خطبة الجمعة احذروا الإسراف
الشيخ فهد بن حمد الحوشان
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْكَرِيمِ الْمَنَّانِ أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُهُ عَلَى مَا مَنَّ بِهِ عَلَيْنَا مِنْ نِعَمٍ ظَاهِرَةٍ وَبَاطِنَةٍ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيرًا أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ رَحِمَكُمْ اللهُ وَاعْبُدُوهُ واشكُرُوا لَهُ إِلَيِّهِ تُرْجَعُون عِبَادَ اللهِ الْإِسْرَافُ وَالتَّبْذِيرُ مَسْلَكٌ خَطِيرٌ وَقَدْ جَاءَ التَّحْذِيرُ مِنْهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَفِي سُنَّةِ رَسُولِهِ ﷺ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى (( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ )) وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ ( كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا كُلْ مَا شِئْتَ وَالْبَسْ مَا شِئْتَ مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ سَرَفٌ أَوْ مَخِيلَةٌ . ا.هـ أَيُّهَا الإِخْوَةُ نَتَحَدْثُ عَنْ أَمْرٍ يَنْدَى لَهُ الْجَبِينُ وَيَتَفَطَّرُ لَهُ الْقَلْبُ مِمَّا نُلَاحِظُهُ مِنْ مَظَاهِرِ السَّرَفِ وَالتَّبْذِيرِ فِي الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ وَلَرُبَّمَا شَاهَدَ الْبَعْضُ مِنْكُمْ صُوَرًا للِطَّعَامِ بِأَنْوَاعِهِ وَأَشْكَالِهِ يُلْقَى فِي الحَاوِيَاتِ دُوْنَ خَوْفٍ مِنْ اللهِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ عِبَادَ اللهِ وَمِنْ مَظَاهِرِ الإِسْرَافِ مَا يَحْصُلُ فِي مُنَاسَبَاتِ الزَّوَاجِ مِنْ بَذَخٍ وَتَرَفٍ وَإِسْرَافٍ وَتَبْذِيرٍ فِي الأَطْعِمَةِ وَالوَلَائِمِ للِمُفَاخَرَةِ فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَتَذَكَّرُوا وتفكَّرُوا فِي حَالِ مَنْ سُلِبُوا هَذِهِ النِّعَمْ يُعَانُونَ مَعَ شِدَّةِ البَرْدِ وَالحَرَّ أَلَمِ الجُوْعِ وَالعَطَشِ فَتَذَكَّرُوا ذَلِكَ وَاحْذَرُوا مِنْ خَطَرِ الإِسْرَافِ وَالتَّبْذِيرِ (( وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا )) عِبَادَ اللهِ اشْكُرُوا اللهَ عَلَى مَا أَنْتُمْ فِيهِ مِنْ نِعْمٍ كَثِيرَةٍ وَرَغَدِ عَيْشٍ ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ) وَاحْذَرُوا مِنْ عُقُوبَةِ كُفْرِ النِّعَمَةِ أَلَمْ تَسْمَعُوا لِقَوْلَ اللهِ تَعَالَى (( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ )) اللَّهُمَّ احْفَظْ عَلَيْنَا نِعَمَكَ وَأَوْزِعْنَا شُكْرَهَا وَاجْعَلْهَا عَوْنًا لَنَا عَلَى طَاعَتِكَ وَاحْفَظْهَا مَنَ الزَّوَالِ يَا ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِمَا مِنَ الآيَاتِ وَالحِكْمَةِ أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ هُوَ سُبْحَانَهُ كَمَا أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقَوْا اللهَ رَحِمَكُمِ اللهُ وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَا حَرَجَ أَنْ نَأْتِيَ فِي مُنَاسَبَاتِنَا بِمَا أَبَاحَ اللَّهُ لَنَا مِنَ الطَّيِّبَاتِ ولكن بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَلْنَصْنَعْ مِنَ الطَّعَامِ لِضُيُوفِنَا مَا يَكْفِي بِقَدْرِ الْمُسْتَطَاعِ وَإِنْ زَادَ يُرَتَّبَ مَعَ إحْدَى الْجَمْعِيَّات الْخَيْرِيَّةِ المتخصصة بحِفْظِ النِّعْمَةِ لِيَأْخُذُوا هَذِهِ الْأَطْعِمَةِ لِتَوْزِيعِها عَلَى الْمُحْتَاجِينَ هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم مُحَمَّدٍ ﷺ كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ فَقَالَ سُبْحَانَهُ قَوْلاً كَرِيماً (( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) وَقَالَ ﷺ ( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ) رَوَاهُ مُسْلِم
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ وَآلِ بَيْتِهِ الطَّيبِين الطَّاهِرِين وَارْضَ عَنِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ الْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنْ بَقِيَةِ أَصْحَابِ نَبِيِّكَ أَجْمَعِينَ وَعَنْ التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمّ أعزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ وَاَحْمِ حَوْزَةَ اَلْدِّيْنَ وَاَجْعَلْ بَلَادَنَا آمِنَةً مُطْمَئِنَةً رَخَاءً سَخَاءً وَسَاْئِرَ بِلَاْدِ اَلْمُسْلِمِيْنَ يَا رَبَ العَالَمِينَ اللَّهُمّ آمِنَّا فِي أَوطَانِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَتَنَا وَوُلاَةَ أَمْرِنَا وَأَيِّدْهُم بِالحَقِّ اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِكُلِّ خَيرٍ وَلَمَّا تُحِبُّ وَتَرْضَى يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَام اللَّهمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتِنَا فِي الأُمُورِ كُلِّهَا وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ اللَّهمَّ اخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ أَعْمَالَنَا وَبِالسَّعَادَةِ آجَالَنَا وَبَلِّغْنَا فِيمَا يُرْضِـيكَ آمَالَنَا بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) عِبَاْدَ اَللهِ )) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (( فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ الجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ))