خطبة التحذير من الإسراف في حفلات الزواج

حسين بن حمزة حسين
1446/10/20 - 2025/04/18 00:03AM
إقامة وليمة الزواج، وإعداد الطعام، ودعوة الأهل والأقارب والأصدقاء، سنةٌ مشروعة، قال أنسٌ رضي الله عنه أوْلم النبيّ صلى الله عليه وسلّم على زينب رضي الله عنها بشاة، وقال صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: (أوْلم ولو بشاة) متفق عليه. وتستحب الدعوة إلى وليمة العرس، ومن دُعي إليها وخصّه الداعي لزمته الإجابة، قال صلى الله عليه وسلم: (أجيبوا هذه الدعوة إذا دعيتم لها) متفق عليه، ويُدعى أهلُ الصلاح والتقوى، ويُدعى أهلُ الثراء والغنى، ويُدعى الفقراء والمساكين، قال صلى الله عليه وسلم : (شرّ الطعام طعام الوليمة، يُدعَى لها الأغنياء، ويُترك الفقراء، ومن لم يجُب الدعوةَ فقد عصى اللهَ ورسولَه) متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم : (إذا دُعي أحدكم إلى طعامٍ، فلْيجب، فإن شاء طَعِم وإن شاء ترك) رواه مسلم، ومعنى: (شر الطعام طعام الوليمة) أي: طعام الوليمة التي يُدعى إليها الأغنياء ويترك الفقراء، وليس أنّ كل وليمة طعامها شرّ، وتجب إجابة الدعوة إذا خُصّ المدعو بعيْنه، أما إذا كانت الدعوة عامة فلا تجب، ومن أكبر الأخطاء في وليمة الزواج المباهاة والمفاخرة والتقليد الأعمى، كمن يقيمها في أغلى الفنادق أو في أفخم قصور الأفراح وأغلى الصالات وهو لا يستطيع، أصارٌ وأغلالٌ على الزوجِ وأهلِ الزوج بل وحتى أهل الزوجة مما يُصْرف من أموال طائلة بغيْر حقّ، تُفرح الشيطانَ وتغضبُ الرحمنَ جلّ جلاله، وقد تُحمِّلُ الزوجَ الديونَ الباهظة المتراكمة لتلبية رغبات أُنَاسٍ لو يعلمون بحاله وحاجته لوصفوه بالسفاهة والحماقة وسوء التدبير، فالإسراف والتبذير في حفلات الزواج وإهدار المال وصرْفه في غير محلّه محرّم شرعاً ومرفوضٌ اجتماعيّاً، وما أجمل الاعتدال وعدم الإسراف والتبذير، وكل إنسان بمقدرته وقدرته بلا إسراف ولا تقتير، فلماذا الإسراف والتبذير في الإكثار من المدعوّين بلازم وغير لازم، عشرات الآلاف أولى بها الزوجين من الهدر الذي لا معنى له، لماذا الإسراف والتبذير في إعداد أنواع الأطعمة وأصناف المأكولات والمشروبات بكميات كبيرة فائضة عن المدعوّين، وقد يتخلّفُ منهم الكثير فتزيد الأطعمة، وقد تُلقى وتُرمى ولا يُستفاد منها، وقد أمر الله تعالى بالتوسط والاعتدال في الأكل والشرب، فقال جل ذكره: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ، وَكُلُوا وَاشرَبُوا وَلا تُسرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبٌّ المُسرِفِينَ)، وقال صلى الله عليه وسلم: (كلُوا، و اشربُوا، و تصدقُوا، والْبَسُوا في غيرِ إسرافٍ ولا مَخيلةٍ، فإن الله يحب أن يُرَى أثَر نعمته على عبده) رواه أحمد، وذكر الله تعالى من صفات عباده المتقين: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَم يُسرِفُوا وَلَم يَقتُرُوا وَكَانَ بَينَ ذَلِكَ قَوَامًا)، وقال جل شأنه: (وَآتِ ذَا القُربَى حَقَّهُ وَالمِسكِينَ وَابنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّر تَبذِيرًا إِنَّ المُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا)، إخوة الإيمان: يُضاف إلى ما تقدم من الإسراف والبذخ ما يُصاحب الحفلَ من المخالفات الشرعية والأفعال المنكرة كالتصوير والغناء ودخول الرجال قاعات النساء ونشر حفل الزواج في وسائل التواصل الاجتماعي للمباهاة والرياء، والزوج ومن يعينه في النهاية هو الذي يتحمل الذنوب والآثام مع ما يتحمّله من خسارة في المال والمآل .نسأل الله السلامة.. اللهم ألهمنا الهدى والسداد ياربّ العالمين.. الخطبة الثانية: إخوة الإيمان: التبذير والإسراف سلوك مشين، أضراره كبيرة دينية واقتصادية واجتماعية، نذيرٌ على زوال النّعم وفقدها، قال تعالى (وَإِذ تَأَذَّنَ رَبٌّكُم لَئِن شَكَرتُم لأَزِيدَنَّكُم وَلَئِن كَفَرتُم إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ) ، ولنتق الله تعالى في أمرنا كله، ولنلتزم جانب الاعتدال والاقتصاد في سائر نفقاتنا، وبالأخص ما يتعلق بنفقة وتكاليف الأفراح، فهو من أعظم أسباب عزوف الشباب عن الزواج وبقاء النساء بلا زواج في البيوت، فوالله إنه لنذيرُ شؤم على الأسرة والمجتمع أن تتعطّل وتضعف سنّة الزواج، فتقلّ الذرّية، وتشيع الفاحشة، ويهرم المجتمع بقلّة شبابه وكثرة شيّابه، وقد قال صلى الله عليه وسلم ( تزوجوا فإِنَّي مُكاثِرٌ بكم الأُمَمَ ، ولَا تكونوا كرهبانِيَّةِ النصارى) صححه الألباني في صحيح الجامع  
المشاهدات 402 | التعليقات 0