المرحوم والمحروم يوم الجمعة.!

المرحوم والمحروم يوم الجمعة!
مع أحكام وتنبيهات! 
الخطبة الأولى
الحمد لله فرض الصلاة على العباد رحمة بهم وإحسانا، وجعلها صلة بينها وبينهم ليزدادوا بذلك إيمانا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده خالقنا ومولانا، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله جعل الله قرة عينه في الصلاة فضلا ورضوانا، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد : أوصيكم ونفسي بتقوى الله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾. 
فيا معشرَ المؤمنين:
إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَام، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ"
هكذا قال نبيكم ﷺ
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تعظيم هذا اليوم، وتشريفه، وتخصيصه بعبادات يختصَّ بها عن غيره.
إن يوم الجمعة عيد الأسبوع! 
وفيه رحمات تتنزل، وخيرات تتأكد، ودعوات مستجابة، ونفحات وفضائل كثيرة.. 
فمن المرحوم ومن المحروم؟ 
المرحوم فيه من قدم القرابينِ وتقدم.. قالَ ﷺ -: مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعةِ الثَّانيةِ فكأنَّما قَرَّبَ بَقَرَةً، ومَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فكأنَّما قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، ومَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأنَّمَا قرَّبَ دَجاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعةِ الخامِسَةِ فكأنَّما قَرَّبَ بَيْضَةً، فإذَا جَلَسَ الإِمَامُ طَوَوُا الصُّحُفَ وَجَاؤُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ. متفقٌ عليهِ. وابتداءُ حسابِ الساعاتِ يبدأُ من طلوعِ الشمسِ. 
 
وتأمل- يا عبد الله - في أي ساعة أتيت لتعرف نصيبك من الرحمات والخيرات.. 
 
وانظرُوا -رحِمَكمُ اللهُ- إلى الفرقِ العظيمِ بين أجرِ مَن يَتصدقُ بناقةٍ،وأجرِ مَن يتصدقُ ببيضةٍ. أما مَن جاءَ بعدَ دخولِ الخطيبِ فلا يستحقُ ولا حتى بيضةً؛ لأن الملائكةَ تَطوِي صُحُفَها وتجلسُ تستمعُ للخطبةِ
 
أيها المصلون! 
إن المحروم يوم الجمعة هو ذاك الذي لم يعظم هذه الشعيرة العظيمة ولم يعرف لها قدرها ومكانتها. 
هو ذاك الذي سهر ولم يبالي. 
هو ذاك الذي فوّت الجمعة أو تأخر عنها. 
هو ذاك الذي يحضر للجمعة جسدا بلا روح ولا قلب.. يحضر وهو في كسله لا يراعي خطبة ولا صلاةً.. ولاحول ولاقوة إلا بالله! 
المحروم هو ذاك يحضر الجمعة ثم يفرق بين الصفوف ويؤذي المصلين! 
المحروم الذي يحضر للجمعة ولم يغتسل ولم يتنظف ولم يحضر أجمل ثيابه ولا أطيب رائحة له رغم أنه يستطيع ذلك! 
وآسفاه على حاله تنتهي جمعته ويرجع إلى بيته ولم يشعر بأي من المعاني ولم يتعلم أيا من الفوائد. 
وأما المرحوم الموفق! 
فهوا ذاك الذي أعد للجمعة العدة واستبشر بهذا اليوم وفرح بما فيه من الخير.. 
بكّر في استعداده، وبالغ في غُسله، وقَدِم يمشي على قدميه، بادر في قدومه، ولبس أحسن ثيابه، وتجمل في مظهره ورائحته، وأنصت في حضوره، ولم يؤذي، ولم ينشغل عن الخطيب حتى لا يُلغى أجر جمعته! 
ثم رجع بنفس منشرحة بعد عبادة جميلة مباركة! 
ذلك هو الموفق المرحوم 
قال رسول الله ﷺ (من اغتسل يوم الجمعة ولبس من أحسن ثيابه ومس من طيب إن كان عنده ثم أتى الجمعة فلم يتخطى أعناق الناس ثم صلى ما كتب الله له ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يفرغ من صلاته كانت كفارة لما بينها وبين جمعته التي قبلها) نسأل الله العظيم من واسع فضله! 
 
