توجيهات مع بداية العام الدراسي (الطلاب، المعلمين، الأسرة، أولياء الأمور).
أسامة بن سعود عبد الله التميمي
1447/02/25 - 2025/08/19 21:45PM
- فَضْلُ الْعِلْمِ وَأَهْلِهِ، وَمَسْؤُولِيَّةُ الطُّلَّابِ وَالْمُعَلِّمِينَ وَالْأُسْرَةِ مَعَ بَدَايَةِ الْعَامِ الدِّرَاسِيِّ الْجَدِيدِ.
الخُطْبَةُ الأُولَى
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اَلْله حَثَّ عَلَى الْعِلْمِ وَأَعْلَى مَنْزِلَةَ الْعُلَمَاءِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ إِمَامُ الْعُلَمَاءِ وَقُدْوَةُ الْمُرَبِّينَ الْمُوحَى إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ [وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا] (طَهَ الْآيَةُ114)، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، أَمَّا بَعْدُ: أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ؛ فَهِيَ رَأْسُ الْأَمْرِ، وَمِفْتَاحُ الْفَهْمِ، وَسَبَبُ التَّوْفِيقِ. يَقُولُ جَلَّ وَعَلَا: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمْكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾. فَمَنْ أَقَامَ التَّقْوَى، أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ نُورًا، وَعَلَى فِكْرِهِ رُشْدًا، وَعَلَى خُطُوَاتِهِ سَدَادًا.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ! اعْلَمُوا يَرْحَمْكُمُ اللَّهُ بِأَنَّ الْعِلْمَ نُورٌ يَكْشِفُ ظُلْمَةَ الْجَهْلِ، وَرِفْعَةٌ يَرْقَى بِهَا الْفَرْدُ وَالْمُجْتَمَعُ. قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾، وَقَالَ: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾. وَفِي الصَّحِيحِ: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ».
تَأَمَّلُوا صَبَاحًا مُبَكِّرًا خُطًى تَمْضِي إِلَى مَقَاعِدِ الدِّرَاسَةِ، نِيَّةٌ صَادِقَةٌ، وَقَلَمٌ يَدُورُ، وَعَقْلٌ يَسْتَضِيءُ. وَقَبْلَهَا الدِّرَاسَةُ صَلَاةُ فَجْرٍ فِي وَقْتِهَا فِي جَمَاعَةٍ فَبِهَكَذَا تُبْنَى الْعُقُولُ: صَلَاةٌ تَهْدِي، وَقُرْآنٌ يُنِيرُ، وَعِلْمٌ يَبْنِي.. إِنَّ الْمُجْتَمَعَ إِذْ قَدَّرَ الْعِلْمَ وَاعْتَنَى بِهِ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَى أَرْقَى الْحَضَارَاتِ وَالرُّقِيِّ وَالِازْدِهَارِ وَالتَّقَدُّمِ.. فَـ "الْعِلْمُ يَبْنِي بُيُوتًا لَا عِمَادَ لَهَا وَالْجَهْلُ يَهْدِمُ بَيْتَ الْعِزِّ وَالْكَرَمِ
إِلَى أَبْنَائِي وَإِخْوَانِي الطُّلَّابَ: لَا يَأْتِي التَّمَيُّزُ عَرَضًا، وَلَا يَهْبِطُ نَجْمُ النَّجَاحِ عَلَى قَلْبٍ خَالٍ مِنَ الْهَمِّ وَالْهِمَّةِ. طَرِيقُكُمْ جَلِيٌّ، وَلَكِنَّهُ يَحْتَاجُ مِنْهَجًا قَوِيمًا يُوصِلُ إِلَى نَتَائِجَ مُبْهِرَةٍ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى فَأَقُولُ لِكُلِّ طَالِبٍ يُرِيدُ النَّجَاحَ وَالْفَلَاحَ: عَلَيْكَ بِهَذِهِ الْوَصَايَا الْعَشْرِ:
1. إِصْلَاحُ النِّيَّةِ: اجْعَلْ مَقْصِدَكَ مِنَ الْعِلْمِ وَجْهَ اللَّهِ، تَطْلُبُ الْأَجْرَ وَالثَّوَابَ وَنَفْعَ الْمُسْلِمِينَ.
2. الدُّعَاءُ سِلَاحُ الْمُؤْمِنِ: أَكْثِرْ مِنْ دُعَاءِ اللَّهِ أَنْ يَفْتَحَ عَلَيْكَ، فَالْعَوْنُ مِنْهُ وَحْدَهُ: «اللَّهُمَّ لَا سَهْلَ إِلَّا مَا جَعَلْتَهُ سَهْلًا، وَأَنْتَ تَجْعَلُ الْحَزْنَ إِذَا شِئْتَ سَهْلًا».
3. الِاسْتِفَادَةُ مِنْ وَسَائِلِ الْعَصْرِ: اجْعَلِ التِّقْنِيَةَ مُعِينًا عَلَى التَّعَلُّمِ، وَاسْتَفِدْ مِنْ تَطْبِيقَاتِ التَّنْظِيمِ وَالْمُرَاجَعَةِ، وَحَتَّى أَدَوَاتِ الذَّكَاءِ الِاصْطِنَاعِيِّ الَّتِي تُسَاعِدُ عَلَى الْفَهْمِ وَالتَّمَيُّزِ.
4. تَرْكُ الْكَسَلِ: إِيَّاكَ وَالتَّسْوِيفَ؛ فَكُلُّ دَقِيقَةٍ تَضِيعُ لَا تُعَوَّضُ. اعْتَدْ أَنْ تَبْدَأَ وَلَوْ بِخُطْوَةٍ صَغِيرَةٍ، فَالْإِنْجَازُ يَبْدَأُ بِخُطْوَةٍ.
5. مُخَالَفَةُ الْهَوَى: النَّفْسُ تَمِيلُ لِلرَّاحَةِ وَاللَّعِبِ، وَالْمَجْدُ لَا يُنَالُ إِلَّا بِمُجَاهَدَةِ النَّفْسِ وَمُخَالَفَةِ الْهَوَى. .لَا تَحْسَبِ الْمَجْدَ تَمْرًا أَنْتَ آكِلُهُ لَنْ تَبْلُغَ الْمَجْدَ حَتَّى تَلْعَقَ الصَّبْرَا
6. تَعْوِيدُ النَّفْسِ عَلَى الْإِنْجَازِ: ذَكِّرْهَا بِلَذَّةِ الْإِنْجَازِ بَعْدَ كُلِّ مُهِمَّةٍ تُنْجِزُهَا؛ فَطَعْمُ النَّجَاحِ يُحَفِّزُكَ عَلَى الْمَزِيدِ.
7. تَنْظِيمُ الْوَقْتِ: اجْعَلْ لِكُلِّ شَيْءٍ وَقْتًا، لِلصَّلَاةِ، وَلِلْقُرْآنِ، وَلِلْمُرَاجَعَةِ، وَلِلرَّاحَةِ؛ فَالْوَقْتُ إِذَا لَمْ تُنَظِّمْهُ ضَاعَ.
8. صُحْبَةٌ صَالِحَةٌ: اخْتَرْ أَصْدِقَاءً يُعِينُونَكَ عَلَى الْجِدِّ، يُذَكِّرُونَكَ بِاللَّهِ، وَيَشُدُّونَ مِنْ أَزْرِكَ عِنْدَ التَّعَبِ.
9. الِاسْتِمْرَارُ وَعَدَمُ الِانْقِطَاعِ: النَّجَاحُ لَيْسَ قَفْزَةً وَاحِدَةً، بَلْ هُوَ خُطُوَاتٌ صَغِيرَةٌ مُسْتَمِرَّةٌ؛ فَالِاسْتِمْرَارُ نِصْفُ التَّمَيُّزِ.
وَمِنْ أَهَمِّ مَا يُعِينُ عَلَى التَّفَوُّقِ وَالنَّجَاحِ فِي الدِّرَاسَةِ وَفِي الْحَيَاةِ؛ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الصَّلَاةِ فِي أَوْقَاتِهَا بِالْمَسَاجِدِ؛ فَهِيَ عَهْدُكُمْ مَعَ اللَّهِ وَمِفْتَاحُ تَوْفِيقِكُمْ.
وَاللَّهَ اللَّهَ بِبِرِّكُمْ بِوَالِدِيكُمْ؛ فَهُوَا سَبَبُ التَّوْفِيقِ وَدُعَاؤُهُمَا لَكُمْ جُنَّةٌ وَرِفْعَةٌ.
