حُسْن الظَّنَّ بالله
عايد القزلان التميمي
1447/02/14 - 2025/08/08 06:47AM
الْحَمْدُ لِلَّهِ رب العالمين، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ إِلَهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الصَّادِقُ الْأَمِينُ وَالْمَبْعُوثُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَمَنِ اقْتَفَى أَثَرَهُ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾
أيها المؤمنون ، حديثنا اليوم عن عِبادة جليلة من عِبادات القُلوب، وبها يُصلِح الإنسان عاجِلَه وآجِلَه؛ إنها عبادة: حُسْن الظَّنِّ بالله تعالى.
ومعنى حُسْن الظَّنِّ بالله تعالى: الثقةُ في الله، وحُسن التوكل عليه، والرضا بِأَقْدَارِه، والتسليم لتدابيره، وأنه سبحانه جوادٌ، وأنه كريم، وأنه غفور ورحيم، وأنه يَتُوب على عِباده إذا تابوا إليه، وأنّ فَضْلَه عظيم، فالمسلم يُحسن ظَنَّه بربه، مع الجد في العمل الصالح ،والتوبة الصادقة.
عباد الله ولقد تكاثرت الأدلة على عِظم شأن حُسْنَ الظَّنّ بالله، ومنها ما روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يَقُولُ اللَّهُ -تعالى-((أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي)).
وقال الله تعالى: ﴿ فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
وحُسْن الظَّنِّ بالله تعالى من صميم التوحيد، وينبغي أن يُصاحِبَ العبدَ كلَّ حياته وفي كافة شؤونه، لا يفارقه لحظةً واحدةً، ولنا في نبينا صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة؛ وهو القائل: ((يا حيُّ يا قيُّومُ برحمتِكَ أستغيثُ أصلِح لي شأني كلَّهُ ولا تَكلني إلى نفسي طرفةَ عينٍ))، فإذا كان هذا تعلُّقُه بالله وحُسن ظنه، فنحن أولى وآكدُ.
أيها المسلمون
وإذا كان حُسن الظن بالله تعالى ملازما للمؤمن في كل أحواله، إلا أنه هناك بعض الأحوال يتوجب فيها حسن الظن بالله، ومنها: عند الموت: ففي صحيح مسلم: (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ يَقُولُ (( لاَ يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ )).
ومن الأحوال التي يتوجب فيها حُسن الظن بالله: عند الشدائد والكُرَب: فإنَّ الثلاثة الذين تخلَّفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك لم يُكشف عنهم ما بهم من كَرْبٍ وضيق إلا بعدما أحسنوا الظَّنَّ بربهم، قال تعالى: (وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
ومن الأحوال التي يتوجب فيها حُسْنَ الظن بالله: عند ضِيق العَيْش: ففي سنن الترمذي: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاسِ لَمْ تُسَدَّ فَاقَتُهُ وَمَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِاللَّهِ فَيُوشِكُ اللَّهُ لَهُ بِرِزْقٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ». صححه الألباني في صحيح الترمذي
فإنزالها بالله: أن تُوقِنَ وتَظُن أنَّ الله تعالى يُفرِّجُ عنك ويُزِيلها.
ومن الأحوال التي يتوجب فيها حسن الظن بالله: عندَ الدُّعَاءِ وهو من أهمِّ أسبابِ الإجابةِ قال صلى الله عليه وسلم: (ادعوا اللَّهَ وأنتُم موقِنونَ بالإجابَةِ..) أخرجه الترمذي وصححه الألباني
أيُّهَا المؤْمِنُونَ: لمّا كانَ الأنبياءُ والرُّسُلُ هم أعرفُ الْخَلْقِ بربِّهِمْ سبحانَهُ، ضَرَبُوا أَرْوَعَ الأمثلةِ فِي حُسْن الظَّنِّ، واليقينِ بما عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ، فهذا الخليلُ إبراهيمُ عليه الصلاةُ والسلامُ ألقاهُ قومُهُ في النارِ لمّا حَطَّمَ أحجارَهم التي عبَدُوهَا مِنْ دونِ اللهِ وبينمَا هو وسط النار يُرَدِّدُ: (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) فكانت النَّارُ بَرْدًا وَسَلَامًا.