وإليك يا عبد الله هذه البشارة النبوية العظيمة! 
 خُذ حديثاً أجورُهُ بالملياراتِ، وقد صححهُ ستةَ عشرَ من علماءِالحديثِ. إنه لَلَّذي قَالَ فيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ غَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ، ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، وَدَنَا مِنَ الإِمَامِ، فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ؛ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ: أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا. رواهُ أبو داودَ.
 
قالَ العلماءُ: (لَا نَعْلَمُ حَدِيثًا كَثِيرَ الثَّوَابِ مَعَ قِلَّةِ الْعَمَلِ أَصَحَّ مِنْ هذا الحَدِيثِ) فهيَ خمسةُ أعمالٍ تقومُ بها صباحَ الجمعةِ؛ لتنالَ هذه الجائزةَ الكبرَى: الاغتسالُ والتبكيرُ والمشيُ والدنوُ والاستماعُ.
فيا أخي المسلمُ: فرِّغْ نفسَك يومَ الجمعةِ وخذ حظك من النوم ليلتَه؛ لتحضرَمبكِّرًا متجمِّلاً متطيباً؛ فتصليَ وتتلوَ من كتابِ اللهِ وتستمعَ الذكرَ، لتكونَ من المسابقينَ للخيراتِ، ويصيرَ تبكيرُك للجمعةِ عادةً دائمةً لا تكادُ تتركُها، و(الخَيرُ عادةٌ، ومَنْ يَتَحَرَّ الخَيرَ يُعْطَهُ).
واعلموا يرحمكم الله أن المحروم بحق يوم الجمعة ذاك الذي الآن هو في فراشه نام وتخلف عن حضور الجُمع والجماعات!
وذلك والله أعظم الخُسْرَانِ وأمارَةُ الحِرْمَانِ قال ﷺ: (لَيَنْتَهينَّ أقْوامٌ عن ودْعِهِمُ الجُمُعاتِ أوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ على قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكونُنَّ مِنَ الغافِلِينَ) أخرجه مسلم وقالَ أيضًا: (مَن ترَكَ الجمعةَ ثلاثَ مرَّاتٍ تهاونًا بها، طبَعَ اللهُ على قلْبِه) أخرجه أبو داود والترمذي.
ومعنى أن يطبع الله على القلب أي : ختم عليه وغشاه ومنعه ألطافه ، وجعل فيه الجهل والجفاء والقسوة ، أو صير قلبه قلب منافق.
نسأل الله العظيم العافية!
بَارَكَ اللهُ لَي ولكم فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِمَا مِنَ الْآَيَاتِ وَالْحِكْمَةِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي ولَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
 
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالمِينَ، وَلا عُدْوَانَ إلا عَلَى الظَّالِمِينَ، وَأَشْهَدُ أَلّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ .
 
أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ: 
واعلموا - أسعدكم الله - أنَّ مِنْ أحكامِ صلاة الجمُعَةِ أنه ليسَ لها راتبةٌ قَبْلِيَّةٌ بل يُصَلِّي المسلمُ مَا شاءَ، ثم يتفرغُ للعبادةِ والذِّكْرِ وأمَّا النَّافِلَةُ بعدَهَا فإنْ صلَّى في المسجدِ صلَّى أربعًا وإنْ صلَّى في بيته صلَّى ركعتينِ كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية. 
ومن الأحكام أيضاً أن منْ دخلَ المسجدَ والإمامُ يخطُبُ فعليه أن يركعْ ركعتينِ خفيفتين؛ قالَ ﷺ: (إذا جاءَ أَحَدُكُمْ يَومَ الجُمُعَةِ والإِمامُ يَخْطُبُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِما) أخرجه البخاري. 
 ومن الأحكام والتنبيهات الهامة! 
وخطأ قد يقع فيه الكثير! 
أنه منْ أدركَ ركعةً مع الإمامِ وجبَ أنْ يُصَلِّيهَا ركعتينِ، فَيُتِمَّ ركعةً ثانيةً ويُسَلِّمَ فهي جمعة له، أمَّا مَنْ أدْرَكَ الإمامَ بعدَ الرُّكوعِ الثّاني فيلزمُهُ أنْ يُتِمَّهَا ظُهْرًا أَرْبَع رَكْعَاتٍ؛ فالبعض هداه الله قد تفوت الركعتين ثم يقضيهما ركعتي الجمعة وهذا خطأ لا تبرأ به الذمة بل يجب عليه أن يقضيها أربعا ظهرا؛ 
قال ﷺ: "من أدرك يوم الجمعة ركعة فليضف إليها أخرى ومن أدرك دونها صلاها أربعا" أخرجه الدارقطني.
عِبَادَ اللَّهِ: ومما يجب التنبيه عليه أن بعض المصلين يأتي مبكرا فيجلس في مؤخرة المسجد أو المصلى الخارجي مع وجود أماكن كثيرة داخل المسجد، والسنة هو القرب من الإمام، ومن التنبيهات أيضاً أنه إذا دخل المصلي المسجد لأداء صلاة الجمعة وسمع المؤذن يؤذن للخطبة، وقف ينتظر، حتى إذا أكمل المؤذن شرع في تحية المسجد، وبفعله هذا يدرك سنة ويفوت واجبا والصحيح أن يبادر بتحية المسجد ليتفرغ لسماع الخطبة، لأن متابعة المؤذن سنة واستماع الخطبة واجب والواجب مقدم على السنة، ومن التنبيهات أيضاً أنه يجب على المصلي أن يستمع وينصت للخطيب أثناء الخطبة، وأن يبتعد عن كلِّ ما يَشغَله عن الاستماع والإنصات، من قرآءة القرآن، أو استعمال المسبحة، أو اللعب بالجوال أو بالسواك، وشرب الماء لغير الحاجة، ورد السلام وتشميت العاطس وغيرها وهذا من مس الحصى الذي قَالَ عنه نبينا ﷺ: "مَن مسَّ الحصى فقد لغا، ومَن لغا فلا جمعةَ له رواه مسلم. 
عباد الله: وممَّا يستحبُّ في يومِ الجمعةِ وليلتِهَا: الإكثارُ من الصَّلاةِ على النَّبِيِّ قالَ رسولُ اللَّه ﷺ: (إنَّ مِن أَفْضلِ أيَّامِكُمْ يَوْمَ الجُمُعةِ، فَأَكْثِرُوا عليَّ مِنَ الصلاةِ فِيهِ، فإنَّ صَلاتَكُمْ معْرُوضَةٌ علَيَّ)
قال ابن القيم رحمه الله :
"ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيِّد الأنام، ويوم الجمعة سيِّد الأيام، فللصلاة عليه في هذا اليوم مزية ليست لغيره، مع حكمة أخرى وهي أنَّ كلَّ خير نالته أمته في الدنيا والآخرة فإنما نالته على يده، فجمع الله لأمته به بين خير الدنيا والآخرة. وأعظمُ كرامة تحصل لهم فإنها تحصل يوم الجمعة، فإنَّ فيه بعثهم إلى منازلهم وقصورهم في الجنة، وهو يوم المزيد لهم إذا دخلوا الجنة. وهو عيدٌ لهم في الدنيا، ويومٌ فيه يُسعفهم الله تعالى بطلباتهم وحوائجهم، ولا يردُّ سائلهم. وهذا كلُّه إنما عرفوه وحصل لهم بسببه وعلى يده، فمِن شكره وحمدِه وأداءِ القليل من حقِّه - صلى الله عليه وسلم - أن يُكثَر من الصلاة عليه في هذا اليوم وليلته."
فاللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا..
اللهم بارك لنا في جمعتنا وبارك لنا في جميع أيامنا اللهم بلغنا شهر رمضان ونحن في أحسن حال في ديننا ودنيانا اللهم اكفنا شر الأشرار وكيد الفجار وطوارق الليل والنهار إلا طارق يطرق بخير يا رحمان.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين وطهر الأقصى من دنس اليهود الغاصبين وارحم ضعف المؤمنين المستضعفين في غزة والسودان وفي كل مكان.
اللهم احفظ بلادنا وولاة أمرنا ورجال أمننا اللهم أدم على بلادنا نعمة الأمن والأمان والاستقرار والرخاء وعُم بها جميع أوطان المسلمين.
اللهم وفق خادم الحرمين وولي عهده وسددهم وأعنهم وقوّهم وسخر لهم واجعل فيهم الخير الكثير للإسلام والمسلمين.. 
اللهم إنا نسألُك من الخيرِ كلِه عاجلِه وآجلِه ، ما علِمنا منه وما لم نعلم ، ونعوذُ بك من الشرِ كلِّه عاجلِه وآجلِه ما علِمنا منه وما لم نعلم ، ونسألُك الجنةَ وما يقربُ اٍليها من قولٍ وعملٍ ،ونعوذُ بك من النارِ وما يقربُ اٍليها من قولٍ وعملٍ ،اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عَيْشَ السُّعَدَاءِ , وَمَوْتَ الشُّهَدَاءِ , وَالحَشْرَ مَعَ الأَتْقِيَاءِ , وَمُرَافَقَةَ الأَنْبِيَاءِ برحمتك يا أرحم الرحمين. 
اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولوالد والدينا ولمن له حق علينا وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات برحمتك يا أرحم الرحمين .
عباد الله : اذكروا الله العلي العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ماتصنعون.المرحوم والمحروم يوم الجمعة!
مع أحكام وتنبيهات! 
الخطبة الأولى
الحمد لله فرض الصلاة على العباد رحمة بهم وإحسانا، وجعلها صلة بينها وبينهم ليزدادوا بذلك إيمانا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده خالقنا ومولانا، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله جعل الله قرة عينه في الصلاة فضلا ورضوانا، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد : أوصيكم ونفسي بتقوى الله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾. 
فيا معشرَ المؤمنين:
إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَام، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ"
هكذا قال نبيكم ﷺ
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تعظيم هذا اليوم، وتشريفه، وتخصيصه بعبادات يختصَّ بها عن غيره.
إن يوم الجمعة عيد الأسبوع! 
وفيه رحمات تتنزل، وخيرات تتأكد، ودعوات مستجابة، ونفحات وفضائل كثيرة.. 
فمن المرحوم ومن المحروم؟ 
المرحوم فيه من قدم القرابينِ وتقدم.. قالَ ﷺ -: مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعةِ الثَّانيةِ فكأنَّما قَرَّبَ بَقَرَةً، ومَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فكأنَّما قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، ومَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأنَّمَا قرَّبَ دَجاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعةِ الخامِسَةِ فكأنَّما قَرَّبَ بَيْضَةً، فإذَا جَلَسَ الإِمَامُ طَوَوُا الصُّحُفَ وَجَاؤُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ. متفقٌ عليهِ. وابتداءُ حسابِ الساعاتِ يبدأُ من طلوعِ الشمسِ. 
 