وَعَلَيْكُمْ بِصُحْبَةِ الْقُرْآنِ: تِلَاوَةً وَحِفْظًا وَتَدَبُّرًا؛ فَفِي الْقُرْآنِ تَقْوِيمُ الْعُقُولِ وَطُمَأْنِينَةُ الْقُلُوبِ وَبِهِ تَحْصُلُ الْبَرَكَةُ فِي الْأَوْقَاتِ وَالْأَعْمَالِ.
وَاعْلَمُوا يَا طُلَّابَ الْعِلْمِ:
أَنَّ مِنْ أَعْظَمِ أَبْوَابِ التَّوْفِيقِ أَنْ تُحْسِنُوا الْأَدَبَ مَعَ مُعَلِّمِيكُمْ، فَإِنَّ الْأَدَبَ مِفْتَاحُ الْعِلْمِ. وَقِيلَ: «الْأَدَبُ قَبْلَ الْعِلْمِ». فَكُنْ مَعَ مُعَلِّمِكَ كَمَا يَكُونُ الْمَرِيضُ مَعَ الطَّبِيبِ؛ يَسْتَمِعُ إِلَى نُصْحِهِ، وَيَثِقُ بِتَوْجِيهِهِ، وَيَعْمَلُ بِإِرْشَادِهِ، لِأَنَّهُ يُرِيدُ لَهُ الشِّفَاءَ وَالْعَافِيَةَ. وَكَذَلِكَ الْمُعَلِّمُ، يُرِيدُ لَكَ الْفَهْمَ وَالتَّفَوُّقَ وَالِارْتِقَاءَ. فَأَحْسِنُوا الظَّنَّ بِمُعَلِّمِيكُمْ، وَأَصْغُوا لِنُصْحِهِمْ، وَتَوَاضَعُوا لَهُمْ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ رِفْعَةً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
وَتَأَمَّلُوا يَرْحَمْكُمُ اللَّهُ إِلَى فَتًى جَدَّ فَثَبَتَ؛ رَتَّبَ يَوْمَهُ، وَحَافَظَ عَلَى صَلَاتِهِ وَوَازَنَ بَيْنَ جِدِّهِ وَلَعِبِهِ وَدِرَاسَتِهِ وَأَهْلِهِ وَنَوْمِهِ؛ فَكَانَ أَرْسَخَ فِكْرًا، أَحْسَنَ خُلُقًا، أَنْفَعَ لِدِينِهِ وَوَطَنِهِ وَأُمَّتِهِ.
وَآخَرُ أَهْمَلَ؛ فَتَخَلَّفَ؛ ضَيَّعَ صَلَاتَهُ، وَأَكْثَرَ الْغِيَابَ عَنْ مَدْرَسَتِهِ؛ وَأَهْمَلَ دِرَاسَتَهُ فَضَاقَتْ فُرَصُهُ، وَثَقُلَ عَلَى أَهْلِهِ، وَسَاءَ أَثَرُهُ فِي مَنْ حَوْلَهُ وَبَقِيَ بِجَهْلِهِ عَالَةً عَلَى غَيْرِهِ.
