خطبة الجمعة ليوم عيد الأضحى
د عبدالعزيز التويجري
الخطبة الأولى : خطبة الجمعة ليوم عيد الأضحى : 1446هـ
الحمد لله الذي هدانا لِخيرِ الأعياد، وأكرمنا بأُنسِ القُربات، وجعلَ في أيامِ العشر نفحاتٍ للعارفين، وميقاتًا للمُضحين ، واسعُ الإحسان، كريمُ الجودِ والغفران. وأشهد أن سيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه، إمامُ المتقين، وسيدُ المرسلين، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين، وصحبه الطاهرين، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين. أما بعد:
يا أيها الناس، اتقوا الله، فإن التقوى زادُ المُتقين، وكنزُ الفائزين، وسفينةُ النجاة {وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
في هذا اليوم الميمون الأغر ، اجتمع لنا عيدان: عيد الجمعة، وعيد الأضحى، وكلٌّ منهما عيدٌ عظيم، مبارك، يُذكّرنا بفضل الله علينا، ويوقظ فينا مشاعر الشكر والحمد لله جل جلاله.
ضحيتم بفضل الله ضحاياكم ، وتقربتم إلى الله بهداياكم ، ووصلتم بطيب قلوبكم أرحامكم، فتقبل الله منا ومنكم ، وجعل الله ما قربتم ووصلتم قرباناً إلى ربكم ، ورفعة في درجاتكم، وتطهيراً لقلوبكم .. {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ}.
عيد الأضحى... يوم التوحيدِ الخالص، والعبودية الصادقة، يُرفع فيه التكبير، وتراق فيه دماءُ الأُضْحِيَات تقربًا لله العلي القدير ، لا رياءً ولا فخرًا، وإنما طاعةً واتباعًا.
{لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنْكُمْ}
إن عيد الأضحى لا يمرُّ بنا مرورًا عابرًا، بل هو موسمٌ للحمد والشكر على تمام النعمه ، وبلوغ المنة ، ووقتٌ تُتَرجَمُ فيه معاني الإيمان للواحد الديان على كمال الإسلام.
إن عيد الأضحى هو يوم شعيرةٍ وعبرة، يومُ تضحيةٍ وذكر، يومُ توحيدٍ وتكبير، لا يومُ لهوٍ وغفلة ، ولا هجر للقرآن بل ذكرُ وإحسان ، كما قال ربنا المنعم سبحانه {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ}
والتكبير مشروع إلى آخر أيام التشريق ويتأكد خلف الصلوات .. في صحيح البخاري أن ابْنُ عُمَرَ « كان يُكَبِّرُ بِمِنًى تِلْكَ الأَيَّامَ، وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ وَعَلَى فِرَاشِهِ وَفِي فُسْطَاطِهِ وَمَجْلِسِهِ، وَمَمْشَاهُ تِلْكَ الأَيَّامَ جَمِيعًا»
عيد الأضحى يوم توسع على النفس والاقربين، تُجمع فيها النفوس بين الفرح المشروع والتنعم بالأكل والشرب مصحوبا بحمد وشكر ، قال نبينا ﷺ:"أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله." رواه مسلم
والفرح بالعيد والابتهاج به ، لا يخرج للبطر والأسراف والأشر ، او السهر المضيع للصلوات، أو خلط الحسنات بسيئات متعمدات ، وأجمع تربيةٍ ووصيةٍ وصيةُ المعلمِ m لأبي ذر h " اتَّقِ اللهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ".
{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ۖ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}
ثم استغفروا ربكم وتوبوا إليه إن ربنا لغفور شكور
الخطبة الثانية الحمدُ لله على تمامِ النعم، والشكرُ له على ما منَّ به من الفضل والكرم، لا يُحصي الثناءَ عليه سبحانه وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين ..أما بعد:
في هذا اليوم، تفيض القلوبُ فرحًا، وتلين النفوسُ رحمة، وتشتاق الأرواحُ للوصل والمودة، فاجعلوا من العيد ميدانًا لصلة الأرحام، وجبر الخواطر، ولمّ الشمل.
فأحيوا هذه الأيام المباركة بذكر الله، وبالصدقة، وصلة الأرحام، والعفو والصفح، فإنها أعظم ما يُقدَّم في مثل هذه المناسبات .
وكريم النفس من بدأ بالسلام، وتجاوز الزلل، وعفا عن الخطل، ، ومن تجاوز عن أخيه تجاوز الله عنه {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
فإن من أعظم ما يُقرّبُ إلى الله: أن تصلَ من قطعك، وتعفو عمَّن ظلمك، وتحسن إلى من أساء إليك.. قال ﷺ: "ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قُطعت رحمه وصلها." [رواه البخاري]
والفطن من لا ينسى البائس الفقير من عائلةٍ ضعيفة او مقيماً يرى ير ى الأضاحي ويرجو أن تناله من لحومها ، وكذا المُستضعفين من المؤمنين ، فهم أحق بالدعاء والمواساة.
وصلّوا على من أمرَكم الله بالصلاةِ عليه، فقال:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد..
اللهم اجعلنا ممن تقبلتَ أضاحيهم، وغفرتَ ذنوبهم، ورفعت درجاتهم، وأدخلتهم برحمتك في زمرة الصالحين..اللهم اجعل هذا العيد عيدَ خيرٍ وسرور، ونصرٍ وتمكينٍ لأمتنا، ورفعٍ للبلاء، وزوالٍ للكرب.
اللهم آمنا في دورنا واصلح ولاة امورنا وأحفظ الحجاج وتقبل منهم وسير لهم إتمام نسكهم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المرفقات
1749126543_خطبة الجمعة ليوم عيد الأضحى.docx
1749126545_خطبة الجمعة ليوم عيد الأضحى.pdf