أَيامُ الفَرَجـ 9 ــ 1 ــ 1447هـ
عبدالعزيز بن محمد
أَيام الفَرَج
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَمَّا بَعْدُ:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
أيها المسلمون: يُطُولُ الليْلُ ويَشْتَدُّ الظَلام، ويَعْظُمُ الكَرْبُ ويَقْسُو الأَلَم. ونَوازِلُ البَلاءِ لا يَنْجُو مِنْها قَوِيٌّ، ولا يَفْتَدِيْ مِنْها غَنِيُّ، ولا يَتَوَقَّاها مُحِاذِرٌ. والأَيامُ دُوَلٌ، ومَنْ سَرَّهُ زَمَنٌ ساءَتْهُ أَزْمانُ. ولِيْسَ في الحَياةِ لِمُنَعَّمٍ مُسْتَقَرّ، ولَيْسَ فيها لِمُتْرَفٍ خُلُود. ومَنْ ضَاقَ بِهِ أَلَمٌ فَلْيَرْتَقِبِ أَمَلاً، ومَنْ ضَاقَ بِهِ عَيْشٌ فَلْيَصْطَبِرْ لِرَخاء.
ومَنْ مَسَّهُ ضُرٌّ فلا يَبْأَسْ، ومَنْ نَزَلَ بِهِ بَلاءٌ فَلا يَيأَس. انْتِظارُ الفَرَجِ عِبادَةٌ، وإِحْسانُ الظَّنِ باللهِ إِحْسان، ومَنْ حَسُنَ باللهِ ظَنُّهُ عَظُمَ عِنْدَ اللهِ ثوابُهُ.
وأَيامُ الفَرَجِ أَيامُ بَهْجَةٍ وسُرُور. أَيامُ الفَرَجِ أَيامٌ يَتَبدَّدُ فيها الظَلامُ ويَنْقَشِعُ فِيْها الأَلَم. ويَرْتَفِعُ فِيْها العَناءُ، ويَزُولُ فيها النَّصَب. أَيامُ الفَرَجِ أَيامٌ تَرَفْرِفُ فيها البُشْرَى ويَعْظُمُ فيها الفَرَح. وأَعْظَمُ البَشائِرَ ما أَرْواكَ مِنْ ظَمأٍ، أَو بَدَّدَ الكَرْبَ أَو أَقْصَى عَنْ الخَطَرِ. أَو أَنْصَفَ النَّفْسَ مِمَنْ كَانَ يَظْلِمُها، أَو مَزَّقَ الظُلْمَ أَو أَنْجَى مِنَ الضَرَرِ.
أَعْظَمُ البُشْرَى ما جاءَ على حِيْنَ يَأَسٍ، أَو نَزَلَ على حِيْنِ فَاقَة، أَو حَلَّ على حِيْنِ شِدَّةٍ، أَو أَقْبَلَ بَعْدَ طُولِ قُنُوط {حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا}
أَمْسَى على كَدَرٍ والضِيْقُ يُؤْلِمُهُ ** وفي الصَباحِ أَتاهُ النُورُ والفَرَجُ
يَومُ الفَرَجِ يَومٌ تَرْتَقِبُهُ النُفُوسُ المُتأَلِمَةُ كَما يَرْتَقِبُ بُزُوغَ الفَجْرِ مَنْ طَالَ سُهادُهُ وقَلَّ رُقادُه. يَومُ الفَرَجِ كَمْ أَشْرَقَتْ بِهِ مِنْ رُوحٍ، ورَحَلَ بِهِ مِنْ أَلَم! رائِحَةُ البُشْرَى أَزْكَى رائِحَةٍ {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَن تُفَنِّدُونِ}
وصَوتُ البَشِيْرِ أَطْرَبُ صَوت، وقُدُومُ البَشِيْرِ أَكْرَمُ قُدُوم {فَلَمَّا أَن جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}
أَيامُ الفَرَجِ أَيامٌ تَنْدَمِلُ فيها جِراحٌ، وتنْطَفِئُ فيها آلامٌ، ويَتَرَحَّلُ فيها نَصَب. غَائِبٌ يُعُودُ أَو مَرِيْضٌ يُشْفَى، أَو هُمٌّ يَنْجَلِي أَو دَيْنٌ يُقْضَى، أَو أَسِيْرٌ يُفَكُّ أَو حُزْنٌ يُطْوَى. أَيامُ الفَرَجِ تَأَتِيْ بَعْدَ طُولِ انْتِظَارٍ، وبَعْدَ اشْتِدادِ أَلَم. وَمَا مِنْ عُسْرٍ إِلا ولَهُ عِنْدَ اللهِ يُسْرٌ، ومَا مِنْ ضَائِقَةٍ إِلا ولَها مِنَ اللهِ فَرَجٌ {فإِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرا * إِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً} ولَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْن، وفي الحَدِيْثِ قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : (وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ العُسْرِ يُسرًا)
* ظَلَّ أَيُوبُ عليه السَّلامُ يَتَقَلَّبُ في الضَّراءِ سِنِيْنَ طَوِيْلَةً. فَلا تَسَلْ عَنْ عِظَمِ البَلاءِ إِذا نزَلَ بالمَالِ، ولا تَسَلْ عَنْ عِظَمِ البَلاءِ إِذا نَزَلَ بالأَهْلِ، ولا تَسَلْ عَنْ عِظَمِ البَلاءِ إِذا نَزَلَ بالجَسَد. فَما بالكُ إِذا نَزَلَتْ هذهِ النَّوازِلُ جَمِيْعاً بِرَجُلٍ واحِدٍ. بَلاءٌ في المالِ وبَلاءٌ في الأَهْلِ وبَلاءٌ في الجَسَد. ويَظَلُّ هذا البَلاءُ يَمْتَدُّ ويَتَجددُ حَتَّى أَذِنَ اللهُ لِعَبْدِهِ أَيُوبَ عليه السلام بِزَوالِ الكَرْبِ وحُلُولِ الفَرَج {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} قَالَ اللهُ سُبْحانَهُ : {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ} إِنَهُ يُومُ الفَرَج.