اصْبِرْ عَلَى مُرِّ الْجَفَا مِنْ مُعَلِّمٍ
فَإِنَّ رُسُوبَ الْعِلْمِ فِي نَفَرَاتِهِ
وَمَنْ لَمْ يَذُقْ مُرَّ التَّعَلُّمِ سَاعَةً
تَجَرَّعَ ذُلَّ الْجَهْلِ طُولَ حَيَاتِهِ وَمَنْ فَاتَهُ التَّعْلِيمُ وَقْتَ شَبَابِهِ فَكَبِّرْ عَلَيْهِ أَرْبَعًا لِوَفَاتِهِ
وَذَاتُ الْفَتَى وَاللَّهِ بِالْعِلْمِ وَالتُّقَى
إِذَا لَمْ يَكُونَا لَا اعْتِبَارَ لِذَاتِهِ
وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ : «احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَلَا تَعْجَزْ». اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ تَعَلَّمَ فَعَمِلَ، وَعَمِلَ فَأَخْلَصَ، وَأَخْلَصَ فَأُجْرَتَهُ. اللَّهُمَّ افْتَحْ عَلَى أَبْنَائِنَا وَبَنَاتِنَا أَبْوَابَ الْعِلْمِ وَالْفَهْمِ، وَزَيِّنْهُمْ بِالْأَدَبِ وَالْحِلْمِ। اللَّهُمَّ بَارِكْ فِي أَوْقَاتِنَا، وَوَفِّقْنَا لِطَاعَتِكَ وَرِضَاكَ، وَاجْعَلْ عِلْمَنَا حُجَّةً لَنَا لَا عَلَيْنَا. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَة
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْعِلْمَ سَبَبًا لِلرِّفْعَةِ وَالْكَرَامَةِ، وَجَعَلَ الْجَهْلَ أَصْلَ كُلِّ مَذَلَّةٍ وَهَوَانٍ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُهُ وَأَثْنِي عَلَيْهِ وَأَسْتَغْفِرُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. أَمَّا بَعْدُ : فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ، فَبِالتَّقْوَى يُثْمِرُ الْعِلْمُ، وَبِالتَّقْوَى يَنْتَفِعُ الْعَبْدُ بِمَا يَتَعَلَّمُ، وَهِيَ زَادُ الطَّالِبِ وَالْمُعَلِّمِ وَالْأُسْرَةِ جَمِيعًا.
إِلَى مُعَلِّمِينَا الْأَفَاضِلِ..
يَا مَعْشَرَ الْمُرَبِّينَ الْكِرَامِ:
أَنْتُمْ عَلَى ثَغْرٍ عَظِيمَ؛ تَصُوغُونَ عُقُولًا، وَتَبْنُونَ قُلُوبًا وَفِي الْحَدِيثِ: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ، وَأَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ… لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرِ». فَكُونُوا يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ: مُيَسِّرِينَ لَا مُعَسِّرِينَ؛ «يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا». كُونُوا قُدْوَةً حَسَنَةً فِي تَعَامُلِكُمْ مَعَ طُلَّابِكُمْ تُزَيِّنُونَ الْعِلْمَ بِالْبِشْرِ وَالِابْتِسَامَةِ؛ فَالْقَلْبُ يُفْتَحُ قَبْلَ الْكِتَابِ. وَكُونُوا مُرَاعِينَ لِلْفَوَارِقِ الْفَرْدِيَّةِ بَيْنَ طُلَّابِكُمْ؛ تُجَزِّئُونَ الْمَهَمَّةَ، وَتَرْفَعُونَ الْهَمَّةَ، حُلَمَاءَ عِنْدَ الزَّلَّةِ؛ تَصْنَعُونَ دَافِعِيَّةً، وَلَا تَكْسِرُونَ نُفُوسًا.
قُم لِلْمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَّبْجِيلَا
كَادَ الْمُعَلِّمُ أَنْ يَكُونَ رَسُولَا أَعَلِمْتَ أَشْرَفَ أَوْ أَجَلَّ مِنَ الَّذِي
يَبْنِي وَيُنْشِئُ أَنْفُسًا وَعُقُولَا
وَإِذَا كَانَ الْمُعَلِّمُ يَقُومُ بِدَوْرِهِ فِي الْمَدْرَسَةِ، فَإِنَّ الدَّوْرَ الْمُتَمِّمَ لِهَذَا الْجُهْدِ هُوَ دَوْرُ الْأُسْرَةِ فِي الْبَيْتِ؛ فَالْمُعَلِّمُ يَغْرِسُ، وَلَكِنَّ الْوَالِدَيْنِ يَسْقِيَانِ، وَمَا أَحْوَجَ النَّبْتَةَ إِلَى غِرَاسٍ وَسُقْيَا جَمِيعًا. فَإِنْ قَصَّرَ الْبَيْتُ ضَاعَ جُهْدُ الْمَدْرَسَةِ، وَإِنْ أَهْمَلَتِ الْمَدْرَسَةُ تَعِبَ الْبَيْتُ، وَلَا يَكْتَمِلُ بِنَاءُ الْجِيلِ إِلَّا بِتَكَامُلِ الْجُهُودِ.
