خطبة: بر الوالدين _ رضاهما جنة.

خُطْبَةُ بَرِّ الوَالِدَيْنِ – رِضَاهُمَا جَنَّةٌ (مُوَافِقَةٌ لِتَعْمِيمِ الوِزَارَةِ)

الخُطْبَةُ الأُولَى

الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمَرَ بِبِرِّ الوَالِدَيْنِ، وَجَعَلَ ذٰلِكَ مِنْ أَعْظَمِ القُرُبَاتِ، وَنَهَى عَنْ عُقُوقِهِمَا وَعَدَّهُ مِنْ أَكْبَرِ المُوبِقَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

أَمَّا بَعْدُ:
فَأُوصِيكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ، فَهِيَ وَصِيَّةُ اللَّهِ لِلْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، قَالَ تَعَالَى:
﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾.

أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ:
جُبِلَتِ النُّفُوسُ عَلَى حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهَا، وَتَعَلَّقَتِ القُلُوبُ بِمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ عَلَيْهَا، وَلَيْسَ بَعْدَ فَضْلِ اللَّهِ وَإِحْسَانِهِ أَعْظَمُ مِنْ فَضْلِ الوَالِدَيْنِ.

اِسْمَعُوا – رَحِمَكُمُ اللَّهُ – لِآيَاتِ البِرِّ وَتَأَمَّلُوا عَظِيمَ مَنْزِلَتِهِمَا، قَالَ سُبْحَانَهُ:
﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾،
وَقَالَ: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: ثَلَاثُ آيَاتٍ مَقْرُونَاتٌ بِثَلَاثٍ… وَذَكَرَ مِنْهَا: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾؛ فَمَنْ شَكَرَ اللَّهَ وَلَمْ يَشْكُرْ لِوَالِدَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ.

تَصَوَّرْ – رَحِمَكَ اللَّهُ – أُمًّا حَمَلَتْكَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، تَثْقُلُ خُطَاهَا، وَيَضْعُفُ جِسْمُهَا، يَسْهَرُ جَفْنُهَا، وَيَزْدَادُ وَهْنُهَا، تَأْكُلُ لِتُغَذِّيكَ، وَتَشْرَبُ لِتَسْقِيكَ، ثُمَّ حِينَ تَحِينُ سَاعَةُ الوَضْعِ تَرَى المَوْتَ بِعَيْنِهَا، ثُمَّ تَنْسَى آلاَمَهَا وَتَضُمُّكَ إِلَى صَدْرِهَا.
تُرْضِعُكَ مِنْ دَمِهَا، وَتُطْعِمُكَ مِنْ صِحَّتِهَا، جَاعَتْ لِتَشْبَعَ، وَسَهِرَتْ لِتَنَامَ، تَخَافُ عَلَيْكَ نَسِيمَ الهَوَاءِ، وَتَبْكِي لِبُكَائِكَ، وَتَفْرَحُ لِبَسْمَتِكَ، وَبَعْدَ أَنْ كَبِرْتَ لَا زَالَتْ تَحْمِلُ هَمَّكَ؛ تَمْرَضُ إِذَا مَرِضْتَ، وَتَجُوعُ إِذَا جُعْتَ، وَتَفْرَحُ إِذَا فَرِحْتَ، وَتَأْنَسُ إِذَا أَنِسْتَ، كُلُّ الدُّيُونِ تُقْضَى إِلَّا دَيْنَ الأُمِّ…

وَأَمَّا الأَبُ؛ فَإِنَّهُ يَسْعَى فِي الحَرِّ وَالقَرِّ، يَخْرُجُ فِي الصَّبَاحِ وَيَعُودُ فِي المَسَاءِ، يَتَحَمَّلُ المَشَقَّاتِ، وَيُجَابِهُ المَصَاعِبَ، يَقْطَعُ المَسَافَاتِ، وَيَتَحَمَّلُ الكَثِيرَ وَالكَثِيرَ لِيَجْلِبَ لَكَ قُوتَ يَوْمِكَ. إِذَا رَآكَ سُرَّ، وَإِذَا سَمِعَ ضَحِكَتَكَ ابْتَهَجَ، كَمْ رَبَّاكَ وَكَمْ قَوَّمَكَ، فَقُلْ لِي بِرَبِّكَ هَلْ أَدَّيْتَ وَلَوْ شَيْئًا يَسِيرًا مِنْ حَقِّهِ!!؟

