خطبة الولاء والبراء
الشيخ منصور بن صالح الجاسر
خطبة الولاء والبراء
الحمدُ للهِ رَبَّ العالمين وَليِّ الصَّالحِينَ ، ولا عُدْوَانَ إلا علَى الظَّالمينَ ، وأشهدُ أن لا إلَهِ إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وأَصْحابِهِ وسَلَّم تَسْلِيمًا كثيرا، أمَّا بَعْدُ:
فاتَّقُوا اللهَ يا عِبادَ اللهِ، واعْلَمُوا أنَّ من اتَّقَى اللهَ فَاَز، ومَن اتَّقَى اللهَ فَأُولَئِكَ هُم الْمُفْلِحُونَ.
عَبْدَ اللهِ : أُحِبُّكَ وأُبْغِضُكَ .... تِلْكَ مَشَاعِرٌ قَلبِيَّةٌ تَفِيضُ بِها النُّفوسُ الْبَشَرِيَّةُ لَكِنْ دِيُن الإسلامِ دِينُ كَمَالٍ يَهْتَمُّ بِتَهْذيبِ النَّفْسِ وتَرْبِيَتِهَا، ومِن أَجْلِ ذَلِكَ اعْتَنَى الإسلامُ في الْحُبِّ والْبُغْضِ، وَجَعَلَ لَهُ شَرَائِعَ لَيْسَتْ في هَوَى النَّفْسِ مِن ذَلِكَ بِشَيءٍ.
ذَلِكُم يا عِبادَ اللهِ ، وهُو حَدِيثي مَعَكُم في هَذِهِ اللَّحَظَاتِ عَن الْحُبِّ في اللهِ والْبُغْضِ في اللهِ ، والْمُوَالاةِ في اللهِ ، وَالْمُعَادَاةِ فِي اللَّهِ اللَّتَانِ هُمَا مِن أَسَاسيَّاتِ الدِّينِ ومِن لَوَازِمِهِ.
عبدَ اللهِ : إنِّ مِن واجبَاتِ الإيمانِ ولَوَازِمِهِ محبَّةَ اللهِ تَعَالى، ومحبَّةَ رَسُولِهِ ﷺ ، ومحبَّةَ الْمُؤمِنيِن، ومحبَّةَ مَا يُحِبَّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِن الإِيمَانِ والْعَمَل الصَّالِحِ وتَوَابِعِ ذَلكَ، وبُغْضَ مَا يُبْغِضُهُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنَ الْكُفْرِ وَالشَّرْكِ والْفُسُوقِ والمعَاصِي، وبُغْضَ أَعْدَاءِ اللهِ مِن الْكَفَرَةِ والْمُشْركِينَ واليهُودِ والنَّصارَى والعُصاةِ وَالْمُلْحِدِينَ.
فالحبُّ في اللهِ والْمُوَالاةُ في اللهِ والْمُعَادَاةُ فِي اللهِ مِن أَوْثَقِ عُرَى الإيمانِ وَأَحَبٌ الأعمَالِ إلى اللهِ تَعَالى، والمرءُ مَع مَن أَحَبَّ يومَ الْقِيَامَةِ كمَا وَرَدت بِذَلكَ السُّنَّةُ.
فَمَحَبَّةُ اللهِ وَرَسُولِهِ ﷺ مُقَّدَّمةٌ علَى مَحبَّةِ الأولاد والأموال والأنفس قال تعالى: ﴿ قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةً تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَها أحب إليكم من الله ورسوله وجهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِي اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ )).
مَعْشَرَ المسلمِينَ: إنَّ اللهَ تَعَالى نَهانا عَن مُوالاةِ الْكافِرينَ، وأَخْبَرَ أنَّ مَن تَوَلاهُم فإنَّهُ منهم وأَخْبَرَ النَّبِيُّ ﷺ : "أنَّ مَن أَحَب قَوْمًا حُشِرَ مَعَهُم" .
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أولياء بعضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) .
آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ وأَحَادِيثُ صَرِيحةٌ في التَّحْذِيرِ مِن مُوَالاةِ الْكُفَّارِ ، فمِن صُوَرِ مُوَلَاةِ الْكُفَّارِ : التَّوَلِّي الْعَامَ لَهُم، والْمَوَدَّةَ والْمَحَبَّةَ الْخَاصَّة والرُّكُونَ إليهم ولَوْ قَلِيلًا.
قالَ تَعَالى: ﴿ وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا " إِذَا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضَعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا ) فإذا كَانَ هذَا الْخِطابُ لأشْرَفِ مَخْلُوقٍ صَلَوَاتُ رَبِّي وسَلامُهُ عليه، فكَيْفَ بِغَيْرِهِ ؟.
