خطبة القرآن والأحكام

الحمدُ للهِ ربِّ العَالمينَ الَّذي له ملكُ السَّمواتِ والأرضِ وهُوَ علَى كلِّ شيءٍ قديرٌ، وأشهدُ أن لَّا إلَهَ إلَّا اللُه وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، يعلمُ ما في السَّمواتِ والأرضِ، ويعلمُ ما تُسرُّونَ وما تُعلِنُون، وأَشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ صلواتُ ربِّي وسَلامُهُ عليه، وعلى آلِهِ وأَصْحَابِهِ وسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا. أَمَّا بَعْدُ :

فإنَّ خيرَ كتابٍ وأفضلَ كلامٍ هو القرآنُ، يا أمَّةَ القرآنِ ، القرآن نورٌ وصلاحٌ وفلاحٌ وهدايةٌ وحكمةٌ ونجاحٌ ، فلنتدبرَهُ قال تعالى: (أفلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ) . مَنْ قرأَ منه حرفٌا كُتِبَ له عشْرُ حسناتٍ إلى سَبْعِ مئة ضعفٍ، واللهُ يضاعفُ لمن يشاءُ.

أنزلَ اللهُ القرآنَ نورًا وهدىً موعظةً للمتقين، القرآنُ لا يُهزمُ أنصارُهُ، وهو حبلُ اللهِ المتينُ، هو الشِّفاءُ بالحقِّ أنزلَه اللهُ ونزلَ بالحقِّ ...

أُمَّةَ القرآنِ : بِهذا القُرآنِ يرفعُ اللهُ أقوامًا ويضعُ بهِ آخرين يأتي شفيعًا لأصحابِهِ إنَّ المسلمَ بلا قرآنٍ كالحياةِ بلا ماءٍ (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فأحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ) .

أَيُّهَا الْمُسْلِمُ : ربَّما ضَائِقةٌ من الضَّوائقِ لا يَكشِفُها إلا بعضُ الآياتِ تُردِّدُها ( وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا ). يقرأُ المسلمُ القرآنَ فإذا بطمأنينةٍ وسكينةٍ تُظِلُّلهُ.

أيُّهَا المؤمنون : وَصفَ ربُّنا القرآنَ بأوصافٍ عظيمةٍ منها :

1- هُدًى للْمُتَّقِين : ( ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ) .

2-هُدًى لِلنَّاسِ :(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ )

3- رُوحٌ تحيا به الْقُلُوبُ (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ).

4- فِيهِ النَّذَارَةُ (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ) .

ه - الخيرُ كلُّ الخيرِ في تعلُّمِ القرآنِ وتعليمِهِ قال ﷺ : " خَيْرُكُمْ مَن تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ".

6- الْقُّرْآنُ يَقُّودُ الْأُمَّةَ إلى السِّيَادةِ والرِّيادةِ، فَعِنْدَمَا كَانَ قَائِدَنَا القرآنُ قُدْنَا الْعَالَمَ .

7- الْقُرْآنُ مِنْهَاجٌ فتحنا به العالمَ يومَ أنَّ كانَ خُلُقْنَا القُرْآن دللنا العالمَ ، ولَمَّا تركنا القُرآنَ أَصْبَحْنَا لا قيمةَ لنا ولا وزنَ، ويوم أَعرضْنَا عن القرآنِ أعرضَ عنَّا الرحمنُ واحتقرَنا كلُّ إنسانٍ واستولى أَعداؤنا على ديارِنا. لَمَّا تركْنا القرآنَ أصبحْنا أقلَّ الأممِ وزنٌا.

عبادَ اللهِ : لماذا تركَ بعضُنا القرآنَ وعكفَ على المجلاتِ الساقطةِ وهجرَ القرآنَ ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مهجورا ).

اللَّهمَّ ارْفَعْنا وانْفَعْنا بالقرآنِ العَظيمِ، واجْعَلِ القرآنَ شَفِيعًا لنا. أقُولُ ما تَسْمَعُون، وأَسْتَغْفرُ اللهَ العَظِيمَ لي ولكم إنَّه كانَ غَفُورًا رَحِيمًا.