ثُمَّ اسْمَعْ قَوْلَ رَبِّكَ: ﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا﴾، عِندَكَ، فِي كَنَفِكَ، فِي ظِلِّكَ، لَا فِي مَكَانٍ تُغْلَقُ فِيهِ الأَبْوَابُ وَتُطْوَى فِيهِ الذِّكْرَيَاتُ. ﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ﴾، وَهِيَ أَصْغَرُ كَلِمَةِ تَضَجُّرٍ، ﴿وَلَا تَنْهَرْهُمَا﴾، ﴿وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا﴾.

قَالَ ﷺ: «رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الوَالِدِ، وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الوَالِدِ» (التِّرْمِذِي)، وَقَالَ: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟ الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ» (متفق عليه).

يَا مَنْ تَبْحَثُ عَنْ رِضَا اللَّهِ…
لَا تَدَعْ يَوْمَكَ يُغْلِقُ أَبْوَابَهُ إِلَّا وَقَدْ جَلَسْتَ مَعَ وَالِدَيْكَ، أَحْسَنْتَ إِلَيْهِمَا، أَضْحَكْتَهُمَا، أَزَلْتَ عَنْ قَلْبَيْهِمَا هَمًّا، وَأَدْخَلْتَ السُّرُورَ عَلَيْهِمَا وَلَوْ بِكَلِمَةٍ حَانِيَةٍ أَوْ خِدْمَةٍ بَسِيطَةٍ.

إِنْ حَالَتْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمَا المَسَافَاتُ، فَصَوْتُكَ اليَوْمَ هُوَ زَادُ قَلْبَيْهِمَا… اِتَّصِلْ، وَاسْأَلْ، وَطَمْئِنْ، وَكُنْ أَوَّلَ مَنْ يَطْرُقُ بَابَهُمَا وَلَوْ عَبْرَ الهَاتِفِ.

وَإِنْ سَبَقَكَ القَدَرُ إِلَى رَحِيلِهِمَا، فَاعْلَمْ أَنَّ البِرَّ لَمْ يَنْتَهِ… بَلْ يَبْدَأُ فَصْلٌ جَدِيدٌ؛ اجْعَلِ الدُّعَاءَ لَهُمَا رَفِيقَكَ، وَالاِسْتِغْفَارَ لَهُمَا عَادَةَ يَوْمِكَ، وَالصَّدَقَةَ عَنْهُمَا بَابًا لَا يُغْلَقُ.
وَأَكْرِمْ أَحْبَابَهُمَا، وَصِلْ أَرْحَامَهُمَا، فَذٰلِكَ مِنَ الوَفَاءِ الَّذِي يُحِبُّهُ اللَّهُ.

هَلْ تَتَذَكَّرُ… يَوْمَ حَمَلَكَ أَبُوكَ عَلَى عَاتِقِهِ فَرِحًا بِخُطُوَاتِكَ الأُولَى؟
هَلْ تَتَذَكَّرُ… يَوْمَ سَهِرَتْ أُمُّكَ بِجَانِبِكَ وَأَنْتَ مَرِيضٌ تُنَاجِي اللَّهَ أَنْ يَشْفِيك؟
هَلْ تَتَذَكَّرُ… يَوْمَكَ الأَوَّلَ فِي المَدْرَسَةِ، وَكَيْفَ عَانَى وَالِدَاكَ مَعَكَ لِتَتَعَلَّمَ وَتَتَأَقْلَمَ؟
هَلْ تَتَذَكَّرُ… كَمْ سَأَلَكَ وَالِدُكَ عَنْ دِرَاسَتِكَ، وَكَمْ تَابَعَكَ وَحَمَلَ هَمَّ تَفَوُّقِكَ؟
هَلْ تَتَذَكَّرُ… كَمْ حَمَلَ هَمَّ عَمَلِكَ وَوَظِيفَتِكَ، وَكَمْ دَعَا لَكَ فِي لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ؟
هَلْ تَتَذَكَّرُ… كيف عانا لتَرْبِيَتك عَلَى الأَدَبِ وَالدِّينِ؟
هَلْ تَتَذَكَّرُ… يَوْمَ رَآكَا تُحَقِّقُ حُلْمًا فَكَانَ فَرَحُهُما أَكْبَرَ حتى مِنْ فَرَحِكَ؟

إِذَا تَذَكَّرْتَ ذٰلِكَ… فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا زَالَ فِي العُمُرِ بَقِيَّةٌ لِتَرُدَّ الجَمِيلَ وَتَكْتُبَ سُطُورًا جَدِيدَةً مِنَ البِرِّ فِي صَحَائِفِكَ.


