حَقِّ الوَالِدَيْنِ وَوُجُوبُ بِرِّهِمَا وَالْإِحْسَانَ إِلَيْهِمَا

محمد البدر
1447/02/19 - 2025/08/13 03:58AM

الْخُطْبَةُ الأُولَى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:قَال تَعَالَى:﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾.أَيْ:قَرَنَ بِوَصِيَّتِهِ إِيَّاهُ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ،الْبَرَّ بِالْوَالِدَيْنِ.فَاللَّهُ قَرَنَ حَقَّهُ بِحَقِّ الْوَالِدَيْنِ وَقَرَنَ طَاعَتَهُمَا بِطَاعَتِهِ لِعِظَمِ حَقِّ  الْوَالِدَيْنِ ووجوب برهما وَالْإِحْسَانَ  إِلَيْهِمَا ،وأمر بالذُّلِّ لهما تعظيماً لحقهما،والدعاء لهما،قَال تَعَالَى:﴿وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾.

عِبَادَ اللهِ:قَالَﷺ:«رِضَا الرَّبِّ فِى رِضَا الْوَالِدِ وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدِ»رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.(وَالْوَالِدُ)يَشْمَلُ الأُمَّ وَالأَبَ.وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:سَأَلْتُ النَّبِيَّﷺأَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ«الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا»قَالَ:ثُمَّ أَيٌّ قَالَ«ثُمَّ بِرُّ الوَالِدَيْنِ»قَالَ:ثُمَّ أَيٌّ قَالَ«الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.فبر الْوَالِدَيْنِ سببٌ لرضا الله تعالى عن العبد وهو من أفضل الأعمال.

عِبَادَ اللَّهِ:قَال تَعَالَى:﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا﴾.في الآية التحذير من عُقُوقُ  الْوَالِدَيْنِ والإساءة إِلَيْهِمَا ،وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ مَنْ الكَبَائِرُ قَالَﷺ:«الكَبَائِرُ:الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ،وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَاليَمِينُ الغَمُوسُ»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.وَعَن أَبي بَكرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِﷺ:«أَلا أُنَبِّئُكُم بِأَكبَرِ الكَبَائِرِ»–ثَلاثًا-قُلنَا:بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ.قَالَ«الإِشرَاكُ بِاللهِ،وَعُقُوقُ الوَالِدَينِ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ:أَلا وَقَولُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ،فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلنَا لَيتَهُ سَكَتَ»مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

عِبَادَ اللَّهِ:ومن مظاهر البر وَالْإِحْسَانَ  ومحاسن الأخلاق في مجتمعنا ولله الحمد،ما نراه ونلمسه من تنافس بعض الأبناء من بنين وبنات البررة على خدمة ورعاية آبائهم وأمهاتهم خاصة عند الكِبَر والضعف،وتفقد حاجاتهم ورغباتهم،والسعي لإسعادهم وإدخال السرور عليهم،والعناية بصحتهم، ومرافقتهم في علاجهم وعند زيارة الطبيب،ومتابعة تناولهم للأدوية بدقة.  

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الْخُطبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ,وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

عِبَادَ اللهِ:ومن صور البر وَالْإِحْسَانَ  ومحاسن الأخلاق في مجتمعنا ولله الحمد،النَفَقَةَ على الْوَالِدَيْنِ إذا كانا محتاجين للنَفَقَةَ،من قبل الأبناء الذين يجدون سعة وقدرة وزيادة على حاجتهم،قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ- رَحِمَهُ اللهُ:أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ الْوَالِدَيْنِ الْفَقِيرَيْنِ اللَّذَيْنِ لَا كَسْبَ لَهُمَا وَلَا مَالَ وَاجِبَةٌ فِي مَالِ الْوَلَدِ.اهـ.(الْمُغْنِي لِابْنِ قُدَامَةَ).  

الاوَصَلُّوا عِبَادَ اللهِ على البشير النذير والسراج المنير كما أمركم بذلك اللطيف الخبير﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد،وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد،وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ،وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ،وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَاحْفَظْ اللّهمّ ولاةَ أمورنا،وَأَيِّدْ بِالْحَقِّ إِمَامَنَا وَوَلِيَّ أَمْرِنَا،اللّهمّ وَهيِّئْ  لَهُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَالَّتِي تَدُلُّهُ عَلَى الْخَيرِ وَتُعِينُهُ عَلَيْهِ،واصرِفْ عَنه بِطانةَ السُّوءِ يَا رَبَّ العَالمينَ،وَاللّهمّ وَفِّقْ جَميعَ ولاةِ أَمرِ الْمُسْلِمِينَ لما تُحبهُ وَتَرضَاهُ لمَا فِيهِ صَلَاحُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَامِ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:اذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ،وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ 

يَزِدْكُمْ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾.

المرفقات

1755046668_حَقِّ الوَالِدَيْنِ وَوُجُوبُ بِرِّهِمَا وَالْإِحْسَانَ إِلَيْهِمَا.pdf

المشاهدات 336 | التعليقات 0