَ خُرُوجِهِ، مُؤْمِنُهُمْ وَكَافِرُهُمْ، والتَّعَوُّذُ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ من أعظم ما يقي فتنته، خَاصَّةً فِي الصَّلَاة، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ التَّشَهُّدِ الأَخِيرِ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْ أَرْبَعٍ: مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّال)، وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ"، ثمّ الفِرَارُ مِنَ الدَّجَّالِ، وَالابْتِعَادُ عَنْهُ من أعظم ما يقي من فتنته، وَذَلِكَ لِمَا مَعَهُ مِنَ الشُّبُهَاتِ، وَالخَوَارِقِ العَظِيمَةِ، الَّتِي قَدْ يَفْتَتِنُ بِهَا المَرْءُ، وَالأَفَضْلُ سُكْنَى مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا الدجّال، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصْيَنٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ، فَوَاللهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسَبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ، فَيَتَّبِعُهُ مِمَّا يُبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ"، ينبغي لكل مسلم -لاسيما من عنده علم- أن يبث أحاديث الدجال بين الناس، فقد ورد إن من علامات خروجه نسيان ذكره على المنابر، قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا يخرج الدجال حتى يذهل الناس عن ذكره، وحتى تترك الأئمة ذكره على المنابر" رواه البيهقي  
المشاهدات 403 | التعليقات 0