وَاعْلَمْ… أَنَّ كَثِيرًا مِمَّنْ بَرُّوا وَالِدَيْهِمْ، بَرَّهُم أَبْنَاؤُهُمْ، وَمَنْ عَقَّهُمَا، عَقَّهُ أَبْنَاؤُهُ، وَالجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ العَمَلِ.

وَإِيَّاكَ إِيَّاكَ – أُحَذِّرُكَ – أَنْ تَرْفَعَ صَوْتَكَ عَلَيْهِمَا أَوْ تَقْطَعَ حَدِيثَهُمَا، أَوْ تَحْتَقِرَهُمَا أَوْ تُعَامِلَهُمَا بِالمِثْلِ: فَإِنْ أَحْسَنُوا أَحْسَنْتَ، وَإِنْ أَسَاؤُوا أَسَأْتَ! اتَّقِ اللَّهَ فَلَيْسَ الوَاصِلُ بِالمُكَافِئِ.
قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [العنكبوت: ٨].

فَأَمَرَ بِالإِحْسَانِ إِلَيْهِمَا مَعَ كَوْنِهِمَا مُشْرِكَيْنِ، وَنَهَى عَنْ طَاعَتِهِمَا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَقَطْ، فَكَيْفَ بِمَنْ وَالِدَاهُ عَلَى التَّوْحِيدِ وَالسُّنَّةِ، أَيَعْقِلُ أَنْ يُقَصِّرَ فِي حَقِّهِمَا لِكَوْنِهِمَا قَصَّرَا فِي حَقِّهِ؟ أَمَا يَسْتَحِي ذٰلِكَ المُقَصِّرُ أَنَّهُ يَجْفُو وَيُقَصِّرُ فِي حَقِّ مَنْ كَانَا سَبَبًا فِي وُجُودِهِ بَعْدَ اللَّهِ تَعَالَى!

حَفِظَ اللَّهُ الأَحْيَاءَ مِنْ وَالِدِينَا وَمَتَّعَهُم بِالصِّحَّةِ وَالعَافِيَةِ وَطُولِ العُمْرِ عَلَى الطَّاعَةِ وَالخَيْرِ، وَرَحِمَ اللَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ، وَعَفَا عَنَّا التَّقْصِيرَ فِي حَقِّهِمْ، وَجَمَعَنَا بِهِمْ فِي الفِرْدَوْسِ الأَعْلَى مِنَ الجَنَّةِ.

أَقُولُ قَوْلِي هٰذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

---

الخُطْبَةُ الثَّانِيَة

الحَمْدُ لِلَّهِ وَكَفَى، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّهِ المُصْطَفَى، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ وَاقْتَفَى.
أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ، وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنَ البِرِّ أَنَّ البِرَّ لَا يَنْقَطِعُ بِمَوْتِ الوَالِدَيْنِ، بَلْ يَبْقَى دَيْنًا فِي رَقَبَةِ الوَلَدِ البَارِّ. جَاءَ رَجُلٌ فَسَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ: هَلْ بَقِيَ مِنْ بَرِّ أَبَوَيَّ شَيْءٌ أَبَرُّهُمَا بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا؟ قَالَ: «نَعَمْ: الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا، وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُمَا، وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لَا تُوصَلُ إِلَّا بِهِمَا، وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا».

وَأَنْتَ تَتَذَكَّرُ إِحْسَانَهُمَا وَبِرَّهُمَا بِكَ، قُلْ مِنْ قَلْبِكَ: "اللَّهُمَّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا"، فَيَبْلُغُهُمَا دُعَاؤُكَ فَيَفْرَحَانِ فِي قَبْرِهِمَا.

وَإِنَّ مِنْ صُوَرِ البِرِّ بَعْدَ المَمَاتِ:
الدُّعَاءُ وَالِاسْتِغْفَارُ، وَالصَّدَقَةُ الجَارِيَةُ، وَصِلَةُ رَحِمِهِمَا، وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا، وَقَضَاءُ الدُّيُونِ الَّتِي عَلَيْهِمَا، وَإِنْفَاذُ وَصِيَّتِهِمَا.