ومِن صُوَرِ مُوَالاتِهم : مُدَاهَنَتُهم ومُدارَاتُهم قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ )، ومِن ذَلِك طَاعَتُهم فِيمَا يَقُولُونَ وَفِيمَا يُشِيرُونَ كمَا قالَ تَعَالى: ﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فَرْطًا )
ومِن الْمُوَلَاةِ أيضًا : استِعْمَالُهُم في أَمْرِ مِن أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ ، اتَّخَاُذُهُم بِطَانَةٌ مِن دُونِ المؤمِنينَ ؛ ومِن ذلك الْبَشاشَة لهم والطَّلاقَةُ لهم إلا إذَا أُرِيدَ بِذَلِك دَعْوَتُهُم إلى الإسلام .
ومِن صُوَرِ مُوالاتِهم : استِئْمَانُهُم وقد خَوَّنَهُم اللهُ جَلَّ وعَلا ، مُعَاوَنَتُهُم في أُمُورِهِم ولَوْ بِشَيْءٍ قَلِيلٍ
أيُّها المؤمنون: إنِّ الموالاةَ والمعاداةَ مِن أَسَاسِيَّاتِ الدِّينِ، قالَ تعَالى: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ) ، فَنَفَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وتَعَالى الإيمانَ عَن مَن هَذَا شَأْنُهُ، ولو كَانَتْ مَوَدَّتُهُ ومَحَبَّتُهُ لأبِيهِ وأَخِيهِ وابْنِهِ، فَكَيْفَ بِغَيْرِهِ ؟.
وأَخْبرَ سُبْحانَهُ وتَعَالَى أنَّهُ لا يُوجَدُ مُؤْمِنٌ يَوَدُّ كَافِرًا، فَمَنْ وَدَّ كافرًا، فَقَدْ نَفَى اللهُ عزَّ وجلَّ عنه الإيمانَ بقولِهِ: (ولا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) .
وكَيْفَ يَدَّعِي رَجُلٌ مَحبَّة اللهِ، وهُو يُحِبُّ أَعدَاءَهُ، كمَا قِيلَ:
أَتُحِبُّ أعدَاءَ الحبيِبِ وتَدَّعِي حُبٌّا له ومَا ذَاك في إمْكَانِ
شَرْطُ المحبَّةِ أنْ تُوَافِقَ مَن تُحِبُّ عَلَى مَحَبَّتِهِ بِلا عِصْيَانِ
فإِذَا ادَّعَيْتَ لَهُ مَحَبَّةً معَ خِلافِكَ ما يَجِبُ فَأَنتَ ذُو بُهْتَانِ
أيُّها المؤمنون: فالحبُّ في اللهِ والبغضُ في اللهِ أصلٌ عظيمٌ مِن أُصولِ الإيمانِ ، ولذلك جاءَ في الحدِيثِ : " أَوْثَقُ عُرَى الإيمانِ الحُبُّ في اللهِ والبُغْضُ في اللهِ".
ولذلك أكثرَ اللهُ مِن ذِكرِهِ في القُرآنِ، ومِن ذلِكُم قولُه تعالى: (لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ من الله في شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ).
فَنَهى سبحانَهُ وتعَالى المؤمنين أنْ يُوَالُوا الكَافِرين، أو أنْ يُحبُّوهُم أو أنْ تَطْمَئِنَّ قُلُوبُهُم لَهُمْ، أو أنْ تَلِينَ قلوبُهم لهم ولا سِيِّمَا إذا كانُوا مُحاربِينَ، ولا بأس أنْ يَتَلطَّفَ الإنسَانُ قليلًا إذا أرَادَ دَعْوَتَهم إلى الإسلامِ ، وذلك معلومٌ مُقَدَّرٌ بِقَدْرِهِ.
أَلَا وإنَّ مِن الخطَرِ الْعَظِيمِ تَفْضِيلَ العِمَالَةِ الْكَافِرَةِ على المسْلِمَةِ بِحُججٍ واهِيَةٍ وأعذَارٍ لَيْستْ مَقْبُولةً في شَيءٍ.
اللَّهم اجعَلْنَا يا حَيُّ يا قَيُّومُ ممن يُحِبُّ فيك ، ويُبْغِضُ فيك ، ويُوالِي فيك ، ويُعَادِي فيك يَا رَبَّ العَالَمِينَ ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ واسْتَغْفِرُ اللهَ لي ولكم ، فاستَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
الخطبةُ الثانيةُ:
الحمدُ للهِ حَمدًا كَثِيرا كَمَا أَمَر، وقد تَأَذَّنَ بالزِّيادَةِ لِمَن شَكَر. وأشهدُ أن لا إلَهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ له إرغَامًا لِمَن جَحَدَ به وكَفَر.
وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ الشَّافِعُ الْمُشَفَعُ في المحشَرِ صلَّى اللهُ عليه، وعلى آلِهِ وأصحابهِ الميامينِ الْغُرَرِ مَا اتَّصَلَتْ عينٌ بنَظَرٍ، وما انْقَّطَعَتْ أُذُنٌ بِخَيرٍ وسَلَّم تسليمًا كثيرًا، أمَّا بَعْدُ:
فاتَّقُوا اللهَ يا عبادَ اللهِ، واعلمُوا أنَّ أجسَادكُم على النَّار لا تَقْوَى واسْتَمْسِكُوا مِن الإسلامِ بالعُرْوَةِ الوُثْقَى، واعلمُوا أَنَّ يَدَ اللَّهِ مَعَ الجماعَةِ ومَن شَذَّ شَذَّ في النَّارِ.
أيُّها المؤمنون: الوَلاءُ والبَرَاءُ أَوْثَقُ عُرَى الإيمانِ، كما قَالَ ﷺ : "أَوْثَقُ عُرَى الإيمانِ الْحُبُّ في اللهِ والْبُغْضُ في اللهِ".
يَقُولُ الشَّيخُ سُلَيْمانُ بنُ محمدٍ بنِ عبدِ الوَهَّابِ : فَهَلْ يَتِمُّ الدِّينُ أو يُقَامُ عَلَمُ الجهَادِ، أو الأَمْرُ بالمعرُوفِ والنَّهْيُ عن المنكَرِ، إلا بالْحُبِّ في اللهِ والْبُغْضِ في اللهِ، والْمُعادَاةِ في اللهِ والْمُوالاةِ في اللهِ !".
ويَقُولُ الشَّيْخُ حَمَدُ بنُ عَتِيقٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: "فَأَمَّا مُعَادَاةُ الكَافِرِينَ والْمُشرِكينَ، فَاعْلَمْ أنَّ اللهَ سُبحَانَهُ وتعالى قد أَوْجَبَ ذَلِك، وأَكَّدَ إِيجابَهُ وحَرَّمَ مُوالاتِهِم وشَدَّدَ فيها حتَّى أنَّهُ ليس في كِتَابِ اللهِ حَكُمٌ فيه مِن الأَدِلَّةِ أَكْثَرَ ولا أَبْيَنَ مِن هذِا الْحُكْمِ بعْدَ وُجُوبِ التَّوْحِيدِ وتَحْرِيمِ ضِدِّهِ".
وكانَ النَّبِيَّ يُبَايِعُ أصحَابَهُ على تَحْقِيقِ هذَا الأَصْلِ الْعَظِيمِ، وهُو الْمُوالاةُ في اللهِ والْمُعادَاةُ في اللهِ؛ فعَنْ جَرِيرٍ الْبَجَلِي رضي الله عنه قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ ، وهو يُبَايِعُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْسُطُ يَدَكَ حَتَّى أَبَابِعَكَ وأَشْتَرِطُ، فأَنْتَ أَعْلَمُ، قالَ ﷺ : أُبَايِعُكَ على أنْ تَعْبُدَ اللهَ وتُقِيمَ الصَّلاةَ وتُؤْتِيَ الزكَّاةَ، وتُنَاصِحَ الْمُسْلِمِينَ وتُفَارِقَ المشْرِكِينَ ).
فاسْمَعُوا يا رَعَاكم اللهُ إلى تِلْكُم العِبَارَةِ الْجَمِيلَةِ الَّتِي سَطَّرَهَا أَبُو الوَفَاءِ بنُ عَقِيلٍ قَائلًا: "إذَا أَرَدْتَ أنْ تَعْرفَ مَحَلَّ الإسلامِ مِن أَهْل زَمَانِهِ، فلا تَنْظُرْ إلى ازْدِحَامِهِم في أَبْوَابِ الْجَوامِعِ، ولا ضَجِيجِهِم في الْمَوَاقِفِ، ولَكِنْ انْظُر مُواطَأتهِمِ لأعْدَاءِ الشَّريعَةِ".
قالَ تَعَالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )) .
والْوَلاءُ لا يَكُونُ إلا للهِ ولِرَسُولِهِ ولِلْمُؤْمِنِينَ قَالَ سُبْحَانَهُ: (إِنَّمَا وليكُمُ الله وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) .
فَبَعْضُ النَّاسِ مُوالاتهم للدنيا يُحِبُّ فُلانًا ويُقَّرِّبُهُ لأجْلِ الدُّنيَا، ومِن أَجْلِ عَرَضِ الدُّنيا، فإنْ أُعْطِيَ مِنْها رَضِيَ، وإنْ لَمْ يُعْطَ منها سَخِطَ.