ونبيُّ اللهِ يعقوب فقدَ وَلَدَهُ يوسفَ، عليهما الصلاة والسلام، وبكى عليه حتى ابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ، فقال له أبناؤُهُ: (تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ} فردّ عليهم بقلبِ المؤمنِ الذي يُحسنُ الظنَّ بربِّهِ: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ )).
وهذا موسى عليه الصَّلاةُ والسَّلام، لمّا تَبِعَهُ فرعونُ وجنوده، واعترضَ طريقَهُ البحرَ بأمواجِهِ، قال له بنو إسرائيل: {إِنَّا لَمُدْرَكُون} يرُدَّ عليهم بصوتِ المؤمنِ الواثقِ في معيَّةِ اللهِ ونصرِهِ، قائلًا: { كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}
وهذا نبيُّنَا محمدٌ صلى الله عليه وسلم في الغارِ مع صاحبِهِ، يَقِفُ المشركونَ على رؤوسِهِم، فيقولُ أبو بكرٍ رضي الله عنه كما في الصحيحين: (يا رسول الله، لو أنَّ أحدَهم نظر موضعَ قدمِه لأبصرَنا، فقال صلى الله عليه وسلم: ما ظنُّك باثنَينِ اللهُ ثالثُهما) أخرجه البخاري ومسلم.
والصحابةُ - رضي الله عنهم - أشدُّ الخلق يقينًا بحُسن ظنِّهم بالله بعد الأنبِياء، قال الله تعالى عنهم: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾
نسأل الله العظيم أن يرزقنا حسن الإيمان به، وصدق التوكل عليه، وأن يوفقنا لحُسْن الظَّنِّ به، وحسن العمل له.
أقول ما سمعتم ، وأستغفر الله العظيم الجليل، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَخَلِيلُهُ وَمُصْطَفَاهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أما بعدُ فيا أيها المُسلمون:
على المسلم أن يَفْهَم حُسن الظن بالله الفَهْم الصحيح وهو العمل بطاعة الله واجتنابُ معصيته والأخذُ بالأسباب مع رجاء فضل الله والفوز بمعونته وقبوله ومغفرته.
واعلموا أن حُسْن الظَّنِّ بالله يُسَهِّل العبادة على صاحبه، ويَرْزُقه العَوْن والتوفيق.
قال تعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾
فاللهم إنا نسألك صِدْقَ التوكل عليك، وحُسْنَ الظَّنِّ بك.
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله .....
أَمَّا بَعْدُ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾
أيها المؤمنون ، حديثنا اليوم عن عِبادة جليلة من عِبادات القُلوب، وبها يُصلِح الإنسان عاجِلَه وآجِلَه؛ إنها عبادة: حُسْن الظَّنِّ بالله تعالى.
ومعنى حُسْن الظَّنِّ بالله تعالى: الثقةُ في الله، وحُسن التوكل عليه، والرضا بِأَقْدَارِه، والتسليم لتدابيره، وأنه سبحانه جوادٌ، وأنه كريم، وأنه غفور ورحيم، وأنه يَتُوب على عِباده إذا تابوا إليه، وأنّ فَضْلَه عظيم، فالمسلم يُحسن ظَنَّه بربه، مع الجد في العمل الصالح ،والتوبة الصادقة.
عباد الله ولقد تكاثرت الأدلة على عِظم شأن حُسْنَ الظَّنّ بالله، ومنها ما روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يَقُولُ اللَّهُ -تعالى-((أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي)).
وقال الله تعالى: ﴿ فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
وحُسْن الظَّنِّ بالله تعالى من صميم التوحيد، وينبغي أن يُصاحِبَ العبدَ كلَّ حياته وفي كافة شؤونه، لا يفارقه لحظةً واحدةً، ولنا في نبينا صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة؛ وهو القائل: ((يا حيُّ يا قيُّومُ برحمتِكَ أستغيثُ أصلِح لي شأني كلَّهُ ولا تَكلني إلى نفسي طرفةَ عينٍ))، فإذا كان هذا تعلُّقُه بالله وحُسن ظنه، فنحن أولى وآكدُ.
أيها المسلمون
وإذا كان حُسن الظن بالله تعالى ملازما للمؤمن في كل أحواله، إلا أنه هناك بعض الأحوال يتوجب فيها حسن الظن بالله، ومنها: عند الموت: ففي صحيح مسلم: (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ يَقُولُ (( لاَ يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ )).