وتأمل- يا عبد الله - في أي ساعة أتيت لتعرف نصيبك من الرحمات والخيرات.. 
 
وانظرُوا -رحِمَكمُ اللهُ- إلى الفرقِ العظيمِ بين أجرِ مَن يَتصدقُ بناقةٍ،وأجرِ مَن يتصدقُ ببيضةٍ. أما مَن جاءَ بعدَ دخولِ الخطيبِ فلا يستحقُ ولا حتى بيضةً؛ لأن الملائكةَ تَطوِي صُحُفَها وتجلسُ تستمعُ للخطبةِ
 
أيها المصلون! 
إن المحروم يوم الجمعة هو ذاك الذي لم يعظم هذه الشعيرة العظيمة ولم يعرف لها قدرها ومكانتها. 
هو ذاك الذي سهر ولم يبالي. 
هو ذاك الذي فوّت الجمعة أو تأخر عنها. 
هو ذاك الذي يحضر للجمعة جسدا بلا روح ولا قلب.. يحضر وهو في كسله لا يراعي خطبة ولا صلاةً.. ولاحول ولاقوة إلا بالله! 
المحروم هو ذاك يحضر الجمعة ثم يفرق بين الصفوف ويؤذي المصلين! 
المحروم الذي يحضر للجمعة ولم يغتسل ولم يتنظف ولم يحضر أجمل ثيابه ولا أطيب رائحة له رغم أنه يستطيع ذلك! 
وآسفاه على حاله تنتهي جمعته ويرجع إلى بيته ولم يشعر بأي من المعاني ولم يتعلم أيا من الفوائد. 
وأما المرحوم الموفق! 
فهوا ذاك الذي أعد للجمعة العدة واستبشر بهذا اليوم وفرح بما فيه من الخير.. 
بكّر في استعداده، وبالغ في غُسله، وقَدِم يمشي على قدميه، بادر في قدومه، ولبس أحسن ثيابه، وتجمل في مظهره ورائحته، وأنصت في حضوره، ولم يؤذي، ولم ينشغل عن الخطيب حتى لا يُلغى أجر جمعته! 
ثم رجع بنفس منشرحة بعد عبادة جميلة مباركة! 
ذلك هو الموفق المرحوم 
قال رسول الله ﷺ (من اغتسل يوم الجمعة ولبس من أحسن ثيابه ومس من طيب إن كان عنده ثم أتى الجمعة فلم يتخطى أعناق الناس ثم صلى ما كتب الله له ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يفرغ من صلاته كانت كفارة لما بينها وبين جمعته التي قبلها) نسأل الله العظيم من واسع فضله! 
 
وإليك يا عبد الله هذه البشارة النبوية العظيمة! 
 خُذ حديثاً أجورُهُ بالملياراتِ، وقد صححهُ ستةَ عشرَ من علماءِالحديثِ. إنه لَلَّذي قَالَ فيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ غَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ، ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، وَدَنَا مِنَ الإِمَامِ، فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ؛ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ: أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا. رواهُ أبو داودَ.
 
قالَ العلماءُ: (لَا نَعْلَمُ حَدِيثًا كَثِيرَ الثَّوَابِ مَعَ قِلَّةِ الْعَمَلِ أَصَحَّ مِنْ هذا الحَدِيثِ) فهيَ خمسةُ أعمالٍ تقومُ بها صباحَ الجمعةِ؛ لتنالَ هذه الجائزةَ الكبرَى: الاغتسالُ والتبكيرُ والمشيُ والدنوُ والاستماعُ.
فيا أخي المسلمُ: فرِّغْ نفسَك يومَ الجمعةِ وخذ حظك من النوم ليلتَه؛ لتحضرَمبكِّرًا متجمِّلاً متطيباً؛ فتصليَ وتتلوَ من كتابِ اللهِ وتستمعَ الذكرَ، لتكونَ من المسابقينَ للخيراتِ، ويصيرَ تبكيرُك للجمعةِ عادةً دائمةً لا تكادُ تتركُها، و(الخَيرُ عادةٌ، ومَنْ يَتَحَرَّ الخَيرَ يُعْطَهُ).
واعلموا يرحمكم الله أن المحروم بحق يوم الجمعة ذاك الذي الآن هو في فراشه نام وتخلف عن حضور الجُمع والجماعات!
وذلك والله أعظم الخُسْرَانِ وأمارَةُ الحِرْمَانِ قال ﷺ: (لَيَنْتَهينَّ أقْوامٌ عن ودْعِهِمُ الجُمُعاتِ أوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ على قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكونُنَّ مِنَ الغافِلِينَ) أخرجه مسلم وقالَ أيضًا: (مَن ترَكَ الجمعةَ ثلاثَ مرَّاتٍ تهاونًا بها، طبَعَ اللهُ على قلْبِه) أخرجه أبو داود والترمذي.
ومعنى أن يطبع الله على القلب أي : ختم عليه وغشاه ومنعه ألطافه ، وجعل فيه الجهل والجفاء والقسوة ، أو صير قلبه قلب منافق.
نسأل الله العظيم العافية!
بَارَكَ اللهُ لَي ولكم فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِمَا مِنَ الْآَيَاتِ وَالْحِكْمَةِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي ولَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
 