فالوَاجبُ على الْمُسْلِمِ أنْ يُوالِي كُلِّ مُؤْمِنٍ، ولو كَانَت بَيْنَهُ وبَيْنَهُ خُصُومَةٌ، فإنَّ الواجِبَ عليْكَ عبدَ اللهِ أنْ تُوالِي الْمُؤْمِنِينَ ...
وتكُونُ مُوَالاةُ المؤمنِين بِمَحَّبتِهم ونُصْرَتهِم والنُّصْحِ لَهُم والدُّعَاءِ لَهُم، والسَّلامِ عَلَيْهِم وَزِيَارِة مَرِيضِهِم وتَشْيِيعِ مَيِّتهِم، وإعَانَتِهِم والرّحْمَةِ بِهِم ..... وغَيْرِ ذلك مِن حُقُوقِ الْمُسلِمِ الَّتِي هِيَ وَاحِبَةٌ عَلَيْهِ .
والْحَذَرَ اْلَحَذَرَ مِن أَنْ تَهْجُرَ مُسْلِمًا مِنْ أَجْلِ عَرَضٍ مِن الدُّنْيَا وتُبْغِضَ الْمُسْلِم مِن أَجْلِ ذَلِكَ، فَالْوَاجِبُ مُحبَّةُ الْمُؤْمِنِ وَبُعْضُهُ إِنْ كَانَ فِيهِ مَعَاصِي علَى قَدْرِ مَا فِيهِ مِن الْمَعَاصِي، وإنَّنَا لَنَرَى بَعْضًا مِنَ النَّاسِ يَتَخَاصَمُونَ مِن أَجْلِ الدُّنْيَا، ثُمَّ يَتَهَاجَرُونَ سَنواتٍ وذلِكَ لا يَجُوزُ، لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ هَجْرً أَخِيهِ فَوْقَ ثَلاثِ لَيَالٍ، بَلْ قَدْ وَرَدَ: "هَجْرُ الْمُسْلِمِ أَخِيهِ كَسَفْكِ دَمِهِ" ، فَمَنْ كانَتْ بَيْنَهُ وبَيْنَ أَخِيهِ خُصُومَةٌ فَلْيُبَادِرُ بالسَّلامِ، وخَيْرُهُما الَّذِي يَبْدَأُ بالسَّلامِ (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْليَاءُ بَعْضٍ ) .
ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا علَى مَن أَمَرَكُم اللهُ بالصَّلاةِ والسَّلامِ عليهِ. اللَّهُم صَلِّ وسَلِّمْ علَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، وارْضَ اللَّهُم عَن الُخُلَفَاءِ الأَرْبَعَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِدِيقِ وعُمَرَ اْلفَارُوقِ وعُثْمَانَ ذِي النُّورَيْنِ وعَلِيٍّ أبِي السِّبْطَيْنِ، وعَنَّا مَعَهُم بِجُودِك وإحْسَانِكَ وفَضْلِكَ، وارْضَ اللَّهُم عَن سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهم مَن أَرَادَ بِدِيِننَا وَعقِيدَتِنَا وقِيَادَتِنا وبِلادِنا سُوءًا فأَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ، واجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا عليه يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهم وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وتَرْضَى، وخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبرِّ والتَّقْوَى وأَعِنْهُ علَى أُمُورِ دِينِهِ ودُنْيَاهُ يا ذا الجلال والإكرام وَهَيِّئْ لَهُ الْجُلَسَاءَ النَّاصِحِينَ، وَوَفِّقْه وإخْوَانَهُ وأعْوَانَهُ وَوُزَرَاءَهُ إلى مَا فِيهِ صَلاحُ الْبِلادِ والْعِبَادِ، وأَطِلْ عُمْرَهُ علَى طَاعَتِكَ يا رَبَّ الْعَالَمِينَ. اللهم اجعل ولا يتنا فيمن خافك واتقاك واتَّبَعَ شَرْعَك يا ذا الجلال والإكرام.
اللَّهم أَصَّلِحْ أَوْلادَنَا واجْعَلَّهُم مِن بَعَّدِنا خَلَقًا صَالِحًا وَاكْفِهِم شَرَّ الأشْرَارِ وكَيْدَ الْفُجَّارِ مَا اخْتَلَفَ اللَّيْلُ والنَّهَارِ يا ذا الجلال والإكرام. اللَّهم يَا حَيُّ يا قَيُّومُ نَسْأَلُك أَنْ تَغْفِرَ لَآبَالِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، اللَّهم اغْفِرْ لآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ.
(ربَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النار). اللَّهمَّ صلِّ وسلِّم على نبيِّنا محمدٍ.
عِبادَ اللهِ: ﴿ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )
فَاذْكُرُوا اللهَ الْجَلِيلَ يَذْكُرْكُم، وَاشْكُرُوهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ واللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
المرفقات
1755052748_خطبة الولاء والبراء.docx
1755052767_خطبة الولاء والبراء.pdf