تمزيق الشمل !

يوسف العوض
1447/03/01 - 2025/08/24 10:36AM

الخطبة الأولى

اَلْـحَمْدُ لِلَّهِ الْوَهَّابِ، الْكَرِيمِ التَّوَّابِ، شَرَعَ النِّكَاحَ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً، وَجَعَلَ الطَّلَاقَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ حِكْمَةً وَرَحْمَةً ، نَحْمَدُهُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَنَسْتَغْفِرُهُ اسْتِغْفَارَ التَّائِبِينَ، وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، الْحَلِيمُ الْغَفُورُ، الْكَرِيمُ الشَّكُورُ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَدَّى الْأَمَانَةَ، وَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ، وَنَصَحَ الْأُمَّةَ، فَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

عِبَادَ اللَّهِ: الطَّلَاقُ لَيْسَ لَعِبًا يُتَفَوَّهُ بِهِ عِنْدَ كُلِّ خِلَافٍ، وَلَا هُوَ سَلاحٌ يُشْهَرُ فِي وَجْهِ الزَّوْجَةِ عِنْدَ كُلِّ نِقَاشٍ ، إِنَّهُ حَلٌّ شَرَعَهُ اللَّهُ عِنْدَ اسْتِحَالَةِ الْحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةِ، وَلَيْسَ خِيَارًا سَهْلًا يُلْجَأُ إِلَيْهِ بِسُرْعَةٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾وَقَالَ سُبْحَانَهُ:﴿وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ﴾.

 عبادَ اللهِ :الطَّلَاقُ نَوعانِ السُّنِّيُّ وَالْبِدْعِيُّ..
فالطَّلَاقُ السُّنِّيُّ:هُوَ الطَّلَاقُ الَّذِي يَقَعُ عَلَى وَجْهٍ يُوَافِقُ السُّنَّةَ النَّبَوِيَّةَ، وَهُوَ:

أَنْ يُطَلِّقَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ طَلْقَةً وَاحِدَةً،فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ.ثُمَّ يَتْرُكُهَا فِي عِدَّتِهَا،وَقَدْ قَالَ تَعَالَى:﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾.

والطَّلَاقُ الْبِدْعِيُّ: هُوَ الَّذِي يُخَالِفُ السُّنَّةَ، وَمِنْ أَنْوَاعِهِ:

الطَّلَاقُ فِي حَيْضٍ،أوالطَّلَاقُ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ،أوالجَمْعُ بَيْنَ الثَّلَاثِ طَلَقَاتٍ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَدْ قَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا"طَلَّقْتُ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبِي لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا...".

فَاتَّقُوا اللَّهَ، وَلَا تَقَعُوا فِي الطَّلَاقِ الْبِدْعِيِّ، فَهُوَ مَعْصِيَةٌ، وَقَدْ يُؤَدِّي إِلَى تَفَرُّقٍ لَا مَجَالَ فِيهِ لِلرَّجْعَةِ.

عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ الطَّلَاقَ يُمَزِّقُ شَمْلَ الأُسَرِ، وَيُفَرِّقُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَيَجْعَلُ الأَطْفَالَ ضَحَايَا خِلَافَاتِ الْكِبَارِوَقَدْ شَهِدْنَا - فِي أَيَّامِنَا - زِيَادَةً مُرَوِّعَةً فِي نِسْبَةِ الطَّلَاقِ، حَتَّى إِنَّ بَعْضَ الْبُلْدَانِ تُسَجِّلُ نِسَبَ طَلَاقٍ تَفُوقُ 40% مِنَ الزَّوَاجَاتِ الْقَائِمَةِ!

فَأَيْنَ التَّفَاهُمُ؟
وَأَيْنَ التَّضْحِيَةُ؟
وَأَيْنَ الْحِكْمَةُ وَالصَّبْرُ وَالتَّوَاصِي بِالْمَعْرُوفِ؟


الخُطْبَةُ الثَّانِيَة
الحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ.

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ:يَقَولُ تَعَالَى﴿وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ فإِذَا بَلَغَ الزَّوْجَانِ بَابًا مُغْلَقًا، وَتَعَذَّرَ الإِصْلَاحُ، فَلْيَكُنِ الطَّلَاقُ بِالْمَعْرُوفِ، وَلْيَكُنْ بِغَيْرِ ظُلْمٍ وَلَا فُجُورٍ .

وَاعْلَمُوا أَنَّ الطَّلَاقَ، وَإِنْ كَانَ حَلَالًا، فَهُوَ أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى اللَّهِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ«أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ».

فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي أَنْفُسِكُمْ، وَفِي زَوْجَاتِكُمْ، وَفِي أَبْنَائِكُمْ، وَكُونُوا حُكَمَاءَ فِي تَصَرُّفَاتِكُمْ.

اللَّهُمَّ أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِ الْمُتَزَوِّجِينَ، وَأَصْلِحْ ذُرِّيَّاتِهِمْ، وَادْفَعْ عَنْهُمُ الشِّقَاقَ وَالطَّلَاقَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ بُيُوتَنَا مَوْئِلًا لِلرَّحْمَةِ، وَسَكَنًا لِلطُّمَأْنِينَةِ، وَبَارِكْ لَنَا فِي أَزْوَاجِنَا وَأَوْلَادِنَا.

 

المرفقات

1756097536_الطلاق.docx

المشاهدات 200 | التعليقات 0