إِلَى مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِوَالِدَيْنِ أَحْيَاء…
أَقُولُ لَكَ: اسْأَلْ – إِنْ شِئْتَ – مَنْ فَقَدَ وَالِدَيْهِ، كَيْفَ يَعَضُّ أَصَابِعَ النَّدَمِ عَلَى تَفْرِيطِهِ، وَكَيْفَ يَتَمَنَّى لَوْ يَعُودُ بِهِ الزَّمَنُ لِيُقَبِّلَ رَأْسَهُمَا، وَيَجْلِسَ عِنْدَ أَقْدَامِهِمَا، وَيَقُولَ لَهُمَا كَلِمَةً طَيِّبَةً.

لَا حَسْرَةَ أَشَدُّ مِنْ أَنْ تَفْقِدَ وَالِدَيْكَ وَأَنْتَ بَعِيدٌ عَنْهُمَا، لَمْ تَتَمَتَّعْ بِقُرْبِهِمَا، وَلَمْ تُحْسِنْ إِلَيْهِمَا.
وَاللَّهِ مَهْمَا ازْدَحَمَتِ الأَعْمَالُ، وَاشْتَدَّتِ المَسْؤُولِيَّاتُ، فَحَقُّ وَالِدَيْكَ مُقَدَّمٌ عَلَى كُلِّ شَاغِلٍ، فَالدُّنْيَا تَنْتَهِي… وَلَكِنَّ البِرَّ يَبْقَى.

وَاعْلَمْ… لَنْ يَنْفَعَكَ شَيْءٌ بَعْدَ طَاعَتِكَ لِرَبِّكَ مِثْلَ بَرِّكَ بِوَالِدَيْكَ، فَتَدَارَكْهُمَا وَهُمَا أَحْيَاءٌ بِالإِحْسَانِ، وَإِنْ كَانَا قَدْ رَحَلَا، فَأَكْثِرْ لَهُمَا مِنَ الدُّعَاءِ وَالصَّدَقَةِ، وَلَا تَنْسَهُمَا أَبَدًا، فَلَهُمَا عَلَيْكَ حَقٌّ لَا يَسْقُطُ بِالمَوْتِ.

وَتَيَقَّنْ أَنَّ البِرَّ لَا يَجْتَمِعُ مَعَ الشَّقَاءِ، وَأَكْثَرُ النَّاسِ سَعَادَةً وَرَاحَةً فِي هٰذِهِ الحَيَاةِ هُمْ أَكْثَرُهُمْ بَرًّا بِوَالِدَيْهِمْ، أَحْيَاءً كَانُوا أَوْ أَمْوَاتًا.
﴿وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا﴾.

هٰذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا – رَحِمَكُمُ اللَّهُ – عَلَى مَنْ كَانَ يَأْمُرُ النَّاسَ بِالبِرِّ وَالإِحْسَانِ، صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ المَوْلَى – عَزَّ وَجَلَّ – بِذٰلِكَ، فَقَالَ:
﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَصَحَابَتِهِ الغُرِّ المَيَامِين، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِفَضْلِكَ وَجُودِكَ يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ.

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِوَالِدِينَا وَارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانَا صِغَارًا، وَمَنْ كَانَ مِنْهُمَا حَيًّا فَأَطِلْ عُمْرَهُ عَلَى طَاعَتِكَ، وَمَتِّعْهُ بِالصِّحَّةِ وَالعَافِيَةِ وَالعَمَلِ الصَّالِحِ المُبَارَكِ، وَمَنْ كَانَ مَيِّتًا فَنَوِّرْ قَبْرَهُ، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ، وَاجْمَعْنَا بِهِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ.
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَبْنَاءَنَا وَبَنَاتِنَا وَاجْعَلْهُمْ بَارِّينَ بِنَا، وَوَفِّقْ وُلَاةَ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَاجْعَلْ هٰذَا البَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا وَسَائِرَ بِلَادِ المُسْلِمِينَ.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ،
وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ،
وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

المرفقات

1755098858_بر الولدين وصلة الرحم طريقك إلى الجمن.pdf

المشاهدات 305 | التعليقات 0