الْبِدَعِ وَالْمُحْدَثَاتِ-صِيَامُ عَاشُورَاءَ

محمد البدر
1447/01/01 - 2025/06/26 04:03AM

الْخُطْبَةُ الأُولَى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ(65)ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ(66)إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَاقَالَ«قَدِمَ النَّبِيُّﷺالمَدِينَة،فَرَأَى الْيَهُودَ تصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ،فَقَالَ:مَا هذَا قَالُوا:هذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هذَا يَوْمُ نَجَّى اللهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسى،قَالَ:فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ»مُتّفَقٌ عَلَيْهِ.نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُبَلِّغَنَا يَوْمِ عَاشُورَاءَ لصِيَامُه اِقْتِدَاءً بالنَّبِيَّﷺفَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَانَ معروفاً فِي الْجَاهِلِيَّةِ،فَعَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِﷺصَامَهُ وَالْمُسْلِمُونَ قَبْلَ أَنْ يُفْتَرَضَ رَمَضَانُ فَلَمَّا افْتُرِضَ رَمَضَانُ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِﷺ«إِنَّ عَاشُورَاءَ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ اللَّهِ فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:أَنَّ النَّبِيَّﷺ«بَعَثَ رَجُلاً يُنَادِي فِي النَّاسِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ:أَنَّ مَنْ أَكَلَ فَلْيُتِمَّ أَوْ فَلْيَصُمْ،وَمَنْ لَمْ يأْكُلْ فَلاَ يَأْكُلْ»مُتّفَقٌ عَلَيْهِ.وَقَالَﷺ«صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ،أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

عِبَادَ اللَّهِ:عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَعُدُّهُ الْيَهُودُ عِيدًا قَالَ النَّبِيُّﷺ«فَصُومُوهُ أَنْتُمْ»مُتّفَقٌ عَلَيْهِ.وَعَنْ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ«حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِﷺيَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِﷺفَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِع قَالَ:فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِﷺ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وَقَالَﷺ«لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وَقَالَ ابْنِ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللهُ:وَقَدْ دَلَّ الْكِتَابُ،وَجَاءَتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِﷺوَسُنَّةُ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ الَّتِي أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَيْهَا بِمُخَالَفَتِهِمْ وَتَرْكِ التَّشَبُّهِ بِهِمْ.إلخ.

عِبَادَ اللَّهِ:إِيَّاكُمْ وَالتَّشَبُّهِ بالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بالاِحْتِفَالُ بِالْعَامِ الْجَدِيدِ وَتَبَادُلُ التَّهَانِي،عَبْرَ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ

 الْجَمَاعِيِّ الْمُخْتَلِفَةِ وَغَيْرُهَا  فهذا  لَيْسَ مِنْ هَدْيِ النَّبِيُّﷺولا مِنْ هَدْيِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ولا السَّلَفُ الصَّالِحُ ولا مِنْ  دَأْبَ الْعُلَمَاءِ   سَابِقًا وَلاَحِقًا،

