المواظبة على العمل الصالح بعد رمضان (مختصرة).

الخطبة الأولى:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:

أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله عز وجل، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.

أيها المسلمون: إن من فضل الله ورحمته بعباده أنه يسَّر عليهم فعل الطاعات في شهر رمضان، وقوَّاهم عليها وأعانهم على ترك المعاصي والشهوات، ولذا يكون من إقبال القلوب على الخير في هذا الشهر ما لا يكون في غيره. روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أبْوَابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوَابُ جَهَنَّمَ، وسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِين ).

وإن مطالبة النفس بأن تقوم في غير رمضان بما تقوم به في رمضان مطلبٌ صعبٌ، لأن الأسباب الموجبة لذلك في رمضان لا تتوفر في غيره، ولكن ينبغي التنبيه لأمرين:

الأول: أن البعض من الناس إذا خرج رمضان عاد إلى ما كان عليه قبله، مِن تَركِ بعضِ الفرائض والواجبات، أو ارتكاب بعض المعاصي والسيئات، وهذه وإن كان إثمُها في رمضان أعظم، إلا أنه لا يَسْقُط الاثمُ في غير رمضان؛ لأن وجوبها على العبد فعلًا وتركًا على الدوام.

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ ، وقال لنبيه ﷺ: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾

وقال الحسن البصري: (إن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلا دون الموت).

قال عيسى عليه الصلاة والسلام: ﴿وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا﴾.

روى مسلم في صحيحه من حديث سفيان بن عبدالله الثقفي -رضي الله عنه- قال: قُلْتُ: ( يَا رَسُولَ اللهِ: قُلْ لِي فِي الإِسلَامِ قَولًا لَا أَسْأَلَ عَنهُ أَحَدًا بَعدَكَ )، قَالَ: (قُل: آمَنتُ بِاللهِ ، فَاسْتَقِمْ ). قال العلماء: معنى الاستقامة لزوم طاعة الله .
أيها المسلمون، ومن تلك المعاصي: الانقطاع عن بيوت الله، والتساهل في صلاة الجماعة، وهجر القرآن الكريم الذي كانوا يقرؤونه في رمضان، والانكباب على القنوات الفضائية ووسائل التواصل السيئة التي تعرض المشاهد الهابطة والأغاني الماجنة، والصور الخليعة المحرمة، فإلى الله المشتكى.

أيها المسلمون: إن من ثمرات الحسنةِ الحسنةُ بعدها، وقد وفَّقكم ربُّكم لأعمال جليلةٍ، وحسناتٍ عظيم ة في الشهر المبارك، فاحفظوها ولا تضيعوها. قال تعالى : ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ  إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ  وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴾

أقول قولي ... 

 

الخطبة الثانية

الحمد الله العزيز الغفار، يكور الليل على النهار، ويكور النهار على الليل، لا إله إلا هو، شهادة أرجو بها النجاة من النار، وأن أكون بها من المتقين الأبرار، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

أيها الناس اتقوا الله تعالى، واعلموا أن الله مع المتقين، واسمعوا للتنبيه الثاني وهو التقصير في نوافل العبادات، فيستحب للمسلم أن لا ينقطع عنها في غير رمضان، وقد شرع من الصيام والقيام والصدقات وفعل الخير ما يملأ الأوقات، ويجعل العبد موصولا بربه على الدوام.

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال: سال: (أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ) ، بل إن النبي ﷺ كان ينهى أصحابه عن الانقطاع عن العمل الصالح.

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رَضي اللَّهُ عَنْهُما أن النبي ﷺ قال: (يَا عَبْدَ اللهِ، لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ، كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ)

 

وفي صحيح مسلم من حديث عثمان بن عفان الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: (مَن صَلَّى العِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّما قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَن صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ) ، فاقبلوا هذه البشارة من نبيكم ﷺ وافرحوا بها هو خير مما تجمعون.

 

ومن هذه النوافل التي شرعت بعد رمضان صيام ست من شوال. روى مسلم في صحيحه من حديث أبي أيوب -رضي الله عنه- : أن النبي ﷺ قال : (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِنَا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ)

ومنها صيام يوم عرفة؛ روى مسلم في صحيحه من حديث أبي قتادة بالله رضي الله عنه: أن النبي عندما سئل عن صيام يوم عرفة ؟ قال : ( يُكَفِّرُ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ ) . ومنها صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فقد جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : (أوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ : بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَي الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَرْقُدَ).

اللهم أعز الإسلام والمسلمين .....

 

المرفقات

1743689941_المواظبة على العمل الصالح (جوال).pdf

1743689981_ج6 - المواظبة على العمل الصالح.docx

1743689981_المواظبة على العمل الصالح.pdf

المشاهدات 724 | التعليقات 0