خطبة بعنوان ( أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ+ لا حج بلا تصريح) مختصرة

سعيد الشهراني
1446/11/16 - 2025/05/14 09:46AM

خطبة ( أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ+ لا حج بلا تصريح )

سعيد سيف الشهراني-جامع عمر بن الخطاب-تندحة

الخُطْبَةُ الأُولَى:

الحمد لله الرحيم الرحمن، خلق الإنسان وعلمه البيان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق الوعد الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. 

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً).

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ  أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ» قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلا مَتَاعَ، فَقَالَ: «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ؛ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ».

عباد الله: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ يُبَيِّنُ ﷺ حَقِيقَةَ الإِفْلاَسِ، وَأَنَّ الْمُفْلِسَ الْحَقَّ مِنْ أُمَّتِهِ وَإِنْ كَانَ ثَرِيًّا مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَأَعْمَالِ بِرٍّ وَصِلَةٍ وَمَعَ ذَلِكَ تَذْهَبُ لِغَيْرِهِ؛ مِمَّنْ شَتَمَهُمْ وَقَذَفَهُمْ وَأَكَلَ مَالَهُمْ وَسَفَكَ دِمَائَهُمْ؛ لأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} بَلْ رُبَّمَا وَجَدَ فِي سِجِلِّ سَيِّئَاتِهِ أَنَّهُ سَرَقَ وَهُوَ لَمْ يَسْرِقْ، وَزَنَى وَهُوَ لَمْ يَزْنِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحَقِيقَةُ الأَمْرِ أَنَّهَا سَيِّئَاتُ مَنْ شَتَمَهُمْ وَقَذَفَهُمْ وَأَكَلَ مَالَهُمْ وَسَفَكَ دِمَاءَهُمْ، فَالْمُسْلِمُ الرَّابِحُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هُوَ مَنْ أَدَّى حَقَّ اللهِ تَعَالَى, وَحَقَّ خَلْقِهِ. وَالَّتِي مِنْهَا كَفُّ الأَذَى عَنْهُمْ، كَمَا قَالَ ﷺ: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ...» الحَدِيثُ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَكَفُّ اللِّسَانِ يَكُونُ بِتَرْكِ الْغِيبَةِ، وَهِيَ ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ، وَكَذَلِكَ بِتَرْكِ النَّمِيمَةِ، وَهِيَ نَقْلُ الْكَلاَمِ الَّذِي يُثِيرُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ وَيُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ بِتَرْكِ السَّبِّ وَالشَّتْمِ وَاللَّعْنِ وَالسُّخْرِيَةِ وَالْعِبَارَاتِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى احْتِقَارِ الْمُسْلِمِ وَالتَّعَالِي عَلَيْهِ أَوْ إِهَانَتِهِ؛ وَمِنْ ذَلِكَ التُّهَمُ الَّتِي تُلْقَى جُزَافًا بِلاَ بَيِّنَةٍ، وَاللهُ يَقُولُ:{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}، وَقَالَ ﷺ: «مَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ، أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، زَادَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ أَنَّهُ ﷺ سُئِلَ: وَمَا رَدْغَةُ الْخَبَالِ؟ فَقَالَ: «عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ» نَسْأَلُ اللهَ السَّلاَمَةَ وَالْعَافِيَةَ، والْمُسْلِمُ يا عباد الله مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ شَرِّ يَدِهِ، فَلاَ يُؤْذِ أَحَدًا بِضَرْبٍ أَوْ قَتْلٍ، أَوْ سَرِقَةٍ، أَوْ كِتَابَةِ مَا يَضُرُّ الْمُسْلِمِينَ فِي عَقِيدَتِهِمْ وَأَخْلاَقِهِمْ، أَوْ يَخْدِشُ فِي أَعْرَاضِهِمْ. وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الاِسْتِيلاَءُ عَلَى حُقُوقِهِمْ عَنْ طَرِيقِ الظُّلْمِ وَالْمُعَامَلاَتِ الْمُحَرَّمَةِ. وَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَعْلَمَ بِأَنَّ أَذِيَّةَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَعْظَمِ مَا يَقْضِي عَلَى حَسَنَاتِ الْمَرْءِ فِي الآخِرَةِ، فَاتَّقُوا اللهَ رَحِمَكُمُ اللهُ وَسَلُوا اللهَ الْعَفْوَ والْعَافِيَةَ، فَإنَّ اللِّسَانَ جِدُّ خَطِيرٌ! فَمِنْ خُطُورَتِهِ أَنَّ الْعَبْدَ: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾.

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الحَمْدُ للهِ جَعَلَ البَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا، شَرَعَ الحَجَّ إِلَيْهِ فَرْضًا وَنَفْلاً، وأَشْهَدُ أَن لَّاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ؛ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ؛ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الْمَزِيدِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَأَطِيعُوهُ، واعلموا أن الله فَرَضَ عَلَى عِبَادِهِ حَجَّ بَيْتِهِ الْحَرَام، وَجَعَلَ الْحَجَّ أَحَدَ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ وَأَصْلًا من أُصُولِهِ الْعِظَامِ، وهَوُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ عَاقِلٍ بَالِغٍ مُسْتَطِيعٍ، وَقَدْ أَكَّدَ النَّبِيُّ ﷺ هَذَا الْأَصْلَ، فَخَطَبَ النَّاسَ بِقَوْلِهِ :( أيُّها النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُم الْحَجَّ، فَحُجُّوا) رواه مسلم.

عباد الله: إنَّ حُكُومَةَ بِلَادنَا الْمَمْلَكَة الْعَرَبِيَّة السُّعُودِيَّة -حَفِظَهَا اللَّهُ- نَظّمَت شُؤُون الْحَجّ، وَوَضَعَتْ الأَنْظِمَة وَالْإِجْرَاءَات لِتَنْظِيم الْحَجِّ مِنْ أَجْلِ مَصْلَحَة الْحجاج وَسَلَامَتِهِمْ وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا أَلْزَمْت بِاسْتِخْرَاج تَصْرِيحٍ لِلْحَجِّ بِقَصْد تَنْظِيم عَدَد الْحُجَّاجِ بِمَا يُمْكِنُ هَذِه الْجُمُوع الْكَبِيرَةِ مِنْ أَدَاءِ هَذِهِ الشَّعِيرَةِ بِسَكِينَةٍ وَسَلَام.

عِبَاد اللَّهِ: إِنَّ الِالْتِزَام بِاسْتِخْرَاجِ التَّصْرِيح لِلْحَجِّ هُوَ مِنْ طَاعَةِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فِي الْمَعْرُوفِ قال الله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}، وَالِامْتِثَال لِأنظمة وتعليمات الدولة مِنْ طَاعَةِ وَلِيِّ الْأَمْرِ، وَالِاسْتِجَابَةِ لَها دَلِيلٌ الْعَقْلِ وَالْحِكْمَةِ وَالْأَمَانَة وَالْمَسْؤُولِيَّة، نسأل الله أَنْ يَجْعَلَ حَجَّ هَذَا الْعَامِ مُبَارَكًا مَيْمُونًا، وَأَنْ يَحْفَظَ الْحَجِيجَ مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَمَكْرُوه

 هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ محمد ...(الدعاء مرفق)

المرفقات

1747212108_خطبة بعنوان ( أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ^M لا حج بلا تصريح) مختصرة.pdf

1747215684_خطبة بعنوان ( أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ^M لا حج بلا تصريح) مختصرة.docx

المشاهدات 1930 | التعليقات 0