التَّخْطِيطُ فِي حَيَاتِنَا

خُطبة الجمعة

التَّخْطِيطُ فِي حَيَاتِنَا
الخُطبةُ الأُولَى
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ؛ خَلَقَ الإِنْسَانَ فَكَرَّمَهُ، وَسَوَّى خَلْقَهُ فَقَوَّمَهُ، وَعَلَّمَهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ، وَفَتَحَ لَهُ أَبْوَابَ الفَهْمِ وَالبَصِيرَةِ، وَأَرْشَدَهُ إِلَى حُسْنِ التَّدْبِيرِ، وَالأَخْذِ بِالأَسْبَابِ، وَالتَّزَوُّدِ بِكُلِّ عِلْمٍ نَافِعٍ مُفِيدٍ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}
فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ النَّجَاحِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا: حُسْنَ التَّخْطِيطِ وَصِدْقَ التَّدْبِيرِ؛
فَكَمْ مِنْ إِنْسَانٍ يَمْلِكُ طَاقَاتٍ عَظِيمَةً، وَلَكِنَّهَا تَتَبَدَّدُ بِلَا هَدَف!
وَكَمْ مِنْ أُمَّةٍ تَمْلِكُ خَيْرًا كَثِيرًا، وَلَكِنَّهَا تَتَعَثَّرُ حِينَ تُدَارُ أُمُورُهَا بِالعَشْوَائِيَّة!

أيُّهَا المُؤْمِنُون:
يَضَعُ لَنَا القُرْآنُ العَظِيمُ قَاعِدَةً مُضِيئَةً فِي فَنِّ التَّخْطِيطِ وَإِدَارَةِ الأَزْمَاتِ، فِي قِصَّةِ نَبِيِّ اللَّهِ يُوسُفَ عليه السَّلام، قَالَ تَعَالَى:

﴿وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ…﴾ [يُوسُف: 43].

رُؤْيَا تَتَكَرَّرُ، وَخَطَرٌ يَتَرَبَّصُ، وَأَزْمَةٌ اقْتِصَادِيَّةٌ تُهَدِّدُ البِلَاد. فَتَكَلَّمَ قَوْمٌ بِلَا عِلْمٍ، فَكَانَ الجَهْلُ بَابَ الهَلَاك.

ثُمَّ جَاءَ التَّأْوِيلُ الحَكِيمُ…
فَلَمْ يَكْتَفِ يُوسُفُ بِالتَّفْسِيرِ، بَلْ قَدَّمَ الخُطَّة!
خُطَّةً وَاضِحَةً، بِأَهْدَافٍ مُحَدَّدَةٍ، وَخُطُوَاتٍ عَمَلِيَّةٍ، وَزَمَنٍ مَعْلُوم:

﴿تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا﴾
عَمَلٌ مُسْتَمِرٌّ، وَجِدٌّ لَا يَعْرِفُ الكَسَل.
﴿فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ﴾
حِفْظٌ ذَكِيٌّ، وَتَخْزِينٌ بَعِيدُ النَّظَر.
﴿إِلَّا قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ﴾
اقْتِصَادٌ فِي الاِسْتِهْلَاك، وَضَبْطٌ لِلشَّهَوَات.
ثُمَّ سِنِينَ الشِّدَّة…
﴿ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ﴾
ثُمَّ الفَرَجُ بَعْدَ الصَّبْر:
﴿ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ﴾.
خُطَّةٌ لِأَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَة!
لَكِنَّهَا لَيْسَتْ مُعَقَّدَةً، بَلْ وَاضِحَةٌ قَابِلَةٌ لِلتَّطْبِيق… فَعَمِلَ النَّاسُ بِهَا، فَنَجَوْا مِنَ الجُوعِ وَالهَلَاك.
فَهَلْ رَأَيْتُمْ كَيْفَ يَرْفَعُ التَّخْطِيطُ البَلَاء؟
وَكَيْفَ يَكُونُ سَبَبًا فِي صَلَاحِ البِلَادِ وَالعِبَاد؟
عِبَادَ اللَّهِ:
وَإِذَا انْتَقَلْنَا مِنْ قِصَّةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى سِيرَةِ خَيْرِ الأَنَامِ ﷺ، وَجَدْنَا التَّخْطِيطَ حَاضِرًا فِي أَدَقِّ المَوَاقِفِ، وَأَخْطَرِ الظُّرُوفِ.
تَأَمَّلُوا الهِجْرَةَ… لَيْسَتْ هِرُوبًا، وَلَا فِرَارًا، بَلْ هِيَ خُطَّةُ نَجَاةٍ مَحْكَمَة.
فِي الوَقْتِ الَّذِي اجْتَمَعَ فِيهِ المُشْرِكُونَ يَتَشَاوَرُونَ فِي دَارِ النَّدْوَةِ:
﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الأنفال: 30].
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُدِيرُ المَوْقِفَ بِحِكْمَةٍ وَبَصِيرَةٍ.
سِرِّيَّةٌ تَامَّةٌ، لَا يَعْلَمُ بِالخُطَّةِ إِلَّا أَخَصُّ النَّاسِ.
وَإِعْدَادٌ مُبَكِّرٌ لِلرَّاحِلَتَيْنِ.
وَاخْتِيَارٌ مُحْكَمٌ لِلدَّلِيلِ.
وَسُلُوكُ طَرِيقٍ مُعَاكِسٍ لِاتِّجَاهِ المَدِينَةِ.
وَنَوْمُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي فِرَاشِهِ ﷺ؛ لِإِيهَامِ العَدُوِّ.
ثُمَّ مُكُوثٌ فِي الغَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى يَهْدَأَ الطَّلَبُ.
وَتَقْسِيمٌ دَقِيقٌ لِلأَدْوَارِ:
أَسْمَاءُ تُجَهِّزُ الطَّعَامَ،
وَعَبْدُ اللَّهِ يَنْقُلُ الأَخْبَارَ،
وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ يَمْحُو الآثَارَ…
ثُمَّ يَأْتِي الفَرَجُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، بَعْدَ أَخْذٍ مُحْكَمٍ بِالأَسْبَابِ.

