الْمُتَسَابِقُونَ
يوسف العوض
الخُطْبَةُ الأُولَى
تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، أَنْزَلَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ، وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، خَاتِمُ النَّبِيِّينَ، وَإِمَامُ الْمُتَّقِينَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهَدْيِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾.
عِبَادَ اللهِ: إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَسَابَقَ إِلَيْهِ ، وَتَنَافَسَ فِيهِ، هُوَ حِفْظُ كِتَابِ اللهِ تَعَالَى، وَتَدَبُّرُ آيَاتِهِ، وَتَعَلُّمُهُ وَتَعْلِيمُهُ، فَهُوَ سَبِيلُ السَّعَادَةِ فِي الدُّنْيَا، وَسَبَبُ النَّجَاةِ فِي الآخِرَةِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ: "إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ" وَقَالَ ﷺ: "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ". "
فَأَيُّ فَضْلٍ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تَكُونَ مَعَ الْقُرْآنِ؟! وَأَيُّ مَجْدٍ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ تَحْمِلَ كِتَابَ اللهِ فِي صَدْرِكَ، وَتَتْلُوَهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ؟ قَالَ اللهُ تَعَالَى:﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ﴾.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: فِي زَمَنٍ تَتَنَافَسُ فِيهِ الدُّوَلُ عَلَى مَلَاهِي الدُّنْيَا، وَتَتَسَابَقُ فِيهِ الْمُجْتَمَعَاتُ عَلَى الشَّهَوَاتِ، تُقِيمُ هٰذِهِ الْبِلَادُ الْمُبَارَكَةُ، مَمْلَكَةُ الْخَيْرِ، مُسَابَقَةَ الْمَلِكِ عَبْدِالْعَزِيزِ الدُّوَلِيَّةَ لِحِفْظِ الْقُرْآنِ وَتِلَاوَتِهِ وَتَفْسِيرِهِ، فِي أَطْهَرِ بُقْعَةٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ: مَكَّةُ الْمُكَرَّمَةُ.
وَهِيَ مَسَابَقَةٌ عَالَمِيَّةٌ، تَجْمَعُ نُخْبَةً مِنْ خِيَرَةِ حُفَّاظِ الْقُرْآنِ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ ١٠٠ دَوْلَةٍ، فِي تَظَاهُرَةٍ إِيمَانِيَّةٍ عَظِيمَةٍ، تَجْسِيدًا لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى:﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ ، وَهِيَ مِنْ أَبْرَزِ مَظَاهِرِ عِنَايَةِ المَمْلَكَةِ العَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ بِخِدْمَةِ الْقُرْآنِ وَأَهْلِهِ، تَشْجِيعًا لِلْأَبْنَاءِ، وَتَكْرِيمًا لِلْحَفَظَةِ، وَتَشْرِيفًا لِمَنْ حَمَلَ هَذَا الْكِتَابَ الْعَظِيمَ.
وَقَدْ قَالَ ٱلنَّبِيُّ ﷺ:"إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَ ٱلنَّاسِ"، قِيلَ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ ٱللَّهِ؟ قَالَ: "هُمْ أَهْلُ ٱلْقُرْآنِ، أَهْلُ ٱللَّهِ وَخَاصَّتُهُ" .
فأَقْبِلُوا عَلَىٰ كِتَابِ ٱللَّهِ حِفْظًا وَتَدَبُّرًا، فَإِنَّ فِيهِ ٱلنَّجَاةَ وَٱلْهُدَىٰ، وَهُوَ حَبْلُ ٱللَّهِ ٱلْمَتِينُ، وَنُورُهُ ٱلْمُبِينُ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَة
الْحَمْدُ للهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ حَمَلَةَ الْقُرْآنِ لَهُمْ الْمَقَامُ الْعَالِي، وَالْمَنْزِلَةُ الْكَرِيمَةُ، وَقَدْ جَاءَ الحَدِيثُ قَالَ ﷺ:
يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: " اقْرَأْ وَارْتَقِ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِندَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا".
فَاحْرِصُوا يَا عِبَادَ اللهِ عَلَى أَنْ تَكُونُوا أَنْتُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ، وَشَجِّعُوا الْأَجْيَالَ عَلَى التَّسَابُقِ إِلَى هَذِهِ الْمِضْمَارَاتِ النُّورَانِيَّةِ، فَإِنَّهَا تُرَبِّي الْإِيمَانَ، وَتُزَكِّي النُّفُوسَ، وَتُفْلِحُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ، اللَّهُمَّ اجْعَلِ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قُلُوبِنَا، وَنُورَ صُدُورِنَا، وَجَلَاءَ أَحْزَانِنَا، وَذَهَابَ هُمُومِنَا.
اللَّهُمَّ بَارِكْ وَجَزِ مَنْ أَقَامَهَا خَيْرَ الْجَزَاءِ، وَوَفِّقْ قِيَادَتَنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَاجْعَلْ هَذِهِ الْبِلَادَ دَارَ قُرْآنٍ وَإِيمَانٍ وَأَمْنٍ وَإِسْلَامٍ
المرفقات
1754893902_حفظ القران.docx