خطبة الحج والسكينة السكينة

حسين بن حمزة حسين
1446/12/04 - 2025/05/31 11:44AM
الحمد لله الذي أكرمنا بمواسم للطاعات، ورفع فيها الدرجات، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلوات الله وسلامه وبركاته عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .. فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أنكم في أيام هي أفضل أيام الدنيا، قال ﷺ: "ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، رواه البخاري،  أيام عظيمة يُستحبُّ فيها الإكثار من التسبيح والتهليل والتكبير والتحميد وقراءة القرآن، ويعظم فيها أجر الصلاة والصدقة والصيام والحج وبر الوالدين وصلة الأرحام، ويافوْز من تحرى فضلها وتاب وأناب، كما قال تعالى ( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ) فالتوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وتذكروا أننا نستقبل بعد أيام  يوم عرفة، أكثر يومٍ يعتق الله فيه من النار، قال ﷺ:)صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يُكفّر السنة التي قبله والسنة التي بعده) رواه مسلم إخوة الإيمان: ومن الأعمال الصالحات التي يحبها الله تعالى في هذه الأيام الحج إلى بيت الله الحرام، قال تعالى ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾، فالحج عبادة توقيفية، لا يجوز فيها الابتداع ولا الاجتهاد فمن أراد الحج عليه أن يلتزم بهدي النبي صلى اللّٰه عليه وسلم في الحج، القائل (يا أَيُّها الناسُ خُذُوا عَنِّي مناسكَكم)، والسفر للحج ومناسك الحج مظانٌ للجهد والمشقّة، فالأخذ بالرخص الشرعية مما يحبّه الله تعالى ويرضاه، يقول اللّٰه تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)، وقال صلى اللّه عليه وسلم: (إنَّ الله يُحبُّ أن تُؤْتََّ رُخَصُه، كما يُحبُّ أن تُؤتَّى عزائمُه)، فعند المرض أو الزحام أو التعب الشديد، فللحاج أن يوكّل بالرمي، وأن يجمع بين الصلوات، وله التقديم والتأخير ببعض المناسك، فالدين يُسر، والزموا السكينة في المشاعر، فعن جابر بن عبد الله رضي اللّٰه عنهما أن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم كان يقول للناس في حجة الوداع: ((أيُّها النَّاسُ، السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ)).، تمسكوا بآداب السفر، لا تنسوا الصبر والرفق واللين وتجنبوا التدافع وإيذاء الآخرين، صونوا حجّكم عن كل ما يفسده أو ينقصه، يقول اللّٰه تعالى: (الْحَجُّ أَشْهرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحج فَلا رَفَث وَلاَ فُسُوقَ وَلَا جدَالَ فِي الْحَجِّ). أيها الحجاج: اتقوا الله تعالى، والتزموا بالأنظمة والتعليمات التي تصدرها الجهات الرسمية، كأجهزة الأمن والقطاعات الصحية والخدمية، فهي وُضعت لخدمتكم وسلامتكم، ولتنظيم أداء هذه الشعيرة العظيمة، واعلموا أن طاعة ولي الأمر في هذا الباب من طاعة الله ورسوله، وقد قال الله عز وجل في كتابه الكريم﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ)، ولا تتهاونوا بالتعليمات التي تنظم الطواف والرمي والتنقل. ومن أعظم مقاصد الشريعة: حفظ النفس، فلا تعرضوا أنفسكم للضرر والهلاك، وخذوا بالأسباب المشروعة للوقاية: احذروا التعرّض المباشر لأشعة الشمس، خاصة في ساعات الذروة، أكثروا من شرب الماء، فالوقاية خير من العلاج، تجنبوا أماكن الزحام الشديد، لا سيما عند الجمرات أو في أوقات الذروة، وتذكّروا أن من مقاصد الحج: السكينة والطمأنينة والرحمة، فليكن حجكم برحمة لا بعنف، وبرفق لا بفوضى . اللهم وفق حجاج بيتك الحرام، واجعل حجهم مبرورًا، وسعيهم مشكورًا، وذنبهم مغفورًا. أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم… الخطبةالثانية:
الحمد لله الذي جعل لنا في الأيام المباركة فرصًا للطاعات، وفتح أبواب البر والقربات، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلوات الله وسلامه وبركاته ..... اقترب يوم الحج الأكبر، يوم النحر، وهو أعظم أيام الدنيا عند الله، ويجتمع فيه الحج، والذبح، والتكبير، والصلاة، ومن أعظم شعائر يوم النحر لغير الحجاج ذبح الأضاحي، ويشترط أن تكون من بهيمة الأنعام الإبل والبقر وتجزئ عن السبعة، والضأن والماعز ويجزئ عن الواحد، ويشترط أن تكون خاليةً من العيوب: العور والمرض والعرج والهزال، ووقت الذبح من بعد صلاة العيد حتى غروب شمس آخر أيام التشريق، ويجوز الذبح ليلا ونهارا، والنهار أفضل، ويستحب في الأضحية أن تقسم أثلاثا، ثلث للأكل، وثلث هدية، وثلث صدقة، وتجزيء الأضحية عن الرجل وأهل بيته مهما كان عددهم قليلين أو كثيرين،  من نوى أن يُضحّي عليه أن يمسك عن قصّ شعره وأظفاره من بداية ذي الحجة إلى أن يذبح، وتسقط الجمعة عمن صلى العيد، وهو مذهب الإمام أحمد واختاره، الشيخ ابن عثيمين، وابن باز رحمهم الله لقول النبي صلى الله عليه وسلم( إذا اجتمع عيدان في يومكم هذا، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمعون إن شاء الله" (رواه أبو داود وابن ماجه، وحسنه الألباني).  فمن صلى العيد فله ترك الجمعة ويصلي بدلها ظهرًا في بيته.    
المشاهدات 73 | التعليقات 0