* ويُونُسُ عليه السلامُ يَلْتَقِمُه الحُوتُ فَيَمْضِيْ بِهِ إِلى أَعَماقِ البِحار. سَجِيْنٌ لا يَرَى للفَرَجِ سَبِيْلاً، ولا للنَّجاةِ طَرِيْقاً. في ظُلْمَةِ الليلِ، وظُلْمَةِ أَعْماقِ البَحْرِ، وظُلْمَةِ بَطْنِ الحُوت أَحاطَتْ بِهِ الظُلُماتُ. كَيْفَ النَجاةُ وكَيْفَ اليُسْرُ والفَرَجُ {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} قَالَ اللهُ سُبحانَهُ: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}
ولَرُبَّ نازِلَةٍ يَضِيْقُ بِها الفَتَى ** ذَرْعاً وعِنْدَ اللهِ مِنْها المَخْرَجُ
ضَاقَتْ، فَلَمَّا اسْتَحْكَمَتْ حَلَقَاتُها ** فُرِجَتْ وكانَ يَظُنُّها لا تُفْرَجُ
أَيامُ الفَرَجِ تَأَتِيْ بعْدَ قَسْوَةِ ضِيْقٍ، وبَعْدَ اشْتِدادِ أَلَم. وحِيْن تأَتِيْ أَيَامُ الفَرَجِ لا تَسَلْ عَنْ بَهْجَةِ وَقائِعَها {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}
والعَبْدُ مأَمُورٌ بِطَلَبِ أَسْبابِ الفَرَج، والسَّعْيِ في تَقْرِيْبِ حُصُولِه، وإِحْسانُ الظَّنِ باللهِ أَعْظَمُ سَبَب، والتَّضَرُّعُ إِليهِ أَكْرَمُ ما أُدْرِكَ بِهِ طَلَب {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ}
والصَّبْرُ على نَوازِلِ البَلاءِ، مَرْكَبُ مَنْ اصْطَفاهُم اللهُ مِنْ أَهْلِ اللأَواءِ {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِّعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ}
ولُزُومُ التَقْوَى في زَمَنِ البَلاءِ ضَمانٌ لِحُسْنِ العَاقِبَةِ وكَرامَةُ المُنْتَهى {قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَٰذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}
* أَيامُ الفَرَجِ.. أَيامٌ يأَتِيْ بِها اللهُ. فَهُو مَنْ يَمْلِكُ زِمامَها، وهُوَ مَنْ يُقَدِّرُ مَواقِيْتَها، وهُوَ مَنْ يُحْكِمُ تَدْبِيْرَها. يأَتِيْ اللهُ بالفَرَجِ حِيْنَ تَنْقَطِعُ بالعَبْدِ المَطَامِعُ عَمن سِواه.
يَا صَاحِبَ الهمِّ إنَّ الهمَّ مُنْفَرِجٌ ** أَبْشِرْ بخيرٍ فإنَّ الفارجَ اللهُ
اللهُ يُحْدِثُ بعدَ العُسرِ مَيْسَرَةً ** لا تَجْزَعَنَّ فإنَّ القاسمَ اللهُ
إذا بُلِيتَ فثقْ باللهِ، وارْضَ بهِ ** إنَّ الذي يَكْشِفُ البَلْوَى هُوَ اللهُ
واللهِ مَا لَكَ غيرُ اللهِ مِن أحدٍ ** فحَسْبُك اللهُ في كلٍّ لكَ اللهُ
{وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ} بارك الله لي ولكم..
الحمدُ للهِ رَبِّ العَالمين، وأَشْهَدُ أَن لا إله إلا اللهُ ولي الصالحين، وأَشْهَدُ أَنَّ محمداً رسول رب العالمين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وسلم تسليماً أما بعد: فاتقوا الله عباد الله لعلكم ترحمون
أَيُّهَا المُسْلِمُوْنَ: مَصَائِبُ الدَّهْرِ وشَدائِدُ الزَمانِ ومحَنُ الأَيامِ، هِيَ مِنْ سُنَنِ اللهِ التي يُجْرِيْها في عِبادِه. يَبْتِلِي اللهُ عِبادَهُ بِما شاءَ مِنْ أَقْدَارِه. والإِيْمانُ بالقَدَرِ مِن أَرْكانِ الدِيْن. ولا يَتَحققُ للعَبْدِ إِيْمانٌ، ما لَمْ يُؤْمِنْ بالقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّه. أَيْ: حُلْوِهِ ومُرِّه.
