الْحَذَرَ مِنْ مُدَّعِيْ تَّعْبِيْرِ الرُّؤَى
محمد البدر
خُطْبَةُ عَنْ: الْحَذَرَ مِنْ مُدَّعِيْ تَّعْبِيْرِ الرُّؤَى-محمد أحمد الذماري - جامع الشيخ صالح بن عبدالله العمودي رحمه الله - جدة التاريخية
الْخُطْبَةُ الأُولَى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.
عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾. وَقَالَ تَعَالَى:﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ المُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ﴾.وَقَالَﷺ:«رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِين جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَعَنْ عَائِشَةَ أُمّ الْمُؤُمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالتْ:أَوَّلُ مَا بُدِىءَ بِهِ رَسُولُ اللهِﷺمِنَ الْوَحْيِ الرؤيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلاَّ جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ..إلخ الْحَدِيثُ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَقَالَﷺ«لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إِلَّا المُبَشِّرَاتُ»قَالُوا:وَمَا المُبَشِّرَاتُ قَالَ«الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ»رَوَاهُ الْبُخَارِيّ.وَالنَّاسُ فِي الرُّؤْيَا عَلَى ثَلاَثُ دَرَجَاتٍ:(الأْنْبِيَاءُ)وَرُؤَاهُمْ كُلُّهَا صِدْقٌ،وَقَدْ يَقَعُ فِيهَا مَا يَحْتَاجُ إِلَى تَعْبِيرٍ،وَ(الصَّالِحُونَ)وَالأْغْلَبُ عَلَى رُؤَاهُمُ الصِّدْقُ، وَقَدْ يَقَعُ فِيهَا مَا لاَ يَحْتَاجُ إِلَى تَعْبِيرٍ،وَمَنْ عَدَاهُمْ وَقَدْ يَقَعُ فِي رُؤَاهُمُ الصِّدْقُ وَالأْضْغَاثُ. عِبَادَ اللَّهِ:اعْلَمُوا أَنَّ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ تَسُرُّ الْمُؤْمِنَ وَ بُشْرَى مِنَ اللهِ،وَهِيَ جُزْءٌ مِنَ النُّبوَّةِ،وَالرُّؤى ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ؛ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ حَقٌّ لا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهَا، وَالاثْنَتَانِ إِمَّا مِنَ الشَّيْطَانَ، وَإِمَّا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ،قَالَﷺ:«إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ، وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا،وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ،وَالرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ:فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللهِ، وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ،فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ»رَوَاهُ مُسْلِم.وَقَالَﷺ:«الرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ،مَا لَمْ تُعَبَّرْ فَإِذَا عُبِّرَتْ وَقَعَتْ»رواه ابو داود وصححه الألباني. وَقَالَﷺ:«الرُّؤْيَا الحَسَنَةُ مِنَ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ فَلاَ يُحَدِّثْ بِهِ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ، وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ، وَلْيَتْفِلْ ثَلاَثًا، وَلاَ يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا،فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ»رَوَاهُ الْبُخَارِيّ.وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:كَشَفَ رَسُولُ اللهِﷺالسِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ:«أَيُّهَا النَّاسُ،إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ، يَرَاهَا الْمُسْلِمُ، أَوْ تُرَى لَهُ، .إلخ الْحَدِيثُ»رَوَاهُ مُسْلِم.وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:كَانَ النَّبِيُّﷺإِذَا صَلَّى الصُّبْحَ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ فَقَالَ:«هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمُ الْبَارِحَةَ رُؤْيَا»رَوَاهُ مُسْلِم.وَقَالَﷺ:«إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يُحِبُّهَا،فَإِنَّهَا مِنَ اللَّهِ،فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيُحَدِّثْ بِهَا، وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ،فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ،فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا، وَلاَ يَذْكُرْهَا لِأَحَدٍ، فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ»رَوَاهُ الْبُخَارِيّ.
أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
عِبَادَ اللهِ:قَالَﷺ:«إِنَّ مِنْ أَفْرَى الفِرَى أَنْ يُرِيَ عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَ»رَوَاهُ الْبُخَارِيّ.الحذر الحذر من مدعي تعبير الرؤى الذين لم يُعرفوا بعلم ولا دين ولا صلاح ولا تقى،ويستغلون البسطاء من الناس في وسائل الإعلام وعبر القنواة الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي بقصد الشهرة وأكل الأموال بالباطل قَالَ تَعَالَى:﴿وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ﴾فإن موضوع تعبير الرؤى والأحلام راجت سوقه في هذا الوقت،وعظم الاهتمام به،ولا سيما النساء وضعاف الإيمان،فالحذر من مدعي التعبير من المتعالمين والجهال وأهل الكذب والشعوذة والخرافة الذين يدعون علم الغيب،ويروجونه على الناس بدعوى تعبير المنام وألا يعرض المسلم إلا ما تشتد الحاجة إلى تعبيره من منامه إلا على أهل العلم والصدق والخبرة والديانة فقط، ويحذر من سواهم أشد الحذر .
وقد حذر مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارات البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبدالله آل الشيخ،عموم المسلمين من اللهاث وراء مفسري الأحلام، حاثا على ترك التعلق بها لأنه لا يبنى عليها أحكام ولا تحقق شيئا..إلخ.
عِبَادَ اللهِ:إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِأَمْرٍ بَدَأَ فِيهِ بِنَفْسِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد،وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ ، وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَاحْفَظْ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وَأَيِّدْ بِالْحَقِّ إِمَامَنَا وَوَلِيَّ أَمْرِنَا،اللّهمّ وَهيِّئْ لَهُ الْبِطَانَةَ
الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَالَّتِي تَدُلُّهُ عَلَى الْخَيرِ وَتُعِينُهُ عَلَيْهِ ،واصرِفْ عَنه بِطانةَ السُّوءِ يَا رَبَّ العَالمينَ،وَاللّهمّ وَفِّقْ جَميعَ ولاةِ أَمرِ الْمُسْلِمِينَ لما تُحبهُ وَتَرضَاهُ لمَا فِيهِ صَلَاحُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَامِ ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.
عِبَادَ اللَّهِ:فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ،وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ
يَزِدْكُمْ ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.
المرفقات
1737618132_الْحَذَرَ مِنْ مُدَّعِيْ التَّعْبِيْرِ.pdf