خطبة بعنوان(وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ +وَأَقْبَلَتِ الْعَشْرُ) مختصرة

سعيد الشهراني
1446/11/23 - 2025/05/21 09:07AM

خطبة ( وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ +وَأَقْبَلَتِ الْعَشْرُ )

سعيد سيف الشهراني-جامع عمر بن الخطاب-تندحة

الخطبة الأولى:

الْحَمْدُ للهِ الذِي جَعَلَ الصَّلَاةَ كِتَابًا مَوْقُوتًا عَلَى الْمُؤْمِنِين، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُه، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أما بعد: فاتقوا الله تعالى وعظِّموا شعائره فإن صلاة الجماعة من شعائر الإسلام العظام ومبانيه الجسام (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ).

أَيُّهَا المسلمون: إِنَّ صَلاةُ الْجَمَاعَةِ دَلِيلُ على الاسْتِقَامَةِ، وَهي الْفَارِقُ بَيْنَ الإِيمَانِ وَالنِّفَاق، وَالْفَيْصَلُ بَيْنَ حُبِّ اللهِ وَرَسُولِهِ، وَحُبِّ الدُّنْيَا وَمَلَذَّاتِهَا وَالانْغِمَاسِ فِي شَهَوَاتِهَا، وإِنَّ الْمُتَأَمِّلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ} عَلِمَ عِلْمَ الْيَقِينِ وُجُوبَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ فِي بُيُوتِ اللهِ تَعَالَى ولا خِيَارَ للمسلم بَيْنَ فِعْلِهَا وَتَرْكِهَا، وقَدْ دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّة. قَالَ اللهُ تَعَالَى{وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ} أَيْ: صَلُّوا مَعَ الْمُصَلِّين، فَفِيهِ الأَمْرُ بِالْجَمَاعَةِ لِلصَّلَاةِ وَوُجُوبِهَا، وقَالَ اللهُ تَعَالَى {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ}، وَهَذِهِ الآيَةُ مِنْ أَوْضِحِ الآيَاتِ عَلَى وُجُوبِ صَلاةِ الْجَمَاعَةِ وَعَلَى إِثْمِ تَارِكِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ فِي حَالَةِ حَرْبٍ وَخَوْفٍ مِنْ أَعْدَائِهِمْ وَمَعَ ذَلِكَ أَمَرَهُمْ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِصَلاةِ الْجَمَاعَةِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ فِي صَلاةِ الْجَمَاعَةِ أُجُورًا عَظِيمَةً وَمَصَالِحَ كَبِيرَةً، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (صَلاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تُضَعَّفُ عَلَى صَلاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا، وَذَلِكَ: أَنَّهُ إذَا تَوَضَّأَ، فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْمَسْجِدِ لا يُخْرِجُهُ إلا الصَّلاةُ لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إلا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ خَطِيئَةٌ، فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلْ الْمَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ، مَا دَامَ فِي مُصَلاهُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، وَلا يَزَالُ فِي صَلاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاةَ) مُتَّفَقٌ عليه، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أن ﷺ قَالَ (مَنْ غَدَا إِلَى المَسْجِد أَوْ رَاحَ، أَعَدَّ اللهُ لَهُ في الجَنَّةِ نُزُلاً كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ

عباد الله: وَمِنْ أَهَمِّيَّةِ صَلاةِ الْجَمَاعَةِ وَعِظَمِ فَضْلِهَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَغَّبَ فِى أَدَاءِ الصَّلاةِ فِى جَمَاعَةٍ وَلا سِيَّمَا صَلاةَ الْفَجْرِ وَصَلاةَ الْعِشَاءِ، فَعَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ (مَنْ صَلَّى العِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ، فَكَأنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ في جَمَاعَةٍ، فَكَأنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

أيُّهَا المؤمنونَ: إنّ التَّهاوُنَ في التبكير إلى صلاةِ الجمعةِ والتأخُّرَ عن حضورِهَا، والتخلفَ عن أدائِهَا، أعظم الخُسْرَانِ وأمارَةُ الحِرْمَانِ قال ﷺ: (لَيَنْتَهينَّ أقْوامٌ عن ودْعِهِمُ الجُمُعاتِ أوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ على قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكونُنَّ مِنَ الغافِلِينَ) أخرجه مسلم، وقالَ ﷺ (مَن ترَكَ ثلاثَ جمعٍ تَهاونًا بِها، طبعَ اللَّهُ على قلبِهِ) أخرجه أبو داود والترمذي. أَلَا فَاتّقوا اللهَ يَا مُسْلِمُون، وعليكم بصَلاةِ الْجَمَاعَةِ، واحذروا من التَّهَاوُنَ والتكاسل عنها، نسأل الله تعالى أنْ يجعلنا من مُقيمي الصلاة ومن ذرياتنا.

أُقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.

 

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ فَاطِرِ الأَرْضِ والسَّمَاوَاتِ، فَرَضَ عَلَى عِبَادِهِ الْحَجَّ فِي أَشْهُرٍ مَعْلُومَات، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عليْهِ وعَلَى آلِهِ وأَصْحَابِهِ أجمعين.

أمّا بعدُ: فاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ واعْلَمُوا أنكم تَستقبلونَ بعدَ بضعةِ أيّامٍ، خيرَ أيّامِ الدّنيا وأَفضلَ مواسمِ العام، إنّها أيّامُ عشرِ ذي الحِجّة، عشرٌ كرام، في شهرٍ حرام، تُعظّمُ فيها الشّعائرُ والحُرُماتُ، وتُضاعفُ الأجورُ والحسناتُ، وتُقالُ العثراتُ وتُغفرُ السّيئات، وتُجابُ الدّعواتُ وتُرفعُ الدّرجات.

عباد الله: وعشرِ ذي الحِجّة هي أفضلُ أيّامِ الدّنيا قَدرًا، وأعلاها ذِكْرًا، وأعظمُها أجرًا، أَقسمَ اللهُ جلّ وعلا بها؛ تعظيمًا لشأنِها، وتنبيهًا على فضلِها؛ فقالَ تعالى: (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ) وفى فضلِها قالَ ﷺ ( ما مِن أيّامٍ العملُ الصّالحُ فيها أَحَبُّ إلى اللهِ مِن هذه الأيّامِ -يعني أيّامَ العشر- قالوا: يا رسولَ اللهِ: ولا الجهادُ في سبيلِ الله؟ قالَ: ولا الجهادُ في سبيلِ الله، إلا رجلٌ خرجَ بنفسِه ومالِه ثمّ لم يَرجعْ مِن ذلك بشيءٍ).

عباد الله: ومِن أفضلِ ما يَتقرّبُ به العبدُ لربِّه في هذه العشرِ حَجُّ بيتِ اللهِ الحرامِ لمن استطاعَ إليه سبيلًا، وكذلك الإكثارُ من النّوافلِ والطّاعات من تلاوة القرآنِ والصيام، فيُستحبُّ صيامُها عدا يومَ العيدِ، وآكدُه صيامُ يومِ عرفةَ، فإنّ صيامَه يُكفِّرُ ذنوبَ سنتين، وتُستحبُّ في هذه العشر الأضحيةُ وهي سنّةٌ مؤكّدةٌ، وما تَقرَّبَ المسلمُ في يومِ العيدِ بأفضلَ منها، وعلى مَن يُريدُ الأضحيةَ أنْ يُمسكَ عن أخْذِ شيءٍ من شَعرِه وأظفارِه حتى يَذبحَ أضحيتَه يومَ العيد، ويُستحبُّ في هذه العشرِ كثرةُ التّكبيرِ والتّحميدِ والتّهليل؛ لحديثِ ابنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما قالَ: قالَ رسولُ اللهِ ﷺ (ما مِن أيّامٍ أعظمُ عندَ اللهِ ولا أَحَبُّ العملُ فيهنّ مِن هذه الأيّامِ العشر، فأَكثروا فيهنَّ مِن التّهليلِ والتّكبيرِ والتّحميد)، وصيغة التكبير: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ، فأحييوا هذه السّنّةَ واجهروا بالتّكبيرِ فإنّها مِن أفضلِ الأعمالِ وأَجَلِّ الخصال، فاللهمّ بلّغْنا هذه العشرَ ونحن بأحسنِ حالٍ مِن الدّنيا والدِّين.

هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد....(الدعاء مرفق)

المرفقات

1747807671_خطبة بعنوان(وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ ^Mوَأَقْبَلَتِ الْعَشْرُ) مختصرة.docx

المشاهدات 1233 | التعليقات 0