بُيُوتُ الأَتْقِيَاءِ
سعود المغيص
إِنَّ الحَمدَ للهِ، نَحمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنفُسِنا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه، وَمَنْ يُضلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً.
أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللهِ:
اتقوا اللهَ تعالى , واعلموا أن بُيُوتُ الله ، هي بُيُوتُ الأَتْقِيَاءِ، وَمَوْطِنُ الأَنْقِيَاءِ، وَمُسْتَرَاحُ الصَّالِحِينَ، وَمَوْضِعُ طُمَأْنِينَةِ الْمُخْلَصِينَ؛ كَمْ تَخَرَّجَ مِنْهَا مِنْ عُبَّادٍ وُعَلَمَاءَ، وَمُجَاهِدِينَ أَوْفِيَاءَ،
وَمِنْهَا يَنْطَلِقُ أَعْظَمُ نِدَاءٍ؛ نِدَاءِ الشَّهَادَتَيْنِ، وَالدَّعْوَةِ لِلصَّلاَةِ وَالْفَلاَحِ ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾.
بُيُوتُ اللهِ هِيَ: أَحَبُّ الأَمَاكِنِ إِلَى اللهِ تَعَالَى ؛ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾ ،
وقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « أَحَبُّ الْبِلاَدِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلاَدِ إِلَى اللهِ أَسْوَاقُهَا »
وَهَذِهِ الْبُيُوتُ قَدْ رَتَّبَ اللهُ تَعَالَى ، الْفَضْلَ الْعَظِيمَ ، وَالأَجْرَ الْعَمِيمَ ، لِمَنْ دَاوَمَ الذَّهَابَ إِلَيْهَا، وَجَعَلَهَا مَوْطِنًا لَهُ يَأْلَفُهَا وَيُحِبُّهَا ، وَيَعْتَادُ الْجُلُوسَ فِيهَا ، لِلصَّلاَةِ وَالذِّكْرِ وَالْعِلْمِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْعِبَادَاتِ، إِخْلاَصًا للهِ تَعَالَى، وَمُتَابَعَةً لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الْقَائِلِ: « الْمَسْجِدُ بَيْتُ كُلِّ تَقِيٍّ، وَتَكَفَّلَ اللهُ لِمَنْ كَانَ الْمَسْجِدُ بَيْتَهُ بِالرَّوْحِ وَالرَّحْمَةِ، وَالْجَوَازِ عَلَى الصِّرَاطِ إِلَى رِضْوَانِ اللهِ، إِلَى الْجنَّةِ »
وَقَدْ وَعَدَ اللهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مَنْ يَذْهَبُ إِلَى الْمَسْجِدِ صَبَاحًا أَوْ مَسَاءً لِصَلاَةِ الْجَمَاعَةِ بِالضِّيَافَةِ الَّتِي لاَ تَخْطُرُ لَهُ عَلَى بَالٍ فِي الْجَنَّةِ ؛ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: « مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ أَوْ رَاحَ ، أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِي الْجنَّةِ نُزُلاً كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ » وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : « مَن تَطَهَّرَ في بَيْتِهِ، ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مَن بُيُوتِ اللهِ لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِن فَرَائِضِ اللهِ، كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً ، وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً »
وَالْبِشَارَةُ تَأْتِي مِنَ النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ مَشَى إِلَى بُيُوتِ اللهِ فِي الظُّلَمِ؛ سَوَاءً فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ لِصَلاَةِ الْعِشَاءِ، أَوْ فِي آخِرِهِ لِصَلاَةِ الْفَجْرِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا وذرياتنا مُقِيمِي الصَّلاَةِ ، وَمُنَّ عَلَيْنَا بِالتَّوْفِيقِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى يَا جَزِيلَ الْهِبَاتِ ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية :
الْحَمْدُ للهِ عَلى إِحسانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ، وَأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَأشهدُ أنَّ مُحمّداً عَبدُهُ وَرسولُهُ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلمَ تسليماً كثيراً .
أَمَّا بَعْدُ عباد الله :
اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَفْرَحُ فَرَحًا يَلِيقُ بِجَلاَلِهِ وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ بِقُدُومِ عَبْدِهِ إِلَى مَسْجِدِهِ، عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : « مَا تَوَطَّنَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ الْمَسَاجِدَ لِلصَّلاَةِ وَالذِّكْرِ إِلاَّ تَبَشْبَشَ اللَّهُ لَهُ كَمَا يَتَبَشْبَشُ أَهْلُ الْغَائِبِ بِغَائبِهِمْ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ »
فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَبَادِرُوا بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلاَةِ فِي بُيُوتِ اللهِ تَعَالَى، لِتَفُوزُوا بِالسَّعَادَةِ فِي الدُّنْيَا ، وَالأُجُورِ الْعَظِيمَةِ فيِ الآخِرَةِ.
اللهم صلي وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَاْمَ وَالْمُسْلِمِينَ وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينَ وَاجْعَلْ بِلدَنَا آمِنًا مُطْمَئِنًّا رَخَاءً سَخَاءً وَسَاْئِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ .
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وفقهنا في دينك يا ذا الجلال والإكرام،
اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِكُلِّ خَيرٍ للِبِلَادِ والعِبَادِ يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَامِ
اللهمَّ احْفَظْ جُنُودَنَا الْمُرَابِطِينَ عَلَى الحُدُودِ وثبِّتْ أَقْدَامَهُمْ
اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ بِلَادَنَا بِسُوءٍ فَاشْغَلْهُ بِنَفْسِهِ وَرُدَّ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ
اللَّهُمَّ فَرِّجْ هَمَّ الْمَهْمُومِيْنَ مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ وَنَفِّسْ كَرْبَ الْمَكْرُوبِيْنَ وَاقْضِ الدَّيْنَ عَنِ الْمَدِينِيْنَ وَاشْفِ مَرْضَانَا وَمَرضَى الْمُسْلِمِيْنَ وارْحمْ مَوتَانَا وَمَوتَى الْمُسْلِمِيْنَ وَخُصَّ مِنْهُم الآبَاءَ والأُمَّهَاتِ
اللهم أنت الله لا اله الا انت ، أنت الغني ونحن الفقراء
أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ القَانِطِينَ ،
اللّهُمَّ أَغِثْنَا ، اللّهُمَّ أغِثْنَا ، اللّهُمَّ أغِثْنَا ؛ اَللَّهُمَّ اِسْقِنَا وَأَغِثْنَا ، اَللَّهُمَّ أَغِثْ قُلُوبَنَا بِالإِيمَانِ وَاليَقِينِ ، وَبِلَادَنَا بِالخَيْرَاتِ وَالأَمْطَارِ والْغَيْثِ الْعَمِيمِ ،
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
( عِبَادَ اللهِ اذْكُرُوا اللهَ الْعَظِيمَ الجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .