اغتنام الإجازة الصيفية
أسامة بن سعود عبد الله التميمي
اغتنام الإجازة الصيفية
الخطبة الأولى.
الحمدُ للهِ الذي جعلَ في الحياةِ فُسَحًا للطاعات، ووهبَنا من النعم والخيرِ ما تُثمرُ به القلوبُ وتزكو به النفوس، نحمدُه تعالى على واسعِ فضلِه، ونشكرُه على جزيلِ عطائِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلّى الله عليه وعلى آلِه وصحبِه، ومَن سارَ على نهجِه واقتفى أَثَرَه، إلى يومِ الدين.
أمّا بعدُ،
فأوصيكم ونفسي بتقوى اللهِ عزَّ وجل، قال تعالى:
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍۢ ۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌۢ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾.
أيّها المؤمنون!
إنَّ من نِعَمِ اللهِ علينا أن جعلَ لنا الأوقاتَ خزائنَ نملأُها بما يُرضيه، وها نحنُ اليوم نقفُ على أعتابِ موسمٍ عظيمٍ من مواسمِ البناءِ والتربية، موسمٍ يتكرّرُ كلَّ عامٍ، ولكن لا ينتفعُ به إلا من وَعَى وأدرك:
إنه موسمُ الإجازةِ الصيفية.
وما الإجازةُ – عبادَ الله – إلا اختبارٌ للتربية، ومرآةٌ للسلوك، وميزانٌ لِمَا ترسّخَ في النفسِ من القِيَم.
وقد قال النبي ﷺ:
"نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحةُ والفراغ" [رواه البخاري].
أيُّها الآباءُ الكرام،
الإجازةُ ليستْ إجازةً من التربية، بل هي وقتُ الحصادِ لما زُرِع طوالَ العام، فاجعلوا بيوتَكم منازلَ أُنسٍ وسكينة، اجلسوا مع أبنائِكم، اسمعوا إليهم، ناقشوهم، استخرجوا ما في نفوسِهم، وكونوا قريبين منهم قبل أن يسبقَكم إليهم مَن لا يخاف الله فيهم.
ناقشوهم بهدوء، اسألوهم عن أصحابِهم، وعن استخدامِهم للأجهزة، لا تتركوهم لوَحدهم يواجهون عالَمَ من المتغيرات والأفكارِ والشرور ، وإن التربية غرس وإن كلا يجني ما قد غرس.
عبادَ الله!
من فضلِ اللهِ تعالى على بلادنا وجود فرص رائعة لاستثمار الإجازة الصيفية ومن ذلك وأهمه وجود حلقات تحفيظ القرآن الكريم فهناك دورات صيفية قرآنية مباركة سيجدها من أراد البحث عنها، وكذلك يوجد مقارئ قرآنية عن بعد لمن لا يتيسر له الحضور فقط ابحث لك ولأبنائك وستجدها ولله الحمد، وما أجمل استثمار الوقت بشكل عام مع القرآن سواء في الإجازة أو في غيرها فالقرآن تطوير وتقويم وتهذيب وهو رافع وشافع ومؤنس، وكذلك من الفرص لاستثمار الإجازة الصيفية وجود النوادي الصيفية ففيها المحافظة على أوقات الأبناء وترفيههم في بيئة آمنة، ويوجد الكثير من الجهات التي تقيم هذه النوادي الرائعة لتطوير الأبناء وتوفير بيئة ترفيهية آمنة لهم، وكذلك من الفرص الجميلة في استثمار الإجازة الصيفية وجود المعاهد والمراكز المختصة في تقديم الدورات والبرامج فيمكن الاستفادة منها في اكتساب مهارات جديدة وتعلم اللغة وغيرها، فالله الله بالعناية بفلذات أكبادكم أبنائكم المباركين، اعتنوا بهم وادعوا الله أن يصلحهم، واحتسبوا الأجر فيهم ليكونون بارين بكم ونافعين لأمتهم وعامرين لوطنهم.
أيها المسلمون!
احذروا على أولادِكم من رفقةِ السوء، فإنهم بابٌ إلى الفسادِ والانحراف، وكم جرّت صحبةُ شرٍّ إلى هاويةٍ لا يُنجِّي منها إلا الله!
وحذّروهم من أولئك الذئابِ الذين يَتربّصون بهم عبرَ وسائلِ التواصل، يتصيّدونهم بكلماتٍ ناعمة، ورسائلَ خبيثة، وصورٍ مفسدة، حتى يُدمِّروا عقولهم وأخلاقهم ودينهم، فكونوا حصنًا لأولادكم، فهم أمانةٌ في أعناقكم.
وعلّموهم أن اللهَ يراهم في خَلَواتِهم كما يراهم في جَلَواتِهم، وغذّوا فيهم خُلق الرقابة، ليكون الواحدُ منهم إذا خَلَا بنفسه قال لنفسه كلما دعته للمعصية:
"إنّي أخافُ اللهَ ربَّ العالمين".
إِذا ما خَلَوتَ الدَهرَ يَوماً فَلا تَقُل
خَلَوتُ وَلَكِن قُل عَلَيَّ رَقيبُ
وَلا تَحسَبَنَّ اللَهَ يُغفِلُ ما مَضى
وَلا أَنَّ ما يَخفى عَلَيهِ يَغيبُ
وعلّموهم أن الدينَ ليس سجنًا، بل رحمةٌ وفسحة، وأن في الإسلامِ ترفيهًا جميلا ، استمتع كما يبدو لك ولكنْ فيما يُرضي اللهَ لا فيما يُغضبه.
فالحمد لله على نعمة هذا الدين القويم وحفظ الله أبناءنا وبارك في أوقاتهم وجعلهم بارين بنا في الدنيا والآخرة، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم.
🕌 الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ حمدًا طيّبًا مباركًا فيه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا الله، وأن محمدًا عبدُه ورسولُه.
أيّها المسلمون،
الإجازةُ ليستْ لهوًا محضًا، ولا انشغالًا دائمًا، بل توازنٌ بين الجِدِّ والترفيه، بين العبادةِ والفسحة.
فسافروا بأبنائكم إن استطعتم، واصطحبوهم إلى أماكنَ نافعة، واجعلوا من كلِّ لحظةٍ ذكرياتٍ جميلةٍ تحفُّها الأخلاقُ، ويملؤها الذكرُ، ويحرسُها الحياء.
وحذّروهم من النومِ عن الصلوات، ومن قلبِ الليلِ نهارًا والنهارِ ليلًا، فإنّ من فقد الصلاةَ فقد الخيرَ كلَّه.
علموهم ترتيبَ الوقتِ، وتحديدَ الأهداف، وأن النجاحَ لا يُصنَع في فوضى ولا فُتور.
اللهم بارك لنا في أوقاتِنا، وبارك في شبابنا وبناتنا، واجعل الإجازةَ لهم وقتَ خيرٍ وهدى، وسلامةٍ واستقامة، وبُعدٍ عن الفتن.
هذا وأكثروا من الصلاة والسلام على النبي المصطفى والهادي المجتبى فقد أمركم الله بذلك فقال عز من قائل عليما :
﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾
*اللَّهُــمَّ صـَلِّ وَسَـلِّمْ علـى نَبِيِّنَـا مُحمَّدﷺ وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم أدم على بلادنا نعمة الأمن والأمان والرخاء وعُم بها جميع أوطان المسلمين اللهم وفق ولي أمرنا وولي عهده لكل خير اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا واقضي حوائجنا واشفي مرضانا ومرضى المسلمين والحمد لله رب العالمين.
المرفقات
1750962768_اغتنام الإجازة الصيفية.pdf