التحذير من التعاطف مع المتسولين
عايد القزلان التميمي
.. الحمد لله ربِّ العالمين، وأشهَدُ أنْ لا إلهَ إلا الله وحده لا شريكَ له، لا نعبدُ إلا إيَّاه مخلصينَ له الدينَ، وأشهَدُ أنَّ محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين، صَلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وسَلَّمَ تسليماً.
أمّا بعدُ: فيا عباد الله، اتقوا الله حق تقاته، (( وَٱتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ))
أيها المؤمنون : إن هناك ظاهرة منتشرة على نطاق واسع عند الأسواق والمستشفيات والمساجد والحدائق والأماكن العامة وغيرها، ولذلك يجب التنبيه والتحذير من هذه الظاهرة ألا وهي ظاهرة التسول،
والتسول يُقصد به سؤال الناس بعض المال . حتى أصبح التسول عند كثير من أولئك المتسولين وظيفة يتعيّش بها.
فالتسوُّل وباءٌ خطير يُهدد المجتمع بالخراب، وهو نوعٌ مِن أكلِ أموال الناس بالباطل.
عباد الله إن ديننا الإسلامي حارب التَّسَول ، وبالَغ في النهي عن مسألة الناس، وبيَّن لنا من الذي يستحق الصدقات قال تعالى: ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ أي: إن الصدقة ليست لهؤلاء المتسولين القادرين على العمل،
ولكنها للفقراءِ الذين لا يستطيعون السعيَ في طلب الرزق، ويحسَبُهم الجاهل أغنياءَ من التعفف؛ لأنهم لا يسألون الناس شيئًا ولا يتسوَّلون،
ولكن تعرِفهم أنهم فقراءُ بعلامات الفقر التي تظهر عليهم.
وإليكم عبادَ الله، بعضَ الأدلة التي تُحرِّم التسوُّلَ، وسؤالَ الناس من غير حاجة: روى الإمام مسلم في صحيحه: (عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «لاَ تَزَالُ الْمَسْأَلَةُ
بِأَحَدِكُمْ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ».
وفيه أيضا: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (( مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ)).
عباد الله : وقد حَرِصَ دِيننا على حِفظ كرامة الإنسان، فقال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) وإن اتخاذ التسول حِرْفَةً وَجَعْلُهُ وَسِيلةً لجمع المال فيه إهانة لكرامة الإنسان ودَلِيل على ضَعْفِ ثِقَة المتسول بالله تعالى الذي ضَمِن الأرزاق لجميع عِباده وأمرهم بالأخذ بالأسباب للحصول على الرِّزْق.
فالمتسول بدلاً من أن يَتَوجَّه إلى الله لطلب الرزق، فإنه يَمُدُ يده إلى الناس.
واعلموا أن ظاهرة التسول تبقى من الظواهر التي تُهدد أمن المجتمع واستقراره، وديننا حث الناس على العمل ولو بالأجر القليل فهو خير من سؤال الناس ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لأَنْ يَغْدُوَ أحَدُكُمْ، فَيَحْطِبَ علَى ظَهْرِهِ، فَيَتَصَدَّقَ به ويَسْتَغْنِيَ به مِنَ النَّاسِ؛ خَيْرٌ له مِن أنْ يَسْأَلَ رَجُلًا، أعْطاهُ، أوْ مَنَعَهُ ذلكَ، فإنَّ اليَدَ العُلْيا أفْضَلُ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وابْدَأْ بمَن تَعُولُ)).
واعلموا عباد الله أنّ القادر على العملِ لا تحلُّ له الصدقةُ؛ لِما رواه الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تحلُّ الصدقةُ لِغَنِي، ولا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ)؛ أي: صاحب القوة الجسدية، الذي يتميز بسلامة أعضائه،
وقد ورد تحذيرُ النبي صلى الله عليه وسلم ونهيه عن مسألة الناس في أحاديثَ كثيرة؛ ومنها قوله صلى الله عليه وسلم قال: ((وَلاَ يَفْتَحُ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلاَّ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ))، صححه الألباني.
بارك الله لي ولكم.....
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً .
أما بعد:
فالواجب على كل فرد من أفراد المجتمع ، ألا تأخذه العاطفة والرأفة والشفقة ، بأولئك المتسولين ،
بل لا بد من تبليغ الجهات المختصة عنهم ، وعدم إعطائهم أي مال ، لأن في إعطائهم المال ما يعينهم على التسول وسؤال الناس واستعطافهم واستدرار أموالهم ، ولما في ذلك أيضاً من معاونتهم على الباطل ، والإثم والعدوان ، وهذا أمر منكر لا يجوز ،
وقد حذرت وزارة الداخلية مِرَاراً المواطنين والمقيمين من دعم المتسولين في الشوارع والمساجد والأسواق وعدم تقديم أي مساعدات لهم حتى لا تُستَغل تلك الأموال في دعم أي جماعات إرهابية سواء بداخل المملكة أو خارجها.
عباد الله ومن يريد دفع الزكاة أو الإنفاق أو التصدق في سبيل الله فعليه التصدق عن طريق منصات وقنوات الإنفاق الرسمية فى بلادنا .
والواجب على المسلم ألا يدفع زكاته إلا لمصارفها الثمانية المبينة في آية الصدقة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الزكاة : (لَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ) رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني.
فعلينا جميعًا ـ يا عباد الله أن نحارب هذه الظاهرة بجميع ما نملك.
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله ....
المرفقات
1739376491_التحذير من التعاطف مع المُتَسوِّلين.docx