التأكيد على أداء فريضة الحج, والالْتزام بالأنظمة 18 / 11 /1446

أحمد بن ناصر الطيار
1446/11/17 - 2025/05/15 13:54PM

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله ‌من ‌شرور ‌أنفسنا، من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فأوصيكم ونفسي يا أمة الإسلام بتقوى الله تعالى، فهي وصية الله للأولين والآخرين، وما أوصى الله بها الأولينَ والآخرين إلا لأهمّيّتها وعِظَمِ شأنها عنده، قال تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ‌مِنْ ‌قَبْلِكُمْ ‌وَإِيَّاكُمْ ‌أَنِ ‌اتَّقُوا ‌اللَّهَ}.

أيها المؤمنون: إنّ شهرَ ذي الحجة قد قرب، وهو شهرٌ تُقام فيه شعيرة من أعظم شعائر الله، ألا وهي الحج, قال تعالى: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً}.

والحج واجب على الفور في حقّ من استطاع إليه سبيلاً، قال تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}

وهو أحدُ أركان الإسلام ودعائمه وقواعده، وأجمع المسلمون على ذلك إجماعًا ضروريًّا، ولا يجب على المكلَّف في العُمْر إلا مَرّة واحدة.

والواجب على كلِّ من كان مستطيعاً بماله وبدنه، أن يحج فريضة الإسلام إذا وجبت عليه, فربَّما لو أخَّره حال دون حجه ما يمنعه منه.

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَعَجَّلُوا إلى الحَجِّ, فإنَّ أحَدَكُمْ لا يَدْرِي مَا يَعْرضُ لَهُ". [رواه الإمام أحمد (2867).]

وللحج فضل كثيرة منها:

قوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ, رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ". [رواه البخاري (1521), ومسلم (3357).]

والرفث: الجماع وما يتعلق به, والفسوق: هو الخروج عن الطاعة والعياذ بالله.

وقال صلى الله عليه وسلم «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا, وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ». [البخاري (1773), ومسلم (3355).]

 فالحج المبرور -معاشر المسلمين- لا يقتصر ثوابه على تكفير الذنوب فحسب, وإنما يتعدى ذلك إلى إدخال الجنة.

وكثيرٌ من الناس وجب عليه الحج, واستطاع إليه سبيلاً، لكنه أخلد إلى الأرض، واستهان بهذه الشعيرة العظيمة، التي يأثم على تركها بلا عذر.

وما عذره أمام الله تعالى، وكلُّ شيءٍ مُيَسَّرٌ له، والطُّرق مذلَّلَةٌ آمنة، ولو سأل نفسه: كم بذل وأهدر من الأموال الطائلة في أشياء لا تنفعه، لأيقن أنه محروم مخذول.

وليستشعر الحاجّ عظَم يوم عرفة, الذي قال فيه النبيّ صلى الله عليه وسلم: ((مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ, مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ, وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ, فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ)). [رواه مسلم (3354)]

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم, ونفعني وإياكم  بما فيه من الآيات والذكر الحكيم, أقول قولي هذا, وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

*******************

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين, وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد: أيها المسلمون: يجب علينا أنْ نلْتزمَ بالتعليمات الصادرة من ولي الأمر لتنظيم الحج وتيسيره للناس, وهي إنما وُضعت لخدمة الحجاج, وحمايتُهم هو من تعظيم هذه الشعيرة، والله عز وجل يقول: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}.

واعلموا أنه لا يجوز الذهاب إلى الحج بلا تصريح، لأن في ذلك مخالفةً لأمر ولي الأمر الذي أصدر هذه التعليمات؛ لتحقيق المصالح العليا في الحج، والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ}

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن أطَاعَنِي فقَدْ أطَاعَ اللَّهَ، ومَن عَصَانِي فقَدْ عَصَى اللَّهَ، ومَن يُطِعِ الأمِيرَ فقَدْ أطَاعَنِي، ومَن يَعْصِ الأمِيرَ فقَدْ عَصَانِي".

والحج بلا تصريح لا يقتصر ضرره على المخالف، بل يتعدى إلى غيره، فيسّبب الزحام في المشاعر، ويؤذي الحجاج، ويعيق الخدمات، ويُشغل الجهات الأمنية والصحية، وكل ذلك من الضرر المتعدّي المحرم شرعاً.

نسأل الله تعالى أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن ييسرنا لليسرى، إنه سميع قريب مجيب.

 

ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيِّه، فقال في محكم التنزيل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ ‌يُصَلُّونَ ‌عَلَى ‌النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الذِيْنَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيْمًا}.

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على نبينا محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين الذين قضَوا بالحق وبه يعدِلون: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعنَّا معهم بجُودك وكرمك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمِنًا مُطمئنًّا رخاءً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم وفِّق إمامنا ووليّ عهده لهداك، واجعل عملهما في رِضاك، ووفِّق جميع ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك، وتحكيم شرعك.

رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِين.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

المرفقات

1747306445_التأكيد على أداء فريضة الحج

والالْتزام بالأنظمة.pdf

المشاهدات 489 | التعليقات 0