الْإِسْرَافُ وَالتَّبْذِيرِ

محمد البدر
1446/10/19 - 2025/04/17 00:17AM
خُطْبَةٌ عَنْ:الْإِسْرَافُ وَالتَّبْذِيرِ-محمد أحمد الذماري-جامع الشيخ صالح بن عبدالله العمودي رحمه الله-جدة التاريخية

الْخُطْبَةُ الأُولَى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾وَقَالَ تَعَالَى﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ﴾وَقَالَ تَعَالَى﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾وَقَالَ تَعَالَى﴿كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾وَقَالَﷺ«كُلُوا وَاشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا مَا لَمْ يُخَالِطْهُ إِسْرَافٌ أَوْ مَخِيلَةٌ»رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانيُّ.إِنَّ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ مِنَ النِّعَمِ الَّتِي أَبَاحَهَا اللهُ-عَزَّ وَجَلَّ-لِعِبَادِهِ،إِنَّ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ مِنَ النِّعَمِ الَّتِي أَبَاحَهَا اللهُ-عَزَّ وَجَلَّ-لِعِبَادِهِ،فَمِنَ الظَّوَاهِرِ السَّيِّئَةِ الَّتِي انْتَشَرَتْ فِيْ مُجْتَمَعَاتِنَا،المُبَاهَاةَ وَالتَّفَاخُر فِيْ الْوَلائِمِ وَالَّتِي تَكْتَظُّ فِيهَا أَصْنَافِ الأطَّعَمِة بِشَتَّى أَنْوَاعِها مِنَ المَأْكُولاتِ وَالمَشْرُوبَاتِ،وَالَّتِي قد يَكُونُ مَآلُهَا لِلْحَاوِيَاتِ،أو تُلْقَى فِيْ الطُّرُقَاتِ وَ عَلَى الأَرْصِفَةِ وَ فِيْ الْبَاحَاتِ-نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ ذَلِكَ.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾وَقَالَ تَعَالَى﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾وَقَالَ تَعَالَى﴿وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾وَقَالَﷺ«إِنَّ مِنْ شِرَارِ أُمَّتِي الَّذِينَ غُذُّوا بِالنَّعِيمِ,وَنَبَتَتْ عَلَيْهِ أَجْسَامُهُمْ،الَّذِينَ يَأكُلُونَ أَلْوَانَ الطَّعَامِ،وَيَلْبَسُونَ أَلْوَانَ الثِّيَابِ،وَيَتَشَدَّقُونَ بِالْكَلامِ»صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.فَالْإِسْرَافُ وَالتَّبْذِيرِ مِنْ أَعْظَمِ أسْبَابِ زَوَالِ النَّعَمَةِ وَفُقْدَانِهَا،والمسرف عرضة لمخاطر صحية مثل السمنة وأمراض القلب إلى غير ذلك،وهو سببٌ أيضًا في هدر المال،لان بعض الناس تَحَمَّلُوا الدُّيُونَ الْعَظِيمَةَ،وَأَرْهَقُوا ذِمِمَهُمْ،وَتَحَمَّلُوا فَوْقَ طَاقَتِهِمْ لِيَكُونُوا كرماء ويسمع بهم القاصي والداني، بل هَذَا مِنَ الْإِسْرَافُ وَالتَّبْذِيرِ قَالَﷺ«إِنَّ اللهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاثًا؛قِيلَ وَقَالَ،وَإضَاعَةَ الْمَالِ،وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.فَاتَّقُوا الله-عِبَادَ اللهِ-وَاحْذَرُوا مِنَ المُبَاهَاةَ وَالبَطَرَ وَالتَّفَاخُر،فَكَمْ مِنْ أُنَاسٍ يتضوَّرُونَ جُوعَاً،وَآخَرِيْنَ يَعِيشُونَ التّخْمة،فَالحَذَرُ مِنْ هدْر النِّعم،وَيَنْبَغِي التَّعَاوُن مَعَ جَمْعِيَّاتِ حِفْظِ النِّعْمَةِ.أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ،وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الْخُطبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

عِبَادَ اللهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّـهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.فَمِنَ الظَّوَاهِرِ السَّيِّئَةِ الَّتِي انْتَشَرَتْ فِيْ مُجْتَمَعَاتِنَا،المُبَاهَاةَ وَالتَّفَاخُر فِيْ تصوير الطَّعَامِ وَالْوَلائِمِ،وَالتَّعَالِي عَلَى الآخَرِيْنَ،ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي،وقد يؤدي إلى شعور الآخرين بالحرج،وقد يؤدي إلى الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ وَالْمَنَّوَالْأَذَى،وقد يجرح مشاعر من يُقدم لهم الطَّعَام،وَتَتَأَلُّمُ قُلُوبِ الْبُسَطَاءِ وَالمُحْتَاجِيْنَ.

فَاتَّقُوا الله-عِبَادَ اللهِ-وَاحْذَرُوا مِنَ تصوير الطَّعَامِ بغير حاجة.

عِبَادَ اللهِ:إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِأَمْرٍ بَدَأَ فِيهِ بِنَفْسِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد،وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ ، وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَاحْفَظْ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وَأَيِّدْ بِالْحَقِّ إِمَامَنَا وَوَلِيَّ أَمْرِنَا،اللّهمّ وَهيِّئْ لَهُ الْبِطَانَةَ

الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَالَّتِي تَدُلُّهُ عَلَى الْخَيرِ وَتُعِينُهُ عَلَيْهِ ،واصرِفْ عَنه بِطانةَ السُّوءِ يَا رَبَّ العَالمينَ،وَاللّهمّ وَفِّقْ جَميعَ ولاةِ أَمرِ الْمُسْلِمِينَ لما تُحبهُ وَتَرضَاهُ لمَا فِيهِ صَلَاحُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَامِ ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ،وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ 

يَزِدْكُمْ ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.

المشاهدات 610 | التعليقات 0