الحج + موافقة للتعميم ( مشكولة ومختصرة )

صالح عبد الرحمن
1446/11/16 - 2025/05/14 10:05AM

خطبة عن الحج موافقة للتعميم 18-11-1446هـ

الخطبة الأولى: 

الحمد لله، الحمد لله مستحِقّ الحمدِ، ومستوجِب العبادةِ، المتابِع لأهل طاعته عونَه وإمدادَه، وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، شهادةَ مخلِصٍ له بالوحدانية حقَّ الشهادة، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، بعثَه على حين فترةٍ من الرسل، فهدى به عبادَه، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن اقتفى أثرَه واتَّبَع رشادَه.

فاتقوا الله أيها المؤمنون فالتقوى خيرُ زاد {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}،{وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}.

بيتُ اللهِ المعظم هو ملتقى جموعِ المسلمين، وقبلةُ أهل الإسلام، تتوجه إليه القلوب والأبدان، ويفد إليه الحجاجُ والعمار رجالاً ونساءً: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}

أي قلب لا يتقطع اشتياقاً لتلك الربوع، وأي فؤاد لا يطمئن بذاك الرُضاب، وفضائلُه تقرع الآذان، وتشق الأسماع من كلام سيد الأنام عليه الصلاة والسلام: «تَابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ»، «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ» متفق عليه.

الحج أمنيةُ كلِ مسلم، وأنسُ كلِ مؤمن، وبُلغةُ كلِ منقطع لربه، تتقطعُ القلوبُ  اشتياقاً إليه، وتحتفي الأقدامُ مشياً إلى عرصاته، وتَبحُ الحناجر تلبية لدعوته {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}

لا تلامُ النفوسُ وهي تتلهفُ أخبارَه، وتتلهث لبلوغه، وتدفع الغالي والنفيس من أجل الوصول إليه.

الحجُ مع مشقتهِ مرغوب، ومع نصبه محبوب، الحجُ جماُله ببساطتِه، وبهاؤه بقِلة الكلفة فيه.

هناك بين الحطيمِ وزمزمِ، وعلى ثَرَى مزدلفةَ وعرفات، تعود الذكريات، حين مشى عليها أطهرُ نفْسٍ أحرمت، وأزكى روحٍ هتفت تعلن التوحيد. 

ومن تمنى بصدقٍ بلوغَ تلك المشاعرِ العظام، متلهفاً لأداء هذا النسك العظيم، ولم يستطع لذلك سبيلاً لمرض ألم به وأقعده عن المسير، أو لقلةِ ذاتِ اليد بسبب تكاليف الحج، أو لم يجد تصريحاً لبلوغه، فإن الله يعذره {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}، يحرص المسلم بالذهاب للحج مع الحملات الرسمية، ويلتزم بالأنظمة الصادرة من جهات الاختصاص والتي وضعت لحماية الحجاج وراحتهم، وهو من تعظيم شعائر الله

( ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب). 

والتأكيد على عدم جواز الحج بلا تصريح، لما في ذلك من مخالفة ولي الأمر

(يأيها الذين امنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)

ولا ريب أن الذهاب للحج بلا تصريح، لا يقتصر ضرره على المخالف فحسب، بل يتعدى إلى غيره فيسبب الزحام في المشاعر، ويؤذي الحجاج، ويعيق الخدمات، ويُشغل الجهات الأمنية والصحية، وكل ذلك من الضرر المتعدي المحظور شرعاً، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا ضَررَ ولا ضِرارَ).

وعلى من لم يستطع الحج أن يحتسب بجلوسه توسعةً لإخوانه، فما معنى الحج بتتبعُ الرخص وارتكاب الحيل واقتراف المحظور الشرعي والنظامي.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم وبهدي سيد المرسلين، وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي ولَكُمْ وللمسلمين والمسلمات فاستغفروه إن ربنا لغفور شكور.

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، وصلى الله وسلم على خير خلق الله أما بعد:

الحج أشهر معلومات، وأيام معدودات، يُعلن فيه أنه لا يُدْعى مع الله أحدٌ {وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا} ، {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}.

 الحجُ فرصةٌ لمن نالَه ووصل لتلك الرحاب الطاهرة الآمنة الوادعة، لاكتمال ركن الإسلام، ومحطٌ لمحي الأوزار، وتجديد الإيمان.

وفي صحيح مسلم قال النبي r لعَمْرٍو بْنَ الْعَاصِ t «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟» وتحقيقُ ذلك في قولِه سبحانه {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} ومن عقد العزم على الحج فليتعلم مناسِكَه، وليأخذِ العلم من العلماء المعتبرين ولْيحج كما حج المصطفى r خذوا عني مناسككم.

الحج إخلاصٌ وطاعةٌ وإنابة، لا مباهاةٌ ورياءٌ وتصوير.

قال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ t: حَجَّ النَّبِيُّ r عَلَى رَحْلٍ، رَثٍّ، وَقَطِيفَةٍ لَا تُسَاوِي أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ حَجَّةً لَا رِيَاءَ فِيهَا، وَلَا سُمْعَةَ».

الحجُ دعاءٌ وإخباتٌ، ورجاء، مع حسن اتباع، ثم ليبشِر بعدها بكرمِ الله وعطائه وقبوله فالله لا يضيعُ أجر من أحسن عملا.

اللهم يسر على الحجاج حجهم وتقبل منهم يا رب العالمين، اللهم من أراد بنا أو بالحجاج والمسلمين سوءً أو إيذاءً ، فأشغله في نفسه ورد كيده في نحره وأرح المسلمين من شره.

 

المشاهدات 567 | التعليقات 0