ثمرات كلمة التوحيد لا إله إلا الله (مشكولة + مختصرة)

صالح عبد الرحمن
1447/02/12 - 2025/08/06 20:14PM

خطبة عن ثمرات كلمة التوحيد لا إله إلا الله 14-2-1447هـ - (مشكولة + مختصرة) 

الخطبة الأولى:

الحمد لله، الحمد لله حمداً بقلبٍ معترفٍ ولسانٍ يلهج، جعل الحق بحكمته ناصِعاً أبلج، والباطل مخصوماً به مريجاً ولجلج. 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ينصر عباده ولا يخلف ميعادَه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وعلى من تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.

وبعدُ فاتقو الله عباد الله فإن التقوى هي رأسُ الأمر وأساسُ الفضائل، وتاجُ المُكرمات ورتاجُ الشمائل وإن قِوامها بتبعيةِ الهدى وترك الهوى واجتناب الرذائل، (بلى من أوفى بعده واتقى فإن الله يحب المتقين).

أما بعدُ: فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكلَّ محدَثة بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها المؤمنون: إن الله ضرَب لكم المثلَ الأفضلَ الأكملَ الأدلَّ، الكلمةَ الطيبة، لا إله إلا الله، الطيبةَ بمدلولِها، وموضوعِها، والمخبَرِ بها عنه، وهو الله الواحد الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كُفُوًا أحد، السبوح الملك القدوس، له الأسماء الحسنى، والمثل الأعلى، وهي طيِّبةٌ بذاتها، مطيِّبةٌ للقلب الذي اعتقَدَها، ومطهِّرةٌ له من نجس الشرك، والكفر، والشك، والنفاق، وسيئ الأخلاق، فلا أطيبَ منها ولا أطهرَ، ولا أقوى منها ولا أظهرَ، ولا أكمل منها ولا أفضل، ولا أقدَسَ منها ولا أنفسَ؛ (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) فلا يتناهى معناها، ولا يحاطُ بعلمها، فهي الكلمةُ الطيبةُ العليا الباقية، وكلمةُ التقوى والإخلاص، فلا أشرفَ منها ولا أعزَّ.

وهي كلمةٌ كريمة على الله -عز وجل-، تُدخِلُ الصادقَ الجنةَ، وتَحقِنُ دمَ الكاذبِ ومالَه في الدنيا ولا تقاومُها السموات ولا الأرضون، ضربها الله مثلا كالنخلة الثابتةِ الأصول، الباسقةِ الفروع، فلا إله إلا الله، ثابتةٌ في قلب المؤمن، وفروعُها من الكلِمِ الطيبِ والعملِ الصالح صاعدةٌ إلى السماء، كالنخلةِ دائمةُ النفع، متواصلةُ الخير والثُمر، بُسرًا ورطبًا وتمرًا، فلا إله إلا الله، لا ينقطع خيرها، ولا يفنى برها، ليلًا ونهارًا، غدوةً وعشيةً، كلامًا طيبًا، وأعمالًا صالحةً تُرفَعُ لرب العالمين، وكما أنه لا حياة للشجر إلا بالماء، فلا حياة للقلب إلا بوحي السماء، ولا تقوى الشجرةُ ويتِمُ نباتُها إلا بتعاهُدِها وصيانتِها عما يُضرُها من الحُشاش والخشاش، وكذلك القلب، مع أدواءِ متعةِ الشهوات، ومخاضاتِ الشبهات، قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "جدِّدُوا إيمانَكم. قيل: يا رسول الله: وكيف نجدد إيماننا؟ فقال: أكثِرُوا من قول: لا إله إلا الله، قال الله -عز وجل-: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)

بارَك اللهُ لي ولكم في القرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين وقوله القويم، أقول ما تسمعونَ، وأستغفِر اللهَ العظيم الجليل لي ولكم، فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله، حمدًا كثيرًا طيبًا مبارَكًا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وصلاةً وسلامًا على خير خلق الله محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) والبشرى كلُ البشرى لمن كثُرت أقوالُه وأعمالُه الصالحة، وتوالت مستمرةً، يؤدي كلَّ وقتٍ حقَّ اللهِ ورسولِه، فكلامه الطيبُ إلى الله صاعد، وأعمالُه الصالحةُ إلى ربه مرفوعة، ليلًا ونهارًا، سرًّا وجِهارًا، وبذلك يُذكَرُ في الملأ الأعلى، ويُثني عليه اللهُ -تبارك وتعالى-، ويباهي به الملائكةَ الكرامَ، وينالُ الرِضوانَ من الرحمن، وتُدون  له الكلمات الطيبات والأعمال الصالحات في كتاب الأبرار؛ (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ)

ويا خيبةَ من ضعُفت شجرةُ إيمانه، فضعُفت ثمرتُها، فليس له من الكلِمِ الطيب والعملِ الصالح إلا النزر القليل؛ لأنه آثَر الحياةَ الدنيا على الآخرة، وصرَف قوةَ عزائمِه وهِمَمَه في جَمْعِ حُطام الدنيا الفانية، وشغَل عقلَه ومداركَه في التكاثر، قال الله -تبارك وتعالى-: (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي) أي: قدمتُ للدار الآخرةِ الباقية الأبدية، كما قدمتُ للدنيا الزائلةِ الفانية، فاعتبِرْ أيها العاقلُ، وأعِدَّ العُدةَ، وتزوَّد لدار البقاء؛ (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ). 

المشاهدات 291 | التعليقات 0