الموت وذكر بعض المُخَالَفَاتِ بَعْدَ الموْتِ 11/11/1446 هـ
مبارك آل بخيتان
عنوان الخطبة / الموت وذكر بعض المُخَالَفَاتِ بَعْدَ الموْتِ 11/11/1446 هـ
الخطبة الأولى:
الْحَمْدُ للهِ الْحَيِّ الذِي لا يَمُوتُ، الْقَائِلِ فِي كِتَابِهِ {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالَ وَالْإِكْرَامِ}، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُه وَرَسُولُهُ، ابْتُلِيَ بِمَوْتِ أَبْنَائِهِ وَأَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ فَاحْتَسَبَ وَصَبَرَ صَبْرًا جَميلًا ، وَخَالَفَ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ فَلا نَعْيَ وَلا نِيَاحَةَ وَلا جَزَعَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ عباد الله .. الموت الذي نتغافل عنه ويذكرنا بنفسه تارة بعد تارة, كرة بعد كرة, كلما حاولنا نتناساه بدا لنا في آية من آيات الله الكونية أو آية من آيات الله المتلوة, ليقرر لنا أن هذه الدنيا مهما بلغت ما هي إلا متاع زائل.
هذه الدنيا ما هي إلا حياة غرارة وكأس بالمنية دوارة, إن حلت أوحلت, وإن كست أوكست . (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ) [الحديد: 20] كمثل الزرع ألست ترى المرعى أخضرا ثم تراه مصفرا ثم يكون حطاما, هذا هو مثل الحياة الدنيا لتبقى الوصاةُ الخالدة "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل", "إذا أصبحت فلا تنتظر المساء وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح " لأن الكأس دوارة وكلنا سيشرب منها.
حُكمُ المَنِيَّةِ في البَرِيَّةِ جاري *** ما هَذِهِ الدُنيا بِدار قَرار
بَينا يَرى الإِنسان فيها مُخبِراً *** حَتّى يُرى خَبَراً مِنَ الأَخبارِ
حتّى متى أنت في لهو وفي لعب *** والموت نحوك يهوي فاتحا فاه
نعم هو الموت الذي يأتي بدروسه وعبره, على أشكال وعلى ألوان فقط ليذكرنا به؛ لأننا نحاول أن ننساه أو نتناساه, فينشدنا الدهر كله بصوت واحد ولسان واحد:
الموتُ في كلّ حينٍ ينشُرُ الكفنا *** ونحنُ في غفْلةٍ عمّا يُرادُ بنا
لا تطمئنَّ إلى الدنيا وبهجتها *** وإنْ توشّحْتَ مِنْ أثوابها الحسَنَا
أين الأحبّةُ والجيرانُ؟ ما فعلوا؟ *** أين الّذين همْ كانوا لنا سكَنا
سقاهمُ الموتُ كأساً غيرَ صافيةٍ *** فصيّرتْهمُ لأطباقِ الثّرى رُهُنا
يا عبدالله انسَ ما شئت لتكن ذاكرتك ضعيفة فيما شئت إلا الموت, ولقاء الله تعالى لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يوصيك صباح مساء قائلا: "أكثر من ذكر هاذم اللذات". ولما سئل -صلى الله عليه وسلم- عن أكيس الناس قال: "أكثرهم للموت ذكرا وأحسنهم له استعدادا".
إلى كم ذا التراخي والتمادي *** وحادي الموت بالأرواح حادي
تُنادينا المنية كل وقت *** وما نصغي إلى قول المنادي
فلو كُنَّا جماداً لاتعظنا *** و لكنا أشد من الجماد
فَيَا أَهْلَ التَّوْحِيدِ وَالسُّنَّةِ اكثرو ذكر هادم اللذات واحسنو العمل في هذه الدنيا فالعمر يسير والأجل قريب
عباد الله ..
بعد هذه المقدمة عن ذكر الموت وتذكره اطرح بين أيديكم مخالفات تقع بعد الموت .. إِنَّ مِنْ أَفْضَلَ شَيْءٍ نَفْعَلُهُ بَعْدَ فَقْدِ مَوْتَانَا أَنْ نَتَّبِعَ السُّنَّةَ فِي تَشْيِيعِ جَنَائِزِهِمْ، وَأَنْ نَحْذَرَ مِنْ أَيِّ مُخَالَفَةٍ قَدْ يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِسَبَبِهَا, عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَنَصْبِرُ وَنَحْتَسِبُ، لِأَنَّ للهَ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمَّى، وَالْمَوْتُ مَصِيرُ كُلِّ حَيٍّ، وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ شَأْنَ الْمَوْتِ وَالْجَنَائِزِ وَالْقُبُورِ وَالتَّعْزِيَةِ مِنْ أَوَائِلِ الْأَبْوَابِ التِي حَصَلَ فِيهَا انْحَرافٌ عَنِ الطَّرِيقِ الْقَوِيمِ، وَدَخَلَ مَعَهَا الشِّرْكُ وَالْبِدَعُ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ، لِمَا يَحْصُلُ مِنْ فَقْدِ الْأَحِبَّةِ وَحُزْنِ الْقُلُوبِ، فَيَأْتِيَ الشَّيْطَانُ وَيَسْتَغِلَّ تِلْكَ الْحَالُ وَيَجْعَلَ النَّاسَ يُخَالِفُونَ شَرْعَ اللهِ، وَتَأَمَّلْ فِي أَوِّلِ شِرْكٍ وُجِدَ فِي الْأَرْضِ كَانَ فِي شَأَنِ الْأَمْوَاتِ، وَتَصْوِيرِهِمْ، وَكَذَلِكَ فِي أَوَائِلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ حَصَلَ الْغُلُوُّ فِي الْقُبُورِ حَتَّى بُنِيَتْ عَلَيْهَا الْبِنَايَاتُ وَزُخْرِفَتْ وَاتُّخِذَتْ عَلَيْهَا الْمَسْاجَدُ، ثُمَّ لا تَزَالُ مُخَالَفَاتُ النَّاسِ تَزْدَادُ فِي الْجَناَئزِ وَمَا صَاحَبَهَا فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَخَاصَّةً بَعْدَ الْجَوَّالاتِ، وَهَذَا يُنْذِرُ بِشَرٍّ عَظِيمٍ وَيُهَدِّدُ بِخَطَرٍ كَبِيرٍ يُوجِبُ عَلَيْنَا جَمِيعًا أَنْ نُنْكِرَهَا وَنُبِيَّنَ مُخَالَفَتَهَا وَخَطَرَهَا عَلَى الْعَقِيدَةِ، وَهَذَا وَاجِبُ كُلِّ أَبٍ وَأُمٍّ مَعَ أَبْنَائِهِمْ، وَكُلُّ مُعَلِّمٍ وَمُعَلِّمَةٍ مَعَ طُلَّابِهِمْ، وَكُلُّ إِمَامٍ فِي مَسْجِدِهِ، وَكُلُّ خَطِيبٍ عَلَى مِنْبَرِهِ.
وَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَغِلُّ عَاطِفَةَ النَّاسِ فَيُحَسِّنَ لَهُمْ هَذِهِ الْمُخَالَفَاتِ وَأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى مَحَبَّتِهِمْ لِلْمَيِّتِ وَحُزْنِهِمْ عَلَيْهِ، بَيْنَمَا هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ جَزَعٌ وَتَسَخَّطٌ عَلَى قَدَرِ اللهِ، أَوْ نَعْيٌ وَنِيَاحَةٌ مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ، أَوْ مُخَالَفَاتٌ وَبِدَعٌ تَنْشُرُهَا فِي مُجْتَمَعِكَ، فَيْحْصُلَ بِهَا الإِثْمُ عَلَى الْأَحْيَاءِ وَقْدَ يَلْحَقُ الْمَيَّتَ عَذَابٌ بِسَبَبِهَا وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ.
