خطبة الجمعة فضائل وأحكام

حسين بن حمزة حسين
1446/08/11 - 2025/02/10 08:31AM
أما بعد : أوصيكم ونفسي بتقوى الله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾. إخوة الإيمان: اختصّ الله تعالى بفضله ومنّته هذهِ الأمَّةِ بيومٍ عظيمٍ، قالَ ﷺ ( أضَلَّ اللَّهُ عَنِ الجُمُعَةِ مَن كانَ قَبْلَنا، فَكانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ، وكانَ لِلنَّصارَى يَوْمُ الأحَدِ، فَجاءَ اللَّهُ بنا، فَهَدانا اللَّهُ لِيَومِ الجُمُعَةِ) أخرجه مسلم ، فكانَ مِنْ هَدْيِ النَّبِيِّ ﷺ تَعْظِيم هذَا اليومِ، وتَخْصِيصَهُ بعبَادَاتٍ مِنْهَا: الاغتسَالُ للجُمُعَةِ واستحبابُ التَّنَظُّفِ والتَّطَيُّبِ والسِّوَاك، ولُبْسِ أحسنِ الثِّيَابِ، لأنَّ الجُمُعَةَ عيدُ اجْتِمَاعِ المسلمينَ، قالَ ﷺ: (لا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَومَ الجُمُعَةِ ويَتَطَهَّرُ ما اسْتَطاعَ مِن طُهْرٍ ويَدَّهِنُ مِن دُهْنِهِ أوْ يَمَسُّ مِن طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فلا يُفَرِّقُ بيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي ما كُتِبَ له، ثُمَّ يُنْصِتُ إذا تَكَلَّمَ الإمامُ، إلّا غُفِرَ له ما بيْنَهُ وبيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرى) أخرجه البخاري ومنها: التَّبْكِيرُ إلى الجُمُعَةِ قالَ ﷺ: (من غسَّلَ يومَ الجمعةِ واغتسلَ ثمَّ بَكَّرَ وابتَكرَ ومشى ولم يرْكبْ ودنَا منَ الإمامِ فاستمعَ ولم يلغُ كانَ لَهُ بِكلِّ خطوةٍ عملُ سنةٍ أجرُ صيامِها وقيامِها) أخرجه أبو داود وصححه الألباني. ومِنْ فضَائِلِ يَوْمِ الجُمُعَةِ، أنَّ فيهِ سَاعَةَ إجَابَةٍ للدعاء لا تردّ، قالَ ﷺ: (فيه ساعَةٌ لا يُوافِقُها عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وهو قائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعالى شيئًا، إلّا أعْطاهُ إيّاهُ وأَشارَ بيَدِهِ يُقَلِّلُها) البخاري. وَمَنْ فضائل يوم الجمعة، أنه سبب في تكفير السيئات ورفع الدرجات قَالَ ﷺ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا لَمْ يَغْشَ الْكَبَائِرَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. ومن فضائل يوم الجمعة أنه سبب للوقاية من عذاب القبر قَال َﷺ (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ إِلَّا وَقَاهُ اللَّهُ فِتْنَةَ القَبْرِ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانيُّ أيُّهَا المؤمنونَ: ترك حضور صلاةِ الجمعةِ من غير عذر شرعي، عدّه بعض العلماء من كبائر الذنوب، لما ورد فيه من الوعيد، والتأخُّرَ عن حضورِهَا، والتخلفَ عن أدائِهَا، أعظم الخُسْرَانِ وأمارَةُ الحِرْمَانِ، قال ﷺ: (لَيَنْتَهينَّ أقْوامٌ عن ودْعِهِمُ الجُمُعاتِ أوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ على قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكونُنَّ مِنَ الغافِلِينَ) أخرجه مسلم وقالَ صلى الله عليه وسلّم : (مَن ترَكَ الجمعةَ ثلاثَ مرَّاتٍ تهاونًا بها، طبَعَ اللهُ على قلْبِه) أخرجه أبو داود والترمذي. أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) . بَارَكَ اللهُ لَي ولكم فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِمَا مِنَ الْآَيَاتِ وَالْحِكْمَةِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي ولَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. الخُطْبَةُ الثَّانِيَة: أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ: واعلموا أنَّ مِنْ سنن وأحكامِ الجمُعَةِ التَّبكِيرُ إِلَى الْمَساجدِ، فهي مِنْ عظيم الصَّدَقاتِ وَنَفيسِ القُرُبَاتِ، فَفِي صَحيحِ مُسلمٍ، قال صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ (إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ مَلاَئِكَةٌ يَكْتُبُونَ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ، فَإِذَا جَلَسَ الإِمَامُ طَوَوُا الصُّحُفَ، وَجَاؤُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ، وَمَثَلُ الْمُهَجِّرِ كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي الْبَدَنَةَ، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي الْكَبْشَ، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي الدَّجَاجَةَ، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي الْبَيْضَةَ)، فَكمْ مِنَ الفَرقِ الكَبيرِ بَينَ مَنْ يُهدِي البَدَنَةَ لِتَبكيرِهِ، وَالَّذِي لَا يُهدِي شَيئًا؛ لِأنَّه جَاءَ بَعدَ مَا طَوتِ المَلَائكَةُ صُحُفَهَا؟! وَكَمْ مِن جُمُعَةٍ تَطوِي المَلَائكَةُ صُحُفهَا وَلَمْ تُسَجِّلْ فِيهِ مِنَ السَّابقِينَ إِلَّا القَلِيلَ؟! فإذا دخل المسجد يوم الجمعة فليس للجمعة راتبةٌ قَبْلِيَّةٌ، بل يُصَلِّي المسلمُ مَا شاءَ، ثم يتفرغُ للعبادةِ والذِّكْرِ، والنَّافِلَةُ بعدَهَا، إنْ صلَّى في المسجدِ صلَّى أربعًا وإنْ صلَّى في بيته صلَّى ركعتينِ، ومنْ دخلَ المسجدَ والإمامُ يخطُبُ؛ فليركعْ ركعتينِ خفيفتين، قالَ ﷺ: (إذا جاءَ أَحَدُكُمْ يَومَ الجُمُعَةِ والإِمامُ يَخْطُبُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِما) أخرجه البخاري ومسلم، فمنْ أدركَ ركعةً مع الإمامِ وجبَ أنْ يُصَلِّيهَا ركعتينِ، فَيُتِمَّ ركعةً ثانيةً ويُسَلِّمَ، أمَّا مَنْ أدْرَكَ الإمامَ بعدَ الرُّكوعِ الثّاني فيلزمُهُ أنْ يُتِمَّهَا ظُهْرًا أَرْبَع رَكْعَاتٍ. إخوة الإيمان: إذا دخل أحدكم المسجد والإمام على المنبر، والمؤذن يؤذن للخطبة، فليبادر بتحيّة المسجد ولا ينتظر متابعة المؤذن، فسماع الخطبة واجب، ومتابعة المؤذن سنةّ، والواجبُ مقدمٌ على السنة. عباد الله: ومما يجب على المصلي أن يستمع وينصت للخطيب أثناء الخطبة، وأن يبتعد عن كلِّ ما يَشغَله عن الاستماع والإنصات، من قراءة القرآن والكلام من رد السلام وتشميت العاطس أو السواك أو اللعب بالجوال، وشرب الماء لغير الحاجة، وكلّ هذا من مس الحصى الذي قَالَ عنه نبينا ﷺ (مَن مسَّ الحصى فقد لغا، ومَن لغا فلا جمعةَ له) رواه مسلم. عبادَ اللهِ: وممَّا يستحبُّ في يومِ الجمعةِ وليلتِهَا: الإكثارُ من الصَّلاةِ على النَّبِيِّ، قالَ رسولُ اللَّه ﷺ: (إنَّ مِن أَفْضلِ أيَّامِكُمْ يَوْمَ الجُمُعةِ، فَأَكْثِرُوا عليَّ مِنَ الصلاةِ فِيهِ، فإنَّ صَلاتَكُمْ معْرُوضَةٌ علَيَّ) فاللهم صل وسلم على نبيّك ورسولك محمد ....
المشاهدات 126 | التعليقات 0