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالمِينَ، وَلا عُدْوَانَ إلا عَلَى الظَّالِمِينَ، وَأَشْهَدُ أَلّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ .
 
أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ: 
واعلموا - أسعدكم الله - أنَّ مِنْ أحكامِ صلاة الجمُعَةِ أنه ليسَ لها راتبةٌ قَبْلِيَّةٌ بل يُصَلِّي المسلمُ مَا شاءَ، ثم يتفرغُ للعبادةِ والذِّكْرِ وأمَّا النَّافِلَةُ بعدَهَا فإنْ صلَّى في المسجدِ صلَّى أربعًا وإنْ صلَّى في بيته صلَّى ركعتينِ كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية. 
ومن الأحكام أيضاً أن منْ دخلَ المسجدَ والإمامُ يخطُبُ فعليه أن يركعْ ركعتينِ خفيفتين؛ قالَ ﷺ: (إذا جاءَ أَحَدُكُمْ يَومَ الجُمُعَةِ والإِمامُ يَخْطُبُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِما) أخرجه البخاري. 
 ومن الأحكام والتنبيهات الهامة! 
وخطأ قد يقع فيه الكثير! 
أنه منْ أدركَ ركعةً مع الإمامِ وجبَ أنْ يُصَلِّيهَا ركعتينِ، فَيُتِمَّ ركعةً ثانيةً ويُسَلِّمَ فهي جمعة له، أمَّا مَنْ أدْرَكَ الإمامَ بعدَ الرُّكوعِ الثّاني فيلزمُهُ أنْ يُتِمَّهَا ظُهْرًا أَرْبَع رَكْعَاتٍ؛ فالبعض هداه الله قد تفوت الركعتين ثم يقضيهما ركعتي الجمعة وهذا خطأ لا تبرأ به الذمة بل يجب عليه أن يقضيها أربعا ظهرا؛ 
قال ﷺ: "من أدرك يوم الجمعة ركعة فليضف إليها أخرى ومن أدرك دونها صلاها أربعا" أخرجه الدارقطني.
عِبَادَ اللَّهِ: ومما يجب التنبيه عليه أن بعض المصلين يأتي مبكرا فيجلس في مؤخرة المسجد أو المصلى الخارجي مع وجود أماكن كثيرة داخل المسجد، والسنة هو القرب من الإمام، ومن التنبيهات أيضاً أنه إذا دخل المصلي المسجد لأداء صلاة الجمعة وسمع المؤذن يؤذن للخطبة، وقف ينتظر، حتى إذا أكمل المؤذن شرع في تحية المسجد، وبفعله هذا يدرك سنة ويفوت واجبا والصحيح أن يبادر بتحية المسجد ليتفرغ لسماع الخطبة، لأن متابعة المؤذن سنة واستماع الخطبة واجب والواجب مقدم على السنة، ومن التنبيهات أيضاً أنه يجب على المصلي أن يستمع وينصت للخطيب أثناء الخطبة، وأن يبتعد عن كلِّ ما يَشغَله عن الاستماع والإنصات، من قرآءة القرآن، أو استعمال المسبحة، أو اللعب بالجوال أو بالسواك، وشرب الماء لغير الحاجة، ورد السلام وتشميت العاطس وغيرها وهذا من مس الحصى الذي قَالَ عنه نبينا ﷺ: "مَن مسَّ الحصى فقد لغا، ومَن لغا فلا جمعةَ له رواه مسلم. 
عباد الله: وممَّا يستحبُّ في يومِ الجمعةِ وليلتِهَا: الإكثارُ من الصَّلاةِ على النَّبِيِّ قالَ رسولُ اللَّه ﷺ: (إنَّ مِن أَفْضلِ أيَّامِكُمْ يَوْمَ الجُمُعةِ، فَأَكْثِرُوا عليَّ مِنَ الصلاةِ فِيهِ، فإنَّ صَلاتَكُمْ معْرُوضَةٌ علَيَّ)