كُلُّ ما يَحْدُثُ في الكَونِ مِنْ أَحْداثٍ, وكُلُّ ما يَقَعُ في النَّاسِ مِنْ وَقائِعَ، إِنَّما هوَ بِتَقْدِيْرِ اللهِ، وقُدْرَتِهِ، وحِكْمَتِهِ، ومَشِيْئَتِه، وعَلْمِه {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} و {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ..}
وكَما تَقَعُ الشَّدائِدُ على الأَفْرادِ، فَإِنَّها تَقَعُ على الأَقْوَامِ والأُمَمِ والشُّعُوبِ. خَوْفٌ أَو جُوعٌ أَو فَقْرٌ أَو مَرَضُ أَو وَباء، أَو تَسَلُّطُ عَدُوٍّ، أَو تَوَلِّيْ ظَالِمٍ، أَو تَكَالُبُ خُصُومٍ أَو تآمُرُ أَعْداء. وإِذا طَالَ البَلاءُ بأُمَةٍ مُسْلِمَةٍ، واشْتَدَّ العَناءُ بِهِا، أَذِنَ اللهُ للغُمَّةِ أَنْ تَزُولَ، وللكَرْبِ أَنْ يَنْقَشِع. فَيأَتِيْ يُومٌ مِنْ أَيَّامِ اللهِ يَكُونُ فِيْهِ للمُسْتَضْعَفِيْنَ عِزٌّ، ويَكُونُ فِيْهِ للظَالِمِيْنَ نَكال. وأَيامُ اللهِ في الظَالِمِيْنَ أَيامٌ أَلِيْمَة، ومَآلُهُم فيها شَرُّ مآل. أَيامُ الفَرَجِ للمُسْتَضْعَفِيْنَ أَيَامٌ تُشْرِقُ بِها الدُّنْيا، وتُجَلْجِلُ بِها الأَكْوان {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} أَيامُ اللهِ في الطُغَاةِ أَلِيْمَة.
بَقِيَ بَنُو إِسْرائِيْلَ في مِصْرَ يُعانُونَ القَهْرَ والقَتْلَ والتَنْكِيْلَ مَنْ قِبَلِ فِرْعَونَ وقَومِهِ {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} فَسادٌ لا يُقارِبُهُ فَسَادٌ، واسْتِكْبارٌ لا يُقارِبُهُ اسْتِكْبار. والمُسْتَضْعَفُونَ يَتَقَلَّبُونَ بَيْنَ أَصْنافِ القَهْرِ وأَلْوانِ الاسْتِضْعاف عُقُوداً مِنَ الزَمَن. حَتَى أَذِنَ اللهُ لفَجْرِ الفَرَجِ أَنْ يَنْبَلِج. ولِشَمْسِ النَّصْرِ أَنْ تُشْرِق، ولِليلِ الظُلْمِ أَنْ يَنْقَشِع. فَما زَالَتْ سُنَنُ اللهِ لإِهْلاكِ فِرْعَونَ، تَدْنُوا رُوَيْداً رُوَيْداً، يَسْتَدْرِجُهُ اللهُ لدُرُوبِ الهَلاكِ حَتَى أَغْرَقَهُ {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ * وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ}
وَعَادَ بَنُو إِسْرائِيْلَ إِلى أَرْضِهِم، وقَدْ نَفَى اللهُ عَنْها رِجْسَ مَنْ ظَلَمُوا، وَمَكَّنَ لِبَنِيْ إِسْرائِيْلَ في أَرْضٍ طَالَما فيها ظُلِمُوا {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} كَانَ ذَلِكَ في اليَومِ العَاشِرِ مِنْ شَهْرِ اللهِ المُحَرَّم، عَن ابْنِ عَباسٍ رضي اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَدِمَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَومَ عاشُوراءَ، فَقالَ: (ما هَذَا؟) قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ؛ هذا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إسْرَائِيلَ مِن عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : (فأنَا أحَقُّ بمُوسَى مِنكُمْ، فَصَامَهُ، وأَمَرَ بصِيَامِهِ) متفق عليه وغَداً هو اليَومُ العَاشِرِ مِنْ شَهْرِ اللهِ المُحَرَّمِ، وَصِيَامُهُ مما يُكَفِرُ اللهُ بِهِ عَنْ العَبْدِ السَيئَاتِ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ) رواه مسلم
أَفْلَحَ قَومٌ اهْتَدُوا بِهَدْي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وضَلَّ قَومُ جَعَلُوا يَومَ عاشُوراءَ يَومَ لَطْمٍ وشَقِّ ونِياحَة.
اللهم أنْصُرْ دِيْنك ..
المرفقات
1751542449_أَيامُ الفَرَج 9ــ 1 ــ 1447هـ.docx