إِنَّ الَمَيِّتَ فِي أَمَسِّ الْحَاجَةِ لِدَعَوَاتِكُمُ الصَّادِقَةِ الْخَفِيَّةِ وَالْتِزَامِكُمْ بِالسُّنَّةِ فِي تَجْهِيزِهِ وَتَشْيِيعِهِ، وَلَيْسَ الْمَجَالُ مَجَالَ تَصَرُّفَاتٍ خَاطِئَةٍ وَشَكِلِّيَاتٍ مُنْتَقَدَةِ وَبِدَعٍ وَمُخَالَفَاتٍ مُحْدَثَةٍ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اسْتَمِعُوا إِلَى بَعْضِ مَا تَمَّ رَصْدُهُ مِنَ الْمَخَالَفَاتِ ثُمَّ لِنَتَعَاونَ عَلَى تَرْكِهَا وَالتَّحْذِيرِ مِنْهَا.
فَمِنْ ذَلِكَ: نَشْرُ خَبَرِ الْوَفَاةِ بِاللَّوْنِ الْأَسْوَدِ وَبِشَكْلٍ وَاسِعٍ وَهَذَا تَشَبُّهٌ بِالنَّصَارَى وَجَزَعٌ وَتَسَخَّطٌ عَلَى قَدَرِ اللهِ وَنْعِيُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ.
وَمِنْهَا: تَصْدِيرُ الْخَبَرِ بِآيَاتٍ قُرْآنِيَّةٍ فِيهَا تَزْكِيَةٌ لِلْمَيِّتِ، وَرُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْهَا الْحُكْمْ لَهُ بِالْجَنَّةِ وَأَنَّ نَفْسَهُ مُطْمَئِنَّةٌ، وَهَذَا لا دَلِيلَ عَلَيْهِ.
وَمِنْهَا: التَّجَمُّعُ بِالْمَغْسَلَةِ وَالتَّقْبِيلُ وَالسَّلَامُ عَلَى الْمَيِّتِ، مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، حَتَّى صَارَتْ طَوَابِيرُ مِنَ الْجِنْسَيْنِ فِي كُلِّ مَغْسَلَةٍ، مِمَّا هُوَ مُحْدَثٌ وَيُوجِبُ تَأْخِيرَ الْجَنَازَةِ، وَرُبَّمَا صَاحَبَ ذَلِكَ تَصْوِيرٌ بالجوالات
وَمِنْهَا: الْجُلُوسَ مَعَ الْجَنَازَةِ فِي الْمُصَلَّى مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَلا ضَرُورَةٍ.
وَمِنْهَا: رَفْعُ الصَّوْتِ بِتَكْبِيرَاتِ صَلاةِ الْجَنَازَةِ، أَوْ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْمَسْجِدِ لِلتَّعْزِيَةِ، حَتَّى يَرْتَجَّ الْمَسْجِدُ بِالْأَصْوَاتِ.
وَمِنَ الْمُحْدَثَاتِ: اتِّبَاعُ النَّسَاءِ لِلْجَنَازَةِ بِالْمَغْسَلَةِ أَوِ الذَّهَابُ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهَا، فَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَتَقَصُّدُ الذَّهَابِ لِذَلِكَ دَاخِلٌ فِي الْحَدِيثِ، بِعَكْسِ مَا لَوْ جَاءَتْ جَنَازَةٌ وَالْمَرْأَةُ فِي الْمَسْجِدِ لِلصَّلَاةِ، فَلا بَأْسَ بِصَلَاتِهَا عَلَيْهَا.
وَمِنَ الْمُخَالَفَاتِ: نَشْرُ صُوَرِ الْمَيِّتِ أَوْ قَبْرِهِ أَوْ شَيْءٍ مِنْ أَخْبَارِهِ فِي حَالاتِ الْجَوَّالِ، وَكُلَّ ذَلِكَ زِيَادَةٌ لِحُزْنِ أَهْلِهِ وَجَزَعٌ مِنْ قَدَرِ اللهِ.