أَيُّهَا الْآبَاءُ : أَنْتُمْ قَلْبُ الْبِدَايَةِ وَأَمَانُ النِّهَايَةِ. قَالَ ﷺ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي أَبْنَائِكُمْ، وَازْرَعُوا الرَّقَابَةَ الذَّاتِيَّةَ، وَقَلِّمُوا مَخَالِبَ الْأَجْهِزَةِ، وَاحْمُوا قُلُوبَهُمْ مِنْ صُحْبَةِ السُّوءِ؛ فَ «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ» وَارْبِطُوهُمْ بِالْمَسَاجِدِ وَحِلَقِ تَحْفِيظِ الْقُرْآنِ؛ فَفِيهَا صُحْبَةٌ صَالِحَةٌ، وَثَبَاتٌ عَلَى الْهُدَى، وَفِيهَا وَاللَّهِ الْخَيْرِيَّةُ كُلُّهَا فَـ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ».
هَذَا وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَا نَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ وَتَثْبِيتِ الْقُلُوبِ ذِكْرُ سِيرَةِ مَنْ بَلَّغَ الْعِلْمَ عَنِ اللَّهِ كَامِلًا، وَأَدَّى الرِّسَالَةَ عَلَى أَتَمِّ وَجْهٍ، قُدْوَتُنَا مُحَمَّدٍ خَيْرُ مُعَلِّمٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ الَّذِي أُمِرْنَا بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ رَبِّنَا، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.
فَأَكْثِرُوا – عِبَادَ اللَّهِ – مِنَ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى نَبِيِّكُمْ مُحَمَّدٍ ﷺ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَلَا سِيَّمَا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيْهِ، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ»، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
يَا رَبِّ، هَٰذِهِ مَدَارِسُنَا تُفْتَحُ، وَالطُّلَّابُ وَمُعَلِّمُوهُمْ يَتَرَقَّبُونَ، اللَّهُمَّ فَافْتَحْ عَلَيْنَا وَعَلَيْهِمْ مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَاجْعَلْ لَنَا عِلْمًا نَافِعًا، وَعَمَلًا صَالِحًا، وَنِيَّةً خَالِصَةً لِوَجْهِكَ، وَرِزْقًا طَيِّبًا مُبَارَكًا. اللَّهُمَّ عَلِّمْنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَانْفَعْنَا بِمَا عَلَّمْتَنَا، وَزِدْنَا عِلْمًا وَهُدًى وَرَشَدًا. اللَّهُمَّ وَفِّقْ طُلَّابَنَا لِلطَّاعَةِ وَالتَّحْصِيلِ، وَافْتَحْ عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ الْفَهْمِ وَالْحِكْمَةِ. اللَّهُمَّ بَارِكْ فِي مُعَلِّمِينَا، وَاجْعَلْ كَلِمَتَهُمْ نُورًا، وَسَعْيَهُمْ أَجْرًا جَارِيًا. اللَّهُمَّ أَعِنِ الْآبَاءَ وَالْأُمَّهَاتِ عَلَى أَدَاءِ أَمَانَتِهِمْ، وَاحْفَظْ بُيُوتَنَا وَاجْعَلْ فِيهَا السَّكِينَةَ وَالطُّمَأْنِينَةَ. اللَّهُمَّ احْفَظْ شَبَابَنَا مِنْ صُحْبَةِ السُّوءِ وَفِتَنِ الشُّبُهَاتِ وَالشَّهَوَاتِ، وَارْزُقْهُمْ حُبَّ مَسَاجِدِكَ وَحِلَقِ كِتَابِكَ. اللَّهُمَّ احْفَظْ بِلَادَنَا وَبِلَادَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ وَسُوءٍ، وَوَفِّقْ وُلَاةَ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَأَدِمْ عَلَيْنَا الْأَمْنَ وَالْإِيمَانَ. وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
المرفقات
1755629098_فَضْلُ الْعِلْمِ وَأَهْلِهِ، وَمَسْؤُولِيَّةُ الطُّلَّابِ وَالْمُعَلِّمِينَ وَالْأُسْرَةِ مَعَ بَد.docx
1755629105_فَضْلُ الْعِلْمِ وَأَهْلِهِ، وَمَسْؤُولِيَّةُ الطُّلَّابِ وَالْمُعَلِّمِينَ وَالْأُسْرَةِ مَعَ بَدَ.pdf