 

الخطبةُ الثانيةُ:

الحمدُ للهِ حَمدًا كثيرًا طيِّبًا مُبَاركًا كَمَا يُحِبُّ ربُّنَا ويَرضَى، وأشهدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لهُ ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ صلَّى اللهُ عليه، وعلى آلِهِ وأصحَابِهِ وسلَّم تسليمًا كثيرًا. أمَّا بَعْدُ :

احرِصْ أيُّهَا الْمُسلِمُ على حفظِ كتابِ اللهِ ، أو شيئًا منه، فالجوفُ الذي ليس فيه شيء من القرآنُ كالبيتِ الْخَرِبِ، ولَئِنْ تلقى اللهَ عز وجل وأنتَ تُحاولُ حفظَ القرآنِ خيرٌ مِن أَنْ تلقاهُ وأنتَ باردُ الهمةِ قالَ تعالى: (( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذَّكَرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ )).

وأَضعفُ الإيمانِ تحسينُ التلاوةِ بلا لحنٍ؛ لذا احْذَر أيُّها المسلمُ هجرَ القرآنِ .

قالَ الحسنُ: " نزلَ القرآنُ لِيُعملَ به فاتَّخِذُوا تلاوتَهَ عملًا ".

قالَ تعالى: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكَ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ )).

واعلموا يا عبادَ اللهِ أنَّ القرآنَ شفاءٌ فَلنَرْقِ به أنفسَنَا وغيرَنا. قالَ تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ )).

عبادَ الله: ما هذهِ الأَفْعَالُ الَّتِي على القُّلُوبِ، مواعظُ تُتلى وعِبٌر تُسمعُ في أيِ كتابِ الله، فأينَ التدبرُ ؟ مَن مِنَّا يا عبادَ الله قرأَ سورةَ القيامةِ، ثم بكى ؟ ومَن ارتجفَ عند قراءةِ سورةِ الزلزلةِ ؟ ما هذا الرَّانُ الَّذي على قلوبِنَا؟ أَمَا آنَ لنا أنْ تخشعَ، ومِن خشيةِ اللهِ نبكي؟ (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ) .

وقالَ تعالى: ﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا متصدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللهِ )).

فاللهَ اللهَ بكتابِ اللهِ يا مَن يَشتكي الْهُمومَ والغُمومَ عليكَ بكتابِ اللهِ، فإنَّ فيه تفريجًا للقلوبِ .

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَن أَمَرَكُم اللهُ بالصَّلاةِ والسَّلامِ عليهِ، اللَّهُم صَلِّ وسَلِّمُ علَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، وارْضَ اللَّهُم عَن الْخُلفَاءِ الأَرْبَعَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وعُمَرَ الْفَارُوقِ وعُثْمَانَ ذِي النُّورَيْنِ وعَلِيِّ أبِي السِّبْطَيْنِ، وعَنَّا مَعَهُم بِجُودِك وإحْسَانِكَ وفَضْلِكَ، وارْضَ اللَّهُم عَن سَائِر الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ

اللَّهم أَصْلِحْ أحوَالَنَا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ ، اللَّهم اجْمَعْ كَلِمَة الْمُسلِمِينَ على الحقِّ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، اللَّهم مَن أَرَادَنا وأَرَادَ بِلادَنَا وبِلادَ الْمُسْلِمِينَ بِسُوءٍ فَأَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ، واجْعَلْ تَدْبِيرهُ تَدْمِيرًا عَلَيْهِ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، اللَّهم وفقْ وليَّ أمرِنا لِمَا تُحبُّ وتَرضى، وخُذْ بناصيتِهِ للبرِّ والتَّقوى وأَعنْهُ على أمورِ دينِهِ ودنياهُ يا ذا الجلالِ والإكرامِ.

اللَّهمَّ اغفرْ لآبائِنا وأمهاتِنا يا ذا الجلال والإكرام، واجزِهِم عمَّا قدَّموا لنا مِن خيرٍ يا ذا الجلال والإكرام، اللَّهمَّ إنَّا نعوذُ بِكَ أَنْ نقولَ زُورًا، أو أنْ نغشَى فُجورًا. اللَّهم اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنَا كُلَّهَا دِقهَا وجِلَّها، خَطَأَهَا وعَمْدَها.

( رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النارِ) . اللَّهمَّ صلِّ وسلِّم على نبيِّنا محمدٍ.

عِبادَ اللهِ: ﴿ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) فاذْكُرُوا اللهَ الْجَلِيلَ يَذْكُرْكُم، واشْكُرُوهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُم، ولَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ واللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

المرفقات

1755659840_خطبة القران والاحكام.docx

1755659851_خطبة القران والاحكام.pdf

المشاهدات 83 | التعليقات 0