فَلَيْسَ التَّوَكُّلُ تَرْكًا لِلتَّخْطِيطِ، وَلَا التَّخْطِيطُ نَقْضًا لِلتَّوَكُّلِ؛
بَلْ التَّخْطِيطُ عِبَادَةٌ، وَالتَّوَكُّلُ قَلْبُهَا.
أَيُّهَا الأَحِبَّةُ:
هَكَذَا كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ؛ يَضَعُونَ الأَهْدَافَ، ثُمَّ يَسِيرُونَ إِلَيْهَا بِعَزِيمَةٍ وَصَبْرٍ.
وَلَمْ تَكُنْ أَمَانِيَّهُمْ كَلِمَاتٍ تُقَالُ، بَلْ خُطَطًا تُنَفَّذُ.
تَأَمَّلُوا كَلِمَةَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ حِينَ قَالَ:
«إِنَّ لِي نَفْسًا تَوَّاقَةً، مَا نَالَتْ شَيْئًا إِلَّا تَاقَتْ إِلَى مَا هُوَ أَعْلَى مِنْهُ»…
حَتَّى انْتَهَى طُمُوحُهُ إِلَى الجَنَّةِ.

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ:
مِنْ أَكْبَرِ أَسْبَابِ التَّعَاسَةِ فِي زَمَانِنَا: أَنْ يَعِيشَ الإِنْسَانُ بِلَا هَدَفٍ، وَلَا خُطَّةٍ، وَلَا وَجْهَةٍ.
يَذْهَبُ وَيَجِيءُ، وَيَعْمَلُ وَيَنَامُ، ثُمَّ تَمْضِي السِّنُونُ، وَيَقُولُ: أَيْنَ ذَهَبَ العُمْرُ؟!
وَالسَّبَبُ: أَنَّهُ لَمْ يُخَطِّطْ.

مَعَ أَنَّ دِينَنَا دِينُ نِظَامٍ وَانْضِبَاطٍ؛ صَلَوَاتٌ فِي أَوْقَاتٍ، وَعِبَادَاتٌ فِي مَوَاقِيتَ، لِيُرَبِّيَنَا اللَّهُ عَلَى حُسْنِ التَّدْبِيرِ.
قَالَ تَعَالَى:
﴿‏ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ : فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾ [المؤمنون: 115].

عِبَادَ اللَّهِ…
وَمِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى هَذِهِ البِلَادِ المُبَارَكَةِ: أَنْ جَعَلَ التَّخْطِيطَ نَهْجًا، وَالتَّطْوِيرَ مَسَارًا، وَالاسْتِدَامَةَ هَدَفًا؛ فَكَانَتْ رُؤْيَةُ المَمْلَكَةِ 2030 مِثَالًا وَاضِحًا لِلْعَمَلِ المُنَظَّمِ، وَتَحْقِيقِ المُسْتَهْدَفَاتِ، وَالانْتِقَالِ مِنَ العَشْوَائِيَّةِ إِلَى وَضُوحِ الرُّؤْيَةِ، وَمِنَ التَّمَنِّي إِلَى الإِنْجَازِ.
وَهَذَا يُؤَكِّدُ أَنَّ التَّخْطِيطَ قِيمَةٌ شَرْعِيَّةٌ، وَسَبَبٌ فِي صَلَاحِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، نسأل الله أن يوفق ولاة أمرنا للبر والتقوى وما فيه صلاح البلاد والعباد وأن يحقق أهدافهم في ذلك.

