الاسْتِمْرَارِ فِي الطَّاعَةِ وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْخَيْرَاتِ

سعود المغيص
1446/10/05 - 2025/04/03 17:20PM

إِنَّ الحَمدَ للهِ، نَحمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنفُسِنا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه، وَمَنْ يُضلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً.

أَمَّا بَعْدَ فياعبادَ اللهِ :

اتَّقُوا اللهَ تعالى، واعْلَمُوا أَنَّ مَواسمَ الطّاعاتِ مَنهلٌ يَتزوّدُ منهُ المؤمنُ التّقوى والإيمان؛ ليَبقى نَبعُ الخيرِ مُتدفّقًا في نفسِه في كلّ آنٍ ، فإذا انتهت تلك المواسم فإنّ المؤمنَ لا يَنقطعُ عمّا اعتادَهُ من الخير، فقد كانَ رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- إذا عملَ عملًا داومَ عليه؛ فإنّ أحبَّ الأعمالِ إلى اللهِ ما داومَ عليه صاحبُه من الخيرِ وإنْ قَلّ، ولقد أوصى صلى اللهُ عليه وسلمَ عبدَاللهِ بنَ عمرٍو رضيَ اللهُ عنهما فقالَ له: "لا تكنْ مثلَ فلان، كانَ يَقومُ الليلَ فتركَ قيامَ الليل", فما تركَ عبدُاللهِ قيامَ الليلِ حتى مات.

فيا من صامَ وقامَ وختمَ وتصدَّقَ في رمضان : لا تكنْ مثلَ فلان، كانَ يُسارعُ إلى الصّلاةِ فتكاسل، ولا تكنْ مثلَ فلان، كانَ يُسابقُ للتّلاوةِ والصّلةِ والأذكارِ فتَثاقل، ولا تكنْ مثلَ فلان، كانَ يُكثرُ من البذلِ والصّدقاتِ فتباخل، فالحذرَ الحذرَ من تَثبيطِ الشّيطان، واجتهدوا في المُداومةِ على الأعمالِ الصّالحةِ بعدَ رمضان، مثلَ قيامِ الليلِ, وصيامِ البِيضِ, وصيامِ السّتِّ من شوّال، والمحافظةِ على السّننِ الرّواتبِ, والأذكارِ, وتلاوةِ القرآن، والإكثارِ من الدّعاءِ, والصّدقةِ, وسائرِ أنواعِ البرِّ والإحسان، فما أجملَ الطّاعةَ تَعقبُها الطّاعات! وما أبهى الحسنةَ تُجمعُ إليها الحسنات!.

فاستمرّوا على السَّيْر، ولا تَستقِلّوا الخير، ولا تَحتقِروا المعروف، ولا تَنقطعوا عن العبادة، وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا ، فلا تتركوا قيامَ الليلِ ولو بركعة، ولا تهجروا تلاوةَ القرآنِ ولو بصفحة ، ولا تَدَعُوا صيامَ التّطوعِ ولو بيوم ، ولا تُمْسِكُوا عن الصّدقة ولو بريال؛ فالرّكعةُ تَحُطُّ الخطايا وتَرفعُ الدّرجات ، والحرفُ من القرآنِ بعشرِ حسنات ، وصيامُ يومٍ يُباعِدُ عن النّارِ سبعينَ خريفًا، والرّيالُ في الميزانِ كالجبال ، ومن زادَ زادَ اللهُ له ، وَٱللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ.

فاتّقوا اللهَ رحمكم الله ، وجاهدوا أنفسَكم على الثّباتِ على فعلِ الطّاعات، وتركِ الذّنوبِ والسّيئات ، واستعينوا باللهِ على الاستقامةِ على ذلك ما دمتم على قيدِ الحياة ؛ فإنّ عملَ المؤمنِ لا ينتهي حتى الممات، قالَ تعالى : ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ( 

اللَّهُمَّ لَا تَجْعَل الدُنْيا أَكْبَرَ هَمِّنَا ولا مبلغَ عِلْمِنا ، واستعملنا في طاعتِك، اللهم خلّصنا من حقوقِ خلقك وبارك لنا في الحلال من رزقك .

باركَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ الْعَظِيم، وَنَفَعنِي وَإِيّاكُمْ بِمَا فِيِه مِنْ الآيَاتِ وَالذّكرِ الْحَكِيم، أَقُولُ مَا تَسْمَعُون وَاسْتَغْفُرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائرِ الْمُسْلِمِين مِنْ كُلِّ ذَنبٍ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.

 الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ عَلى إِحسانِهِ، وَالشكرُ لَهُ عَلى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ، وَأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَأشهدُ أنَّ مُحمّداً عَبدُهُ وَرسولُهُ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلمَ تسليماً كثيراً .

أَمَّا بَعْدَ فيا عبادَ اللهِ :

اللهَ اللهَ في مداوَمة الطاعة والثبات على التماس رضا الله جل شأنه ، وحذارِ من العجز والكسل عن متابَعة طريق الخير والبِرِّ والإحسان، والصبر على ذلكم،) إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) فلا تُفَرِّطُوا في اغتنامِ الأوقاتِ بما يُرضي اللهَ ما دام المرءُ في دار الإمهال، ولا تلهينَّكم أموالُكم ولا أولادُكم ولا أعيادُكم عن طاعة ربكم؛ فإن الأجل مباغِت والحساب عسير، والندم كبير، ولاتَ ساعةَ مَنْدَمٍ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)

اللهمّ وفقْنا لهداك، واجعلْ عملَنا في رضاك، وثبّتْنا على دينِك وطاعتِك حتى نلقاك .

اللهمّ أَعِنّا على ذكرِك وشكرِك وحسنِ عبادتِك .

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإسْلَامَ وَالمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ وَانْصُرْ عِبَادَكَ المُوَحِّدِينَ، اللَّهُمَّ وَعَلَيكَ بِأَعْدَئِكَ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.

اللهم واكفِنا كيدَ مَن كادَ بنا، واحفظْ إيمانَنا وأمنَنا، ومجاهدِينا.

اللهم وفِّقْ إمامَنا خادمَ الحرمينِ الشريفينِ، ووليَ عهدِهِ لما فيه عزُّ الإسلامِ وصلاحُ المسلمينَ. اللهم اجزِهم خيراً على بذلِهم لرعيتِهم وللمسلمينَ.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات، 

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ .

المشاهدات 815 | التعليقات 0