قال ابن القيم رحمه الله :
"ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيِّد الأنام، ويوم الجمعة سيِّد الأيام، فللصلاة عليه في هذا اليوم مزية ليست لغيره، مع حكمة أخرى وهي أنَّ كلَّ خير نالته أمته في الدنيا والآخرة فإنما نالته على يده، فجمع الله لأمته به بين خير الدنيا والآخرة. وأعظمُ كرامة تحصل لهم فإنها تحصل يوم الجمعة، فإنَّ فيه بعثهم إلى منازلهم وقصورهم في الجنة، وهو يوم المزيد لهم إذا دخلوا الجنة. وهو عيدٌ لهم في الدنيا، ويومٌ فيه يُسعفهم الله تعالى بطلباتهم وحوائجهم، ولا يردُّ سائلهم. وهذا كلُّه إنما عرفوه وحصل لهم بسببه وعلى يده، فمِن شكره وحمدِه وأداءِ القليل من حقِّه - صلى الله عليه وسلم - أن يُكثَر من الصلاة عليه في هذا اليوم وليلته."
فاللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا..
اللهم بارك لنا في جمعتنا وبارك لنا في جميع أيامنا اللهم بلغنا شهر رمضان ونحن في أحسن حال في ديننا ودنيانا اللهم اكفنا شر الأشرار وكيد الفجار وطوارق الليل والنهار إلا طارق يطرق بخير يا رحمان.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين وطهر الأقصى من دنس اليهود الغاصبين وارحم ضعف المؤمنين المستضعفين في غزة والسودان وفي كل مكان.
اللهم احفظ بلادنا وولاة أمرنا ورجال أمننا اللهم أدم على بلادنا نعمة الأمن والأمان والاستقرار والرخاء وعُم بها جميع أوطان المسلمين.
اللهم وفق خادم الحرمين وولي عهده وسددهم وأعنهم وقوّهم وسخر لهم واجعل فيهم الخير الكثير للإسلام والمسلمين.. 
اللهم إنا نسألُك من الخيرِ كلِه عاجلِه وآجلِه ، ما علِمنا منه وما لم نعلم ، ونعوذُ بك من الشرِ كلِّه عاجلِه وآجلِه ما علِمنا منه وما لم نعلم ، ونسألُك الجنةَ وما يقربُ اٍليها من قولٍ وعملٍ ،ونعوذُ بك من النارِ وما يقربُ اٍليها من قولٍ وعملٍ ،اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عَيْشَ السُّعَدَاءِ , وَمَوْتَ الشُّهَدَاءِ , وَالحَشْرَ مَعَ الأَتْقِيَاءِ , وَمُرَافَقَةَ الأَنْبِيَاءِ برحمتك يا أرحم الرحمين. 
اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولوالد والدينا ولمن له حق علينا وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات برحمتك يا أرحم الرحمين .
عباد الله : اذكروا الله العلي العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ماتصنعون.
المرفقات

1738846107_المرحوم والمحروم يوم الجمعة!.pdf

المشاهدات 839 | التعليقات 0