عِبَادَ اللَّهِ:
نَحْنُ فِي شَهْرِ رَجَبٍ، وَهُوَ شَهْرٌ حَرَامٌ، وَمِنْ حِكْمَةِ اللَّهِ أَنْ جَعَلَ بَيْنَ العَامِّ وَرَمَضَانَ مِهَادًا لِلاِسْتِعْدَادِ.
كَانَ السَّلَفُ يَقُولُونَ: رَجَبٌ شَهْرُ الزَّرْعِ، وَشَعْبَانُ شَهْرُ السَّقْيِ، وَرَمَضَانُ شَهْرُ الحِصَادِ.

فَمَنْ لَمْ يَزْرَعْ فِي رَجَبٍ، وَلَمْ يَسْقِ فِي شَعْبَانَ، فَبِمَاذَا يَحْصُدُ فِي رَمَضَانَ؟

ابدأ واستعد بخُطْوَة عَمَلِيَّةِ وَاحِدَةٌ:
ثَبِّتْ عِبَادَةً لَا تَتْرُكُهَا:
وِرْدُ قُرْآنٍ يَوْمِيٌّ، وَلَوْ قَلِيلًا،
مُحَافَظَةٌ عَلَى الأَذْكَارِ،
رَكْعَتَا الضُّحَى…
وَاثْبُتْ عَلَيْهَا إِلَى رَمَضَانَ؛ تَدْخُلْهُ وَقَلْبُكَ مُهَيَّأٌ، لَا تَائِهًا وَلَا مُرْتَبِكًا.
وَمِنْ أَعْظَمِ الاِسْتِعْدَادِ لِرَمَضَانَ: أَنْ تَدْعُوَ اللَّهَ صَادِقًا أَنْ يُبَلِّغَكَ أَنْتَ وَأَحِبَّتَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ، وَأَنْتُمْ فِي خَيْرٍ وَعَافِيَةٍ وَعَمَلٍ صَالِحٍ.

اللَّهُمَّ بَلِّغْنَا رَمَضَانَ وَنَحْنُ فِي أَحْسَنِ حَالٍ، وَبَارِكْ لَنَا فِيهِ

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِمَا مِنَ الهُدَى وَالحِكْمَةِ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخُطبةُ الثَّانِيَة
الحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أَمَّا بَعْدُ:
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ:
اجْعَلُوا لِحَيَاتِكُمْ أَهْدَافًا وَاضِحَةً، ثُمَّ حَوِّلُوهَا إِلَى خُطُوَاتٍ عَمَلِيَّةٍ، وَلَا تَغْتَرُّوا بِحَمَاسٍ مُؤَقَّتٍ؛ فَإِنَّ العَمَلَ القَلِيلَ الدَّائِمَ، خَيْرٌ مِنَ الكَثِيرِ المُنْقَطِعِ.

عِبَادَ اللَّهِ، هَذِهِ أمثلة لتَطْبِيقَاتِ عَمَلِيَّةِ على التَّخْطِيطَ لِحَيَاتِنَا، لننَقَلْ المَعَانِي مِنَ الخُطَبِ إِلَى الوَاقِعِ.

فِي جَانِبِ الإِيمَانِ:
اسْأَلْ نَفْسَكَ صَادِقًا:
مَا خُطَّتُكَ لِلصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا؟
وَمَا نَصِيبُكَ مِنَ القُرْآنِ يَوْمِيًّا، قِرَاءَةً أَوْ تَدَبُّرًا أو حفظا؟
وكيف تستمر معه...
فَالإِيمَانُ لَا يَثْبُتُ بِالتَّمَنِّي، وَلَكِنْ بِالمُوَاظَبَةِ وَالانْضِبَاطِ.

وَفِي جَانِبِ العِلْمِ:
لَا تُرِدِ الكَثِيرَ، بَلِ الثَّابِتَ؛
كِتَابٌ وَاحِدٌ تُنْهِيهِ كل فترة، أَوْ عِلْمٌ نَافِعٌ تُحَصِّلُهُ كل يوم،
فَبِالعِلْمِ تَتَّضِحُ الرُّؤْيَةُ، وَيَنضج العقل.