ومن الأحوال التي يتوجب فيها حُسن الظن بالله: عند الشدائد والكُرَب: فإنَّ الثلاثة الذين تخلَّفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك لم يُكشف عنهم ما بهم من كَرْبٍ وضيق إلا بعدما أحسنوا الظَّنَّ بربهم، قال تعالى: (وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
ومن الأحوال التي يتوجب فيها حُسْنَ الظن بالله: عند ضِيق العَيْش: ففي سنن الترمذي: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاسِ لَمْ تُسَدَّ فَاقَتُهُ وَمَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِاللَّهِ فَيُوشِكُ اللَّهُ لَهُ بِرِزْقٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ». صححه الألباني في صحيح الترمذي
فإنزالها بالله: أن تُوقِنَ وتَظُن أنَّ الله تعالى يُفرِّجُ عنك ويُزِيلها.
ومن الأحوال التي يتوجب فيها حسن الظن بالله: عندَ الدُّعَاءِ وهو من أهمِّ أسبابِ الإجابةِ قال صلى الله عليه وسلم: (ادعوا اللَّهَ وأنتُم موقِنونَ بالإجابَةِ..) أخرجه الترمذي وصححه الألباني
أيُّهَا المؤْمِنُونَ: لمّا كانَ الأنبياءُ والرُّسُلُ هم أعرفُ الْخَلْقِ بربِّهِمْ سبحانَهُ، ضَرَبُوا أَرْوَعَ الأمثلةِ فِي حُسْن الظَّنِّ، واليقينِ بما عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ، فهذا الخليلُ إبراهيمُ عليه الصلاةُ والسلامُ ألقاهُ قومُهُ في النارِ لمّا حَطَّمَ أحجارَهم التي عبَدُوهَا مِنْ دونِ اللهِ وبينمَا هو وسط النار يُرَدِّدُ: (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) فكانت النَّارُ بَرْدًا وَسَلَامًا.
ونبيُّ اللهِ يعقوب فقدَ وَلَدَهُ يوسفَ، عليهما الصلاة والسلام، وبكى عليه حتى ابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ، فقال له أبناؤُهُ: (تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ} فردّ عليهم بقلبِ المؤمنِ الذي يُحسنُ الظنَّ بربِّهِ: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ )).
وهذا موسى عليه الصَّلاةُ والسَّلام، لمّا تَبِعَهُ فرعونُ وجنوده، واعترضَ طريقَهُ البحرَ بأمواجِهِ، قال له بنو إسرائيل: {إِنَّا لَمُدْرَكُون} يرُدَّ عليهم بصوتِ المؤمنِ الواثقِ في معيَّةِ اللهِ ونصرِهِ، قائلًا: { كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}
وهذا نبيُّنَا محمدٌ صلى الله عليه وسلم في الغارِ مع صاحبِهِ، يَقِفُ المشركونَ على رؤوسِهِم، فيقولُ أبو بكرٍ رضي الله عنه كما في الصحيحين: (يا رسول الله، لو أنَّ أحدَهم نظر موضعَ قدمِه لأبصرَنا، فقال صلى الله عليه وسلم: ما ظنُّك باثنَينِ اللهُ ثالثُهما) أخرجه البخاري ومسلم.
والصحابةُ - رضي الله عنهم - أشدُّ الخلق يقينًا بحُسن ظنِّهم بالله بعد الأنبِياء، قال الله تعالى عنهم: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾
نسأل الله العظيم أن يرزقنا حسن الإيمان به، وصدق التوكل عليه، وأن يوفقنا لحُسْن الظَّنِّ به، وحسن العمل له.
أقول ما سمعتم ، وأستغفر الله العظيم الجليل، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَخَلِيلُهُ وَمُصْطَفَاهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أما بعدُ فيا أيها المُسلمون:
على المسلم أن يَفْهَم حُسن الظن بالله الفَهْم الصحيح وهو العمل بطاعة الله واجتنابُ معصيته والأخذُ بالأسباب مع رجاء فضل الله والفوز بمعونته وقبوله ومغفرته.
واعلموا أن حُسْن الظَّنِّ بالله يُسَهِّل العبادة على صاحبه، ويَرْزُقه العَوْن والتوفيق.
قال تعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾
فاللهم إنا نسألك صِدْقَ التوكل عليك، وحُسْنَ الظَّنِّ بك.
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله .....
المرفقات
1754624861_حُسْن الظن بالله.docx