التَّحذِيرُ مِنَ الجَشَعِ وَالطَّمَعِ وَالِاحْتِكَارِ فِي العَقَارِ

عايد القزلان التميمي
1447/04/18 - 2025/10/10 06:30AM
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ،
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُمْ مُّسْلِمُونَ﴾
أمَّا بَعْدُ فَيَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
إِنَّ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ - تَعَالَى - عَلَى عِبَادِهِ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ، أَنْ يَجِدَ الْإِنْسَانُ لَهُ سَكَنًا وَبَيْتًا يُؤْوِيهِ، قَالَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -:﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ ﴾
وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ:: ((الحَمْدُ لِلَّهِ الذي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا، وَكَفَانَا وَآوَانَا، فَكَمْ مِمَّنْ لا كَافِيَ له وَلَا مُؤْوِيَ))؛ [أخرجه مسلم]؛
فَعَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَشْكُرَهُ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ؛ نِعْمَةَ السَّكَنِ.
عِبَادَ اللَّهِ،
وَعِنْدَمَا لَمْ يَسْتَطِعْ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَنْ يَجِدُوا سَكَنًا بِسَبَبِ غَلَاءِ أَسْعَارِهَا، أقَرَّت الدَّوْلَةُ - وَفَّقَهَا اللَّهُ - كَثِيرًا مِنَ التَّنْظِيمَاتِ، وَاتَّخَذَتْ مَجْمُوعَةً مِنَ الْإِجْرَاءَاتِ، تَهْدِفُ إِلَى تَحْقِيقِ التَّوَازُنِ فِي الْقِطَاعِ الْعَقَارِيِّ، وَالَّتِي تَهْدِفُ إِلَى تَسْهِيلِ تَأْمِينِ السَّكَنِ لِلْمُوَاطِنِينَ وَالْمُقِيمِينَ وَالتَّيْسِيرِ عَلَيْهِمْ،.
وَمِنْ آخِرِ ذَلِكَ صُدُور أَوَامِرِ وَتَوْجِيهَاتِ سُمُوِّ وَلِيِّ الْعَهْدِ - حَفِظَهُ اللَّهُ - الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا تَحْقِيقُ التَّوَازُنِ فِي الْقِطَاعِ الْعَقَارِيِّ، فَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْزِيَهُ خَيْرَ الْجَزَاءِ، وَأَنْ يَكُونَ مِمَّنْ رَفَقَ بِرَعِيَّتِهِ فَرَفَقَ اللَّهُ بِهِ، مِصْدَاقًا لِقَوْلِهِ: ﷺ «اللهُمَّ، مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ، فَارْفُقْ بِهِ».
وَاعْلَمُوا أَنَّ تَنْظِيمَ سُوق الْعَقَارِ لَيْسَ هَدَفًا اقْتِصَادِيًّا فَحَسْبُ، بَلْ هُوَ مَسَارٌ لِتَحْقِيقِ الِاسْتِقْرَارِ الِاجْتِمَاعِيِّ، الَّتِي فِيهَا تَسْتَقِرُّ الْأُسْرَةُ، وَتَطْمَئِنُّ النُّفُوسُ، وَيَزْدَهِرُ الْوَطَنُ.
عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ مِنَ الْآفَاتِ الْخَطِيرَةِ، وَالْمُخَالِفَةِ لِتَعَالِيمِ دِينِنَا الْإِسْلَامِيِّ، الَّتِي ابْتُلِيَ بِهَا بَعْضُ النَّاسِ - هَدَاهُمُ اللَّهُ -، آفَةَ الْجَشَعِ وَالطَّمَعِ وَالِاحْتِكَارِ فِي الْعَقَارِ.
فَالْجَشَعُ هُوَ طَمَعٌ فِي غَيْرِ حَقٍّ، وَرَغْبَةٌ فِي الْحُصُولِ عَلَى أَكْثَرَ مِمَّا قُدِّرَ لَهُ.
