الوصايا العشر من رب البشر في سورة الأنعام
عايد القزلان التميمي
1446/07/17 - 2025/01/17 07:54AM
الحمد لله سبحانه، القائل {وَأَنَّ هَـٰذَا صِرٰطِي مُسْتَقِيمًا فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الحلال ما أحله والحرام ما حرمه والدين ما شرعه، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله سيد الأنام، وبين الحلال والحرام، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه البررة الكرام، والتابعين ومن تبعهم بإحسان.
أما بعدُ : فيا أيها المسلمون : فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }
عباد الله، إن الله تعالى أوصى عباده في كتابه الكريم بما فيه سعادتهم وفلاحهم، في الدنيا والآخرة،
ومن أعظم تلك الوصايا، الوصايا العشر في سورة الأنعام، فما أحسن الوصايا إذا كانت من الله جل جلالُه ، قال تعالى (( قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(152) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )).
عباد الله : وفي هذه الآيات يأمر الله تعالى نبيَّه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يقول لأتباعه المؤمنين: تعالَوا أُبيِّن لكم ما حرَّم ربكم عليكم فالوصية الأولى: وهي قوله تبارك وتعالى: ﴿ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا ﴾، وفيها النهي عن الشرك: والشرك هو صرْف شيءٍ من العبادة لغير الله تبارك وتعالى، والشرك هو أكبر معصية وهو أكبر كبيرة، وهو الذنب الوحيد الذي لا يُغفر؛ وقد أخبرنا الله تبارك وتعالى أن الجنة مُحرمة على المشركين، وأنَّ مأْواهم النار .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم « مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ ».
عباد الله أما الوصية الثانية: وهي قوله تعالى: ﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾، وفيها الوصية بالإحسان للوالدين: فحق الوالدين عظيم؛ ولذا فقد أوصى الله تبارك وتعالى بالإحسان إليهما في هذه الآية، وفي سور متعددة .
عباد الله وأما الوصية الثالثة: قوله تعالى: ﴿ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ﴾، وهي الوصية بالنهي عن قتل الأولاد خشية الفقر؛ لأنه كان بعض الجاهلية إذا افتقر قتل بعض أولاده، وربما قتل البنات خوف العار فنهاهم الله عن ذلك، وأخبر أن الرزق بيده ، هو الذي يرزقهم ويرزق أولادهم.
أما الوصية الرابعة: قوله تعالى: ﴿ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ﴾، فهي وصية بالنهي عن قربان المعاصي بأنواعها ﴿مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ﴾ ، ما ظهر يعني العلانية، وما بطن يعني السر، .
عباد الله وأما الوصية الخامسة: قوله تعالى: ﴿ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ﴾، الوصية بالنهي عن قتْل النفس التي حرَّمها الله إلا بالحق، والنفسُ التي حرَّم الله قتلَها هي نفسُ المسلِم، ونفسُ المعاهَد الكافر الذي له أمانٌ من ولي الأمر، والكافر غيرُ المحارب وإن لم يكن له أمان فيحرُم قتلُه، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا »
أما الوصية السادسة: قوله تعالى:﴿وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ﴾ ففي هذه الوصية نهى الله عن الاقتراب من مال اليتيم، ومن باب أَولى أكْله، إلا بالتي هي أحسن،
وعدَّ النبي صلى الله عليه وسلم أكل مال اليتيم من الموبقات المهلكات ،.
ونأتي إلى الوصية السابعة: قوله تعالى: ﴿ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ﴾، ويأمر الله في هذه الآية ، بإقامة العدل في الكيل والوزن .
وأما الوصية الثامنة: قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ﴾، أوصى الله وأمر بقول الحق والعدل فيه ولو كان على أُولي القربى.
ثم نأتي إلى الوصية التاسعة: قوله تعالى: ﴿ وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ﴾،أوصى الله وأمر بإيفاء العهد ، ومعنى الوفاء بالعهد : امتثال ما أمر الله به ورسوله، واجتناب ما نهى الله عنه ورسوله .
بارك الله لي ولكم .....
الخطبة الثانية
الحمد لله على جميع نعمه وأجلُّها نعمة الإسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك القدوس السلام ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله بين لأمته الحلال والحرام صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الأئمة الأعلام وسلم تسليما كثيرا ما تعاقبت الليالي والأيام .
أما بعد فيا عباد الله أما الوصية العاشرة والأخيرة في تلك الآية قوله تعالى: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ﴾، فأمَر الله باتباع صراط الله المستقيم وهو الإسلام، ونهانا عن اتباع البدع والمحدثات والشهواتُ والشبهاتُ.
ثم قال الله: ﴿ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ أي: وصاكم بهذه الوصايا لتتقوه وتعظموه وتستقيموا على أمره .
اللهم اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ واجعلنا من الذين يستمعون القول فيتَّبِعون أحسنه،
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله ........
المرفقات
1737089668_الوصايا العشر من رب البشر في سورة الأنعام.docx