وَمِنْهَا: دَعْوَةُ النَّاسِ لِلتَّبَرُّعِ لِلْمَيِّتِ وَجَعْلِ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، وَيَنْبَغِي إَنْ حَصَلَ مِثْلُ هَذَا أَنْ يَكُونَ خَاصًّا بِأَهْلِ الْمَيِّتِ فَقَطْ،
اللهم ارحم امواتنا واموات المسلمين واجعلنا ممن يتبع سنة خير المرسلين
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: فَمِنَ الْمُخَالَفَاتِ فِي شَأْنِ الْجَنَائِزِ وَالْأَمْوَاتِ: الدُّعَاءُ عِنْدَ الْقَبْرِ بِشَكْلٍ جَمَاعِيٍّ كَأَنَّهُمْ فِي صَلاَةٍ، وَهَذَا مُحْدَثٌ، وِإِنَّمَا الذِي وَرَدَ أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ وَقَالَ: (اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ، فَنَدْعُو لِلْمَيِّتِ وَنَنْصَرِفَ، وَأَمَّا الإِطَالَةُ وَرَفْعُ الْأَيْدِي وَالتَّجَمُّعُ وَالصُّفُوفَ، فَهَذَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، بَلْ يَجُرُّ لِبِدَعٍ وَمُخَالَفَاتٍ أُخْرَى وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ، فَاحْذَرْ أَنْ تَكُونَ بَابًا لِلْبِدْعَةِ.
وَمِنَ الْمُحْدَثَاتِ: تَوْزِيعُ الْمَاءِ فِي الْمَقَابِرِ وَكَأَنَّ النَّاسَ فِي مَفَازَةٍ قَدِ انْقَطَعَتْ أَكْبَادُهُمْ مِنَ الْعَطَشِ، مَعَ أَنَّ الْبَقَاءِ قَدْ لا يَتَعَدَّى دَقَائِقَ ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ، وَيُصَاحِبُ ذَلِكَ اعْتِقَادٌ بِعِظَمِ الْأَجْرِ بِالصَّدَقَةِ عِنْدَ الْقَبْرِ وَبَعْدَ مَوْتِ الْمَيِتِ، وَهَذَا مُحْدَثٌ وَيَجُرُّ إِلَى بِدَعٍ أَكْبَرَ.
وَمِنْهِا: تَعْلِيمُ الْقُبُورِ بِالْأَلْوَانِ أَوِ الْكِتَابَةِ لِمَعْرِفَةِ قَبْرِ الْمَيِّتِ، حَتَّى صَارَ النَّاسُ يَتَسَابَقُونَ إِلَيْهِ , وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَجْصِيصِ الْقُبُورِ وَالْكِتَابَةِ عَلَيْهَا.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْعَزَاءُ لِلْمُصَابِ سُنَّةٌ غَيْرُ مَحَدَّدَةٍ بِمَكَانٍ أَوْ زَمَانٍ قَبْلَ الدَّفْنِ أَوْ بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ لِلْاجْتِمَاعِ لَهُ , فَإِنْ كَانَ لا بُدَّ فَاجْتِمَاعٌ مُخْتَصَرٌ مِنْ أَرْحَامِ الْمَيِّتِ الْقَريِبِينَ لِيَكُونُوا أَمَامَ مَنْ أَرَادَ الْعَزَاءَ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْمَجْيِءِ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ , ثُمَّ لِيَكُنْ ذَلِكَ مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى أَذَانِ الْعِشَاءِ, لِيَكُونَ أَقَلَّ ضَرَرًا وَكَلَفَةً, وَحَتَّى لا يَنْحَرِجَ أَهْلُ الْمَيِّتِ لِوَلائِمَ وَمُنَاسَبَاتٍ عَلَى غَيْرِ سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَصْحَابِهِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنِ اسْتَمَعَ القَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَه, اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ, اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَحْيِنَا مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لَنَا وَتَوَفَّنَا إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لَنَا, اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَكَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الغَضَبِ والرِّضَا, وَنَسْأَلُكَ القَصْدَ فِي الفَقْرِ وَالغِنَا وَنَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ وَقُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ وَنَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ وَنَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَنَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَنَسْأَلُكَ الشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمَانِ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ, اللَّهُمَّ وَفِّقْ إِمَامَنَا خَادِمَ الحَرَمَينِ الشَّرِيفَينِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ, اللَّهُمَّ أَصْلِحْ بِطَانَتَهُمْ وَوُزَرَاءَهُمْ يَا رَبَّ العَالمَينَ, اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدِ للهِ رَبِّ العَالَمِينْ.