وَفِي جَانِبِ الأُسْرَةِ:
جَلْسَةٌ يَوْمِيَّةٌ تُحْيِي المَوَدَّةَ،
وَبِرٌّ مُسْتَمِرٌّ يُرْضِي الرَّبَّ،
وَصِلَةُ رَحِمٍ بِمَوْعِدٍ مُحَدَّدٍ، وَلَوْ مَرَّةً فِي الشَّهْرِ؛
فَالأُسَرُ لَا تَقْوَى بِالكَلَامِ، بَلْ بِالحُضُورِ وَالاِهْتِمَامِ.

وَفِي جَانِبِ العَمَلِ وَالمِهْنَةِ:
مَهَارَةٌ تُطَوِّرُهَا كُلَّ فَتْرَةٍ،
وَخُلُقٌ تَلْتَزِمُهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ؛
صِدْقٌ، أَوْ إِتْقَانٌ، أَوْ أَمَانَةٌ…
فَبِهَا يُرْفَعُ العَبْدُ، وَيُبَارَكُ فِي رِزْقِهِ.

وَفِي جَانِبِ الصِّحَّةِ:
مَشْيٌ مُنْتَظِمٌ، وَنَوْمٌ مُبَكِّرٌ، وَتَوَازُنٌ فِي الطَّعَامِ؛
فَإِنَّ لِبَدَنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَالقُوَّةُ تُعِينُ عَلَى الطَّاعَةِ.

وَفِي جَانِبِ المَالِ:
تَرْشِيدٌ يَمْنَعُ الإِسْرَافَ،
وَادِّخَارٌ يَحْمِي مِنَ الطَّارِئَاتِ،
وَصَدَقَةٌ ثَابِتَةٌ تَسْتَجْلِبُ البَرَكَةَ؛
فَالمَالُ إِذَا أُدِيرَ بِحِكْمَةٍ، كَانَ عَوْنًا لَا هَمًّا.

وَاذْكُرُوا أَنَّ أَعْظَمَ هَدَفٍ لِلْمُؤْمِنِ: رِضَا اللَّهِ وَالجَنَّةَ، فَتَكُونُ خُطَطُ الدُّنْيَا سُلَّمًا لِخُطَطِ الآخِرَةِ.
قَالَ تَعَالَى:
﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ﴾ [الأنعام: 162]

عِبادَ اللَّهِ…
وإذا كان التخطيطُ طريقَ النجاةِ في الدنيا، فإنَّ أعظمَ ما يُبارِكُ الخططَ ويُسدِّدُ المسيرَ أن تمضيَ على هديِّ نبيِّ الهُدى، الذي علَّم الأمةَ كيف تُحسِنُ السَّيْرَ إلى الله، وكيف تجمع بين الأخذِ بالأسبابِ وكمالِ التوكُّلِ على ربِّ الأسباب فأكثروا من الصلاة والسلام عليه فإن الله أمركم بذلك فقال عز من قائل عليما:
﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.

اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللهمَّ عن آله وصحبِه، ومن سار على نهجِه واقتفى أثره إلى يوم الدين.

اللهمَّ إنّا نسألُك توفيقًا يُسدِّدُ خُطانا، ونورًا يُبصِّرُ قلوبَنا، وعملًا صالحًا تُباركُ فيه أعمارَنا.
اللهمَّ علِّمنا ما ينفعُنا، وانفعنا بما علَّمتَنا، وزِدنا علمًا وبصيرةً وحكمة.
اللهمَّ ارزقنا حُسنَ التدبير، وصوابَ القرار، وثباتَ العزيمة، ولا تكلْنا إلى أنفسنا طرفةَ عين.
اللهمَّ أصلِح لنا دِيننا الذي هو عصمةُ أمرِنا، وأصلِح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلِح لنا آخرتَنا التي إليها معادُنا.
اللَّهُمَّ كُنْ لِإِخْوَانِنَا المُسْتَضْعَفِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللَّهُمَّ ادْفَعْ عَنْهُمُ البَرْدَ وَالجُوعَ وَالخَوْفَ، وَاكْسُهُمْ دِفْئًا، وَارْزُقْهُمْ أَمْنًا، وَاحْفَظْهُمْ بِحِفْظِكَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ.

اللهمَّ احفظ بلادَنا، واجعلها آمنةً مطمئنةً وسائرَ بلاد المسلمين.
اللهمَّ وفِّق ولي أمرنا وولي عهده لما تحبُّ وترضى، وخذ بناصيتهم للبرِّ والتقوى.
اللهمَّ وفِّقهم وسدِّدهم
اللهمَّ اجمع كلمتنا على الحق، وأدم علينا نعمةَ الأمن والإيمان، والرخاء والاستقرار.
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ،
وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

المشاهدات 357 | التعليقات 0