فَيَسْتَغِلُّ حَاجَةَ النَّاسِ لِلسَّكَنِ، فَيُبَالِغُ فِي رَفْعِ الْإِيجَارَاتِ طَلَبًا لِلرِّبْحِ الزَّائِدِ، فَيَطْلُبُ أَمْوَالًا بَاهِظَةً لَا تَتَنَاسَبُ مَعَ أَحْوَالِ كَثِيرٍ مِنَ الْأُسَرِ، حَتَّى أَصْبَحَتِ الْإِيجَارَاتُ فِي تَصَاعُدٍ مُسْتَمِرٍّ، فَتَضَرَّرَ أَكْثَرُ النَّاسِ بِارْتِفَاعِ أَسْعَارِهَا، وَقَدْ نَهَانَا دِينُنَا عَنِ الضَّرَرِ. ، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ » حديث حسن.
وقال النبي ﷺ: (( مَن ضارَّ أضرَّ اللهُ بهِ ومَن شاقَّ شاقَّ اللهُ علَيهِ )). أخرجه أبو داود وصححه الألباني.
وَمُعَنَّى هَذَا الْحَديث فَهُوَ مِنْ بَاب الْجَزَاء مِنْ جِنْس الْعَمَل .
عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ الْجَشَعَ وَالْحِرْصَ لَهُمَا آثَارٌ مُدَمِّرَةٌ عَلَى الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعَاتِ، وَقَدْ قَصَّ اللَّهُ عَلَيْنَا قِصَّةَ شُعَيْبٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَكَيْفَ أَنَّ اللَّهَ أَهْلَكَ قَوْمَهُ بِسَبَبِ شِرْكِهِمْ وَجَشَعِهِمْ وَطَمَعِهِمْ، وَكَذَلِكَ إِنَّ الْجَشَعَ وَالطَّمَعَ مِنْ صِفَاتِ الْيَهُودِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:: (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.......
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ فيا عباد الله
يَجِبُ عَلَيْنَا فِي مُعَامَلَاتِنَا سَوَاء فِي الْإِيجَارِ أَوِ الِاسْتِئْجَارِ أَوِ الْبَيْعِ أَوِ الشِّرَاءِ، مُرَاقَبَة اللَّهِ تَعَالَى، وَالتَّحَلِّي بِالْقَنَاعَةِ وَالسَّمَاحَةِ فِي التَّعَامُلِ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِينَ، وَاحْتِسَابُ الْأَجْرِ فِي التَّيْسِيرِ عَلَيْهِمْ، عَمَلًا بِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ (( رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى )) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
وعَنْ أَبي مسْعُودٍ البدْرِيِّ رضي الله عنه، قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: (( حُوسب رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَلَمْ يُوجدْ لَهُ مِنَ الخَيْرِ شَيءٌ، إلاَّ أَنَّهُ كَان يُخَالِطُ النَّاس، وَكَانَ مُوسِرًا، وَكَانَ يأْمُرُ غِلْمَانَه أنْ يَتَجَاوَزُوا عَن المُعْسِر. قَالَ اللَّه : نَحْنُ أحقُّ بِذَلكَ مِنْهُ، تَجاوَزُوا عَنْهُ)) رواه مسلمٌ.
عباد الله فعَلَيْنَا جَمِيعًا أَنْ نَتَعَاوَنَ وَنَتَرَاحَمَ، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾، وقال رسول الله ﷺ : (( الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ، يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ )) أخرجه أبو داود والترمذي وأحمد وصححه الألباني
فلْنَتَّقِ اللهَ -أيُّها المُسلِمونَ- ولْنَقتَدِ بِخَيرِ الأُمّة وأعلَمِها بِاللهِ، ولْنَتَراحَمْ ولَيُحسِنْ غَنيُّنا لِفقيرِنا، ولْيَرحَمْ قَوينا ضَعيفنا، فإنَّ الإحسانَ فوزٌ ونَجاةٌ، وتَركَهُ خَسارة وهَلَكة؛ قالَ سُبحانَهُ: (( وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ))
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله ...  
المرفقات

1760066998_التحذير من الجشع والطمع والاحتكار في العقار.docx

المشاهدات 331 | التعليقات 0