فَانْتَهُوا وَيَسَعُكَ مَا وَسِعَهُمْ،واتَّبِعُوا وَلاَ تَبْتَدِعُوا؛فَقَدْ كُفِيتُمْ قَالَﷺ:«مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَقَالَ الأَلبَانيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ اِبْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللهُ:إنَّ أهلَ البِدَعِ شَرٌّ مِنْ أَهْلِ المَعَاصِي الشَّهْوَانِيَّةِ.وَقَالَ الإِمَامُ مَالِكٌ رحمَهَ اللهُ: مَنِ ابتَدَعَ فِي الإِسْلَامِ بِدْعَةً يَرَاهَا حَسَنَةً؛فَقَدْ زَعَمَ أنَّ مُحَمَّدًاﷺخَانَ الرِّسَالَةَ؛لأنَّ اللهَ يَقُولُ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾فمَا لَمْ يَكُنْ يومَئِذٍ دِينًا فَلا يَكُونُ الْيَوْمَ دِينًا.وَقَالَﷺ«إِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ،وَخَيْرَ الْهُدَى هُدَيُ مُحَمَّدٍ،وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا،وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»رَوَاْهُ مُسْلِمْ.وَقَالَﷺ«أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ،وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا،فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا،فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ،تَمَسَّكُوا بِهَا،وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ،وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ،فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ،وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» رَواهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ.وَعَنْ عَبْدُ اللهِ بنُ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ:اتَّبِعُوا ولَا تَبْتَدِعُوا فَقَدْ كُفِيتُمْ»رَوَاهُ الدَّارِمِيِّ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ.وَعَنْ عَبْدُ اللهِ بنُ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:«الاقتِصَادُ فِي السُّنَّةِ أَحْسَنُ مِنَ الاجتهادِ فِي البِدْعَةِ»رَوَاهُ الحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ.وَاحذَرُوا مِنْ  التَّشَبُّهِ  بالرَّوافِضِ الذين يَتَّخِذُن يَوْمَ عَاشُورَاءَ يَوْمَ مَأْتَمٍ وَحُزْنٍ وَنِيَاحَةٍ وَ لَطْمِ الْخُدُودِ وَشَقِّ الْجُيُوبِ فهم يعذبون أنفسهم في الدينا بأيديهم جزاء سبهم للصحابة وقذفهم لأُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا الصِّدِّيقَةَ بِنتَ الصِّدِّيقَ زَوْجَ النَّبِيُّﷺالْمُبَرَّأَةُ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ.

أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ،وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الْخُطبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ,وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

عِبَادَ اللَّهِ:ففِي بِدَايَةِ وَنِهَايَةِ  كُلِّ عَامٍ يُحْيُونَ بِدَعًا وَيُمِيتُونَ سُنَنًا؛لَأَنَّ العَمَلَ بِالبِدْعَةِ بَابٌ لإماتَةِ السُّنَنِ فَاقتَدُوا ياعِبَادَ اللَّهِ بِنَبِيِّكُم وَصُومُوا عَاشُورَاءَ،وَيَجُوزُ  صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ يَوْمًا وَاحِدًا فَقَطْ:قَالَتْ  اللَّجْنَةُ  الدَّائِمَةُ  لِلْبُحُوثِ الْعِلْمِيَّةِوَالْإِفْتَاءِ:يَجُوزُ  صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ يَوْمًا وَاحِدًا فَقَطْ،لكنَّ الأَفْضَلَ صِيَامُ يَوْمٍ قَبْلَهُ أَوْ يَوْمٍ  بَعْدَهُ،وهي السُّنَّةُ الثَابِتَةُ عَنْ النَّبِيُّﷺ.إلخ.وَقَالَ شَيْخُ الإِسْلاَم ابْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللهُ:وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ وَلَا يُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ.إلخ.

الا وصلوا عِبَادَ اللهِ على البشير النذير والسراج المنير كما أمركم بذلك اللطيف الخبير﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد،وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد،وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ،وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ،وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَاحْفَظْ اللّهمّ وَلِيَّ أَمْرِنَا،وَأَيِّدْه بِالْحَقِّ ،اللّهمّ وَهيِّئْ  لَهُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَالنَّاصِحَةَالَّتِي تَدُلُّهُ عَلَى الْخَيرِ وَتُعِينُهُ عَلَيْهِ،واصرِفْ عَنهُ بِطانةَ السُّوءِ يَا رَبَّ العَالمينَ،وَاللّهمّ وَفِّقْ جَميعَ ولاةِ أَمرِ الْمُسْلِمِينَ لما تُحبهُ وَتَرضَاهُ لمَا فِيهِ صَلَاحُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَامِ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:اذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ،وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ 

يَزِدْكُمْ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾.

المرفقات

1750899783_الْبِدَعِ وَالْمُحْدَثَاتِ-صِيَامُ عَاشُورَاءَ.pdf

المشاهدات 629 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا